شيخ الأزهر؛ طنطاوي في كتاب جديد يبحث في الاجتهاد
الكاتب: محمود السيد الدغيم
جريدة الحياة ، العدد: 12568، الصفحة: 13
تاريخ النشر: 24 ربيع الأول 1418 هـ/ 28 تموز/ يوليو 1997م


عنوان الكتاب: الاجتهاد في الاحكام الشرعية
المؤلف: الدكتور محمد سيد طنطاوي - شيخ الأزهر
الناشر: نهضة مصر / القاهرة


أشار الدكتور طنطاوي في مقدمته الى بعض من تقدمه من الذين كتبوا في موضوع الاجتهاد: »ومع ذلك فما زال باب الكتابة فيه مفتوحاً، لأن احداث الحياة لا تنتهي، ووقائعها لا تكفُّ عن التجدد والحركة، واختلاف الافكار والعقول، والمقاصد والغايات بين الناس أمر واقع في كل زمان ومكان...

« وأكد ان باب الاجتهاد مفتوح ولن يُقفل، وأعرب عن تأييده كل اجتهاد يخدم الحق وينصر العدل ويوضح ما اشتملت عليه الشريعة من هداية وآداب وأحكام.


ثم يتناول المؤلف في المبحث الأول »الاجتهاد، معناه، شروطه، حكمه، تجزؤه« وفي البحث الثاني يقدم »نماذج قرآنية من اجتهاد الرسل السابقين« ثم يقدم في المبحث الثالث »صوراً من اجتهاد الرسول« ويقدم في المبحث الرابع »نماذج من اجتهاد الصحابة« ويخصص المبحث الخامس »لاجتهاد الشيخين أبي بكر وعمر« ويخصص المبحث السادس »لاجتهاد عثمان وعلي« اما المبحث السابع فخصص »لاجتهاد التابعين وتابعيهم« والمبحث الثامن حول »اجتهاد الامام أبي حنيفة« والمبحث التاسع حو »اجتهاد الامام مالك بن أنس« والمبحث العاشر حول »اجتهاد الامام الشافعي« والمبحث الحادي عشر حول »اجتهاد الامام أحمد بن حنبل« والمبحث الثاني عشر حول »أهم أسباب اختلاف الفقهاء« والمبحث الثالث عشر حول اغلاق باب الاجتهاد وفتحه، وخصص المبحث الرابع عشر لدراسة »التقليد المحمود والتقليد المزموم« وجاء المبحث الخامس عشر على صيغة السؤال: »هل عصرنا في حاجة الى مجتهدين؟

« وتلت البحوث السابقة خمسة مباحث في تراجم بعض »اعلام الاجتهاد في العصر الحديث« وهم محمد عبده، وأحمد ابراهيم بك، ومحمد مصطفى المراغي، ومحمود شلتوت، وعلي الخفيف.

ثم اختار طنطاوي بحث الشيخ علي الخفيف في التأمين كنموذج لاجتهاده، ودليل على سداد التفكير، وسعة العلم، وجودة الاستنباط.

اقتصر الدكتور طنطاوي على ذكر ثلاثة من المحْدَثين الذين ألفوا في موضوع الاجتهاد. هم: الشيخ احمد ابراهيم والشيخ عبدالوهاب خلاف، والشيخ عبدالمنعم النمر. وتجاهل عدداً كبيراً من الذين كتبوا في موضوع الاجتهاد.

ولم يزد الدكتور طنطاوي شيئاً جديداً غير الذي كتبوه.

لقد كتبت الدكتوره نادية شريف العمري كتاب »الاجتهاد في الاسلام« ونشرته مؤسسة الرسالة سنة 1986 -الطبعة الثالثة- ويقع في 276 صفحة وقد استوفت في كتابها أصول الاجتهاد، والمجتهد: منزلته وشروطه، وأحكام الاجتهاد، وتجديد الاجتهاد، وأهمية الاجتهاد في العصر الحديث.

كما نشرت مؤسسة الرسالة للدكتوره نادية شريف العمري كتاب »اجتهاد الرسول« الطبعة الرابعة 1987، ويقع في 384 صفحة. فاستوفت موضوع الاجتهاد في عصر الرسول وعصر الصحابة والتابعين، وأوضحت مناهج الاجتهاد واسباب الاختلاف، وقارنت بين اجتهاد الرسول واجتهاد غيره.


من الغريب ان الدكتور طنطاوي لم يشر الى كتابي الدكتورة العمري مع انه يحذو حذوها في معظم مواد كتابه. فمادة كتابه من الصفحة الأولى حتى الصفحة 35 موجودة في الفصل الأول من كتاب »الاجتهاد في الاسلام« للدكتوره العمري ص: 13 / 197، ومادة كتابه من الصفحة 35 / 56 موجودة في كتابها »اجتهاد الرسول« من الصفحة 36 / 315، أما مادته من الصفحة 63 / 94 فهي موجودة في كتابها »اجتهاد الرسول« ص: 317 / 348، ومادة كتابه من الصفحة 96 / ١٠١ موجودة في كتابها ص 217 / 256، ومادة كتابه ص 104 / 108، موجودة في كتابها »الاجتهاد في الاسلام« ص: 218 / 246.


ربما لم يطلع الدكتور الطنطاوي على مؤلفات الدكتوره العمري التي طبعت مرات عدة، وقد اشتريت كتابيها من القاهرة سنة 1993م. وهذا دليل على وصول الكتابين الى مصر.

والتصدي لكتابة في موضوع ما يقتضي الالمام بما كُتب فيه من مخطوط ومطبوع.


ومن الغريب ايضاً عدم الاشارة الى كتاب الدكتور فتحي الدريني: »المناهج الأصولية في الاجتهاد بالرأي في التشريع الاسلامي«، الصادر عن الشركة المتحدة للتوزيع في دمشق، الطبعة الثانية 1985 والواقع في 732 صفحة.


أشار الدكتور طنطاوي الى كتاب »الاجتهاد« للدكتور عبدالمنعم النمر وحذا حذوه فتطابقت بعض العناوين مثل: هل اغلق باب الاجتهاد؟ وتناول الاثنان اعلام الاجتهاد المصريين: محمد عبده، محمد مصطفى المراغي، محمود شلتوت، علي الخفيف.


ضمّن الدكتور طنطاوي كتابه بحث التأمين للشيخ علي الخفيف كنموذج لاجتهادات فضيلته. ص 150 / 204، وهذا البحث منقول من الكتاب السابع لمجلة البحوث الاسلامية ص 117 / 145، ومنشور في ملحق مجلة الأزهر لعدد ربيع الثاني 1417هـ.


اقتصر الدكتور طنطاوي على ذكر خمسة مصريين »من اعلام الاجتهاد في العصر الحديث« وأغفل ذكر مجتهدي العالم الاسلامي، وهذا غبنٌ يتناقض مع دعوة الدكتور طنطاوي الى حوار الحضارات. وهل يمكننا اغلاق أبواب أقاليم حضارتنا الاسلامية، وفتح أبواب الحضارات الاخرى في آنٍ؟


وهنا لا بد من الاشارة الى ان بحث الشيخ علي الخفيف لم يأت من فراغ بل سبقه الاستاذ مصطفى الزرقا، استاذ القانون المدني والشريعة الاسلامية في كلية الحقوق / جامعة دمشق. وكان ذلك في الاسبوع الثاني للفقه الاسلامي الذي عُقد في دمشق من ١ نيسان/ ابريل حتى ٦ منه سنة 1380هـ/ 1961م.

وحينذاك قدم الدكتور الزرقا »بحثاً عن التأمين انتهى الى جوازه بكل فروعه، وأقام على رأيه أدلته، وكان أول بحث قُدم للمؤتمر في هذا الموضوع، وقامت في وجهه معارضات تزعمها الشيخ محمد أبوزهرة.

ورد الاستاذ الزرقا على معارضيه، وضمن ذلك كله كتاباً نشرته جامعة دمشق 1318هـ/ 1962م بعنوان: عقد التأمين / السوكرة. (...) وفي المؤتمر الثاني لمجمع البحوث انعقد في محرم وصفر 1385هـ/ أيار/ مايو وحزيران/ يونيو 1965م تقدم الشيخ علي الخفيف (...) ببحث ضافٍ تناول فيه أنواع التأمين المعروفة، وبين طبيعتها ومفاهيمها وذهب الى حلها جميعاً من طريق الاستنباط (...)

وفي المؤتمر الثالث المنعقد في ٣١ رجب 1386هـ/ تشرين الأول/ اكتوبر 1966م قرر الاستمرار في الدراسة مع اجراء استفتاء عام بين علماء المسلمين في العالم الإسلامي لإبداء رأيهم بمسألة التأمين (...)

وفي سنة 1970 م (...) اكتمل لدى المجمع أربع اجابات من داخل مصر، وثماني عشرة اجابة من خارجها (...) وبلغت الآراء كلها حوالى الثمانين رأياً.

 وقام الشيخ محمد أحمد فرج السنهوري رئيس اللجنة الفقهية بوضع تقرير ضافٍ عن التأمين وحُكمه، وعمن قال بالحِل أو الحُرمة...« -انظر الاجتهاد للدكتور عبدالمنعم النمر، منشورات الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1987 م ص: 265 / 266 -.

وقد نشر ذلك التقرير في كتاب المؤتمر السابع، شعبان 1392هـ/ أيلول/ سبتمبر 1972 م.


إن كتاب »الاجتهاد في الاحكام الشرعية« للدكتور محمد سيد طنطاوي لم يُضف جديداً في موضوعه ولكنه امتاز بلغة سهلة تيسر على المبتدئين الاستفادة منه.

وفي الوقت نفسه يؤخذ عليه عدم الالتزام بقواعد البحث الاكاديمي حيث لم يقم بتخريج الاحاديث النبوية بردها إلى مصادرها، وادرج اسماء المراجع والمصادر في سياق الكتاب من دون الهوامش مما يعيق حركة القراءة، وأهمل ذكر تاريخ نشر الكتب كما هي الحال في ذكره مؤلفات أحمد إبراهيم ص: ١٣١، ومؤلفات محمود شلتوت ص: 142 ومؤلفات علي الخفيف ص: 137 / 149،

والاغرب من هذا عدم ذكر مؤلفات الشيخ محمد عبده التي طبع العديد منها.


نصيحة : حبذا لو أعاد الدكتور طنطاوي تنقيح كتابه واتحفنا بطبعة جديدة تضيف جديداً وتزيل غموضاً وتيسر هذا العلم لعاشقيه.


24591 -الحياة-...........عام -العنوان: شيخ الأزهر في كتاب جديد يبحث في الاجتهاد -