العنوان:عودة الى تحقيق كتاب » الابانة عن اصول الديانة « للأشعري. احياء التراث العربي بين العلماء المحققين والادعياء المزيفين)(الكاتب:محمود السيد الدغيم) (ت .م:05-11-1994) (ت .هـ :02-06-1415)(العدد:11584) (الصفحة:20)

 المكتبة العربية من اغنى مكتبات الدنيا بالمخطوطات، ولكنها مكتبة فقيرة بالمطبوعات . وما طبع من كتب التراث ليس سوى جزء يسير تفاوتت درجة جودة طبعه بين الاحياء والاغتيال . أما احياء التراث فيتم بتحقيقه تحقيقاً علمياً يقوم على جمع النسخ المتعددة للكتاب الواحد من جهة، واسناد مهمة التحقيق الى عالمٍ ملم بموضوع الكتاب . في حين ان اغتيال التراث يتم بالاعتماد على نسخة واحدة، أو طبعة سابقة رديئة . وتكتمل المأساة باسناد المهمة الى غير المتخصصين، فتضاف الى الاخطاء السابقة اخطاء محدثة . وكثيراً ما نشاهد على كتب التراث عبارة: »أشرفت على تحقيقه ومراجعته لجنة من العلماء« أو عبارة »قام بمقارنته على اصوله المخطوطة فريق من المتخصصين« . . . ومثل هذا كثير في مكتبتنا التراثية . مناسبة هذا الكلام ما قرأناه في صفحة التراث في جريدة »الحياة« يوم الثلثاء ٥٢-٠١-٤٩٩١، وكتبه سمير رزق الله حول كتاب »الابانة عن أصول الديانة« لأبي الحسن الأشعري الذي اصدرته »دار النفائس« في بيروت سنة ٤٩٩١ تحقيق عباس صباغ . وردت في المقالة اقتباسات من مقدمة المحقق تثير الشبهات حول جهود هذا المحقق، ومصداقية التحقيق . يقول صباغ: »انه اطلع في مكتبة الجامعة الاميركية في بيروت على صورة ميكروفيلم لمخطوطة تحمل عنوان »كتاب التوحيد« لأبي الحسن علي بن اسماعيل الأشعري . وعندما قابلها مع مجموعة مؤلفاته تبين انها تتوافق مع كتابه الابانة عن أصول الديانة الذي نشر سنة ٥٦٩١ في مصر، من دون دراسة وتحقيق علمي . وبناءً على ذلك عزم على دراستها واعادة نشرها بأسلوب علمي يتوافق مع العصر، وصورة الميكرو فيلم هذه مأخوذة عن أصل مصري موجود في مكتبة البلدية بالاسكندرية، والمخطوطة الأصلية كتبت سنة ٠٠٠١هـ- ١٩٥١م« . ومن حق القارئ هنا ان يسأل المحقق عن وجه الريادة في استكشافاته التي توصل اليها بعد مقابلته صورة المخطوطة مع مجموعة مؤلفات الاشعري: ١- ما المؤلفات التي دلت المحقق على كتاب الابانة؟ ٢- ما وجه تبرير زج مؤلفات الاشعري في هذا الموضوع طالما ان الكتاب مطبوع خمس مرات من قبل ومعروف للعامة والخاصة؟ ٣- أليس من الافضل لو اعترف المحقق بحقيقة جهده من دون تصوير جهود الآخرين وكأنها من ابداعه؟ ٤- لماذا لم يشر المحقق الى طبعات الكتاب الاخرى؟ ٥- لماذا لم يبحث عن بقية مخطوطات الكتاب؟ ٦- هل المحقق هو الذي اكتشف ان مخطوطة الاسكندرية هي كتاب الابانة وليست كتاب التوحيد، أم كرر ما قالته الدكتورة فوقية حسين محمود سنة ٧٧٩١؟ أما قول عباس صباغ ان الأشعري »لم يتبع الاسلوب المنهجي في وضع مصنفه هذا بل دمج بين المساءلة والردود، وبين الأسلوب التأليفي التوضيحي، بلغة رصينة وعبارات دقيقة جاءت نتيجة لتخصصه بعلم الكلام وما يستلزم هذا العلم من دقة ووضوح، معتمداً على القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف ( . . .، فكان ان اتى أسلوبه في هذا التبويب مشوشاً، وذلك لدمجه بين الأسلوبين المذكورين، فاكتفى للتدليل على كل موضوع جديد يتناوله بكلمة باب أو فصل أو مسألة دون ترقيم«، فهو ادعاء ليس في محله للأسباب الآتية: ١- بدأ الاشعري كتابه بمقدمة اثبت فيها اسس التوحيد، وضمنها فصلاً في قول أهل البيغ والبدع، وأعقبه بفصل »في ابانة قول أهل الحق والسنة« . وهذه المقدمة تكشف »عن وعي لحقيقة منهجه . وهي ان طُرُقَ البحث تختلف باختلاف الوقفة الأولى من الباحث تجاه مواد بحثه«، (مقدمة تحقيق الدگتورة فوقية محمود ص: ٤٣١، . ٢- نظّم الاشعري كتابه في مقدمة وأربعة عشر باباً، وبنى الأبواب على الأسس الجدلية التي تقوم على الاسئلة والاجوبة والاعتراض والترجيح استناداً الى الأدلة النقلية والعقلية . ومجموع الابواب والمقدمة ينسلك ضمن اطار أصول الدين الاسلامي . ٣- ان ايراد المسائل والردود وتبين وجوه الحق ووجوه الباطل لا يضعف منهج التأليف بل يقويه، وهذا أمر يعرفه العلماء . ٤- ان ترقيم الابواب والمسائل ليس عيباً في مؤلفات القدماء، ومهمة المحقق تتضمن القيام بهذا الامر الثانوي، وقد قامت الدكتورة فوقية محمود بتقسيم الكتاب الى ٥٣٢ فقرة، أولاها في المقدمة والاخيرة الفقرة الثالثة من الباب الرابع عشر . قال كاتب المراجعة سمير رزق الله: »يُعاب عليه انه لم يشر لا من قريب ولا من بعيد الى وجود نسخ اخرى من هذه المخطوطة (اذا كانت موجودة فعلاً، كي يأتي عمله كاملاً . . .« . هذه الملاحظة تلقي ظلال الشك على التحقيق وهي في محلها لأن الصباغ عتم على المخطوط والمطبوع من هذا الكتاب الذي طُبع خمس مرات عدا عن هذه الطبعة، والطبعة التي اعتمدها وقال انها طبعت سنة ٥٦٩١ . الطبعات السابقة: الاولى صدرت في حيدر آباد الدكن سنة ١٢٣١هـ-٣٠٩١م . الثانية صدرت في القاهرة عن المطبعة المنيرية سنة ٩٤٣١هـ-٠٣٩١م، وتقع في ٦٧ صفحة . الثالثة صدرت عن المطبعة المنيرية أيضاً سنة ٧٥٩١، وتقع في ٠٧ صفحة . الرابعة صدرت في القاهرة عن المكتبة السلفية سنة ٥٨٣١هـ-٦٦٩١م، وتقع في ٠٨ صفحة . الخامسة صدرت في القاهرة، عن دار الأنصار سنة ٧٧٩١، وتقع في مجلد واحد، حققتها الدكتورة فوقية حسين محمود سنة ٣٩٣١هـ-٣٧٩١م . قدمت الدكتورة فوقية حسين محمود للكتاب بجزء يقع في ٢٩١ صفحة، وجاء نص »الابانة« في ١٦٢ صفحة، وجاءت تعليقات التحقيق في ٠٥ صفحة، أما فهارس الكتاب فشملت الآيات والاحاديث والآثار والأشعار والموضوعات والمصادر والمراجع . اعتمدت المحققة على أربع نسخ خطية، واطلعت على الطبعات السابقة والفصول المترجمة من الكتاب الى الانكليزية، وثبتت الفوارق بين النسخ في هوامش الكتاب . والمخطوطات المعتمدة هي: ١- مخطوطة مكتبة بلدية الاسكندرية وبياناتها هي (البلدية ٢١٨٣-٣ ج - ٢٣ ق - ٦١x٢٢سم، ورقمها في فهرس المخطوطات المصورة بجامعة الدول العربية هو ٨٧، باسم كتاب التوحيد . واعتمدتها المحققة كنسخة اساسية للتحقيق . والمحقق عباس صباغ اعتمد النسخة نفسها . ٢- مخطوطة مكتبة الأزهر المنسوخة سنة ٨٠٣١هـ، ورقمها ٤٠٩ مجاميع، بخيت ٧٥٩٦٤، وتقع في ٤٧ ورقة . ٣- مخطوطة ريوان كوشك في اسنطبول رقم ٠١٥ . وتقع في ٦٢ ورقة (٤١x٣٣سم، . وتاريخها ٤٨٠١هـ . ٤- مخطوطة دار الكتب المصرية رقم ٧٠١، عقائد، تيمور . وقف أحمد بن اسماعيل بن محمد تيمور بمصر سنة ١٢٣١هـ، وهي في الصفحات ٥١ - ٣٥١، ومسطرتها ٧١x١١ . أما الاجزاء والملاحظات التي نشرت من كتاب الابانة فهي كما يلي حسبما ذكرت المحققة فوقية محمود: 1- English Translation of the Ibana - New haven (U.S.A) 1940 by Dr. Klein. 2- Al-Ashari and his ibanah. M. Molem World. XXXII 1942 PP.242-260. by Thomson (W). 3- The Theology of al-Ashari-Beyrout. 1953. by B.J. MC Carthy. هكذا يتضح لنا ان الطبعة الجديدة من كتاب الابانة ليست الطبعة المحققة الاولى، وانما هي مسبوقة بطبعة محققة بصورة أفضل منها لأن المحققة اعتمدت على أربع مخطوطات، واطلعت على الطبعات السابقة، كما اطلعت على ما تُرجم من الكتاب، وما كتبه العرب والمستشرقون عنه . ولا عذر للمحقق انه لم يطلع على الطبعة المحققة لانها معروفة، وذكرها عبدالجبار عبدالرحمن في كتاب »ذخائر التراث العربي الاسلامي« (ج ١-ص: ٢٤٣، الذي طبع بمساعدة اللجنة الوطنية للاحتفال بمطلع القرن الخامس عشر الهجري في الجمهورية العراقية، وصدر سنة ١٠٤١هـ-١٨٩١م، ويتضمن ذكر ما نشر من ذخائر التراث حتى سنة ٠٨٩١ . ان من أبسط قواعد التحقيق ان يبحث المحقق عن نسخ الكتاب المخطوطة والمطبوعة، بالعودة للفهارس بكل أنواعها . ومن واجب المراجع ان يكشف النقاط المضيئة ان وجدت، مثلما يكشف عن وجوه التقصير . 12836 (الحياة، . . . . . . . . . . .عام (العنوان:عودة الى تحقيق كتاب » الابانة عن اصول الديانة « للأشعري


thumb qr1 
 
thumb qr2
 

إحصاءات

عدد الزيارات
17346846
مواقع التواصل الاجتماعية
FacebookTwitterLinkedinRSS Feed

صور متنوعة