مقالة قديمة : العنوان: عاصمة البوسنة والهرسك بين عامي 1639 و1850: مدينة ترافنيك من ابرز رموز الحضارة الاسلامية في أوروبا ) (الكاتب: محمود السيد الدغيم ) (ت.م: 01-09-1994 ) (ت.هـ: 25-03-1415 )(العدد: 11519 )  (الصفحة: 18 )


 

 اتخذت الحكومة العثمانية من مدينة بانيالوقة مركزاً لإيالة البوسنة وسنجقها اعتباراً من سنة 1552، واستمر ذلك الوضع 77 سنة، وفي سنة 1639 نُقل المركز إلى مدينة ترافنيك "TRAVNIK" التي اصبحت عاصمة البوسنة والهرسك حتى سنة 1850، حين صارت العاصمة (سراي ايفو ) التي كانت تُسمى آنذاك سراي بوسنة، وما زالت عاصمة حتى الآن.  اكتسبت المدن الثلاث مكانة خاصة في نفوس المسلمين حيث اصبحت تشكّل رموزاً للحضارة الاسلامية. ولذلك نجد شراسة الهجمات التي تعرضت لها هذه المدن تفوق ما تعرضت له اية مدينة في الحروب الاهلية الحديثة، وقد استطاع الصرب الاستيلاء على مدينة بانيالوقة، ثم دمروا معالمها التاريخية الاسلامية. وحذا الكروات حذو الصرب، فحأولوا الاستيلاء على ترافنيك لجعلها عاصمة لكروات البوسنة لكنهم فشلوا رغم الفرص الكثيرة التي مُنحت لهم، ويعود فضل صمود المدينة إلى ارتفاع نسبة المسلمين فيها، حيث تبلغ نسبتهم في ترافنيك 90 في المئة بينما يشكّل الكروات 8 في المئة والصرب 2 في المئة، وتختلف النسبة في القرى التابعة لترافنيك حيث يشكّل المسلمون 58 في المئة، والكروات 29 في المئة والصرب 13 في المئة، وكان عدد سكان ترافنيك قبل الحرب اكثر من سبعين الفاً، وتضاعف العدد مع لجوء اللاجئين.  زار أوليا جلبي (1611 - 1679 ) مدينة ترافنيك وذكر في كتابه سياحتنامه (ج5- ص442 باللغة التركية ) ان في هذه المدينة 11 محلّة تضم 2000 منزل، وفيها 17 جامعاً، والعديد من المدارس، وفيها خان في السوق وحمام ايضاً، اما التقأويم العثمانية المعروفة باسم “سالنامة” فقد تضمنت معلومات اضافية حول حضارة المدينة وعمرانها، وأحصت 64 جامعاً، و4 مدارس ومدرسة رشدية “ثانوية” واحدة، وخمسين مكتباً “كُتّاب”، وفي سنة 1873 صار عدد الطلاب 1536 طالباً و756 طالبة، وارتفع سنة 1877 إلى 1400 طالب و1000 طالبة. وكانت في ترافنيك تكية واحدة و69 خاناً وحمّامين و7 تُرب اسلامية، وبُرجا ساعة وجسران وقلعة واحدة و5 أسبلة مياه.  وفي سنة 1867 كان في ترافنيك 16 مدرّساً و725 طالباً و95 طالبة وفي سنة 1869 صار فيها 56 مدرّساً و1831 طالباً و426 طالبة، وفي سنة 1872 ارتفع العدد إلى 56 مُدرّساً و1575 طالباً و752 طالبة.  وبلغ عدد سكان ترافنيك في أواخر القرن الماضي 12000 نسمة، ووصل عدد سكانها في سنة 1991 إلى 70402 نسمة.   علماء ترافنيك أنجبت ترافنيك عدداً من العلماء نذكر منهم:  - ابو بكر البوسنوي الذي ألّف شرحاً على المقدمة الغزنوية.  - الشيخ مصلح الدين البوسنوي وله شرح على المــقدمة الغزنوية ايضاً.  وممن تقلّد القضاء في ترافنيك: الشاعر وهبي المتوفى سنة 1801.  وممن تقلد منصب الافتاء فيها: درويش عبدالله افندي بن احمد ثم نُقل إلى سراي وتوفي سنة 1703.  وممن توفي في ترافنيك من الخطّاطين المشاهير درويش محمد المعروف بميلي القادري الذي امتاز بنظم الشعر ايضاً ولا سيما نظم التواريخ شعراً، وكانت وفاته سنة 1780.   معالم الحضارة الاسلامية في ترافنيك  وتعتبر ترافنيك نموذجاً لهندسة المدينة الاسلامية، توجد فيها القلعة والحمامات والجوامع والتكايا والخانات وغير ذلك من معالم، كما توجد فيها المجمعات المتكاملة التي تتكون من الجامع والمدرسة والمكتب (الكُتّاب ) وسبيل الماء. ومن مجمعات ترافنيك مجمع سليمان باشا، ويتكوّن من المنشآت التالية:  1 - جامع سليمان باشا.  2 - سوق سليمان باشا.  3 - سبيل سليمان باشا الواقع امام الجامع.  4 - سبيل سليمان باشا الواقع بجانب الجامع.  وأول من بنى جامعاً في هذا المكان هو الغازي آغا، وبعد خرابه، قام والي البوسنة كمال احمد باشا ببناء جامع جديد، ولكنه احترق سنة 1757، وبعدما احترق بستين سنة قام سليمان باشا بإنشاء مجمعه في المكان نفسه، وبناه على نمط جامع علي باشا لكنه أوسع منه، وقد بنى في الطابق الارضي سوقاً، يشبه سوق جامع لاله لي في اسطنبول، والجامع في الطابق الثاني، وفيه دوران من النوافذ، يتألف الدور السفلي من 24 نافذة والعلوي من 25 نافذة. وسقف الجامع من القرميد في شكل هرمي. ويتألف سوق سليمان باشا المسقوف تحت الجامع من عشرة دكاكين في الداخل ودكانين في الواجهة الامامية واحد عشر دكاناً جانبياً، وتوجد ابواب الدكاكين تحت الأروقة، ويُطلق على السوق اسم “بدستان”. وفي الجهة الجنوبية من البناء توجد المئذنة، وللجامع محراب ومنبر بسيط، وعلى جانبي الجامع يوجد محفل لصلاة النساء إلى اليمين وآخر إلى اليسار، ويرتفع القسم الأعلى من كل محفل على خمسة اعمدة بينما يُحمل السقف الأدنى لكل محفل على أربعة أعمدة. اما المحفل الخلفي الواقع فوق الباب الرئيسي فمرفوع على اربعة اعمدة، والأعمدة السفلى كلها من ذوات الأربع زوايا، اما الأعمدة العليا فأسطوانية الشكل ولها تيجان وقواعد (مخدّات )، وقد زُيّن الجامع بآيات قرآنية وزخارف من طراز “الروكوكو” وتقع القبلة في الناحية الجنوبية الشرقية. وفوق الباب الرئيسي توجد كتابة في سبعة سطور مساحتها 50x100 سم، تتضمن سبعة ابيات تركية بالحرف العربي، وبخط النسخ. وتضمنت الأبيات ذكر الجامع والسوق وبانيه سليمان باشا وتاريخ البناء بحساب الجمل في الشطر الاخير يسأوي سنة 1231هـ (1815 - 1816م ) وفي الجهة الجنوبية يوجد سبيل ماء قرب زأوية المئذنة وهو سبيل روحي باشا كتْخُدا السلحدار محمد باشا، وكَتْخُدا سليمان باشا ايضاً. وتاريخ بناء السبيل سنة 1184هـ (1770م ) وعلى جدار السبيل سطران نفيسان بخط الثلث ومقياسهما 70x102 سم. والسبيل الثاني في الجهة الامامية، بنته الحاجة شريفة، حرم دفتردار البوسنة مير سعيد، وتاريخ بنائه سنة 1255هـ- 1839م، ومساحة كتابته 45x60 سم. وما زال هذا الجامع والسوق قائمين، وقد حأول الكروات الاستيلاء عليه وفشلوا، وهو تحت تصرّف جيش البوسنة الاسلامي والحمد لله.  ومن المجمعات في ترافنيك مجمع محسن زادة محمد باشا، ومحمد باشا المذكور هو ابن الصدر الأعظم محمد باشا بن محسن الحلبي، الذي استلم الصدارة العُظمى في دولة الخلافة الاسلامية العثمانية ما بين سنة 1174هـ- 1760م وسنة 1177هـ، ثم عُزل وعُيّن والياً للبوسنة مرتان احداهما سنة 1184هـ (1770 - 1771م ). ويتألف هذا المجمع من جامع ومدرسة ومكتب للصبيان (كُتّاب ) ولهذا المجمع أوقاف كثيرة للإنفاق على الطلاب والمعلمين، وقد تضمنت الوقفية تحديد المبلغ اليومي المقرر لمصاريف الوقف بشكل عام.  ومن المجمعات ايضاً مجمع التكية ويتكون من جامع ومدرسة ومكتب (كُتّاب ) وسوق، بناها محمد باشا ايضاً سنة 1181هـ- 1767م.  وهناك مجمع إلجي ابراهيم باشا والي البوسنة (1110 - 1117هـ ) وهو عبارة عن مدرسة ومكتب وزأوية، وتاريخ البناء سنة 1111 هـ- 1699- 1700م.  وبُنيت في ترافنيك الجوامع التالية: جامع الحاج علي بيك، (1171هـ ) وجامع علي نامق باشا، وجامع السلطان محمد الفاتح، وجامع غازي آغا (1171هـ- 1757م ) وجامع الحاج حسن آغا، وجامع الحاج محمد باشا، وجامع حسن آغا (سنة 956هـ- 1550م ) وجامع الخاندان، وجامع كامل احمد باشا، وجامع إسكلة، وجامع محمد باشا القوقأوجي، وجامع التذكرجي مصلح الدين (1280هـ- 1863م ) وجامع روحي سليمان آغا (1184هـ - 1770م ) وجامع الصوفي فرحات (1071هـ ) ومسجد السلحدار سليمان آغا (1180 - 1184هـ ) ومسجد شيخ الحرم ابو بكر باشا والي البوسنة سنة 1202هـ- 1788م ووالي ديار بكر سنة 1201هـ، ووالي حلب بعد البوسنة، سنة 1210هـ، وبعدها اصبح شيخ الحرم. وجامع الطوبخانة (1245هـ- 1819م ) وجامع فاروش.  وبالاضافة للجوامع بُنيت في ترافنيك مدارس اشهرها مدرسة الجي ابراهيم باشا، ومدرسة تكية الحاج أحمد، اما المكاتب (الكُتّاب ) فأشهرها مكتب والي البوسنة سليم سري باشا الأورنوسي (1238 - 1241هـ- 1822 - 1825م ) ويعود تاريخ البناء إلى سنة 1241هـ- 1825م.  اما الخانات فأشهرها الخان الجديد، وأشهر الحمامات حمام ابو بكير بك وحمام محمد جلبي بن كمال آغا. وأشهر التكايا تكية اسماعيل ده ده. واشهر ابراج ساعاتها ساعة محمد باشا القوقأوجي، وساعة المصلى (1230هـ- 1814م ) بالاضافة إلى الاسواق والجسور والقلعة وغير ذلك من المنشآت الاسلامية

.   10295 (الحياة )...........عام (العنوان: عاصمة البوسنة والهرسك بين عامي 1639 و1850 : مدينة ترافنيك

رابط له علاقة بترافنيك

اضغط هنا

وهنا


thumb qr1 
 
thumb qr2
 

إحصاءات

عدد الزيارات
16437817
مواقع التواصل الاجتماعية
FacebookTwitterLinkedinRSS Feed

صور متنوعة