شعراء الانحطاط العرب في العصر الحديث
شعر؛ د. محمود السيد الدغيم
لندن 1994م
قالت سَلِمْتَ ؛ لقد رويت غليلي  =   و شفيت جرحَ الشاعر المتبول


 

و كشفتَ مَن هجموا على الشعر الذي
اغتالوه بالتدليس والتدجيل

و تنصبوا في سدة الشعر التي
آلت إلى النخاس بالبرطيل

فتبرجوا في نهجهم و توهموا
أن النبوغ مطية المسؤول

وتبرموا جهرا بكل فضيلة
موروثة عن شاعر مصقول

و تبجحوا في كل حاضرة كما
هزئوا بمجد عامر و طلول

فأتيت كالطوفان تجرف غثهم
و ركيكهم ؛ بالجرح والتعديل

جرحوا بأبيات القصيد فولولوا
للشعر فعل الصارم المسلول

في ساحة الإبداع أدب بعضهم
و ( تنيل ) الباقي بكل سبيل

أدبٌ يؤدب ناشزا و شويعرا
متطاولا بالجهل والتضليل

و يعيد للشعر الرفيع مكانة
مرموقة تسمو عن التمثيل

فالشعر إحساس رفيع باذخ
يزدان بالتعليم والتحصيل

و العلم يضمن للقريض تفوقا
أعزز به من ضامن وكفيل

ما قصة الغوغاء في دوامة
مملوءة باللغط والتطبيل

ضج اليسار وعربدت أقطابه
و تحكمت بالنشر و التأويل

و تأولت ميناً وزيفاً و افترت
و تعللت بالقال بل بالقيل

غيل القريض بجهلهم ونفاقهم
و طغى على الشعراء كل رذيل

نشروا غسيلهم بكل وقاحة
و تنمروا كالقط وسط مقيل

هبطوا إلى مصر العزيزة حينما
ظهرت كخائفة من التهويل

و تعملق الأقزام ، ثم تمنطقوا
بالعي والتشويه و التجهيل

و استحدثوا نثراً ركيكاً هابطاً
باللحن قد حاكى صئي الفيل

عاثوا بأرض الرافدين ، وأقبلوا
كي يزرعوا البهتان حول النيل

فقصائد الضوء !! الكليل تمغنطت
فوق البياض ، وطعمت بعويل

نشؤوا على غدر كضربة لازب
كأبي جميح خان كل خليل

بالمربد البصري عاث فصيلهم
ففصائل غدرت بغير فصيل

قد عاث أبناء الطريق بشعرنا
صلفا كدود الخل بالتهويل

يوماً على أقصى اليسار و ليلةً
أقصى اليمين حصيلة التحصيل

سجدوا سجود هداهد الذل التي
سجدت لدود الأرض كالمخذول

دأبوا على مص العظام ، وأقسموا
بالمص ؛ أن المجد بالتنقيل

يتنقلون كقطة قد أنجبت
شططاً ؛ فخافت بأس كل ضئيل

لعبوا على كل الحبال تزلفاً
لم يأبهوا لعواقب التحبيل

سرقوا دنانير العراق ؛ و نافقوا
وتراجعوا من قلة التحويل

فتحولوا عن حبه في فقره
ميلاً إلى التقريش و الترييل

نخلوا على نخل العراق دموعهم
لكنهم قصفوا جذوع نخيل

مالوا عن الدينار حين تراجعت
أسعاره حرصاً على البرميل

فتبسم القرش الأبي تواضعاً
لوضاعة ملأت حبال غسيل

و تفيؤوا ظل الفلوس شراهة
و تلونوا بتلون التدويل

ختلوا كختل الذئب يخدع صيده
و ترقبوا حصصاً من  التمويل

مسخ النظام العالمي عقولهم
فمضوا بلا شرف على التوكيل

فوكالة الشعراء صارت سلعة
تحتاج للتصريف والتبديل

خير التصرف صرفهم في مصرف
يغني عن التقصير والتطويل

نورٌ دعاة الشعر في أيامنا
كفروا بكل رسالة ورسول

بالمهرجان تناوشوا  ، و تهارشوا
واستهتروا بتراث كل رعيل

نعبوا نعيب البوم في خلواتهم
فتجاوبت غربان إسرائيل

فقؤوا عيون الشعر في أشعارهم
و العين لا تقوى على الإزميل

و تعجرفوا في حلهم ورحيلهم
و تواقحوا كتواقح الإسطيل

فحليمهم كالخنفساء لجاجة
و وضيعهم كالروث في الزنبيل

أقطابهم في الخافقين تخاطفوا
ذنب الحمار تزلفا لعميل

كلل حداثتهم بذيل حمارة
يا خاصي الأسد التي في الغيل

وانسج لكل شويعر طاقية
من صوف عاصية على التدبيل

نبشوا قبور المبدعين بحقدهم
و استمرؤوا ما كان من قابيل

حملوا على الإبداع حملة محدث
يرتاح للإحداث و التعطيل

ما للنعال تشاعرت ، وتعملقت
في ساحة التدجين و التنعيل

صالت على الإسكاف في حانوته
في حضرة السندان والقنديل

فتضايق الإسكاف من تضليلها
و اقتاد بالشاكوش كل دخيل

فإذا النعال جميعها في سلة
مثل الحداثة تحت قرع وبيل

خبث العقارب شعرهم ، بل نثرهم
سم الأفاعي استفردت بعليل

دبوا على الشعر الحديث تطفلا
و تهتكوا في حرفة التطفيل

رمحوا كما رمحت حمير مراغة
و استهتروا بالجيل تلو الجيل

و استفردوا بالشعر حتى عافه
أهل الشعور مخافة الترحيل

كم رحلوا ؛ كم هجروا من شاعر
كي يفسدوا أحلام كل خليل

إن كنت تبغي صورة عن غيهم
في كل حاضرة ، وكل محيل

عرج على لبنان كفكف دمعه
و امسح دماء الشعر بالمنديل

و امسح دموع المؤمنين بربهم
بالله ؛ بالقرآن ، بالإنجيل

و إذا أتيت إلى دمشق فقل لها :
يا شام كفي عن أذىً و عويل

يا شام كفي عن إذية شاعر
و تمسكي بالمنهج المعقول

ثوري على عدوان ذيل منافق
متقلب بالميل تلو الميل

قولي لكل مخنث في جلق :
أقلع عن التخريف ؛ و التبقيل

ما كان يوماً باقل متشاعرا
شتان بين الشعر والتبغيل

ما للبغال تشاعرت في موطني
و استأثرت بنيابة التمثيل

ذهبت تمثلنا بكل وقاحة
فكأنما اعتدنا على التدجيل
 

همج تمثل بالشحيج بلادنا
شتان بين تصاهل وصهيل

ريح الجوارب ريحهم قد أنتنوا
و تستروا بمقاتل و قتيل

رفعوا حوافرهم ، و حقدا وقعوا
فوق البيان علامة التبسيل

فشراذم نسجت بيان صفاقة
ينبي عن الإفلاس و التحبيل

و تهافتت أقلامهم بجرائد
خضعت لأمر الحاقد المرذول

مثل الأهالي ساحة مفتوحة
للمين والتحريف و التضليل

بئس الجريدة إنها موبوءة
بالكفر والإسفاف و التنكيل

لمزابل التهريج آل مآلها
لتداس بالأقدام بعد قليل

و كذاك روز العابثين فإنها
وكر لكل منافق وعميل

قد خانت الصديق دون مبرر
صفحاتها ملئت بكل هزيل

ياروز يوسف !! أقلعي عن خسة
في عالم التهريج والتمثيل

شوهت تاريخ الصحافة حينما
زمرت واستغرقت بالتطبيل

و جمعت أشباه الإناث رجولة
لم يقنعوا بقواعد التفصيل

عبس التهامي حين همهم عادل
حول الشهيب الجادل المجدول

دولية مأفونة مأجورة
فتحت لكل مقاول ووكيل

فيه ابن آوى نوفل مستأسد
أنطون كالخنثى من التدليل

يا أنطوان المسخ إنك جاهل
تحتاج للتأديب و التعقيل

والعقل . عقلك بالعقال لأنه
يحمي الحمى من نائل ومنيل

أدب و فن ساحة وثنية
و فريدة للرقص و التمثيل

يتراقص الشذاذ في صالونها
لطفي و حلمي رقصة التنييل

أصلان رمزي و الرميش برقصهم
قد ألحدوا بالله بالتنزيل

و تمركسوا ساءت جميع دروبهم
لم يسلكوا للحق خير سبيل

لينين رائد غثهم و فسادهم
عاف الجميع شريعة التبتيل

دالت شطارتهم و أفلس نهجهم
سقطت رموز الغول والتغويل

آن الأوان لنبذهم ولسوقهم
لمراكز الإصلاح و التأهيل

هوامش

جريدة الأهالي  المصرية

مجلة روز اليوسف المصرية

مجلة الدولية باريس

مجلة أدب ونقد المصرية

 

 

 

 

 


thumb qr1 
 
thumb qr2
 

إحصاءات

عدد الزيارات
16428348
مواقع التواصل الاجتماعية
FacebookTwitterLinkedinRSS Feed

صور متنوعة