القسم الأول من كتاب بديع النظام الجامع بين أصول البزدوي والإحكام

 

تأليف: ابن الساعاتي البعلبكي البغدادي

 

تحقيق: د. محمود السيد الدغيم

 

كتاب جاهز للطبع بانتظار دار نشر تهتم بالعلوم الإسلامية

 

 

 

ابن الساعاتي البعلبكي
وُلدَ ابن السَّاعَاتي في مدينة بعلبك سنة 653هـ/ 1255م،
وكانت وفاته سنة 694 هـ/ 1295 م
وهو مظفرُ الدين، أحمد بن على بن تغلب أو ثعلب، المعروف بابن الساعاتي البعلبكي الحنفي البغدادي، العالم بفقه الحنفية، وقد انتقل مع أبيه من بعلبك إلى بغداد

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

مقدمة المؤلف

 

1-الخيرُ دأْبُكَ[1] اللَّهُمَّ، يا واجبَ الوجودِ[2]؛ والفيضُ شِعارُكَ[3] يا واسعَ الرحمةِ والْجَوْدِ[4]. أنتَ الذي لايُنْقِصُ فيضَكَ[5] العطاءُ، وكلتا يديكَ[6] بالخيرِ سحاءُ[7]، لكَ النِّعمةُ السابغةُ[8]، والْحُجَّةُ البالغةُ[9]، وبِعفوِكَ عِياذُ العِبادِ[10]،ومنك الْمَبْدَأُ، وإليك الْمَعادُ، بَعثتَ النبيينَ بالحقِّ؛ فأقمتَ بهم الْحُجَّةَ، وأوضحتَ بهديِهِمُ الْمَحَجَّةُ، وخَصصْتَ مُحمَّداً سَيِّدَ البشرِ بأنواعِ الكمالاتِ، وخَتَمْتَ بِرسالتِهِ الرسالاتِ، وقَطَعْتَ بحُجَّتِهِ[11] العِلَلَ، ونَسَختَ بملَّتِهِ الْمِلَل[12]، الَّلهُمَّ فَصَلِّ عليه صلاةً تَقِفُ دُونها نهاياتُ الطَّلَبِ، ويُتَبَوَّأُ بها أعلى المقاماتِ والرُّتَبِ واجْعَلنا اللَّهُمَّ مِمَّنْ أرضاكَ باتِّباعِهِ، وأَخْلَصَ لكَ في قولِ الحقِّ واسْتِمَاعِهِ، وأرادَ وَجْهَكَ الكريمَ بما نَقَّحَهُ[13] وصَنَّفَهُ[14] واسْتَصْحَبَ توفيقَكَ فيْما جَمَعَهُ[15] وألَّفَهُ[16].

 

قد مَنَحْتُكَ أيُّها الطَّالِبُ، لِنِهَايَةِ الوصولِ إلى علمِ الأُصولِ[17] بهذا الكتابِ البديعِ[18] في معنَاهُ الْمُطابِقِ اسْمه لِمُسَمَّاهُ، لَخَّصْتُهُ لكَ من كِتابِ الإِحكامِ[19] وَرَصَّعْتُهُ بِالْجَواهِرِ النَّفِيْسَةِ من أُصولِ فَخْرِ الإسلامِ[20] فَإنَّهُمَا الْبحرانِ الْمُحيطانِ بِجَوامِعِ الأُصولِ،الْجَامِعانِ لِقواعِدِ الْمَعْقُولِ[21]، والْمَنْقولِ[22]،هذا[23] حاوٍ للقواعِد الكُلِّيَّةِ الأُصوليةِ[24]، وذاكَ[25] مَشْحُوْنٌ بالشَّواهدِ الْجُزْئيَّةِ الْفُرُوْعيَّةِ[26]. وهذا الكتابُ[27]: يُقَرِّبُ منْهُما البعيدَ، ويُؤَلِّفُ الشَّريدَ، ويُعَبِّدُ لَكَ الطَّريْقَينِ[28] ويُعَرِّفُكَ اصطللاحَ الْفَريقَينِ[29]، معَ زياداتٍ شريفَةٍ[30]، وقواعدَ[31] مُنقَّحةٍ لطيفةٍ، واختيارٍ لِلْفَصِّ[32] واللُّبابِ، ورِعَايَةٍ للْمَذْهَبِ الذي هو أصلُ البابِ، فَمَا أَجْدَرَكَ بتَحْصِيْلِهِ، وتَحقِيْقِ إجْمَالِهِ[33] وتَفصيْلِه، واللَّهُ الموفِّقُ لإدراك الأماني، واسْتِجْلاءِ أبكارِ المعاني. وقد رتَّبْتُهُ على أربَعِ قَواعِدَ[34]:

 

الأولى: في المبادئ[35].

 

والثانيةُ: في الأدلةِ السَّمعِيَّةِ[36]، وأقسامها وأحكامها.

 

والثالثةُ: في أحكامِ الإجتهادِ، والْمُفْتِي والْمُسْتَفْتي.

 

والرابعةُ: في ترجيحاتِ طُرُق الْمَطْلُوْبَاتِ.

 

القاعدةُ الأولى

 

في المبادىء

 

2- حَقٌّ على مَنْ حَاولَ عِلْماً أنْ يَتَصَوَّرَهُ[37] بِحَدِهِ[38] أو رَسْمِهِ[39]، ويَعْرِفَ مَوضُوْعَهُ[40]، وغايَتَهُ[41]، واسْتِمْدَادَهُ[42].

 

3- فأصول الفقهِ علماً[43]:

 

[هو][44]العلمُ بالقواعِدِ[45]التي يُتَوَصَّلُ بها إلى اسْتِنْباطِ[46] الأحكامِ الشَّرعِيَّةِ الفرعيةِ[47] عن أدِلَّتِها التَّفْصِيْلِيَّةِ[48]. واسْتِنْباطُ الأحكام: فَصْلٌ عنِ استنباطِ الصَّنائِع. والشرعيةُ: عن العقليةِ. والفرعية:عن مِثْلِ كَوْنِ الأدلَّةِ حُجَجاً. والتفصِيْلِيَّة: عنِ الإجْمَاليةِ. كالْمُقْتَضِي والنافي. واستغنينا بالاستنباط عن الاستدلاليةِ.

 

وأما مضافا[49]ً: فالأُصولُ أدِلَّةُ الفِقْهِ، وجهاتُ دِلالتِها، وحالُ الْمُسْتَدِلِّ بها على وجهٍ كُلِّيٍّ.

 

والفقهُ: العلمُ بِجُملَةٍ غالبةٍ من الأحكام الشَّرعيَّة الفرعيَّةِ الاستدلاليَّةِ بِالتَّفصِيلِ. وقولُنا: بجُملَةٍ غالبة فَصْلٌ عنِ العِلْمِ بحُكْمٍ، أوْ حُكْمَيْنِ، وعَن التَّعميمِ الْمُشْعِرِ بأَنّ ما دُونَ جُمْلَةِ الأَحكام لا يكون فِقْهاً. والشَّرعيَّةُ والْفَرعيّةِ: عمَّا سَبَقَ. والإستِدْلاليَّةِ: عن علْم الله تعالى، والْمَلَكِ، والرَّسول صلى الله عليه وسلم .وبالتَّفْصِيْلِ: عَمَّا سَبَقَ.

 

4- وموضوعُهُ: الأدِلَّةُ الّتي يُبْحَثُ عن أقسامِها، واختلافِ مراتِبِها، وكيفيةِ الاستِثْمارِ منْها على وجْهٍ كُلِّيٍّ.

 

5- وغايَتُه: مَعْرفَةُ الأَحْكَامِ الشَّرعيَّةِ.

 

6- واسْتِمْدادُهُ: من الكلامِ[50]، والعربيةِ[51]، والأحكام الشَّرعيَّةِ.

 

7- أمَّا الكلامُ: فلِتَوقُّفِ إِفَادَةِ الأَدلَّةِ لأَحْكامِها على معرفة الله تعالى وصِفاتِهِ، وأفعَالِهِ، وصِدْقِ الرّسُولِ صلى الله عليه وسلَّمَ.

 

وأما العربيَّةُ: فَلِتَوَقُّفِ مَعْرِفَةِ دَلالاتِهَا على الْعِلْم بِمَوْضُوْعَاتِها لغة مِنَ الْحَقِيْقَةِ والْمَجَازِ، وعلى العُمُوْم، والْخُصُوص، والإطلاقِ، والتَّقْيِّدِ، والْحَذْفِ، والإضْمارِ، والْمَنْطُوْقِ، والْمَفْهُوْم، والإقْتِضَاءِ والإشَارَةِ، والصَّريْحِ، والْكِتَابَةِ وغَيْرِها.

 

وأمَّا الأحْكامُ: فَلأَنَّ تِلْكَ الأدِلَّةَ تَتَوَقَّفُ على تَصَوُّرِ الأحكاِ‎مِ بِحَقائِقِها لِتُقْصَدَ، ولِيُتَمَكَّنَ مِنْ إيْضَاحِ الْمَسَائِلِ بِالشَّواهِدِ، لاعلى الْعِلْمِ بِثُبُوْتِها، لاسْتِلْزَاْمِ الدَّوْرِ.

 

 

المبادِيءُ الكلامِيَّةُ

 

8- لَمَّا انْقَسَمَ الَّدليلُ إلى ما يُفيدُ الْعِلمَ، والظَّنَّ بِواسِطَةِ النظر احتِيْجَ إلى تَصَوُّرِ الدَّلِيْلِ، والنَّظَر، والْعِلْمِ والظَّنِّ.

 

 

9- فالدَّلِيْلُ[52] [في اللُّغةِ]:الدَّالُ[53]. والذَّاكِرُ لِلدليل. وما فيه إرشادٌ.

 

و[الدليلُ ] في الأُصول: ما أوْصَلَ إلى الْعِلْمِ.

 

والأمارةُ: ما أوصَلَ إلى الظَّنِّ.

 

 

فَعَلى الْعُرْفِ الفقهي هو: ما يُمْكِنُ التَّوصُّلُ بِصَحِيْحِ النَّظَرِ فيه إلى مَطلوبٍ خَبَرِيٍّ.

 

فَقَيْدُ: الإمكان لِيَدْخُلَ فيه مَا لَمْ يُتَوَصَّلْ بِهِ لِعَدَمِ النَّظَرِ فِيْهِ مَعَ الإمْكانِ. والصَّحِيْحُ: فَصْلٌ عَنِ الْفَاسِدِ.والْخَبَرِيُّ: عَنِ التَّصَوُّرِيِّ.

 

وعلى الأُصُوْلِيِّ: ما يُمْكِنُ التَّوَصُّلُ به إلى الْعِلْم بِمَطْلُوْبٍ خَبَرِيٍّ. فَتَخْرُجُ الأَمارَة.

 

والأول الْمُخْتَارُ لانْدِراجِها.

 

 

10- والنظرُ[54]: الاِعْتِبَارُ ، وَحُدَّ[55]: بِأَنَّهُ الْفِكْرُ الذي يَطْلُبُ بِهِ- مَنْ قَامَ بهِ -عِلْماً أوْ ظَنًّا. والفِكْرُ: حَرَكَةُ النَّفْسِ مِنَ الْمَطالِبِ إلى مَبادِئِها، ثُمَّ الرُّجُوعِ عَنْها إِلَيْها. وقِيْلَ: تَصَرُّفُ الْعَقْلِ في الأُمُوْرِ السَّابِقَةِ بِالْعِلْمِ -أوِالظَّنِّ الْمُنَاسِبَةِ[56] لِلْمَطْلوبِ -بِتألِيْفٍ خَاصٍّ- لِتَحْصِيْلِ ما ليسَ بِحَاصِلٍ، فَهذا يَعُمُّ التَّصَوُّرِيَّ[57]، والتَّصْدِيْقِيَّ[58]، والْقَطْعِيَّ والظَّنِّيَّ.

 

وقِيْلَ: تَرْتِيْبُ أُمُورٍ ذِهْنِيَّةٍ، يُتَوَصَّلُ بِها إلى أمْرٍ ذِهْنِيٍّ، ومَا عُرِفَتْ جِهَةُ دَلالَتِهِ على الْمَطْلُوْبِ فَصَحِيْحٌ وإلاّ فَفَاسِدٌ.

 

11- والعلمُ: ‎قِيْلَ: لايُحَدُّ لِعُسْرِهِ، بَلْ يُعْرَفُ بِالْقِسْمَةِ. ويُرَدُّ عَليهِ: إنْ لم تُفِدْ تمييزا لم تُفِدْ تَعْرِيْفاً، وإنْ أفادَتْهُ فَهُوَ الْمُرادُ بالْحَدِّ. وقِيلَ: لأنَّهُ ضروري لأنَّ ما عَداهُ لايُعْلَمُ إلاّ بهِ، فَلَوْ علم فَهوَ بِغَيْرهِ دَاْرَ، ولأنَّ عِلْمَنَا بِوُجُوْدِنَا ضَرُوْرِيٌّ، والْعِلْمُ أَحَدُ تَصَوُّراتِ[59] هَذا التَّصْدِيْقِ[60]، ولَيْسَ بِسَدِيْدٍ[61].

 

أما الأوَّلُ: فَلاخْتِلافِ الْجِهَةِ، فَإنَّ جِهَةَ تَوقُّفِ غَيْرِ الْعِلْمِ على العلم؛ مِنْ حَيْثُ الإدْراك، وتَوَقُّفِ الْعِلمِ على الْغَيْرِ مِنْ جِهةِ كَوْن ذلك الْغَيْر صِفَةً مُمَيِّزَةً له عَنْ غَيْرِهِ، لا إدْرَاكاً.

 

وأمَّا الثاني: فَلِعَدَمِ تَوقُّفِ التَّصْدِيْقِ الْبَدِيْهِيِّ علىْ بَدَاهَةِ تَصَوٌّرَاتِهِ، فَإنَّ الْمَقْطُوْعَ بهِ: النسبةُ؛ وأيضا: فلا يَلْزَمُ مِنْ حُصُوْلِ الْعِلْم بشَئٍ -ضَرُوْرَةً- تَصَوُّرُ الْعِلْمِ الْخَاصِّ لِيَسْتَلْزِمَ العامَّ، ولا سَبْقُ تَصَوُّرِهِ.

 

وقِيْلَ: في حَدِّهِ: صِفَةٌ تُوْجِبُ لِمَنِ اتَّصَفَ بها تَمْيِيْزاً لا يَحْتَمِلُ النَّقِيضَ في الخارِجِ؛ و تُوْجِبُ تَمْيِيْزاً: فَصْلٌ عَنْ مِثْلِ الْحَياةِ، وَبَعْضِ الصِّفاتِ الْمَشْرُوْطَةِ بها، وَلايَحْتَمِلُ النَّقِيْضَ عَنِ الظَّنِّ. وَزَادَ: في الخارج. لِئَلاَّ يُنْقَضَ بِالْعِلْم الْعَادِيِّ، فَإنَّهُ وإنْ احتُمِلَ عَقْلاً لَكِنَّهُ لا يُحْتَمَلُ خارجاً، وزادَ مَنْ أخْرَجَ :إدراكَ الحواسِّ؛ في المعاني الْكُلِّيَّةِ. ويَنْقَسِمُ إلى قَديٍمٍ وحَادِثٍ. والحادِثُ إلى ضَرُورِيٍّ، ومُكْتَسَبٍ.

 

 

والظَّنُّ: تَرجِيْحُ أَحَدِ الإحْتِمَالَيْنِ مِنْ غَيْرِ قَطْعٍ، وإذا تَسَاوَيَا فَشَكٌّ؛ وَالْمَرْجُوْحُ وَهْمٌ.

 

 

الْمَبادِئُ الُّلغَوِيَّةُ

 

12- لَمَّا عَلِمَ الله   سُبْحانَهُ حَاجَةَ هذا النَّوْعِ الشَّرِيْفِ إلى إعْلام بَعْضِهمْ بَعْضاً، مَا في نُفُوْسِهم؛ لِتَحْصِيْلِ بَعْضِ مَقَاصِدِهِمْ -التي لا يَسْتَقِلُ الواحِدُ بِتَحْصِيْلِها- أَقْدَرَهُ على تَرْكِيْبِ الْمَقَاطِعِ الصَّوْتِيَّةِ، عِنَايَةً بهِ، فإنَّهُ مِنْ أخَفّ الأفْعَالِ الإخْتِيَاريَّةِ؛ مَقْدُوْرٌ عَلَيْهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ مِنْ غَيْرِ تَعَبٍ، مُسْتَغْنىً عَنْهُ عِنْدَ عَدَمِها.

 

ومِن اخْتِلافِ التَّرْكِيْبِ، حَدَثَتِ الْعِبَارَاتُ، فَمَا لَيْسَ مِنْها مَوْضٌوعاً لِمَعْنىً: مهملٌ، وما وُضِعَ لِمَعْنىً: فالنَّظَرُ: في أنواعِهِ؛وابتداءِ وَضْعِهِ؛وطريقِ مَعْرِفَتِهِ.

 

13-والأوَّلُ نَوْعانِ:

 

مُفْرَدٌ:وهو: مادَلَّ بِالْوَضْعِ على مَعْنىً وَلاجُزْءَ لَهُ يَدُلُّ على شيءٍ مِنْ حَيْثُ هو جُزْؤُهُ. ومُرَكَّبُ: بِخِلافِهِ: فَبَعْلَبَكَ؛ وعبْدَالله عَلماً: مُفْرَدٌ، وصِفَةً: مُرَكَّبٌ. ولا يَرِدُ: مِثْلُ ضَارِبٍ، ومُخْرَجٍ -مِنْ حَيْثُ دَلالَةِ الألِفِ والْمِيْمِ على الْفَاعِلِ؛ والْمَفْعُوْلِ- لأنَّا نَمْنَعُ دَلالَتِهُمَا. بَلِ الْمَجْمُوْعُ هُوَ الدَّالُّ على شَخْصٍ حالُهُ ذلِكَ.

 

14- تَقْسِيْمٌ: ودَلالَةُ الْمُفْرَدِ لَفْظِيَّةٌ: وهي التي نَفْهَمُ مِنْها مَعْنىً غيْرَ خارِجٍ عن مُسَمَّى اللَّفْظِ. فَإمَّا على تمَامِ مَسَمَّاهُ؛ وهي: المُطابَقَةُ، أوْ جُزْئِهِ وهي: التَّضَمُّنُ.

 

وَغَيْرُ لَفْظِيَّةٍ: وهي التي يُفْهَمُ مِنْها مَعْنىً خَارِجٌ عَنْ مُسَمَّاهُ، وهي الإلْتِزامُ. وشَرْطُهُ: اللُّزُوْمُ الذِّهْنِيُّ، فَإنَّهُ لَوْ قُدِّرَ عَدَمُ الإنْتِقَالِ الذِّهْنِيِّ لا يُفْهَمُ. والْخَارِجِيُّ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِحُصُوْلِ الإلْتِزامِ بِدُوْنِهِ -كالْعَدَمِ والْمَلَكَةِ- وقيلَ: لأنَّ الْجَوْهَرَ والْعرضَ مُتلازمان خَارجاً؛ ولا يُسْتَعْمَلُ أحدُهُما في لِلآخَر.وفيه نظَرٌ، لأنَّ عَدَمَ الإسْتِعْمالِ مَعَ اللُّزُوْمِ الخارجِيِّ لا يَدُلُّ على عَدَمِ اشْتِراطِهِ.

 

15-تَقْسِيْمٌ: وهو: إمَّا أنْ يَسْتَقِلَّ بِالْمَفْهُوْمِيَّةِ أوّلاً. والثاني: الحرفُ. والأول: إمَّا أنْ يَدُلَّ على أحَدِ الأزْمِنَةِ الثَّلاثَةِ بِبُنْيَتِهِ، وهو: الفعلُ ،أوْلاْ ؛وهو: الإسْمُ.

 

وقَدْ عُلِمَ بِذَلِك حُدُوْدُهُمَا.

 

 

16- تقسيم؛ وهو ومَفْهُومُهُ:إمَّا أنْ يَتَّحِدا،أو يَتَعَدَّدا؛أو يَتَّحِدَ الإسْمُ، ويَخْتَلِفُ مُسَمَّاهُ؛أو بالعكسِ.

 

فالأوَّلُ: إمَّا أنْ يَصِحَّ أنْ يَشْتركَ في مَفْهومِهِ كَثيرونَ بالفِعْلِ، أو بالقُوَّةِ وهُوَ الْكُلِّيُّ، أولايَصِحَّ وهو الْجُزْئِيُّ الْحَقِيْقِيُّ.

 

والكُلِّيُّ: إنْ تَساوى صِدْقَهُ على ما تَحْتَهُ فَمُتواطئٌ، كالإنسان، وإنْ اختلفَ بِشِدَّةٍ وضَعْفٍ، أو تَقدُّمٍ وتَأخُّرٍ فَمُشَكِّكٌ، كالموجودِ والأبيضِ.

 

والثاني: الْمُتَبايِنَةُ، كالإنسان والْفَرَسِ.

 

والثالثُ: إنْ وُضِعَ لِلْكُلِّ وَضْعاً أَوَّلاً فَمُشْتَرَكٌ، كالعَيْنِ؛ سَواءً تَبايَنَتِ الْمُسَمَّيَاتُ، كالْجَوْنِ للسَّوادِ والبَيَاضِ، أمْ لَمْ تَتَبَايَنْ، كالأَسْوَدِ على الأسْوَدِ عَلَماً وصِفَةً، فإنَّ مَدلُولَهُ -في الْعَلَمِيَّة-ِ الذَّاتُ، -وفي الإشْتِقاقِ- الذاتُ مَعَ الصِّفَةِ. فَالْمَدْلُوْلُ -في الْعَلَمِ: جُزْؤُ المدلولِ في الْمُشْتَقِّ. ومدلُولُهُ -مُشْتَقاًّ- صِفَةٌ لِمَدْلُوْلِ العَلَمِ. وإنْ وُضِعَ لِبَعْضِهَا ثُمَّ اسْتُعِيْرَ لِغَيْرِهِ: فاسْتِعْمَالُهُ في الْمَوضوعِ حَقِيْقَةٌ، وفي غَيْرِهِ مَجَازٌ.

 

والرَّابِعُ: الْمُتَرَادِفَةُ: كالإنْسَانِ والْبَشَر.

 

 

17- قاعدة: قَد اصْطَلَحَ قَوْمٌ: على تسْمِيةِ الْكُلِّيِّ -الذي نُسَمِّيَهُ الْمُطْلَقَ- بالْعَامِّ ،والْجُزْئِيِّ؛ بالْخَاصِّ.

 

قالوا: اشتراكُ الأشْخاصِ في الإنْسَانِيَّةِ. وليسَ في مُجَرَّدِ الإسْم، وليسَ  وُقُوْعُ الإنسَان عليْها، كَوُقُوْع زَيْدٍ على جَمْعٍ تَسَمَّوا بِهِ، فَإنَّ زَيْداً لَمْ يُسَمَّ بِهِ، إلاَّ لأنَّهُ هُوَ؛ لا لِمَعْنىً كُلِّيٍّ، يُطَابِقُ كُلَّ زَيْدٍ، ولَوْ رَأيْتَ رَجُلاً مَجْهولَ الإسْمِ حَكَمْتَ بأنَّهُ إنْسَانٌ، ولم تَحْكُمْ بأنَّهُ زَيْدٌ، حتى تَسْألَ عَنْهُ، فَعَلِمْتَ أنَّكَ -في هذا الْحُكْمِ- مُتَمَثِّلٌ صُوْرَةً كُلِّيَّةً مُطابِقَةً لِكُلِّ إِنْسَاْنٍ، فَسَاغَ لكَ الْحُكْمُ، ولَمْ تَتَمَثَّلْ مِنْ زَيْدٍ صُوْرَةً تُطابِقُ كُلَّ زيدٍ لِتَحْكُمَ بهِ.

 

فإذا عَرَفْتَ الْفَرْقَ -وأنّ وُقُوْعَ اسْمِ اللَّيْثِ على الأسَدِ، لا يَمْنَعُ الشِّرْكَةَ؛ وَوُقُوْعَهُ على شَخْصٍ إنْسَانِيٍّ يَمْنَعُها؛ وأنَّ مَفْهومَهُ يَخْتَلِفُ بالإعْتِبارَيْنِ- عَرَفْتَ أنَّ الْعُمُوْمَ، إنَّمَا هُوَ مِنْ عَوارِضِ الْمَعَانِيْ، دُوْنَ الألْفَاظِ فَإنّ اسْمَ اللَّيْثِ واحِدٌ في الْمَفْهُومَينِ الْمُخْتَلِفَيْنِ، وقَدْ صَحَّ الْعُمُوْمُ في أحَدِهِمَا دُوْنَ الآخَرِ، فَلَوْلا اعْتِبارُ المَعْنى لَتَسَاوَيَا في الْمَنْعِ وعَدَمِهِ؛ لاتِّحَادِ الصِّيْغَةِ. وَيَصِحُّ أنْ يُقَالَ: هُوَ مِنْ عَوارِضِ الألْفَاظِ؛ مِنْ حَيْثُ أنَّها ذَوَاْتُ مَعَانٍ؛ تُطابِقُ كثرةً.

 

18- تحقيق: إذا قُلْنا مَثَلاً: حَيَوَاْنٌ؛ فَهُنَاكَ أُمُوْرٌ ثَلاثَةٌ: مِنْ حَيْثُ هُوَ. وَكَوْنهُ كُلِيًّا. والمجموعُ.

 

والأوَّلُ: موَجُودٌ في الْخَارجِ؛ لأنَّهُ جُزْءُ الْمَوْجُودِ فِيْهِ، دُوْنَ الْبَاقِيَيْنِ لِلُزُوْمِ التَّشَخُّصِ الْمَانِع مِن اعْتِبارِ الشُّمُوْل. والتَّكْلِيْفُ الشَّرْعِيُّ لَيْسَ في الإعْتِبارَاتِ الذِّهْنِيَّة.

 

فَالْحَقُّ: أنَّ الدَّالَّ على الْمَاهِيَّةِ الْمُفْرَدَةِ؛ كَقَولِه تعالى:{فَتَحْرِيْرُ رَقَبَةٍ}[62] مُطْلَقٌ؛ أي: دَالٌّ على وَاحِدٍ في الْخَارِجِ غَيْرِ عَيْنٍ ؛ لا عَامٌّ بِمَعْنى الشُّمُول الْمَعْنَوِيِّ؛ لِعَدَمِ تَصَوُّرِ عَتْقِ رَقَبَةٍ؛ مَعَ اعْتِبَارِ كُلِّيَّتِها لِعَدَم وُجُوْدِهَا في الأعْيَان.

 

وقولُنا: وُجُوْدُ الأخَصِّ يَسْتَلْزِمُ وُجُوْدَ الأَعَمِّ.

 

معناهُ: مِنْ حَيْثُ هُوَ؛ لا مِنْ حَيْثُ أَنَّهُ كُلِّيٌّ، وَلَيْسَ مَعْنى قَولِنا: مِنْ حَيْثُ هُوَ: أنْ يَكُوْنَ مُجَرَّداً عَن الْعَوارِضِ. فَإنَّ الْمُجَرَّدَ [الْكُلِّيَّ الطَّبِيْعِيَّ، لأن المنطقي والعقلي لا يوجدان في الخارج، فالتكليف بهما تكليف بالمستحيل.] هو بِشَرْطِ لا شَيئَ، ومن حيثُ هو معناهُ، لا بشرطِ شيئٍٍ، ولا يلزمُ من الوجودِ، لا بشرطٍ شيئَ الوجودُ؛ بِشَرْطِ لا شيئَ.

 

19- تَخَلُّصٌ. فَنَحْنُ قائِلون: بالْعُموم الْمَعْنَوِيِّ عَقْلاً، ومَانِعُونَ مِنَ التَّكْليْفِ بهِ شَرْعاً. فَتَسْمِيَةُ الْكُلِّيِّ -في الأصُوْل-  بالْمُطْلَقِ: هوَ الْحَقُّ، فَإنَّ التَّكْلِيْفَ بالْمُطْلَق مُمْكِنٌ -فإنَّهُ مَوْجُوْدٌ- وَإنْ تَوَقَّفَ وجُودُهُ على الْمُشَخِّصَاتِ، ولَيْسَ التَّكْلِيْفُ بِهِ مِنْ حَيْثُ أنَّهُ كُلِّيٌّ مُمْكِناً لِعَدَم وُجُوْدِهِ في الْخَارِجِ مُطْلَقًا.

 

20- قاعِدَةٌ:والْكُلِّيُّ: وإنْ كانَ أَعَمَّ مِن الْجُزْئِيِّ، فَإنَّ عَدَمَ الْكُلِّيِّ أَخَصُّ مِنْ عَدَمِهِ، فَإنَّهُ كُلَّمَا صَدَقَ السَّوادُ صَدَقَ، اللَّوْنُ، مِنْ غَيْرِ عَكْسٍٍ، فَكَذلِكَ كُلَّمَا صَدَقَ الْلاَ لَوْنَ؛ صَدَقَ اللا سَوَادَ، مِنْ غَيْرِعَكْسٍ.

 

21- قاعِدة: كُلُّ مَعقولينِ، غَيْرُ مُتَبايِنَيْنِ، فَأحَدهُمَا مَعَ الآخَرِ:إمَّا أَخَصُّ مُطْلَقاً، أوْ أَعَمُّ مُطْلَقاً. أوْ أَعَمُّ مِنْ وَجْهٍ، وأخَصُّ مِنْ وَجْهٍ.

 

كالإنْسانِ وَالأبْيَضِ، فَمِنَ الإنْسَانِ مَا لَيْسَ بِأبْيَضَ، ومِنَ الأبْيَضِ، مَا ليْسَ بِإنْسانٍ، أوْمُتَسَاوِيَانِ، كَالنَّاطِقِ والإنْسَان.

 

فَالأوَّلانِ: لا يَتعاكَسَانِ رَأْساً بِرَأْسٍ بَلْ كُلٌّ مِنَ الْمَوْصُوْفَاتِ بِأَحَدِهِمَا يُوْصَفُ بِالآخَرِ، ولَيْس كُلُّ مَا يُوْصَفُ بالآخَرِ يُوْصَفُ بِهِ بَلْ بَعْضُهُ.

 

والأخِيْرَانِ: يَتَعَاكَسَان.

 

والأوْسَطَانِ: لا يَتَعَاكسَانِ على الْحَصْرِ؛  بَلْ على الْبَعْضِ.

 

وَإذا تُحِقِّقَ عَامٌّ وخَاصٌّ مُطْلَقَانِ، فَالاشْتِرَاكُ في الأَخَصِّ يُوْجِبُ الإشْتِرَاْكَ في الأَعَمِّ ضَرُوْرَةً. وَإلاّ لَوْ وُجِدَ مَا هُوَ أَخَصُّ بِدُوْنِ الأَعَمِّ، ومعهُ أيْضاً؛ اسْتَلْزَمَ أَنْ يَكُوْنَ الأَخَصُّ مُطْلَقاً؛ أَعَمَّ مِنْ أَعَمِّهِ.

 

 

22- قاعدة:والمعنى الْعَامُّ: إذا وجَبَ له أمْرٌ، أوْ امْتَنَعَ عَلَيْهِ لِذَاتِهِ اطَّرَدَ فيْما وقَعَ تَحْتَهُ. ومَا أَمْكَنَ لَهُ لِذَاتِهِ، فَقَدْ لايُمْكِنُ لِمَا تَحْتَهُ، فَإنَّ خَوَاْصَّ مَا تَحْتَهُ قَدْ تَجِبُ بِاعْتِبَارٍ مَا، وَيَمْتَنِعُ عَلَيْهَا مَا يُمْكِنُ بِالإعْتِبَارِ الأَعَمِّ.

 

23- قاعدة:والْلاّزِمُ الْحَقِيْقِيُّ، مَا لاْ يُفَارِقُ الشَّيْئَ في الْخَارِجِ والذِّهْنِ جَمِيْعاً، كالزَّوْجِيَّةِ لِلأَرْبَعَةِ بعْدَ فَهْمِهَا.والأمْرُ الوَاحِدُ، إذا اجتَمَعَ مَعَ شَيْئَيْنِ مُتَقَابِلَيْنِ، لَمْ يَكُنْ لُحُوْقُ أَحَدِهِمَا إيَّاهُ لِذَاتِهِ؛ بَلْ لأَمْرٍ خَاْرِجِيٍّ.وَالْحَقِيْقَةُ الإنْسانيَّةُ إذا تَشَخَّصَتْ بِالْوُقُوْعِ في الأعْيَان، وعَمَّتْ بِشَرْطِ التَّجَرُّدِ، فَهِيَ لِذاتِها لا تَقْتَضِيْ عُمُوْماً ولاْ خُصُوْصاً. وكُلُّ مَا لَحِقَهُ أَمْرٌ بِسَبَبٍ، إذا تَجَرَّدَ عَنْ ذلِكَ السَّبَبِ، لا يَلْزَمُهُ لِذَاتِهِ، وإلاّ مَا افْتَقَرَ إلى الْخَارِجِيِّ؛ فَصَحَّ أنَّ الْعُمُوْمَ والْخُصُوْصَ عَرَضِيَّاْنِ لِلأَلْفاظِ مِنْ حَيْثُ أَنَّهَا ذَوَاْتُ مَعَانٍ، وَعَرَضِيَّاْنِ لِلْمَعَانِيْ لاْ مِنْ حَيْثُ أنَّهَا ذَوَاتُ ألْفَاظٍ، ولَيْسَا بِعَرَضِيَّيْنِ لازِمَيْنِ بَلْ عَاْرِضَيْنِ.

 

24- قاعدة:ولا دَلالَةَ لِلْعَامِّ على الْخَاصِّ

 

مِنْ حَيْثُ خُصُوْصُهُ، ولِلْخَاصِّ دَلالَةٌ على الْعَامِّ اللاّزِمِ، إمَّا تَضَمُّناً إنْ كان جُزْءَهُ، أو الْتِزَاماً، إنْ كَانَ خَارِجاً عَنْهُ.

 

فَالقَائِلُ: رَأَيْتُ فِعْلاً، وحَرَكَةً، وَلَمْ أَرَ صَلاةً صَادِقٌ. والْقَائِلُ: رَأيْتُ صَلاةً، وَلَمْ أَرَ حَرَكَةً ولاْ فِعْلاً كَاذِبُ؛ لِدَلاْلَةِ الصَّلاْةِ -ضِمْناً- عَلى الْحَرَكَةِ والْفِعْلِ.

 

والْخَاصُّ: لَمَّا لَمْ يَكُنْ جُزْءَ الْعَامِّ، وَلاْ؛ لاْزِمَهُ، ولاْ كُلَّهُ -لِتَحَقُّقِهِ دُوْنَهُ انْتَفَتِ الدَّلاْلاْتُ كُلُّهَا.

 

ومِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ يُعْلَمُ: أَنَّ مَنِ اعْتَرَفَ: أنَّ الإنسَانَ عَامٌّ أَخْطَأَ في تَعْرِيْفِ هَذا الْعُمُوْمِ بِأَنَّهُ: اللَّفْظُ الْوَاحِدُ الدَّالُّ على شيَئَيْنِ فَصَاْعِداً. فَإنَّ الإنْسَانِيَّةَ لاْ دَلالَةَ فيهاعلى الْكَثْرَةِ بَلْ على مَعْنىً واحِدٍ؛ يَلْزَمُهُ صِحَّةُ انْطِبَاقِهِ على الْكَثْرَةِ؛ لاْ دَلاْلَتُهُ عَلَيْها.

 

25- قاعدَةٌ-يُفَرَّقُ فِيها بَينَ هَذا الْعُمُوْمِ وبَيْنَ الاسْتِغْرَاْقيْ- وَهَذِهِ الأحْكَامُ لِلْعَامِّ، ومَعْنَى عَدَمِ مَنْعِ الشِّرْكَةِ: وهُوَ الذي يُضَافُ إلى الْمُفْرَدِ مِنْ دُوْنِ ضَمِيْمَةِ تَعْرِيْفٍ، أوْ غَيْرِه.

 

فأمَّا الْعَامُّ الاسْتِغْراقِيُّ، فَهُوَ الْمَنْسُوْبُ إلى الْخَبَرِ، فَقَوْلُنَا: كُلُّ شَيئٍ؛ لَيْسَ مَعْنَاهُ: كُلُّ الشَّيئِ. فَإنَّ الأَوَّلَ: كُلٌّ عَدَدِيٌّ. والثَّانيْ: كُلٌ مَجْمُوْعِيٌّ. وَأَنْتَ تَقُوْلُ: كُلُّ حَبَّةٍ مِنَ الْبُرِّ[63] غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ،وَلاْ تَقُوْلُ: كُلُّ الْحَبَّاْتِ مِنْهُ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ. وَيُعَرَّفُ الْعَدَدِيُّ بالتَّنْويْنِ. والْمَجْمُوْعِيُّ بِاللاّمِ. والأوَّلُ: هو الاسْتِغْرَاقُ؛ فَإِنَّهُ يُشِيْرُ إلى تَحْقِيْقِ تَحَقُّقِ الْحُكْمِ في كُلِّ واحِدٍ واحِدٍ. فَكُلُّ سَوادٍ لَوْنٌ، مَعْناهُ: كُلُّ واحِدٍ واحِدٍ مِمَّا يُوْصَفُ بِأَنَّهُسَوادٌ كَيْفَ كَان؛ فَإِنَّهُ مَوْصُوْفٌ بِأنَّهُ لَوْنٌ.

 

26- و[الثاني] :الْعَاْمُّ الْمَعْنَوِيُّ: يَلْزَمُ مِنْ كَذِبِهِ كَذِبُ الْخَاْصِّ، ولاْ عَكْسَ، ومِنْ صِدْقِ الْخَاْصِّ صِدْقُهُ، ولا عَكْسَ -والإسْتِغْراقِيُّ: يَلْزَمُ -مِنْ كَذِبِ الْحُكْمِ على الْخَاصِّ- كَذِبُهُ، ولا عكْسَ. ومِنْ صِدْقِِ الْحُكْمِ فِيْهِ، صِدْقُهُ على الْخَاصِّ؛ وَلاْ عَكْسَ- وهذا الْعَامُّ : هو الذي يَتَأَتَّى الاحْتِجَاجُ بِهِ، لِتَعَرُّضِهِ لِلآحَاْدِ؛ بِخِلافِ الأَوَّلِ، فانَّكَ تَحْكُمُ عليه بِمَا لا يَتَعَدَّىْ إلى الأَشْخاصِ. تَقُوْلُ: السَّوَادُ يُمْكِنُ تَخَصُّصُهُ بِالإنْسانِ. ولا تَقُولُ: كُلُّ سَوَاْدٍ، فإنَّهُ إذا تَشَخَّصَ بِغَيْرِهِ؛ فَفُرِضَ في الإنْسَان لَمْ يَكُنْ هُوَ هُوَ، فَلَمْ يُمْكِنْ لِلآحادِ مَا أمْكَنَ لِلْمَاهِيَّةِ الْمُطْلَقَة.وهذهِ قَواعِدُ مُهِمَّةٌ ونَفْعُها عَظِيْمٌ.

 

27- مسألة: الْمُشْتَرَكُ: جَائِزٌ وَوَاقِعٌ في اللُّغَةِ والْقُرْآنِ.

 

أمّا الأول: فلِعَدَم امْتِناع وَضْعِ لَفْظٍ واحدٍ لِمَفْهومَيْنِ مُخْتَلِفَينِ على البدَلِ من واضِعٍ واحِدٍ، أوْ واضِعَيْنِ يَشْتَهِرُ وَضْعَاهُمَا على أنَّ الْوَضْعَ تابِعٌ لِلْغَرَضِ، وقد يُقْصدُ التَّعْريْفُ الإجْمَالِيُّ كالتَّفْصِيْلِيِّ.

 

وأَمَّا الثَّاني: فَقِيْلَ: الْمُسَمَّيَاتُ غَيْرُ مُتَنَاهِيَةٍ، والأَسْمَاءُ مُتَنَاهِيَةٌ لِتَرَكُّبِهَا مِنَ الْحُروفِ الْمُتَنَاهِيَةِ، فَلولا وُقُوْعُهِ لَخَلَتْ أكثَرُ المُسمَّياتِ عَمَّا يَدُلُّ عليها ؛ وليسَ بِسديد لِعَدَمِ لُزومِ تناهي الألفاظِ. وإنْ ترَكَّبَتْ مِنَ الحُروفِ المُتناهِيَةِ؛ وَإنْ سُلِّمَ مُنِعَ. أنَّ الْمُتَضَادَّةَ والْمُخْتَلِفَةَ التي يُوْضَعُ لها الْمُشْتَرَكُ غَيْرُ مُتَنَاهِيَةٍ، وَإنْ سُلِّمَ؛ إلاّ أنَّ الْوَضْعَ يُشْتَرَطُ له الْقَصْدُ، ويَسْتَحِيْلُ في غَيْرِ الْمُتَنَاهِيْ. وإنْ سُلِّمَ: لَمْ يَلْزمِ الْوَضْعُ، كَأنْواعِ الرَّوايِحِ، وكثيٍرٍ مِنَ الصِّفاتِ.

 

وقِيْلَ: إطْلاقُ اللُّغَةِ؛ القُرْءَ -على الطُّهْرِ والْحَيْضِ- دلِيْلُ الْوُقُوْع. فَيُقالُ: كَوْنُهُ مُشْتَركاً غَيْرُ مَنْقُوْلٍ؛ ولعلَّ الإطْلاقَ لِمَعْنىً مُشْتَرَكٍ أوْ أنَّهُ حَقِيْقَةٌ في أحَدِهِما؛ مَجَازٌ في الآخَر -وإنْ خَفِيَ، وهذان أحَقُّ نَفْياً لِلتَّجَوُّزِ؛ والإشْتِراكِ في الأوَّلِ، وترجيحاً لِلْمَجازِ على الإشْتِراكِ في الثَّاني. والأقربُ أنْ يُقالَ: الْمَوجُوْدُ صَادِقٌ على الْقَديمِ. والحادثِ حَقِيْقَةً، فَإنْ كان مَدْلُوْلُهُ الذَّاتَ، فَهِيَ مُخَالِفَةٌ لكُلِّ ما سِواها مِنَ الْحَوادِث، وإلاّ لَوَجَبَ الإشْتِرَاكُ في الوُجُوْب بِالذَّاتِ، أوْ صِفَةً زَائِدَةً، فإنِ اتَّحَدَ الْمَفْهومُ مِنْها؛ ومِن اسْمِ الْمَوْجُودِ في الْحَادِثِ اسْتَلْزَمَ أنْ يكونَ مُسَمَّىْ الْوُجُوْدِ في الْحَادِثِ واجباً لِذاتِهِ، أوْ وٌجودُ القديمِ مُمْكِناً، وإنِ اخْتَلفَ المَفْهوْمانِ؛ وَقَعَ الْمُشْتَرَكُ.

 

الْمَانِعُونَ: الإشْتِراكُ يُخِلُّ بِمَقْصُودِ الْوضْع -وهُوَ الْفَهْمُ- لِتَسَاويْ النِّسْبَةِ، وخَفَاءِ الْقَرَائِن.

 

وأُجِيْبُوا: بِأنَّ فَهْمَ الْجُمْلَةِ مَقْصُودٌ، وليسَ فَهْمُ التَّفْصِيْلِ ضَرُوْرِياًّ كَأَسْمَاْءِ الأَجْنَاسِ.

 

وَأمَّا الثَّالثُ: فَكَقَوْلِهِ تعالى {واللَّيْلِ إِذَاْ عَسْعَسَ}[64] لأقْبَلَ وأدْبَرَ، {وثَلاثَةَ قُرُوْءٍ}[65].

 

وما قيلَ: -إنْ قُرِنَ بِهِ البَيْانُ طَالَ بغَيْرِ فَائِدَةٍ، وإلاّ فَلاْ فَائِدَةَ- مَرْدُوْدٌ: بِأنَّها الإسْتِعْدَادُ لِلإمْتِثَال بِتَقْديْرِ الْبَيَانِ لِظُهُوْرِ دَلِيْلِ التَّعْيينِ، ونَيْلُ الثَّوابِ بِالإجْتِهَادِ في التَّأْويْلِ.

 

28-  تنبيه:الْمُشْتَرَكُ يُفَارِقُ الْمُجْمَلَ مِنْ حَيْثُ يَتَرَجَّحُ بَعْضُ مَدْلُولاتِهِ بِالإجْتِهادِ؛ والْمُجْمَلُ لا يُدْرَكُ إلاّ بِبَيانٍ مِنَ الْمُجْمَلِ. وما يَتَرجَّحُ مِنَ الْمُشْتَرَكِ بِالرَّأي مُؤَوَّلُ، وما بُيِّنَ مِنَ الْمُجْمَل مُفَسَّرٌ.

 

 

29- مسألة: الْمُتَرادِفُ: جائِزٌ وَوَاقِعٌ.

 

أمَّا الأوَّلُ: فَلِعَدَمِ امْتِنَاعِ وَضْعِ وَاحِدٍ ألْفَاظاً لِمَعْنىً -وَيُتَّفَقُ عليه- أوْ مِنْ وَاْضِعَيْنِ، لاْ شُعُوْرَ لأحَدِهِمَا بِالآخَر وَيَشْتَهِرُ الْوَضْعَانِ.

 

وأمَّا الثَّاني: فالصَّلْهَبُ[66] والشَّوْذَبُ[67] للطَّويْلِ، والْبُهْتُرُ[68] والْبُحْتُرُ[69] للقصير؛ بالنقلِ.

 

قالَ الْمَانِعُ: في اتحاد الْمُسمَّى تَعْطِيْلُ فائِدَةِ أَحَدِ اللَّفْظَيْنِ؛ والْمَؤُوْنَةُ في حِفْظِ الْواحِدِ أَخَفُّ، ولأنَّهُ إذا اتَّحَدَ الإسْمُ دَعَتِ الْحَاجَةُ إلى مَعْرِفَتِهِ؛ مَعَ خِفَّةِ الْمَؤُوْنَةِ في حِفْظِهِ، بِخِلافِ مَا إذاْ تَعَدَّدَ، لأنَّه إنْ حُفِظَ الْكُلُّ شَقَّ؛ وَإلاّ اخْتَلَّ التَّخَاطُبُ لِجَوَازِ اخْتِصَاصِ كُلٍّ بِاسْمٍ لاْ يَعْرِفُهُ الآخَرُ.

 

وَأُجِيْبَ بِالْمَنْع: كَيْفَ؟ وفِيْهِ تَوْسِعَهٌ، وتَحْصِيْلٌ لِلْمَطْلُوْب بِطُرُقٍ، معَ فَوائِدَ تَتَعَلَّقُ بِالنَّظْمِ والنَّثْرِ، ومُسَاعَدَةُ الْفُصَحَاءِ في مَقَاصِدِ بَيَانِهِمْ وبَدِيْع ألْفَاظِهِم؟ ولا يَجِبُ حِفْظُ الْجَمِيْع لِتُعْتَبِرَ خِفَّةُ الْمَؤُوْنَةِ ومَشَقَّةُ حِفْظِ الْجَميْعِ بَاطِلٌ بِاللُّغات الْمُخْتَلِفَةِ.

 

30- [4/آ]تنبيه: قدْ يُظَنُّ في أسْمَاءَ- وُضِعَتْ لِمُسَمَّىً باعْتِبَارِ صِفَاتِهِ: كالسَّيْفِ والصَّارمِ، والْمُهَنَّدِ، أوْ صِفَاتِ صِفَاتِهِ، كالنَّاطِقِ والْفَصيْحِ- أنها مترادفةٌ، وليست.

 

31- تنبيه:والفرقُ: بَيْن الْمُتَرَاْدِفُ، والْمُؤَكِدِ، والتَّابِعِ اللفْظِيِّ.

 

أنّ المترادفَ: لا يَزِيدُ مُرادِفَهُ إيْضاحاً، وَلاْ يَجِبُ تَقديمُ أحَدِهِمَا ولا يكونُ بِنَفْسِهِ. والْمُؤَكِّدُ خِلافُهُ. والتَّابعُ خِلافُهُما، حَيْثُ يُشْتَرَطُ أنْ يكونَ على زِنَتِهِ، وقدْ لا يُفِيْدُ كَحَسَنٍ بَسَنٍ[70].

 

 

32- تقسيمٌ: وهو[71]: إمَّا حَقيقةٌ: وهي :اللفْظُ الْمُسْتَعْملُ فِيْمَا وُضِعَ له أوَّلاً في الإصْطِلاح الذي بِهِ التَّخَاطُبُ، وهي: وضْعِيَّةٌ وعُرْفيَّةٌ وشَرْعيَّةٌ؛ كالأسَدِ والدَّابَةِ والصَّلاةِ.

 

وإمَّا مَجَازٌ: وهو: الْمُسْتَعْمَلُ في غَيْرِ ما وُضِعَ لَهُ أوَّلاً في الإصْطِلاح الذي بهِ التَّخاطُبُ لِما بَيْنَهُما مِنَ الْعَلاقَةِ؛ وهي الْمُشَابهةُ.إمَّا في الشَّكْل كالإنْسان على الْمَنْقُوْشِ، أوْ صِفَةٍ ظاهِرَةٍ، كالأسَدِ على الشُّجاع، لا خَفِيَّةٍ كالبَحْرِ، أوْ لِمَا كانَ، كالعَبْدِ على الْعَتِيْقِ أوْ لِمَا يَكُونُ، كالْخَمْرِ على العَصِير، أو لِلْمُجاوَرَة كَجَرَىْ النَّهْرُ.

 

 

33- تنبيه: اذا جُهِلا[72]، فالنَّقلُ مِنَ الْمُعَرِّفَاتِ، وإلاّ فَصِحَّةُ النَّفي دلِيْلُ الْمَجازِ. وقِيلَ: دَوْرٌ، لاسْتلزامِهِ سَبْقَ الْعِلم بالْمَجاز. والأصَحُّ: أنَّهُ حُكْمٌ. ومِنْه:تَبادُرُ غَيْرِهِ؛ مِنْ غَيْرِ قَرينةٍ؛ وعِلْمٍ بِهِ.

 

وَأُوْرِدَ:المنقولُ؛ وهو سابقٌ، والْمُشتَرَكُ؛ ولا تَبَادُرَ.

 

وأُجِيَبِ : إنْ عُلِمَتِ الْمَجَازيَّةُ، لَمْ يَرِدْ، والاّ فالظَّاهِرُ الْحَقِيْقَةُ لاخْتِصَاصِها بِهِ في الْغَالِبِ.

 

ومَنْ عَمَّمَ الْمُشتَرَكَ لَمْ يُشْكِلْ، ومَنْ جَعلهُ حَقيقَةً في الواحِدِ على البَدَلِ لاعَيْناً فالْمُتَبادِرُ حَقيقَةٌ، وغَيْرُهُ الْمُعَيَّنُ مَجَازٌ. ويَرِدُعلى الأوَّل: كَوْنُ الْمَنْقُوْلِ حَقِيقةً. وعلى الثَّاني: كونُ الْمُشتَرَك مُتَواطِئاً.

 

ومِنْها:عَدَمُ الاطِّرادِ مِنْ غَير مَانِعٍ لُغويٍّ أوْ شَرْعِيٍّ، كالنَّخْلَةِ على الطَّويْلِ، واسْتِثْناءُ الْمَانِع، احْتِرازٌ عَنْ مِثْل السَّخِيِّ؛ والْفَاضِلِ -فَإنَّهُما لِلْكَريم؛ والْعَاْلِمِ- ولا يُطْلَقان على الله تعالى. والقَارُوْرَةِ لِلزُّجاجَةِ لِكَونِها مَقَرّاً، ولا يَطَّرِدُ في الْكُوْزِ لِلْمَانِع فِيْهِما.

 

وزُيِّفَ: بالدَّوْرِ؛ لأنَّ نَفْسَ عَدَمِ الاطِّرادِ، يَسْتَلْزِمُ مَانِعاً، ليسَ الْعَقْلَ إجْمَاعاً؛ ولا الشَّرْعَ؛ والْعُرْفَ بالْوَضْعِ، فَتَعَيَّنَ سَبْقُ العِلْم بِالْمَجازِ.

 

ومنها: الْتِزامُ تَقْيِيْدِهِ؛ كَجَنَاحِ الذُّلِّ[73]؛ و نَارِ الْحَرْبِ[74].

 

ومنها: تَوَقُّفُهُ على مُقَابِلهِ كـ {مَكَرُواْ ومَكَرَ اللهُ}[75].

 

ومنها:عَدَمُ الاشْتِقاقِ مِنْ غَيْرِ مَنْعٍ: كالأمْرِ: يُطْلَقُ على الْفِعْلِ، ولا يُشْتَقُّ مِنْهُ آمِرٌ.

 

ومنها:الإضَافَةُ إلى غَيْرِ قَائِلٍ؛ كقولِهِ تعالى: {واسْأَلِ الْقَرْيَةَ}[76].

 

ومِنها:إذا أُطلِقَ حَقيْقَةً على مَاْ لَهُ مُتَعَلِّقٌ، فإطْلاقُهُ على مَا لاْ مُتَعَلِّقَ لَهُ مَجَازٌ، كالْقُدْرَةِ على الْمَقْدُوْرِ في قَوْلِك: انظُرْ إلى قُدْرَةِ اللهِ. والْمَقْدُوْرُ لا مُتَعَلِّقَ لَهُ.

 

 

34- تنبيه: ويَشْتَرِكان[77] في أنَّ الألْفَاظَ عِنْدَ وَضْعِهَا لا تَتَّصِفُ بِهِمَاْ. وإلاّ يَلْزَمُ تَقَدُّمُ وضْعِهِا، وأنَّ كُلَّ كَلامٍ عَرَبِيٍّ مَسْتَعْمَلٍ لا يَخْلُوْ عَنْ أَحَدِهِمَا.

 

35- مسألة: قِيْلَ -وهو اخْتِيارُ بَعْضِ أصْحَابِنَا[78]- الْمَجَازُ يَسْتَلزمُ الْحَقيقةَ وإلاّ خَلاْ الْوَضْعُ عن فَائِدَةٍ. وضُعِّفَ:بِأَنَّها لِلتَّجَوُّزِ. والْمُحقِّقِوْنَ: لاْ يَسْتَلْزِمُ، وإلاّ كانَ -لِنَحْوِ: قامَتِ الْحَربُ على ساقٍ؛ وَ شَابَتْ لِمَّةُ اللَّيْل- حقيقةٌ، وهذا مُشْتَرَكُ الإلْزَامِ، فَإنَّ نَفْسَ الْوَضْعِ لاْزِمٌ. فَيُقالُ: لَوْ لَزِمَ لَوَجَبَ أنْ تَكُونَ مَوْضُوْعَةً لِمَعَانٍ، ثُمَّ اسْتُعْمِلَتْ في غَيْرِها، ولَيْسَتْ.

 

وقِيْلَ: الْحَقُّ أنَّ لاْ مَجَازَ في التَّرْكِيْبِ لاتِّحادِ جِهَةِ الإسْنَادِ، خِلافًا لِعَبْدِ الْقَاهِر[79]، حَيْثُ جَعَلَهُ في الْمُفْرَدِ، والتَّرْكِيْبِ، وفِيْهِمَا؛ كَأحْيَاني اكْتِحالِيْ بِطَلْعَتِكَ. وَلِمَنْ يَنْتَصِرُ لَهُ: مَنْعُ الإتِّحَادِ؛ وادِّعَاءُ ظُهُوْرِ الْمَجاز في التَّرْكِيْبِ في: طَلعَتِ الشَّمْسُ؛ ومَاتَ زَيْدٌ لاسْتِعْمَالِ مُفْرَدَيْهِ فيْمَا وُضِعَا لَهُ.

 

والأَوْلَىْ: لَوْ اسْتَلْزَمَ لَكَانَ -لِنَحْوِ؛ الرَّحْمَن؛ وَ عَسَىْ- حَقِيْقَةً، ولَمْ يُسْتَعْمَلِ؛ الرَّحْمَنُ: إلاّ في اللهِ تعالى، وَ عَسَىْ: إلاّ في غَيْرِ الْمُتَصَرِّفِ، وَ الرَّحْمَنُ: لِلإنْعِطَافِ، وَ عَسَىْ: لِلْفِعْلِ الدَّالِّ على الْحَدَثِ والزَّمَانِ.

 

 

36- تنبيه:الْمَجازُ في التَّركيب عقْلْيٌّ كَـ {أخرجَتِ الأرضُ أثْقَالَها}[80] لأنَّ إسنادَ الإخْراج إلى الأرضِ نَقْلٌ بِحُكْمٍ عَقْليٍّ، لا لَفْظٍ لُغويٍّ. فإنْ قِيلَ: مَوضوعٌ لصُدُورِهِ مِنَ القادِرِ؛ فكانَ لُغويّاً. قُلْنا: الصِّيغَةُ تَدُلُّ بالتَّضَمُّنِ على فاعِلٍ مَاْ؛ لا على خُصُوصِهِ، وإلاّ لَكانَ أَخْرَجَ خَبراً تامّاً، وأَخْرَجَهُ القادِرُ تَكْريراً، فَكانَ التَّغْييرُ في الإسْناد العَقْليِّ.

 

37- مسألةٌ:الأسماءُ الشَّرعيِّةُ جائِزةٌ لِعَدَم امْتِناع وَضْع الشَّارعِ اسماً لُغويّاً؛ أوْ غَيْرَهُ؛ لِمَعْنىً مَعلُومٍ، أوْ مَجْهولٍ، فَإنَّ دَلالَتَهُ لَيْسَتْ ذاتِيَّةً، ولاْ يَجِبُ اسمٌ لِمُسَمّىً لانْتِفائِهِ قَبْلَ التَّسْمِيَةِ، وجَوَازُ الإبْدالِ أَوَّلَ الْوَضْعِ. وَوَاقِعَةٌ؛ خِلافاً لِلْقاضي[81] قال: "لو وضَعَها لَزِمَهُ تَعْريْفُها تَوْقِيْفاً؛ وإلاّ لَزِمَ ما لا يُطاقُ، والتَّعريفُ بالتَّواتُر، ولا تَواتُر. وأجابَ -مَنْ أجَازَهُ- بالتزامهِ. وَمَنْ مَنَعَ؛ مَنَعَ اللُّزُوْمَ؛ فَإنَّهُ مَشروطٌ بِتَكْليفِ الْفَهْمِ قَبْلَ التَّفْهيْم، وليسَ. والتَّعْريْفُ بالتَّكْريْرِ؛ وَالْقَرائِنِ كَتَعْليْمِ الْوالِدِ وَلَدَهُ.

 

ولنا[82]: الْقَطْعُ بالإسْتِقراءِ: أنَّ الصَّلاةَ لِلأفْعال، والزَّكاةَ، والصِّيامَ، والْحَجَّ، لإخْرَاج مَاْلٍ، وإمْسَاكٍ خَاصٍّ، وقَصْدِ الْبَيْتِ، حَقيْقَةً شَرْعيَّةً. وهي في اللُّغةِ للدُّعاءِ، والنُّمُوِّ، والإمْساكِ والْقَصْدِ الْمُطْلَقَيْنِ. ومَا قِيْلَ: أنَّ مَعانِيْها اللُّغويَّةَ بَاقِيَةٌ، والزِّياداتِ شُرُوْطُ الإجْزَاْءِ. مَرْدُوْدٌ بِأنَّ الصَّلاةَ للدُّعاءِ، والاتِّبَاع لُغَةً، وقَدْ يَخْلو عَنْهُمَا الْمُصَلِّيْ شَرْعاً، فلَوْ بَقِيَ لَدَلَّ الإطْلاقُ علَيْه.

 

وما قيل: إنَّها مَجازاتٌ -فَإنَّ الدُّعاءَ جُزْءُ الصَّلاةِ، والزَّكاةَ سَبَبُ النَّماء- مردودٌ: بأنَّهُ إنْ أُريْدَ اسْتِعْمَالُ الشَّارِعِ إيَّاهَا فَهُوَ الْمُرَادُ. وإنْ أُريدَ اسْتِعمالُ أهْلِ اللُّغةِ فيها أَبِاْهُ[83] الظَّاهِرُ؛ لِجَهْلِهمْ بها ظَاهِراً، فَلَوْ استَعْمَلوْها لَعَرَفُوْها؛ لِسَبْقِ تَعَقُّلِ الْمَعْنى على الإسْتِعْمَال، ولأنَّها سَابِقَةٌ إلى الْفَهْم بِغَيْرِ قَريْنَةٍ، والْمَجازُ يَتوَقَّفُ علَيها.

 

ومِنْ أصْحَابِنا[84]: مَنْ اْعَتَقَد أنَّها مَجَازاتٌ هُجِرَتْ حَقَائِقُهَا بِالشَّرْع. قالوا: شُرِعَتِ الصَّلاةُ للذِّكْرِ وكُلُّ ذِكْرٍ دُعَاءٌ، والْحَجُّ الْقَصْدُ، سُمِّيَتْ بهِ هذِهِ الْعِبادَةُ: لِقُوَّةِ الْعَزْمِ، وقَطْع الْمَسافَةِ. قالوا: ويَنْصَرفُ عِنْدَالإطْلاق إلى الشَّرعِيِّ، حتى لَوْ نَذَرَ صَلاةً، أوْ حَجّاً، أوْ صَوْماً، لَزِمَهُ الْمَشْرُوْعُ. وَكذلِكَ الْعُرْفُ، حتَّى لو حلَفَ، لا يَأْكُلُ رأساً، أوْ بَيْضاً، أوْ طَبيْخاً، أوْ شِواءً، تَعيَّنَ ما تُعُوْرِفَ.

 

قالَ فَخْرُ الإسْلام[85]: "لأنَّ الكلامَ مَوْضُوْعٌ لاسْتِعْمالِ النَّاسِ، وحَاجَتِهم، فَيَصِيْرُ الْمَجازُ باسْتِعْماَلِهم كالْحَقِيْقَةِ". ومَا قَسَّمْنَاهُ أوَّلاً أوْضَح.

 

 

38- مسألة:الحقُّ أنَّ المجازَ في اللُّغةِ، كإطْلاقِ الأسَدِ على الشُّجاع، والْحِمارِ على الْبَليدِ. وقالوا: ظَهْرُ الطَّريقِ، ومَتْنُهُ، وجَناحُ السَّفَرِ، وشَابَتْ لِمَّةُ اللَّيْلِ، و قامَتِ الحربُ على سَاقٍ. ولَيْستْ حَقائقَ في هذِهِ، لأنَّها حَقائِقُ في غَيْرها قَطْعاً، دَفْعاً لِلإشْتِراكِ.

 

ولَو كانتْ مُشْتَركَةً: ما[86] سَبَقَ ما[87] يَسْبِقُ مِنْها عِنْدِ الإطْلاق ضَرُوْرَةَ التَّساوي.

 

الأُسْتَاذُ[88]: "لوْ وَقَعَ؛ فإنْ أفَادَ مَعَ قَريْنَةٍ لَمْ يَحْتَمِلْ غيرَ ما أفادَ فكانَ حَقيقةً أوْلا مَعها فَكذلك، لأنَّ الْحقيقةَ لا تَفْتَقِرُ إلَيْها" وأيضاً: فالتَّعبيْرُ بِالْحَقيقةِ مُمْكِنٌ، فالعُدُوْلُ -مَعَ الْحَاجَةِ، ولا ضَرُوْرَةَ -بَعِيْدٌ.

 

قُلنا: لا يُفيدُ عِنْدَ عَدَم الشُّهْرَةِ إلاّ بِقريْنَةٍ. والحقِيْقَةُ والمجازُ: صِفَتَا اللَّفْظِ دُونَ القرائِن الْمَعنويَّةِ، فَلا تَكُوْنُ الْحَقِيْقَةُ صِفَةَ الْمَجْمُوْع، والْعُدُوْلُ لِلْفوائِدِ الْمَعْلومَةِ في عِلْم الْبيَانِ.

 

 

39- مسألة: وهو[89] في القُرآن الكريم  {ليسَ كمِثْلِهِ شَيءٌ}[90] {وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ}[91] {يُريْدُ أنْ يَنْقَضَّ}[92] وهُوَ تَجَوُّزٌ بالزِّيادةِ، والنُّقْصانِ، والإسْتِعارَة. وَمَنَعَتِ الظَّاهِريَّةُ[93].

 

أمَّا في الأوَّل: فَهو نَفْيٌ لِلتَّشْبيهِ حَقِيْقةً، أي: ليس كَذاتِهِ شَيءٌ، والْمِثْلُ الْعَينُ، {فإنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ}[94] أي: بِنَفْسِهِ.

 

والقَريةُ مَجْمَعُ النَّاسِ، وإنْ سُلِّمَ أنَّها الْجُدْرانُ، فَإنْطَاقُها بِجَوابِ نَبِيٍّ -مُعْجِزَةً لَهُ- مُمْكنٌ، وكذلِكَ خَلْقُ الإرادَةِ في الْجِدارِ. وعارَضَتْ: بِأنَّ الْمَجَازَ كَذِبٌ -ولذلكَ صَدَقَ نَفْيُهُ- وَرَكيكٌ، فَيُصانُ القُرآنُ عَنْهُ، وإنَّمَا يُصارُ لِلْعَجْز عَن الْحَقيقةِ، ولَوْ جَازَ لَوُصِفَ بِالْمُتَجَوِّزِ.

 

وأُجِيْبُوا: ليس نَفْياً لِلتَّشبيهِ، وإلاّ تَنَاقَضَ، فَإنَّ التَّقريرَ ليس مِثْلَ مِثْلِهِ، وفيه إثْباتُهُ، والْمِثْلُ في الآيةِ زَائِدٌ، لأنَّهُ الْمُشَارِكُ في الصِّفاتِ حَقِيْقَةً. فَإنْ قِيْلَ: سَلْبٌ كُلِّيٌّ؛ فَلِمَ يَقْتَضِ ثُبُوْتُ الْمَوْضُوْعِ؟ فَيَجُوْزُ أنْ يَنْفِيَ مِثْلَ الْمِثْلِ؛ لِعَدَمِ الْمِثْلِ، وهُو أبْلغُ.

 

قُلنا: ولا يَقْتَضِيْ نَفْيَهُ؛ فكانَ مُمْكِناً، والنَّفْيُ -هكذا لِلمُبالغةِ- مَجَازٌ وأنْتُمْ تَنْفُوْنَهُ. والقَريَةُ مَحَلُّ الإجْتِماعِ؛ لا نَفْسُ الْمُجْتَمِعِيْنَ، وكَلامُ الْجَمَادِ مُعْجِزَةً يَسْتَلْزِمُ التَّحديَ، وليسَ على أنَّ المجازَ فيهِ غيرُ مَدفوعٍ. {تَجْريْ مِنْ تَحْتِها الأنْهارُ}[95]، وَ {وَاشْتعلَ الرَّأسُ شَيْباً}[96] وَ {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ}[97] وَ {الْحَجُّ أَشْهُرٌ}[98] وَ {الله نُوْرُ السَّماواتِ}[99] وَ {وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها}[100]وَ {الله يَسْتَهْزءُ بِهِمْ}[101] وَ {كُلَّمَاْ أَوْقَدُوْا نَاراً لِلْحَرْبِ}[102] وكَوْنُهُ كَذِباً ورَكيكاً، وعِنْدَ الْعَجْزِ، مَمْنُوْعٌ.

 

وإنَّما يَكونُ كَذِباً لَو أثْبَتَ حَقِيْقَةً، وقد يكونُ أبْلَغَ، وأفْصَحَ مِنَ الْحقيقةِ، ومَنْطُوقاً بِهِ معَ القُدرةِ، وأوْصَافُهُ تعالى تَوْقِيْفِيَّةٌ ولَمْ يَردِ الْمُتَجَوِّزُ.

 

 

40- مسألة: العَلاقةُ ضَروريةٌ: وهل يُشْتَرَطُ معها النَّقلُ.

 

فقِيلَ: لا يُشْتَرَطُ، وإلاّ لَتوقَّفَ أهلُ العربيَّةِ عليهِ، ولا يَتَوقَّفون. وأيضاً: لما افْتَقَرَ إلى النَّظَرِ في الْعَلاقَةِ. وقيلَ: يُشْتَرَطُ، إذْ لَو كَفَتِ الْعَلاقةُ، لأُطْلِقَتِ النَّخلةُ على كُلِّ طَويلٍ، والشَّبَكَةُ على الصَّيْدِ، والشَّجَرَةُ على الثَّمَرَةِ، والأبُ على الأبنِ وبالعكس؛ للسَّبَبِيَّةِ.

 

قُلنا: امْتَنَعَ لْمَانِعٍ لُغَوِيٍّ.

 

41- مسألة: إذا دَاْرَ لَفْظٌ بَيْنَ الإشْتِراكِ والْمَجاز؛

 

فَالْمَجازُ أَوْلى، لأنَّ الإشتراكَ مُخِلٌّ بالتَّفاهُمِ عِنْدَ عَدَم الْقَرينةِ، ولاحْتِياجِهِ إلى قَريْنَتَيْنِ، والمْجَازِ إلى قَرينةٍ، والمجازُ أغْلَبُ وأبْلَغُ، وأوْجَزُ، وأوْفَقُ، في اسْتِعمالِ الفُصحاءِ ويُتوصَّلُ بِهِ، إلى السَّجْعِ، والْمُقابَلةِ، والْمُطابَقةِ، والْجِناسِ، والرَّوِيِّ.

 

وعُوْرِضَ: باطِّرادِ الإشْتِراكِ في مَدْلُولهِ، فلا يَضْطَرِبُ إطْلاقُهُ، وبالإشتِقاقِ منه؛ وباسْتِغنائهِ عنِ الْعَلاقَةِ، ومُخالفةِ الظَّاهِر، وارتِكابِ الْغَلَطِ، لِوُجُوْبِ التَّوَقُّفِ عِنْدَ عَدَمِ الْقَريْنَةِ. وفي الْمَجازِ: يُحْمَلُ على الْحَقيقةِ، وقدْ لا تكونُ مُرادَةً فيتَعَيَّنُ الْغَلَطُ. وفَوائِدُ الْمَجازِ مُشْتَرَكَةٌ، وهو حَقِيقةٌ فَكانَ أَوْلَى.

 

قُلنا: كُلُّها لا تُعارِضُ تَرْجِيْحَ الْمَجازِ بِكَوْنِهِ أَغْلَبَ؛ وهوَ الْحَقُّ.

 

 

42- مسألة:إذا دَارَ لَفْظٌ بين الإشْتِراكِ والْمجاز؛ فالْمَجاز أَوْلى، لأنَّ الإشتراكَ مُخِلٌّ بالتَّفاهُم عِنْدَ عَدَم الْقَريْنَةِ، ولاحْتِياجِهِ إلى قَرينتين، والْمَجازِ إلى قرينةٍ،

 

والْمجازُ أَغْلَبُ وأَبْلَغُ، وأوْجَزُ، وأوْفَقُ في استِعْمال الْفُصحاءِ ويُتَوَصَّلُ به، إلى السَّجعِ، والْمُقابَلَةِ، والْمُطابَقَةِ، والْجِنَاس، والرَّوِىِّ.

 

وعُوْرِضَ؛ باطِّرادِ الإشْتراكِ في مَدْلُولِهِ -فلا يَضْطَرِبُ إطْلاقُهُ- وبِالإشْتِقاقِ منه؛ وباسْتِغْنائِهِ عنِ الْعَلاقَةِ؛ ومُخالَفَةِ الظَّاهِر؛ وارْتِكابِ الْغَلَطِ، لِوُجُوْبِ التَّوَقُّفِ عِنْدَ عَدَم الْقَريْنةِ، وفي الْمجازِ يُحْمَلُ على الْحقيقةِ -وقد لا تكونُ مُرادَةً- فَيَتَعَيَّنُ الْغَلَطُ، وفَوائدُ الْمَجاز مُشْتَرَكَةٌ، وهو حَقيقةٌ، فَكانَ أَوْلَى.

 

قُلنا: كلُّها لا تُعارِضُ تَرْجيحَ الْمَجازِ بِكَوْنِهِ أَغْلَبَ؛ وهو الْحَقُّ.

 

43- مسألة: حُكْمُهُما في إثْباتِ الأحْكام بِهِما سَواءٌ. ومِنْهُمْ مَنْ: مَنَعَ عُمُوْمَ الْمَجازِ، تَعَلُّقاً بِأنَّهُ ضَرُوْرِيٌّ؛ والْحَقيقةُ الأصلُ، فَلاْ تَسَاوِيَ، فإذا وَرَدَ (لاتَبيعوا الطَّعامَ بِالطَّعامِ إلاّ سَواءً بِسَواءٍ)[103]. ووَرَدَ (ولا الصَّاعَ بِالصَّاعين)[104] انْصَرَفَ إلَيْه؛ ولَمْ يَعُمَّ كُلَّ مَكِيْلٍ.

 

ولَنَا: أنَّهُ لَيسَ بِضَروْرِيٍّ لِما مَرَّ، ولا الْعُمُومُ ذَاتِيٌّ لِلْحَقيقةِ؛ وإنَّما يلْحَقُها بِأسْبابٍ -يَلْحَقُ مِثْلُهَا المجازَ- كَالتَّعريفِ لِلْجِنْسِ، ثُمَّ عَيْنُ الصَّاعِ ليس بِمُرادٍ، فَتَعَيَّنَ عُمُوْمُ الْمَجاز.

 

 

44- مسألة: أئِمَّتُنا[105]، وجَمْعٌ مِنَ الْمُعتزلةِ: لا تَصِحُّ إرادتُهُمَا مَعاً في لَفْظٍ واحدٍ؛ وكذلك مَعاني الْمُشْتَرَكِ.

 

وَأَجَاْزَهُ الشَّافعِيُّ[106]، والْقَاضِيْ[107]، وبَعْضُ الْمُعتزلةِ[108]، إنْ لَمْ يَمْتَنِع الْجَمْعُ، كَـ: إفْعَلْ، أَمْراً وَتْهِدِيْداً. وأبو الحسين[109]ِ، والغزاليُّ[110]: يُرادُ، لاْ لُغَةً.

 

والْخِلافُ في الْجَمْعِ، كالأَقْرَاْءِ؛ مَبْنِيٌّ على الْمُفْرَدِ. وقِيلَ: يَصِحّ فيه، وإنِ امْتَنعَ في الْمُفْرَدِ.

 

لنا: إنَّ مُسْتَعْمِلَهُ فِيْهِمَا مُرِيْدٌ ما وُضِعَ له، ومَا لَمْ يُوْضَعْ، وهو مُحَالٌ.

 

والْمُشْتَرَكُ: إنْ كانَ لأحَدِ أمْرَينِ مُخْتَلِفَيْنِ على الْبَدَلِ، فاسْتِعْمالُهُ في الْمَجموعِ لِغَيْرِ ما وُضِعَ له للتَّغايُرِ بيْنَ الْمَجموعِ وأَفْرَادِهِ. وإنْ وُضِعَ له أيْضاً فإنِ اسْتَعْمَلَهُ فيه وَحْدَهُ، أفادَ أحدَ مَفْهُوْمَاتِهِ، أوْ في الكُلِّ أَحَالَ، لأنَّ إفادَةَ الْمَجموع، تَسْتَلزِمُ عَدَمَ الاكْتِفاءِ بِدُوْنِهِ، وإفَادَتَهُ لِلْمُفْرَدِ تَسْتَلْزِمُ الاكْتِفاءَ بهِ، وهو تَنِاقُضٌ. فَإنْ قِيْلَ؛ لازِمُ لِمَنْ يَقولُ: إنَّهُ موضوعٌ لأحَدِهِما على الْبَدَلِ. والشَّافِعيُّ مُعَمِّمٌ؛ ولهذا يَحْمِلُهُ على الكُلِّ عنْدَ الْعَراءِ عَن القَرِيْنَةِ.

 

قلنا: جازَ اسْتِعْمالُهُ في أحَدِهِما بِقَرينةٍ، فإذا استُعْمِلَ في الْمَجموعِ وَحْدَهُ، فإنْ كانَ حقيْقَةً في الأفْرادِ لم يَكُن اسْتِعْمالاً في الْكُلِّ، أوْ مَجَازاً فيها لم يَعُمَّ الْحَقيقَةَ والْمَجازَ، وهو خِلافُ مَذْهَبِهِ.

 

وانْ أريْدت الأفرادُ استحالَ بِلزوْمِ الاكْتِفاءِ وعَدَمِهِ.

 

الشافعيّ[111]: {إنَّ اللَّهَ ومَلائِكتُهُ يُصَلُّوْنَ}[112] وَ {أَلَمْ  تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لهُ}[113] والصلاة من الله الرحمةُ، ومن الملائكة استغفارُ والسجود مختلفٌ.

 

قلنا: السُّجُوْدُ: الْخُضُوْعُ، فَهو مُتَواطِئٌ، والصَّلاةُ: الاعتناءُ بِإظهار الشَّرَفِ، أوْ مُقَدَّرٌ خَبَرُهُ، أوِ الْفِعْلُ بدلِيْلِ ما يُقارِنهُ؛ فَهُما لَفْظانِ.

 

 

45- قاعدة: اذا قُصِدَتِ الْحقيقةُ بَطَلَ الْمجازُ. كالْمُوْصِي لِمَوالِيْهِ؛ ولهُ عُتَقاءُ، ولهم عُتَقاءُ، اختَصَتْ بِالأوَّلِيْنَ، لأنَّهم مَوالِيْهِ حَقِيقةً، والآخَرون مَجازاً -بالتسبيب وكالْمُوصيْ لأبناءِ زَيْدٍ؛ وله صُلْبِيُّوْنَ، وَحَفَدَةٌ.

 

ونُقِصَ بِالْمُسْتَأْمَنِِ على أَبْنائِهِ؛ لِدُخُوْلِ الْحَفَدَةِ، وبِمَنْ حَلَفَ لا يَضَعُ قَدَمَهُ في دارِ زَيْدٍ؛ يَحْنَثُ بالدُّخُوْلِ مُطْلَقاً، وَبِمَنْ أضَافَ الْعِتْقَ إلى يَوْمِ قُدُوْم زيْدٍ، فَقَدِمَ لَيْلاً؛ عَتَقَ، وَبِمَنْ لا يَسْكنُ دارَ زَيدٍ؛ عَمَّتِ النِّسْبَةُ الْمُلْكَ وغيْرَهُ،وَبِأَنَّ أبِيْ حَنيفةَ[114]، ومحمداً[115] -رضي الله عنهما- قالا: -في مَنْ قالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ رَجَبٍ؛ نَاوِياً لِلْيَمِيْنِ- إنَّهُ نَذْرٌ ويَمِيْنٌ.

 

وأُجِيْبَ: بِأَنَّ الأمانَ يَحْقِنُ الدَّمَ الْمُحْتَاطَ فِيْهِ[116]، فانْتَهَضَ الإطْلاقُ شُبْهَةً، تَقُوْمُ مَقَامَ الْحَقيقةِ فيْه، وَوَضْعُ القَدَمِ مَجازٌ عَنِ الدُّخُول؛ فَعَمَّ، والْيوْمُ إذا قُرِنَ بِفِعْلٍ لا يَمْتَدُّّ؛كانَ لِمُطْلَقِِ الْوَقْتِ {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ}[117] ولِلنَّهارِ إذا امْتَدَّ لِكَوْنِهِ مِعْياراً، والْقُدُوْمُ غَيْرُ مَمْتَدٍّ؛ فَاعْتُبِرَ مُطْلَقُ الْوَقْتِ، وإضافَةُ الدَّارِ نِسْبَةٌ للسُّكْنى، وهي عامَّةٌ، والنَّذْرُ مُسْتَفَادٌ مِنَ الصِّيْغَةِ، والْيَمِيْنُ مِنَ الْمُوْجَبِ، فَإنَّ إيْجابَ الْمُبَاحِ يَمِيْنٌ، كَتَحْرِيْمِهِ بِالنَّصِّ، وَمَعَ الإخْتِلافِ لا جَمْعَ.

 

46- قاعدة: لَمّا كانَتِ الْعَلاقَةُ صُوريَّةً ومَعنويَّةً، ساغَ في الألفاظِ الشَّرْعيَّةِ - لما بَيْنَ مَعانيْها مِنْ عَلاقَةِ السَّبَبِ والْعِلَّةِ - اسْتِعْمالُ أَحَدِهِمَا في الآخَرِ مَجازاً؛ إتِّفَاقاً، فالشَّافِعيّ[118] أوْقَعَ الطَّلاقَ بِالْعِتَاقِ؛ وبِالْعَكْس، وانْعَقَدَ نِكاحُهُ[119] - عليه السلام - بالْهِبَةِ مَجازاً، لانْتِفاءِ خَواصِّ الْهِبَةِ حَقيقةً، وَإنْ أَبَى الشَّافِعِيُّ الانْعِقادَ بِغَيْرِ لَفْظَتَيِّ: النِّكاحِ والتَّزويْج في غَيْرِ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - فَلَيْسَ بِمَنْعِ الْمَجاز، بَلْ لاعْتِقَاْدِ قُصُوْرِ لَفْظِ التَّمْلِيْكِ عَنْ مَعْناهُما، وهو: الازْدِواجُ والضَّمُّ الْمُنْبِئُ عَنِ الاتِّحادِ في الْقِيام بِمَصالِحِ الْمَعاشِ؛ والَمَعادِ، ولذلك لَمْ يُثَبِّتْ مُلْكَ الْعَيْنِ بِهِما، ونحنُ بَنَيْنَا ذلك على أنَّ لَفْظَتَيّ الْبَيع والْهِبَةِ لِمِلْكِ الْعَيْنِ، وهو سَبَبٌ لِمِلْكِ الْمُتْعَة[120] في الْقَابِلِ، وهو اتِّصَالٌ سَبَبِيٌّ، فإنْ قِيْل: فَهلاَّ اسْتَعْمَلْتُمُ النِّكاحَ لِلْبَيْع  -والاتِّصالُ السَّبَبِيُّ قائِمٌ- لأنَّ النِّسْبَةَ أَمْرٌ لا يَخُصُّ أحَدَ الْمُنْتَسِبَيْن.

 

47- قُلْنا: الاتِّصَالُ نَوْعان:

 

حُكْمٌ بِعِلَّةٍ وُضِعَتْ لَهُ، كالشِّراءِ لِلْمُلك، وهذا يَسَوِّغُ الاسْتِعارةَ مِنَ الطَّرفَيْنِ؛ لأنَّ الْعِلَّة لَمْ تُشْرَعْ إلاّ لِحُكْمِها، كمَا أنَّ الْحُكْمَ لا يَثْبُتُ بِدُوْنِها، فَتَوقَّفَ كُلٌّ على الآخَرِ؛ وإنِ اخْتَلَفَتِ الْجِهَةٌ، فإذا قالَ: إنِ اشْتَرَيْتُ عَبْداً فَهُوَ حُرٌ؛ فاشْتَرى نِصْفَهُ وبَاعَهُ، ثُمَّ اشْترى الآخَرَ عُتِقَ، ولا يُشْتَرَطُ الْجَمْعُ، ولو قال: إنْ مَلَكْتُ؛ اشْتُرِطَ، فَلَوْ عَنَى بِالشِّراءِ الْمُلْكَ؛ أوْ عَكَسَ؛ صَدَقَ، وإنْ كَذَّبَهُ القَاضِي في مَا[121] فِيْهِ تَخْفِيْفٌ عَلَيْه.

 

والثاني: حكمٌ بِسَبَب؛ كاتِّصَالِ زوال مُلْكِ الْمُتْعَةِ بِلَفْظِ الْعِتْق تَبَعاً لِزَوال مُلْكِ الْعَيْن، وهذا يُسَوِّغُ اسْتِعارةَ السَّبب لِلْحُكْم؛ لافْتِقار الْحُكْم إليهِ، ولا عَكْسَ؛ لاسْتِغْنَاءِ السَّبَبِ عَنْهِ.

 

48- فَرْعٌ: فلو اسْتعارَ الإعْتاقَ لِلطَّلاق صَحَّ -لأنَّهُ لإزالةِ مُلْكِ الْعَيْنِ الْمُسْتَتْبِعِ لِزَوالِ مِلْكِ الْمُتْعَةِ- والشَّافِعيُّ: الْعَكْسَ -أيضاً- بِناءً على الإتِّصَالِ الْمَعْنَويِّ وهو: شُمُولُ مَعنى الاسْقَاطِ فِيْهِمَا، ونحن: مَنْعناهُ لِمَا مَرَّ مِنِ اسْتِغناءِ الأَصْلِ عَنِ الْفَرع؛ وَلاْ اتِّصَالَ؛ فَإنَّ الْمُسَوِّغَ لِلإطْلاقِ الْوَصْفُ الظَّاهِرُ، والطَّلاقُ يُنْبِئُ عَنْ رَفْعِ الْقَيْد، والنِّكاحُ غَيْرُ مُوْجِبٍ لِمِلْكِ الْعَيْن، والْمَالكِيَّةُ قائِمَةٌ؛ لكنَّهُ أَوْجَبَ قَيْداً؛ رَفَعَهُ الطَّلاقُ، والْعِتَاقُ: إثْباتُ قُوَّةٍ -عَتَقَ الطَّيْرُ: إذا قَوِيَ؛ وعِتاقُ الطَّيْرِ- وبِكْرُ عاتِقٌ: بَالِغٌ، والرِّقُ كامِلٌ، والْمَالِكِيّةُ مَسْلُوْبَةٌ -والاعْتاقُ: إثْباتٌ لها- ولا مُناسَبَةَ بَيْنَ إزالَةِ قَيْدٍ؛ لِيَعْمَلَ الْمُلْكُ الْقائِمُ عَمَلَهُ، وَبَيْنَ إثْباتِ الْمُلْكِ في مَحَلٍّ لَمْ يَكُنْ فِيْه.

 

49- قاعدة: أئِمَّتُنا[122]: ‎إنَّ الْمَجاْزَ خَلَفٌ، لكِنَّ أبو حَنيفة - رحمه الله - في التَّكَلُّم[123]، وَهُمَاْ[124] في الْحُكْمِ.

 

وفائدةُ الْخِلافِ: أنْتَ ابني؛ لِمَنْ هَوَ أَكْبَرُ مِنْهُ. قَالا: لاْيُعِيْقُ؛ لأنَّهُ لَمْ يُفِدْ حُكْمَهُ، وهو إمْكانُ النَّسبِ؛ لِيَثْبُتَ مَجَازُهُ، وهُوَ الْعَتْقُ، وشَرْطُ الْخَلَفِيَّةِ: تَصَوُّرُ حُكْمِ الأصْلِ؛ وَتَعَذُّرُهُ؛ كاليَمِيْنِ على مَسِّ السَّمَاءِ؛ يَنْعَقِدُ في حَقِّ الْكَفَارَةِ؛ لِلإمْكان الذَّاتِيِّ، والتَّعَذُّرِ الْحَالِيِّ.

 

هو[125] يقولُ: عارِضَان لِلَّفْظِ؛ ولا حَجَرَ[126] في إقامَةِ لَفْظٍ مَكانَ آخَرَ، والْمُسَوِّغُ صِحَّةُ الْعِبَارَةِ، لا تَصَوُّرُ حُكْمِ الْحَقيْقَةِ؛ فَإذا تَعَذَّرَتْ؛ ولِلْكَلام مَجازٌ مَتَعَيِّنٌ؛ تَعَيَّنَ بِغَيْرِ نِيَّةٍ، كَالنِّكاحِ بِلَفْظِ الْهِبَة.

 

قال[127]: انْعَقَدَ لِحِكْمَةٍ في الْحُرَّةِ؛ لِتَصَوُّرِهِ؛ وتَعَذُّرِهِ، فاحْتِمالُ هِبَةِ الْحُرَّةِ؛ كَمَسِّ السَّماءِ.

 

أجَابَ: بِالْمَنْع؛ فَإنَّ مُسْتَنَدَ الإحْتِمال الشَّرْعُ.

 

 

50- مسألة:إذا أَمْكَنَ الْعَمَلُ بالْحَقيقةِ تَعَيَّنَتْ؛ لأنَ الْمُسْتَعارَ لا يُزاحِمُ الأصْلَ؛ كالْعَقْدِ فيما يَنَعَقِدُ، وفي الْعَزْمِ: مَجازٌ، وكالنِّكاح لِلْجَمْع، وهو في الْوَطْءِ: حَقِيْقةٌ، وفي العَقْدِ: مَجازٌ؛ لأنَّهُ سَبَبُهُ، وكذلك إذا أمْكَنَ الْعَملُ بِالْمَجازِ -الذي يُسْتَفادُ حُكْمُهُ بغَيْر واسِطَةٍ- سَقَطَ اعتِبارُ الْواسِطَةِ، لِشَبَهِ الأوَّلِ بالْحَقيقَةِ؛ لاسْتِغْنائِها عَنْها، كَقَوْلِ أبِيْ حَنيفةَ - رضي الله عنه - في أَمَةٍ، وَلِدَتْ ثَلاثَةً في بُطُوْنٍ؛ فَقَالَ الْمَوْلى: أَحَدُهُمْ وَلَدِيْ، وماتَ [6/آ] مُجَهِّلاً: يَعْتِقُ مِنَ كُلٍ ثُلُثَهُ، ولَمْ يُعْتَبَرْ ما يُصيْبُهُ مِنْ أُمِّهِ؛ لِيُعْتَقَ كُلُّ الثَّالِثِ، ونِصْفُ الثَّاني، وثُلُثُ الأوَّل، كَقَوْلِهِما[128]؛ لأنَّ ما يُصيبُهُ مِنْ أُمِّهِ -بالنِّسْبَةِ إلى ما يُصيبُهُ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ- كالْمَجاز مِنَ الْحَقيْقَة.

 

51- تقسيم[129]:وإذا تَعَذَّرَتْ، أو هُجِرَتْ[130]، تَعَيَّنْ الْمَجَازُ، لِعَدَم الْمُزاحَمَةِ، أمَّا التَّعَذُّرُ؛ فَكالْحَالِفِ؛ لا يَأْكُلُ مِنْ هذِهِ النَّخْلَةِ، أوِ الدَّقِيْق، أوْ لاْ يَشْرَبُ مِنْ هذِه الْبِئْر، ولَوْ تَكَّلَفَ تَنَاْوُلَ عَيْنِهَا أَكْلاً وَكَرْعاً، لَمْ يَحْنَثْ؛ وَهُو الأشْبَهُ، لأنَّهُ لَمَّا تَعَذَّرَ لَمْ يَرِدْ. وأمَّا الْهَجْرُ عادَةً: فكَالْحَالِفِ؛ لا يَضَعُ قَدَمَهُ في دَارِ زَيْدٍ؛ هُجِرَتْ[131] إلى مَعْنَىْ الدُّخُوْل عُرْفاً.

 

وكما صَرَفْناالتوكيلَ بِالْخُصُوْمَةِ إلى مُطْلَقِ الْجَوابِ -لِهجْرانِها شَرْعاً- فَكانَتْ كالْمَهْجُوْر عَادةً. ولإمْكان الْحَقيْقَةِ في :أنْتَ إبني لِمُمْكِنٍ مَعْرُوْفٍ؛ لِجَوازالثُّبُوتِ مِنْهُ، مَعَ الاشْتِهار مِنْ غَيْرهِ، عُتِقَ وصَارتْ أُمُّهُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ[132].

 

وكَمَسْألَةِ الْجامِع: لَهُ عَبْدٌ؛ ولِعَبْدِهِ ابْنٌ؛ ولإبْنِهِ ابْنَاْنِ،فقال[133]: في صِحَّتِهِ أَحَدُهُمْ ولَدي، وكُلٌّ مُمْكِنٌ، وماتَ مُجَهِّلاً[134].

 

قال: محمد[135] - رحمه الله - عُتِقَ رُبْعُ الأوَّلِ وثُلُثُ الثَّاني، وثَلاثَةُ الأرْبَاعِ مِنْ كُلِّ مِنَ الآخَرَيْنِ، لأنَّ الواحِدَ حُرٌّ مُطْلَقًا، والآخَرُ حُرٌّ في ثَلاثَةِ أحْوالٍ، ورَقِيْقٌ في حَاْلٍ، فكانَ عِتْقٌ ونِصْفٌ بَيْنَهُما؛ وعلى هذا: لو كانَ للثَّاني ابْنٌ عُتِقَ كُلُّهُ، ونِصْفُ الثَّاني،وثُلُثُ الأوَّلِ؛ لاحْتِمال النَّسَبِ [وهو حقيقةٌ][136] ولو كان اعْتاقاً [الذي هو مجاز][137] لَعُتِقَ مِنْ كُلٍّ ثُلُثُهُ؛ وفي الأُوْلَىْ؛ رُبْعُهُ؛ بِخِلافِ غَيْرِ الْمُمْكِنِ عنْدَ أبي حَنِيْفَةَ[138] حَيْثُ يُجْعَلُ إقْرَاراً؛ فَيَتَعَدَّىْ، أوِ ابْتِداءَ إيْقَاعٍ؛  فَيَقْتَصِرُ.

 

52- مسألة: وقد يَتَعذَّرَانِ[139] إذا امْتَنَعَ حُكْمُهُما، لأنَّ اسْتِعمالَ اللَّفْظِ لِمَعْناهُ، فإذا بَطَلَ بَطَل[140]َ، كقولِهِ لامْرأتِهِ: هذه ابنتي؛ وهي أكبرُ مِنْهُ؛ أوْ أصغرُ؛ وهي مَنْسُوبةً؛ لم تَحْرُمْ عِنْدِنا[141] لِتَعَذُّرِ الْحَقيْقَةِ في الكَبِيْرَة؛ حَقَيقةً، وفي الصَّغيرَةِ؛ شَرْعاً، والْمَجازِ عَنِ الطَّلاقِ الْمُحَرَّمَ، لأنَّه لو ثَبَتَ نَافىْ الْمِلْكَ؛ وتَقَدَّمَهُ شَرْطٌ، فَفَي إثْباتِهِ نَفْيُهُ، وتَعَذَّرَ أيْضاً النَّسَبُ لإقْرارهِ؛ لِبُطْلانِهِ بالرُّجُوع، وقدْ قامَ التَّكذيبُ شَرْعاً مَقَامَهُ[142].

 

 

53- مسألة: الحقيقَةُ الُمْستَعْمَلَةُ أَوْلَىْ مِنَ الْمَجَازِ الْمُتَعَارَفِ عِنْدَ أبِيْ حَنيفةَ -رضي الله عنه - خِلافًا لَهُمَا[143]. وهذِهِ فَرْعٌ على جِهَةِ الْخَلْفِيَّةِ، فَرَجَّحَ التَّكَلُّمَ بأنَّ الحقيقَةَ الأَصْلُ[144]، ورَجَّحا[145] الْحُكْمَ بِأنَّهُ أَعَمُّ، ويَظْهَرُ الأثَرُ، فِيْمَنْ حَلَفَ لا يَأْكُلُ مِن هذهِ الْحنْطَةِ، فالْحنثُ عندَهُ، بأكْلِ عَيْنِها[146] وعِنْدَهُما[147] بِها[148] وبِما يُتَّخَذُ مِنْها.

 

 

54- مسألة: تُتْرَكُ الْحَقيقَة؛ لِلْعادةِ الْعُرْفِيَّةِ، والشَّرْعِيَّةِ؛ -كَمَا مَرّ- وبِدَلالَةِ اللَّفْظِ؛ كُلُّ مَمْلُوكٍ لَيْ؛ وامْرأةٍ: حُرّ؛ وطَاْلِقٌ. يَخْرُجُ الْمُكَاْتَب[149]ُ؛ والْمَبْتُوْتَةُ الْمُعْتَدَّةُ، لِقُصُوْرِهِما عَنِ التَّنَاوُلِ عِنْدَ الإطْلاقِ لكَمَالِهِ؛ وَتَصَوُّرِ الزَّوْجِيَّةِ؛ والْمِلْكِ، وبالسِّيَاقِ[150] {ومَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ}[151] أُرِيْدَ التَّهديْدُ لِقَوْلِهِ تعالى: {إنَّا اعْتَدْنَاْ}[152]، وكَمَنِ اسْتَأْمَنَ مُسْلِماً، فَأجابَهُ :أنتَ آمِنٌ!! ستَعْلَمُ ما تَلْقى، أوْ: لَكَ عِنْدِيْ أَلْفٌ، ما أَبْعَدَكَ، أوْ: طَلِّقْ إنْ قَدِرْتَ. وبِدَلالَةٍ مِنَ الْمُتَكَلِّم -كَيَمِيْنِ الْفَوْرِ، وَمِنْ مَحَلِّ الْكَلامِ: {وَمَا يَسْتَوي الأعْمَى والْبَصيْر}[153] أي: في الْبَصَر؛ لاشْتِراكِهِمَا في أُمُوْرٍ تَعُمُّهُمَا.

 

والْعَامُّ -في غيرِ مَحَلٍ قَابِلٍ لَهُ بِمَعْنَىْ الْمُجْمَلِ- حُكْمُهُ الْوَقْفُ؛ حَتَّى يُعْلَمَ الْمُرَادُ مِنْهُ. وكالتَّشْبِيْهِ؛ لاْ يَعُمُّ، إلاّ عِنْدَ قبُوْلِ الْمَحَلِّ، كَقولِهِ (إنَّمَا بَذَلُواالْجِزْيَةَ لتَكُونَ دِمَاؤُهُمُ كَدِمَائِنَا؛ وأمْوالُهُمُ كَأمْوَالِنَا)[154].

 

 

55- تنبيهٌ: ومِنْهُ[155] (إنَّمَا الأعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ)[156] وَ (رُفِعَ الْخَطَأُ والنِّسْيانُ)[157]، سَقطتِ الحقيقةُ، لعَدَمِ قَبُولِ الْمَحَلّ لِوُجودِها؛ فَتَعَيَّنَ الْمَجازُ، وهو: إمَّا الثَّوابُ، أوِ الإجْزَاءُ. وإمَّا الْفسادُ؛ أوِ الإثْمُ، وهُما مُخْتلفانِ، والتَّعْيِيْنُ بِدليلٍ خَارِجيٍّ، فلا يُسْتَدَلُّ بإطْلاقِهِ على أحَدِهِمَاْ، كالْمُشْتَرَكِ؛ قَبْلَ التَّأْويْلِ.

 

 

56- تَقْسِيْم: وهو[158]: إما ظاهرُ المرادِ -كَبِعْتُ؛ وطَلَّقْتُ؛ وأَعْتَقْتُ- وهو الصَّريحُ، فَيَتَعَلّقُ الْحُكْمُ باللَّفْظِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ على نِيَّةٍ. أوْ مُسْتَتِرٌ: وهو الْكِنايَةُ -كَـ:بائِنٌ ؛ وحَرامٌ- وهذا مِنْ حَيْثُ الْوَضْع صَريحٌ في مَعْناهُ، وهو كِنَايةٌ مِنْ حَيْثُ اشْتِباهُ الْمُرادِ بِهِ، فَتَوَقَّفَ حُكْمُهُ على النِّيَّةِ، فإذا تَعَيَّنَ الْمُرادُ عُمِلَ بِحَقِيْقَةِ اللَّفْظِ فَجُعِلَتْ بَوائِنَ، إلاّ في (اعتدّي)[159] بالنَّصِّ قالَ -صلى الله عليه وسلم- لِسَوْدَةَ[160] (اعتدّي، ثُمَّ راجَعَها) ولأنَّ حقيقتَهُ؛ الأمْرُ بالْعَدَدِ، فإذا أُريْدَ عَدَدُ الأَقْرَاءِ[161]؛ وَجَبَ بِهِ الطَّلاقُ؛ بَعْدَ الدُّخُول اقْتِضَاءً، وجُعِلَ قَبْلَهُ مَجازاً عَنِ الطَّلاق مِنْ حَيْثُ السَّبَبِيَّةُ، فَتَوَجَّهَ الأمْرُ، وكذا:استبْرئي رَحِمَكِ. وأنْتِ واحِدَةٌ، فَإنَّهَا صِفَةٌ لِلطَّلْقَةِ، إذا أُرِيْدَت،

 

ولَمَّا كانَ الأصْلُ الصَّريحَ؛ اشْتُرِطَ فِيْمَا يَنْدَرِئُ بِالشُّبْهَةِ؛ حتَّى لا يُحَدَّ مُصَدِّقُ الْقَاذِفِ ولا الْمُعَرُّضُ بِهِ، كَـ لَسْتُ بِزَاْنٍ.

 

 

57- تقسيماتٌ: وما اسْتُفِيْدَ مَعْناهُ مِنْ صِيْغَتِهِ -كما يُفْهَمُ الإطْلاقُ مِن قولِهِ تعالى {فَانْكِحُوا مَا طابَ لكمْ}[162]- فَهو الظَّاهِرُ، وما لا يُسْتَفَادُ بِعَارِضٍ؛ فَهو الْخَفِيُّ، ويَتَوَقَّفُ على الطَّلب، وهو إمَّا بِزيَادَةٍ، كَمَا في الطَّرار[163] الْحَذِقٍ في صِنَاعَتِه، أوْ نُقْصانٍ كالنَّبَّاشِ[164] لقُصُورِهِ فِيْها، ويُعَدَّى في الْحُدُودِ بالأوَّل؛ لا الثَّاني، وما ازْدادَ وُضُوْحاً بِسَبَبِ قَصْدِ الْمُتكلِّم نصٌ، كـ {مَثْنى وثُلاثَ ورُباعَ}[165] وَ {وحَرَّمَ الرِّبَا}[166] سِيْقا لِبَيان العَدَدِ، والتَّفْرقَةِ بَيْنَ الرِّبا والبَيْع، وهو أرْجَحُ مِنَ الظَّاهِر عِنْدَ التَّعارُض. ويُقابِلُهُ الْمُشْكلُ: وهو ما ازْدادَ خَفَاءً؛ لِغُمُوْضِ مَعْناهُ؛ أوْ لاسْتِعارَةٍ بَديْعَةٍ، فَيْحَتاجُ إلى التَّأمُلِ بَعْدَ الطَّلَبِ. وما ازْدادَ وُضُوحاً على النَّصِّ -بأنْ كانَ مُجْمَلاً فَبُيِّنَ؛ أوْ عَامًّا انْسَدَّ بابُ تَخْصِيْصِهِ- مُفَسَّرٌ، ويُقابِلُهُ الْمُجْمَلُ؛ وسَيَأْتِي[167]، وما امْتَنَعَ -مَع ذلك نَسْخُهُ- مُحْكَمٌ، كقولِهِ تعالى: {واللهُ بِكُلِّ شَيءٍ عَلِيْمٍ}[168] ويُقابِلُهُ الْمُتشابهُ؛ كآياتِ الصِّفاتِ، والْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ، وهذا لا سَبيْلَ لِدَرْكِهِ عِنْدَنَا، ويَجِبُ اعْتِقَادُ حَقِيَّةِ الْمُرادِ مِنْهُ. والْمُجْمَلُ يَرِدُ بَيَانُهُ قَوْلاً وفِعْلاً.

 

 

58- مسألة: الْمُشْتَقّ[169] مَا وَافَقَ أَصْلاً بِحُرُوْفِهِ الأُصُوْلِ[170]؛ وَمَعْنَاهُ، واشْتَرَطَ بَعْضُهُمُ التَّغْيِيْرَ بِزيادةٍ أوْ نُقصانٍ، أوْ بِهِما في حَرْفٍ أوْ حَرَكَةٍ، أوْ فِيْهِما،

 

وأُوْرِدَ مثل: طَلَبَ طَلَباً، فإنْ قِيْلَ: بِنَاءٌ[171] وإعْرابٌ[172]؛

 

فَاخْتَلَفَا باللّزُوْمَ؛ وَعَدَمِهِ، قُلنا: مُطْلَقُ الْحَرَكَةِ لازِمٌ، وهو الذي يَنْظُرُ فيه الإشْتِقاقِيُّ، وَقَدْ يَطَّرِدُ، كاسْمِ الْفَاعِلِ؛ والْمَفْعُوْلِ، وقدْ يَخْتَصُّ كالْقارُوْرَةِ والدَّبَرانِ: مِنَ الإسْتِقْرارِ، والدَّبُوْرِ[173].

 

 

59- مسألة: يُشْتَرَطُ قِيامُ الصِّفَةِ -الْمُشْتَقِ منْها- لاطْلاق اسمِ الْمُشْتَقِ حَقِيْقَةً، وَنَفَاهُ آخَرُوْنَ، وشرطَ ثالثٌ إمْكانَ بَقَائِها.

 

الأولونَ: لو صحّ حقيقةً بعد انقضائها؛ لَمَا صَحَّ نَفْيُهُ؛ وهو في الحالِ صادقٌ، وأُورِدَ النَّفيُ مُطْلَقاً: أعَمُّ مِنْهُ في الحال، وسَلْبُ الأخَصِّ لا يَسْتَلْزِمُ سَلْبَ الأَعَمِّ. أجابوا: بأنّ اعتبارَ الْمَعنى الأعَمِّ يُلْزِمُكُمْ اطْلاقُةُ [6/ب] حقيقةً. على مَنْ سَيُوجَدُ منه، قالوا: الضَّارِبُ حقيقةً مَنْ حَصَلَ مِنهُ الضَّرْبُ، وذلك يَسْتَلْزِمُ صِدْقَهُ على مَنْ وَقَعَ مِنه، أوْ هُو: مُلابِسُهُ دونَ مَنْ لَمْ يوجدْ مِنهُ. أُجِيْبُوا بِالْمَنْعِ؛ وأنَّه لَيس حَقيقةً إلاّ في الْمُلابِسِ لاْ مُطْلَقا.

 

النَّافون: أَجْمَعَ أهلُ اللُّغَةِ، أنَّ ضاربَ زيدٍ أمْسِ، لا يَعْمَلُ، وإنَّهُ اسْمُ فاعِلٍ. أجِيْبوا: بأنَّهُم أطلقُوْهُ على: ضارِبٌ زيداً غَداً؛ وهو مَجازٌ اتِّفَاقاً. قالوا: لوِ اشْتُرِطَ؛ لَمَا أُطْلِقَ الْمُتَكَلِّمُ والْمُخْبِرُ حَقيقةً، لأنّهُ لا يَصْدُقُ الاّ بَعْدَ وُجُوْدِهِما، والتَّمام بانقضاءِ الأجْزاءِ، ولا صِدْقَ حَقيقةً قَبْلَ صُدُورِهِما، فلولا صِدْقُهُ بَعْدَهُ لما صَدَقَ حَقيقةً، والاّ لَصَحّ نَفْيُهُ؛ ولَمَا حَنِثَ مَنْ حَلَفَ: أنَّ فُلاناً لَمْ يَتكلَّمْ حَقيقةً، أوْ: لاْ أُكَلِّمُهُ حَقيقةً.

 

أُجِيْبُوا بأنَّ الْبَقاءَ شَرْطُ عِنْدَ الإمْكانِ، وإلاّ فَوُجُودُ آخِرِ جُزْءٍ كافٍ في الإطْلاقِ؛ ورُجِّحَ الأَوَّلُ؛ بأنّهُ لولا اشْتِراطُهُ لأُطْلِقَ -على أَجِلاْءِ الصَّحَابَةِ- الْكُفْرُ باعتبارِ سَبْقِهِ، والْقائِمُ قاعِدٌ؛ وبِالْعَكس؛ وهو خِلافُ إجْمَاع الْكَلامِ واللُّغَةِ.

 

60- مسألة: لا يُشْتَقُّ اسمُ فاعلٍ لِشَئٍ، والفعلُ قائمٌ بِغَيْره؛ خِلافاً لِلْمُعتزلة[174]، لنا[175]: الإسْتِقْراءُ.

 

قالوا: أُطلِقَ قاتِلٌ، وضاربُ، وهُما قَائِمان بِالْمَفْعول.

 

قُلنا: بَلْ بِالْفَاعِلِ؛ وهُو: التَّأثِيْرُ.

 

قالوا: الْخَالِقُ باعْتِبارِ الْخَلْقِ الّذي هُو الْمَخْلُوقُ؛ إذْ لَوْ كانَ مُغَايِراً؛ فإمّا قَديمٌ أوْ حَادِثٌ، وَلَيْسَ قَديْماً لأنَّهُ نِسْبَةٌ، وهي مُتَأخِّرَةٌ عَنِ النِّسْبَتَيْنِ، فلو كانَ قَديْماً؛ لَزِمَ قِدَمُ الْعَالم،  وَلَيْسَ حَادِثاً، وإلاّ افتقَرَتْ إلى نِسْبَةٍ أُخْرى فيَتَسَلْسَل.

 

قُلنا: هو ذَاتُ الْغَيْر، لا فِعْلٌ قَائِمٌ بِهِ، أوْ لأنَّهُ للتَّعَلُّقِ الذي بَيْنَ الْمَخْلُوْقِ والْقُدْرَةِ حَالَ الإيْجَادِ، فَلَمَّا نُسِبَ إليه -تعالى- صَحّ الاشتقاقُ لِقيامهِ بالقُدْرة القائمةِ بِهِ، لا بِاعْتِبارِ الْمَخْلوق الْمَلْزُوْمِ لَهُ، جَمْعاً بينَ الأدِلَّةِ.

 

61- مسألة: لا مَدْخَلَ للقياس في اللغة، خِلافاً لِلقاضي[176]، وابن سُرَيج[177]، وبعض أهل العربية، والاتفاقُ: أنّهَ مُمْتَنِعٌ في الأعلامِ، لأنّها غَيْرُ مَوضوعةٍ لمعنىً جامعٍ؛ والقياسُ يَسْتَلْزِمُهُ، ومِثْلُ: هذا سِيْبَوَيْهِ[178]؛ مَجَازٌ عَنْ حَافِظِ كِتَابِهِ، وفي الصِّفَاتِ: لِوُجُوْبِ الاطِّرادِ، لأنَّ الْعالِمَ؛ مَنْ قَامَ بِهِ الْعِلْمُ، وهوَ يَطَّرِدُ فَإطْلاقُهُ على كُلِّ مَنْ قَامَ بِهِ وضعيٌّ، وَمَوْضِعُ الْخِلافِ؛ الأَسْمَاءُ الْمَوضوعَةُ لِمُسَمَّياتٍ مُسْتَلْزِمَةٍ لِمَعانٍ في مَحالِّها -وُجُوداً وعَدَماً- كالْخَمْر:ِ يُطْلَقُ على النَّبِيْذِ بِواسِطَةِ تَخْمِيْرِ الْعَقْلِ، والسَّارِقِ: على النَّبَّاشِ لِلأَخْذِ خِفْيِةً، والزاني: على الْلائِطِ لِلإيْلاجِ الْمُحَرَّمِ، لنا: إمَّا أنْ وُضِعَ الْخَمْرُ لِكُلِّ مُسْكِرٍ، أوْ خُصّ بِعَصيْرِ العِنَبِ،  لَمْ يُنْقَلْ فِيْهِ شَيءٌ، والتَّعْديةُ في الأوَّل لُغَويَّة، وفي الثَّاني: مُمْتَنِعَةُ، وفي الثّالِث: مَحْتَمَلَةٌ، فَامْتَنَعَتْ. قالوا: كونُهُ دلِيْلاً أظهرُ لِلدَّورانِ، ولأنّهم وضعَوا اسمَ الفَرَس؛ والإنسانِ لِلْمَوْجُوْدِ عنْدَ الْوَضْع، إنَّمَا يَثْبتُ في غيرهِ قِياساً، وهذا الاحْتِمالُ في القياس الشّرْعِيِّ، وهو صَحيحٌ، فكَذا هَهُنا، لنا: كَمَا دَارَ مَعَ الْوَصْفِ؛ دَارَ معَ الشَّخْصِ، وهو مَنْقُوضٌ بِتَسْميةِ الطّويْل: نَخْلَةً، والفرسِ الأسودِ: أدْهَمَ، والْمُتلونِ بالبياضِ والسّوادِ: أبْلَقَ؛ ولَمْ يَطَّرِدْ، وتلك الأسماءُ لِلأجْناسِ، فَهي لِلْكُلِّ وَضْعًا، وَلاْ اعْتِبارَ بالْقياس الشَّرْعي، لِقيام إجْمَاعِ السَّلَفِ عليْهِ، ولا إجْماعَ هَهُنا.

 

62- فصل: الفِعْلُ ما دَلَّ على معنىً في نَفْسِه مَقْترنٍ بأحد الأزْمِنَةِ الثّلاثَةِ؛ فمنه ماضٍ؛ ومُستقْبَلٌ، كَـ قامَ، وقُمْ، ويشتِرُك الْمُضارعُ في الْحَاضِر، والْمُسْتَقْبَل، ويَتَخَلَّصُ بالسّين أوْ سَوْفَ للاسْتِقْبَال، ونُقِضَ بِهِ لانّهُ غَيْرُ مُخْتَصٍّ بأحدِ الأزْمِنَةِ لاشْتِراكِهِ. وَرُدَّ باخْتِصَاصِهِ وَضْعاً، واللَّبْسُ عِنْدَ السَّامِعِ لِصِحَّةِ الإطْلاق عَلَيْهما، ونُقِضَ باسْمِ الفاعِلِ الْعَامِلِ، وَرُدَّ: بأنَّ الزَّمانَ عارِضٌ مُفارقٌ، ولو كان وَضْعيّاً لَلَزِمَ مُطْلَقاً كَما أنَّ قَامَ في قَولِك: إنْ قامَ: ماضٍ؛ وإنْ عُرِضَ له مَعْنَى الإسْتِقْبَالِ بِقَرِيْنَةِ الشَّرْطِ، و:لَمْ يضربْ. على الْعَكْسِ، ونُقِض بِعَسَىْ، ونِعْمَ، وبِئْسَ، وفِعْلِ التَّعَجُّبِ، وحَبّذَا، ورُدَّ: بأنَّ تَجَرُّدَهَا عن الزّمان عَارِضٌ للإنْشاءِ، ولِذلك حَكَمَ النُّحاةُ بالنَّقل فيما أمْكنَ، كـ: نِعْمَ، وبِئْسَ، وحَبَّ، والتُزِمَ في عَسَىْ، الإنْشاءُ فَجُرِّدَ، والفِعْلُ مُفْرَدُ مُطْلَقاً، وقِيْلَ: الماضي، لأنَّ حَرْفَ الْمُضارَعَةِ دَالٌّ على مَوْضُوْع مَا، والْمَاضي؛ وإنْ دَلَّ على الْفِعْلِ، ومَوْضُوْعٍ، لكن بِغَيْرِ حَرْفٍ، وأَلْحَقَ بَعْضُهُمُ [7/آ] الْمُضارعَ الْغائِبَ بالْمَاضي، وليسَ بِحَقٍ لافْتِراقِهِما في الدَّلاْلَةِ بِالْحَرْفِ.

 

فصل

 

63- الحرفُ:ما لا يَسْتقِلّ بالْمَفهوميَّةِ؛ معناهُ: إنّ ذِكْرَ مُتَعلِّقِهِ شَرْطُ دلالته على معناه الافْرادي، كـ مَنْ، وإلى، فإنّهُ لا يُفهمُ معنى الابتداءِ والانتهاءِ بدونِِ ذِكْرِ الْمَكان الْمَخْصوصِ الذي هُو مُتَعَلَّقُهُما، بِخِلافِ الابتداءِ والانتهاءِ، وابتدأَ وانْتَهَىْ. ومعنى الافرادي: الاحترازُ عن قَسيْمَيهِ، فإنّ ذِكْرَ مُتعلقَيْهما، كالفاعِليَّةِ، والْمفعوليَّة شَرْطُ التَّركيب،

 

وأمَّا مِثْلُ: ذوُ، وفَوقُ، وإنْ لِمْ يُفِدْ مَعناهُ الافْراديّ الا بذكر مُتُعَلَّقِهِ، فليسَ لأنَّه شَرطٌ، بَلْ لأنَّ وضْعَهُما للتَّوصُّلِ لى وَصْفِ الْعَلَمِ بالْجِنْسِ، وإلى عُلُوٍّ خاصٍ اقتضى ذلك. وأصنافُهُ مُسْتقْصَاةٌ في النَّحْو، وهذه: مَسَائِلُ يُحْتَاجُ إليْها الأُصُولِيُّ.

 

 

64- مسألةٌ:الواوُ: للْجَمِعِ الْمُطلقِ من غيرِ ترتيبٍ؛ ولاْ مَعِيَّةٍ، وقيل: للتَّرتيبِ، وعنِ الفراء[179]: إنِ امْتَنَعَ الْجَمعُ. لنا: النَّقْلُ عن أئِمَةِ اللُّغة: أنّها للجَمْعِ الْمُطلقِ، واستُدِلّ بِلُزُوم التَّناقُضِ في آيَتَي البقرة، والأعرافِ، {وادخُلوا البابَ سُجَّداً}[180] مع اتحادِ القصّةِ لولا الجمعُ وبصِحَّةِ؛ تَقَاتَلَ زيْدٌ وعَمْرٌو ولا تَرتيبَ، وَلَكانَ: جاءَ زيْدٌ وبَكْرٌ قَبْلَهُ تَنَاقُضاً، وبَعْدَهُ تَكْراراً، ولَمَا حَسُنَ الإسْتِفْسارُ عَنِ الْمُتَقَدِّم والْمُتأخِرِ، ولَصَحَّ دُخُوْلُها في جوابِ الشَّرْطِ، كإلْفاءِ، وبأنَّها في الأسماءِ الْمُختلفةِ جاريةٌ مجرى واوِ الْجَمْعِ؛ وَيَاْءِ التَّثْنِيَةِ في الْمُتَمَاثِلَةِ، وبأنّ الْجَمْعَ الْمُطلَقَ مَعْقُولٌ، فاقتضى لفْظاً يُفيدُه وليسَ إلاّ الْواوَ إجْمَاعاً.

 

وأُجيبَ: مَجَازٌ في هذه المواضِع، وجَرَيانها مجرى واوِ الْجَمْعِ في الْمُتماثلةِ مَمنوعٌ مُطلقاً لِجوازِ ذلك معَ كونِها لِلتَّرْتيب، وَكَمَا أنّ الْجَمْعَ الْمُطْلَقَ مَعقولٌ، فكذلكَ التَّرْتيبُ الْمُطْلَقُ، ولاْ حَرْفَ إلاّ الْواوُ، ولاْ يَلْزَمُ أنْ يُجَابَ بها عَنِ الشَّرْطِ كَـ ثُمَّ.

 

واستدلّ الْمُرَتِّبُونَ بقوله تعالى: {واركعوا واسْجُدوا}[181] وبسؤال الصحابةِ - رضي الله عنهم - لما نزلتْ {إنّ الصَّفَا والْمَرْوَةَ}[182] بِمَ نَبْدَأُ؟ فقالَ - صلى الله عليه وسلم - (بما بَدَأَ الله بِه)[183] وبإنْكارِهم على ابنِ عباسٍ - رضي الله عنهما - في الأمر بتقديم الْعُمرةِ، مع قوله تعالى: {وأتمّوا الحجّ والعُمرةَ}[184] وبقوله عليه السلام: (بئس الخطيبُ أنتَ)[185] للذي قال: "ومَنْ يَعْصِهِما" (هلاّ قلتَ ومَنْ يَعْصِ الله ورسُوْلَهُ) ولَوْلاْ التَّرتِيْبُ لَمَاْ فَرَّقَ، وبأنَّ التَّرْتيبَ في اللَّفْظ لَهُ سَببٌ، والوجودُ صالحٌ له فتَعَيَّنَ.

 

قُلنا: الترتيب مُستفادٌ من غيره، والبُداءَةُ، بالصَّفا منَ الأمْرِ، وإلاّ لَمَا سألُوا، وليس الإنكارُ لِفهم التَّرْتِيْب، بَلْ لأنّ الأمرَ بالتقديم يُنافي الْجَمْعَ الْمُطلَقَ، وتوجُّهُ الذَّمِّ للتَّأديب بِافْرادِ اسم الله تعالى بالتّعظيم لأنَ مَعْصِيَتَهُما لا تَنْفَكَّانِ لِيُتَصَوَّرَ الترتيبُ، وكونُ الّترتيب في الْوُجود سبباً يَنْتَقِضُ بِـ: رأيتُ زيداً ؛رأيت عمراً، فإنّهُ لا تَرْتِيْبَ إجماعاً، ويجوزُ أنْ يكونَ السَّبَبُ الاهْتِمامَ، أوِ الْمَحَبَّةَ.

 

 

65- تَنْبيه: ظَنَّ قومٌ أنّ لِلتَّرتيْبِ عندَ أبي حنيفة[186]َ، ولِلْمَعِيَّةِ عِنْدَهُما[187]، تخريجاً من قوله: فيمن قال: قَبْلَ الْمَسِيْسِ ؛ إنْ دخلتِ الدارَ فأنتِ طالِقٌ، وطالقٌ، وطالقٌ، حَيثُ تَبِيْنُ بِواحِدَةٍ عِنْدَهُ، وبالثَّلاثِ عِنْدَهُما[188]،

 

وليس لذلكَ؛ بَلْ لاختلافِهِمْ في مُوْجَبِ هذا التَّعْليقِ، فقال[189]: هو التفريقُ، لأنَّ الْجَزاءَ الأوَّلَ تَعَلَقَ بلاْ واسِطَةٍ، والثّاني بِواسطةِ الأوّل، والثَّالِث بواسِطَتَيْنِ، والْمُعَلَّقُ تَطْلِيْقٌ عندَ وجودِ الشَّرْطِ، والوسائطُ من ضَرورةِ صِحَّةِ الْعَطْفِ فَيَنْزِلُ حينَ ينزلُ مُتفرِّقاً، ومِنْ ضَرُورَتِهِ أنْ تَبِيْنَ بالأُوْلى لأنَّها غيرُ مُعْتَدَّةٍ، وقالا[190]: الجزاءُ الثاني جُمْلةٌ ناقصةٌ، فشارَكَت الأولى، والتّرتيبُ في التَّعليقِ لا التَّطْليقَ، فإنَّهُ لا تَرْتِيبَ في الْوُقُوع كمَا لَوْ عَلَّقَ بِشُرُوْطٍ مُتَفرقَّةٍ، وفرّقَ الإمامُ[191]: فإنهُ لا تَرْتيبَ في الْوُقُوع كَمْا لَوْ عَلّقَ بِشُرُوْطٍ مُتَفَرِّقَةٍ. وفرّقَ الامامُ[192]: بأنَّ الشُّروطَ إذا تَعَدَّدَتْ، تَعلَّقَتِ الأجزيةُ بها بِغَيْرِ واسطةٍ، والتَّفَرُّقُ في الزَّمان لا يُوجِبُ التّفَرُّقَ في التَّعلُّقِ؛ فكان كما لَوْ أَخَّرَ الشَّرْطَ.

 

 

66- نُقُوْضٌ، وأجْوِبةٌ:إذا قال -لِغَيْرِ الْمَلْمُوْسَةِ- أنْتِ طَالِقٌ؛ وطالقٌ؛ وطالقٌ؛ بانَتْ بِواحِدَةٍ، وإذا زوّجَ أَمَتَيْنِ بِغير إذْنِ الزَّوجِ والْمَولى، ثُمَّ أعْتَقَهُمَا معًا، لَمْ يَبْطُل النِّكاحُ مُطْلَقاً، أو مُتفرِّقاً، بَطَلَ في الثَّانية، أوْ هذه حُرّةٌ؛ وهذه حُرّةٌ؛ كان كالتَّفريق، وهاتَان مِنَ التَّرْتِيب، وَلَوْ زَوَّجَ [7/ب] أخْتَين في عَقْدَيْن، فأجَازَهُما الزَّوْجُ مَعاً بَطَلاً، أوْ مُتَفَرقًا؛ بَطَلَ[193] الثَّاني، أوْ أَجَزْتُ هذهِ وهَذهِ بَطَلا، ولَوْ قالَ: مَنْ مَاتَ أبوهُ عنْ ثَلاثَةٍ أعْبُدٍ قِيْمَتُهُمْ سَواءٌ، أعْتَقَ أبي في مَرَضهِ: هذا؛ وهذا وهذا؛ مُتَّصِلاً؛ عَتَقَ من كُلٍّ ثُلُثَهُ، أوْ مُتفرقاً؛ عُتِقَ الأوَّلُ، ونصِفُ الثّاني، وثُلُثُ الثّالثِ، وهاتان مِنَ الْمَعِيّةِ.

 

وجوابُ الأولى: أنّهُ مُنَجِّزٌ، فلمْ يَتوقفْ أوَّلّ كلامِهِ، فَنَزل، وارتَفعتِ الْمحليّةُ، فلم تَلحقِ الثّانيةُ.

 

وأما الثّانيةُ: فَعَتْقُ الأُوْلى أَبْطَلَ مَحلِّيَّةَ الْوقفَ في الثّانيةِ، لِعَدَمِ حِلّ الأمةِ على الْحُرة[194]ِ، فبطلَ قبلَ التَّكَلُّمِ بِعِتْقِها، ولا تَدارُكَ لِفَواتِ الْمَحلّ في حَقّ الْوَقْفِ، وأما الثّالثةُ: فأولُ الكلامِ يَتوقفُ على آخِرهِ إذا غَيَّرهُ، وصَدرُ الكلامَ وُضِعَ لجِوازِ النّكاحِ، وآخِرهُ يَسْلِبُهُ؛ فَكان كالشَّرْطِ والإسْتِثْناءِ، لاْ لإقْتِضَاءِ الْمَعِيّةِ، وأمَّا الرّابعةُ: فكذلكَ، لأنّ مُوْجَبَ صَدْرهِ الْعتقُ بغيرِ سِعايَةٍ، وعِنْدَ الضَّمِّ يَتَغَيَّر إلى رِقٍّ عِنْدَهُ[195]، كالْمُكاتِبِ، وعن بَراءَةٍ إلى شَغْلِ ذِمَّةٍ عندهما[196]، كالْحُرّ الْمَدْيُوْنِ.

 

 

67- قاعدة:إذا عُطِفَتْ جُملَةٌ على أُخْرَى:فإن كانت الثّانيةُ تامّةً، لم تُشارك الأوْلى في الْحُكمِ، وقد يُسميها بَعْضُهُمْ واوَ الاسْتئنافِ، كَقوله: هذه طالقُ ثَلاثًا؛ وهذه طَالقٌ، أوْ نَاقِصَةً، فالأصْلُ مشاركتها فيما تمت به بعينيهِ، كإنْ دخلتِ الدارَ فَطَالِقُ، وطالقٌ، تَعَلَّقَت الثّانيةِ بِعَيْنِ الشّرْطِ، وإنّما يُقَدَّرُ مُعاداً، اذا امْتَنَعَتِ الشّركَةُ كَجَاءنِي زيْدٌ وبَكرٌ لاسْتِبْدادِ كُلٍّ بِمَجِيءٍ.

 

68- مسألة: وقد تُستعارُ للحالِ. والْمُجَوِّزُ: الجمعُ[197]. وقد اختلَفَتْ فُروعُ هذا الأصْلِ، فالواوُ- في: أدِّ إليَّ ألفاً وأنتَ حرٌ. وَ: أنْزلْ وأنتَ آمِنٌ- للْحالِ حتى يَتَقَيَّدَ الْعِتْقُ بالأداءِ، والأمانُ بالنُّزولِ.وأنتِ طالقٌ، وأنت تُصلينَ أو مُصليةٌ، أو مريضةٌ: لا يَتَقَيَّدُ، ويَحْتَمِلُهُ بالنِّيَّة. وخُذْ هذا المالَ، واعملْ به في الْبَزِّ[198]: لا يَتَقَيَّدُ مُطْلقاً. وطَلِّقْني ولك ألفٌ: مُخْتَلَفٌ؛ قال أبو حنيفة[199]: لا يَجِبُ شيءٌ بالطَّلاقِ. وأوْجَباهُ[200] حَمْلاً على الحالِ، أوْ على الْباءِ مَجازاً بدلالةِ الْخُلْع[201]، فإنَّهُ مُعاوَضَةٌ: كَاَحْمِلْ هذا الطعامَ ولك دِرْهَمٌ. قال[202]: لا تصلحُ الْمُعارضةُ دليلاً لأنها من عَوارضِ الطَّلاقِ، والْمُعاوَضَةُ: في الإجازَةِ أصْليَّةٌ، والأمرُ باداءِ الألْفِ -مُطْلَقاً- لا معنى له إلاّ الشَّرْطُ فَحُمِلَ عليه، وأنتِ طالِقُ تامّ، وأنتِ مُصليةٌ تَحْتمِلُ الْحَالَ، فَصَحَّتِ النِّيَّةُ. والْعَمَلُ في الْمُضاربَةِ لا يَصْلُحُ حالاً للأخذِ فَلَمْ يَتَقيَّدْ. فالضَّابطُ: الاعْتبارُ بالصَّلاحيَّةِ، وعدمِها، فإنْ تَعيَّنَ معنى الْحالِ تَقَيَّدَ، وإلاّ فإنِ احْتَمَلَ؛ فالْمُعَيِّنُ النِّيَّةُ، وإلاّ كانتْ لِعَطْفِ الْجُمْلَةِ.

 

 

69- مسألة: الفاءُ: لِلتَّعْقِبِ مِنْ غَيْرِ مُهْلَةٍ بِالنَّقْلِ، ولِهذا دَخَلَتْ في الأجْزِيَةِ. وتدخلُ على حُكم العلّةِ، كَـ: جاء الشّتاءُ فتَأهبْ. وَ: (لَنْ يجزيَ ولدٌ والِدَهُ، حتى يجدَ  مَمْلوكاً فَيَشْتَريْهُ؛ فَيُعْتِقَهُ)[203] دَلّ على أنَّ العتْقَ حُكمٌ لِلشِّراء بِواسطَة الْمِلْكِ. ولو قال: بِعتُكَ هذا العبدَ بكذا، فَقَال: فهو حرٌ. كان قبولاً؛  بالواوِ. وإنْ دخلتِ الدارَ فأنت طالقٌ؛ فَطَالِقٌ؛ لِغَيْرِ مَلْمُوْسَةٍ؛ بانَتْ بالأُوْلَى.

 

70- تنبيه:وتدخُلُ[204] على العِلَل الدائمةِ لِتراخيها معنىً

 

كَأبْشِرْ فقد أتاكَ الغوثُ. وَ أَدِّ ألفاً فَأنتَ حُرٌ. وأنْزِلْ فأنتَ آمنٌ. لم يتقيد بالأداءِ، والنُّزولِ، كأنَّهُ قائلٌ: فقَدْ عَتَقتَ، وأَمِنْتَ.

 

 

71- مسألة: ثُمَّ لِلتَّرَاخِيْ بِالنَّقْلِ. وَقِيْلَ:لا تَرَتُّبَ في الجملِ: {ثمّ اهتدى}[205]، {ثمّ كانَ مِنَ الذينَ آمنوا}[206] وقيل: يُحْمَلُ على دَوامِ الإهْتِداء والإيْمانِ. ومعنى التَّراخي: عند أبي حنيفة -رضي الله عنه- انْقِطاعُ الْكَلام بِهِ؛ واستئنافُهُ -مَعْنىً- إعطاءً للتَّراخي حَقَّهُ. وجعلاهُ[207]: راجِعًا إلى الوجُودِ؛ لا التَّكَلُّمِ، فَإذا قالَ -لِغيْر الملموسةِ- أنتِ طالقٌ، ثم طالِقٌ، ثم طالقٌ؛ إنْ قُمْتِ؛ فَوُجِدَ؛ بانَتْ بِالأُوْلَى، ولو قَدَّمَ الشَّرطَ، تَعَلَّقَ الأوَّلُ، ولَغَاْ الثَّالِثَ. ولو كانتْ ملموسةً: نزل الأوَّلُ؛ والثّاني؛ وتعلَّقَ الثالثُ إنْ أُخَّرَ الشَّرطَ؛ وإنْ قَدَّمَ تَعلَّقَ الأوَّلُ؛ وَوَقَعَ الْبَاقي.

 

وعندهما[208]: تَعَلَّقَ الكلُّ، ونَزَلَ مُرتَّبًا.

 

72- مسألة:وتُسْتَعَارُ لِلْواوِ[209] -في مِثْلِ- {ثُمَّ اللهُ شَهِيْدٌ}[210] لاسْتِحالَةِ حُدوث الشّهادةِ، فعلى هذا تُحمَلُ -في قوله عليه السلام (فليأتِ بالذي هو خيرٌ ثم لِيُكَفِّرَ)[211]- على حَقِيْقَتِها لإمْكانِ حملِ الأمْر على مُقْتَضاهُ؛ مِنْ وُجُوب الكفَّارة بَعْدَ الْحِنْثِ، وفي روايةٍ (فَلْيُكَفِّر؛ ثم لِيَأْتِ) فَتُحْمَلُ على الواو لِتَعذُّرِ العملِ بحقيْقَةِ الأمْرِ؛ جَمْعاً بَيْنَهُمَا[212].

 

73- مسألة: بَلْ: إثْبَاْتٌ لِلْمَعْطُوْفِ، وإعْرَاضٌ عَمَّا قَبْلَهُ، فإذا وَقَعَتْ في خَبَرٍ؛ اعْتُبِرَ التَّدَارُكُ، وفي إنْشاءٍ لَمْ يَصحَّ. وزُفَرُ[213] لم يُفرق حتى أوجبَ على مَن أقرّ بالفٍ؛ بَلْ بألفين، ثلاثَةَ آلافٍ، كَمَا لو قال: أنت طالقٌ واحدةً؛ بل ثنتين، والجامعُ امتناعُ إبطالِ ما أقرَّ به، أو أَوْقَعَهُ.

 

وقلنا: تداركُ الغلطِ في الأخبار ممكنٌ، كَـ سني ثلاثون؛ بَلْ أربعون. وَ كُنتُ طلَّقْتُها واحدةً؛ بل ثنتين.

 

أمَّا الانشاء؛ فابتداءُ إيْقاع، لا يُتصور رفعُهُ بعد وُقُوعه ولهذا تَبِيْنُ غيرُ الملموسةِ بواحدةٍ في: أنتِ طالقٌ؛ واحدةً؛ بل ثنتين، ولو عُلِّقَ في غَيْرمدخولٍ بها وقَع الثلاثُ؛ لأنّهُ بقصدِ إبطالِ الأول مُلْحِقٌ للثّاني، بعين الشّرط بلا واسطة وإبْطالُهُ غير مُمكن، وقصدُه بتقدير الشّرط ثانيًا مُمكنٌ، فكانَ حالفًا بيمينينِ.

 

 

74- تنبيه:الفرق لأبي حنيفة -رضي الله عنه- بين هذه، وبين العطف بالواو، والمسألةُ بحالها: إنّ العطفَ بالواوِ تعليقٌ بالشّرط بواسطةِ تقدُّم الواحدةِ، فنزل مُرتباً، وههنا بواسطةِ إبطالِها، وهو غير مملوكٍ له، فاعتُبِرَ قصدُه، فقُدِّرَ شَرْطٌ ثانٍ.

 

 

75- قاعدة: لكنْ: للاستدراك، اذا وقعتْ بين مُفرَدين، لم تقعْ الاّ بعدَ نفيٍ، أوْ بين جملتينِ؛ وجَبَ تَخَالُفُهُما في النفيِ والاثبات من غير ترتيبٍ. والفرقُ بينها وبينَ:بلْ: الاضْرابُ بـِ بَلْ عن الأول مطلقاً، نفياً كان، أوْ إثْباتاً. وحُكمُ لكنْ: إثباتُ ما بعدَها، ونفيُ ما قَبْلَها؛ مَضافٌ إلى دليلهِ. والعطف بها: إنّما يستقيم اذا اتَّسَقَ الْكَلامُ وانْتَظَمَ فيتعلَّق النفيُ بالاثبات الْمُتَّصلِ به، وإلاّ فإنهُ يُستأنف.

 

 

76- فروع:أقرّ إنّ هذا العبدَ لزيدٍ؛ فقال: ما كان لي قطُ ؛ لكنّهُ لبكرٍ، إنْ وصلَ[214] كان لبكرٍ، وإلاّ رُدَّ على الْمُقِرِّ، لأنه نفاهُ عن نفسه مطلقاً، فيرتدُّ على مالكِه وفيه احتمالُ نفيهِ عنه إلى بكرٍ، فاعتُبر الوصْل لأنهُ مُغَيّرٌ.

 

ولو تزوجتْ أمَهُ بمائةٍ بِغَيْر اذنٍ، فلم يُجِزْ مائةٍ لكنْ بمائتين، كان فَسْخاً واسْتئنافاً؛ لعدَمِ الاتِّساقِ، لأنّهُ نَفْيُ فِعْلٍ، واثباتُهُ. ولو قال: لكَ علىّ ألفٌ قرضٌ، فقال: لا ولكنْ غَصْبٌ، صحَّ الوصل لبيان نَفي السَّببِ، لا الْواجِبِ.

 

 

77- مسألة: أَوَ : لأحدِ الشيئينِ، لا للشّكِ، فأنّه عارِضٌ بسبب الخبر، وهي في الانسان للتّخيير، فهذا حُرٌ أوْ هَذا: إنشاءٌ كأحدِهِما، وفيه احتمالُ الْخَبريَّة، فيَظْهَرُ في بيان المولى؛ حتى كان اظهاراً للواقعِ؛ أًوَّلاً مِنْ وَجْهٍ، وإنشاءً من وجْهٍ ؛ فيُشْتَرَطُ قيامُ الأهليَّة والمْحَليَّة.

 

ووَكَّلتُ هذا، أوْ هذا بِكذا، تَوكيلٌ لأحدِهِما، فيصحُّ من أيَّهما وَقَعَ. وَ بِعْ هذا؛ أوْ هذا؛ تَخييرٌ في بيع أيِّهِما شَاءَ.

 

 

78- تمهيد: مَا دَخَلَتْ فيهِ؛ أوْ ؛ ولَهُ مُوْجَبٌ أصليّ، اعتُبرَ بِهِ، لا بِما دخلتْ عليه عند أبي حنيفة[215].

 

وقالا[216]: إنْ افادَ التخييرُ أعْتُبِرَ، وإلا فالأقلُّ؛ فتَزوجتُكِ على الفٍ حالَةٍ[217]، أوعلى ألفين مُؤجلةٍ، مُفيدٌ فيُتَخيرُ، وعلى ألفٍ، أوْ ألفين لا يُفيدُ، فأوجَبا الألفَ؛ كالاقرارِ، والوصيةِ، والْخُلْعِ، والعِتْق.

 

وأفسَدَ أبو حنيفة[218]: التَّسمية، وأوجبَ مهرَ الْمِثْلِ لأنّه الْمُوْجَبُ الاصلي وهو معلومٌ، وما هو المذكورُ بالتَّسمية غيُر معلومٍ، فلا يُتركُ المعلومُ به، وإنَّما وَجَبَ الأقلّ في الاقرار، وأخواتهِ لعدم معارضةِ مُوْجَبٍ أصلٍ لجوازها بغير عِوَضٍ.

 

 

79- مُطالبة وجوابٌ: هلاّ أوجبتم التخيير في السَّرقةِ الكُبرى، كما في خِصَالِ الكفَارةِ [8/ب] والْمُقْتَضى فيهما واحدٌ.

 

قلنا: دَخَلَتْ بَيْنَ أَجْزِئَةٍ مُتنوعةٍ وهي في مقابلةِ الجناية، فدلّ تنويعها على تنويعهِ، إلى تخويفٍ، وأخذ مالٍ، وقتلٍ، وجمعٍ، حتى قال ابو حنيفة: -رضي الله عنه- فيمن أخذ مالاً، وقتلَ، يتخيرُ الامام بين قطعه، ثم قتلهِ، أو صلبه، وبينَ صلبهِ من دون قطعٍ لتجاذبِ التعدادِ، والاتحادِ في الجنايةِ.

 

وأما الكفَّارةُ: ففي مقابلةِ جنايةٍ واحدةٍ، وهو انشاءٌ، فتخير على أنّ الواجبَ منها واحدٌ يعينهُ الفعلُ.

 

80- مسألة: وتعُمُّ[219]: لورودها في النفي: {ولا تُطِعْ مِنْهمْ آثِماً أوْ كفوراً}[220]أيْ: واحداً منهما؛ وهو نكرةٌ في النفي، فتعُمُّهما، وَ : لا أُكلّم فلاناً أو فلاناً. يَحْنَث بأحدهما وبهما، ولا يتخيَّرُ في التعيين، وعُمومُها على الأفرادِ لا على الاستغراق، فيُعَدّ عاصياً بأحدهما؛ بخلاف الواوِ.

 

 

81- مسألة:وتَعُمُّ: في الإباحةِ، فإنها دليلُهُ، كَـ جالسْ زيداً أو بكراً. والفرق: بين الإباحةِ والتخيير. مخالفةُ المأمور بالجمع فيه، دون الإباحةِ، ومعرفةُ الفرق من الخارج. وعلى هذا: لا أُكلمُ أحداً، إلا فلاناً أو فلاناً له الجمع، لأنَّهُ إطلاقٌ بعد حظرٍ، فكانَ إباحةً، فَعَمَّتْ.

 

 

82- مسألة: وَتَرِدُ؛ حتى؛ مجازاً، في اختلاف جِهة العطفِ نَفْياً وإثْباتاً، وسَبْقُ النفي دليلُ الغاية، كَـ لا أُفارقَكَ أوْ تَقْضِيَني. وَ؛ لا أدخُلُ هذه، أوْ؛ أدخلَ هذه الأخرى، أي: حتى أدخلَها، فإنْ دخلَ الأولى حَنثَ، أو الثانية أوَّلاً أنتهت اليمينُ.

 

83- مسألة: حتى: للغاية؛ حتى مَطْلعِ الشَّمْسِ. وأكلتُ السَّمكةَ حتى رأسِها، -بالجرّ- أي: فإنّه باقٍ.

 

ولِلْعِطْف: جاءني القومُ حتى زيدٌ، فيكون أكرمَهُم أوْ أرذَلَهُم، والَّسمكةَ حتى رأسَها -بالنصب- أي: أكَلْتُهُ.

 

وقد يُعْطَفُ بها تامّةٌ: كضربْتُ القَوْمَ حتى زيْدٌ غضبانُ. وناقِصَةٌ: فيُقَدَّرُ الخبَرُ كَـ حتى رأسُها -بالرّفع- أي: مأكولٌ.

 

84- مسألة:وهي للغاية في الفعل؛ وبمعنى: كي، فإنْ تَعَذّرا: فللْعَطْفِ {حَتّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ}[221] وَ {حَتّى تَغْتَسِلوا}[222] بمعنى إلى، وَ {حتّى لا تكونَ فتنةُ}[223] بمعنى كي، وَ {حَتَّىْ يقُوْلَ الرَّسولَ}[224] بالنَّصْبِ بمعنى: إلاّ أنْ غايةً لا يكونُ لِفِعلِهم في قولِهِ أثَرٌ. وبمعنى: كي؛ فيكونُ فِعْلُهم سبباً له، وبالرَّفْع على جملةٍ مَبْتَدَأَةٍ؛ أي: هو يقولُ فَتَكون غايةً.

 

85- فُرُوعٌ: عَبدي حُرٌ إنْ لَمْ أضْرِبْكَ حتى يَدْخُلَ الليلُ، أوْ يَشْفَعَ زيدٌ، حَنِثَ إنْ أَقْلَعَ قَبْلَ الغايةِ.

 

أوْ: إنْ لم آتِكَ حتى تُغَدِّيَني. فأتاهُ؛ ولَمْ يُغَدِّهِ، لم يَحنث: لأن الشفاعةَ سَبَب الإقلاع، وليس الغداءُ دليلَ الامتناعِ عن الإتْيانِ؛ والغداءُ صالِحٌ جزاءً لإتيانِهِ، فحُمِلَ عليه، فصار شَرْطَ بِرِّهِ: الإتْيان المقيد.

 

أوْ: إنْ لَمْ آتِك حتى أتغدَّى عِنْدَكَ؛ عاطِفَةُ: لِعَدِمِ صلاحيَّةِ الغَايَةَ، وعدمِ سببيَّةِ الإتْيان لِفِعْلِ نَفَسهِ، فكأنّه قائلٌ: إنْ لَمْ آتِكَ فَأتَغَدَّ، فإنْ تَغدّى عقِيْبَ إتْيانِهِ بَرَّ، وإلاّ حَنِثَ. قال: فخْرُ الإسلام[225]: هذهِ استعارةٌ بديعةٌ فقهيّةٌ، والْمُجَوِّزُ ما[226] بَيْن الغايةِ والْعَطْفِ من الاتصال، وقد استُعملتْ للعطفِ معَ الغايةِ، فجازَ استعارتُها من غيرِ غايةٍ للتَّعَذُّرِ.

 

86- مسألة: الباءُ: للإلْصَاق؛ ولهذا صحبت الثَّمَنَ، فيَصح الاستبدالُ قبل القبضِ -في: شَرَيْتُ هذا العبدَ بِكُرٍّ[227] موصوفٍ مِنَ الِحْنطةِ- لا بالعكس، فإنَّهُ يَجِبُ الأجلُ لكونِه سَلَماً، ويَمْتَنِعُ الاسْتِبْدالُ. والفرْقُ أنّ إضافةَ العقد إلى العبدِ تجعلُهُ أصلاً مُلصقاً بالْكُرِّ؛ والثَّمَنُ تابعٌ وشَرْطٌ، وفي الْعَكْسِ بالعكسِ. وعنِ الشَّافعي[228]:للتّبْعيض في {وامْسَحوا بِرُؤوسِكُمْ}[229] وعن مالكٍ[230]: صِلةٌ لِتَعدي الفِعْلِ.

 

وقُلنا: ليس للتَّبعيضِ وَضْعاً، فلا يُتْرَكُ له الْوضْعِيُّ لِغَيْر ضَرُورةٍ، وإلاّصاقُ مُمْكِنٌ، فإذا دخلتْ في إلاّةِ تَعَدّى الفِعْلُ إلى كلِّ الْمَمْسُوح كَـ مَسَحْتُ رأسَالْيَتِيْمِ بِيَدِيْ، أوْ على الْمَحَلِّ؛ تَعَدَّى الفعلُ إلى إلاّةِ، فالتَّقْديرُ: وامْسحوا أيديَكم برؤوسِكم: ألْصِقُوْها بِهَا. فَلَمْ يَقْتَضِ اسْتِيْعاباً لِحُصُولِ حقيقةِ المسحِ بالْوَضْعِ، فجاءَ التَّبْعِيْضُ لاْ لاقْتِضَاءِ الْبَاءِ. والاسْتيعابُ في التَّيَمُّمِ بالسُّنَّةِ، ومن ذلك: إنْ خرجتِ إلا بإذْنِي، اشْتُرِطَ تَكَرُّرُهُ لاقتضاء الْمُلْصَقِ بِهِ بِخِلاف -إلاّ أنْ آذَنَ- لِحُصُوْلِ الغايَةِ بالْمَاهِيَّةِ.[9/آ]

 

87- مسألة: على: للإسْتِعْلاْءِ، فاستُعملتْ لِلإيْجَابِ في الذِّمَّةِ، في قوله: لِزَيْدٍ عَلَيَّ ألْفٌ، إلاّ أنْ يُغَيِّرَهُ بأنَّها وديعةٌ؛ وهي في الْمُعَاْوَضَاْتِ كالبيع والإجارة، والنِّكاح بمعنى: الباءِ، والْمُجَوِّزُ تناسُبُ الوجُوب وإلاّصاقِ، وفي الطلاق بمعنى: الشّرط، فلا يجبُ شيءٌ -في طلِّقْني ثلاثاً على ألْفٍ- إذا طلَّقَها واحدةً؛ عند أبي حنيفة -رضي الله عنه- وأوجبا[231]: ثُلُثَ إلاّفِ كما في الباءِ،

 

وفَرَّقَ[232]: بأنّ الواقِعَ لا مُعارضة بينَه وبينَ ما لزمَها بَلْ بينَهُما مُعاقبة؛ وهي بالشَّرطِ أَلْيَقُ، وهو مُمكنٌ فإنّ الطَّلاقَ يتعلَّقُ، فإذا خاَلَفَ مقصودَها مِنَ التَّعليق لَمْ يَجِبْ شَيءٌ، أمَّا في الْمُعاوضات: فلا يُمْكِنُ اعتبارُ معنى الشَّرط فيها.

 

 

88- مسألة: مِنْ: للتَّبْعِيْض، وَ: إلى؛ لانْتِهَاءِ الْغَايَة، واسْتُعْمِلَتْ في الآجالِ، وأنتِ طالِقٌ إلى شهر؛  تَنْجِيْزٌ وإضافَةٌ بالنِّيَة، فإنْ عَرِيَ فَتَنْجِيْزٌ عندَ زُفَرَ[233]، لأنّ التّأجيلَ لا يَمْنعُ الْوُقوعَ، وَقُلْنا: إضافةٌ، لأنَّ فائدةَ التَّأجيلِ تأخيْرُ ما دخَلَتْ عليه.

 

 

89- قاعدةٌ: الغايَةُ: إنْ قامتْ بنفْسِها لَمْ تَدْخُلْ في الْحُكْمِ، كَـ: بِعْتُكَ مِنْ هاهُنا إلى هُناكَ، ومنه {ثُمّ أتِمُّوا الصّيامَ إلى اللّيلِ}[234] وإنْ تَنَاوَلَها صَدْرُ الكلامِ، فالْغَايةُ لإخراج ما وراءَها. كَمَاْ قُلنا: في الْمَرَاْفِقِ، وكَما أدخلَ أبو حنيفة -رحمه الله - الغايَةَ في الْخَيار، ومَنَعَ دُخولَ العاشِرِ في الإقْرارِ: مِنْ درهَمٍ إلى عَشَرَةٍ، لِعَدَمِ التَّنَاوُلِ، وأدْخَلاهُ[235] لِعَدَمِ الْقِيام بِنَفْسِهِ، وكذلك في الطّلاق، ودخول الْمِبْدَاْءِ -عندَ أبي حنيفةَ[236]- للضَّرورَة.

 

 

90- مسألة: في: للظَّرفيَّةِ، والخِلافُ في: أنْتِ طالِقٌ غداً؛ أوْ في غَدٍ، فقالا[237]: حَذْفُها وإثْبَاتُها واحِدٌ، وفَرّقَ[238]: بأنّ إسقاطَ الحْرَفْ أوجَبَ اتِّصالَ الطَّلاقِ بالْغَدِ فوقَعَ في كُلّهِ؛ فتَعيَّنَ أوَّلُهُ، ولم يُصْدَّقْ في التّأخير، وإثْباتُهُ: أوجَبَ اتصالَهُ بِجُزْءٍ مُبْهَمٍ، فصُدَّقَ لكون النيَّةِ مُبَيِّنَةً لِلإبهْام. ومثْلُهُ: إنْ صُمْتُ الدَّهرَ، أو: في الدَّهْرِ، فالأوَّلُ على الأبَدِ، والثَّاني على سَاعةٍ.

 

 

91- مسألة:وتُستعارُ لِلْمَعيَّة: إذا نُسِبتْ إلى الفعلِ كَـ : طالِقٌ في دُخُوِلكِ الدارَ. والْمُجَوّزُ: مَا في الظَّرْفِ من معنى الْمَعِيَّةِ، فكانَ بمعنى الشَّرط. فلا يَقعُ بِـ: طالِقٌ، في مَشيئةِ الله. وفي الدارِ؛ إنْ أرادَ الدُّخُولَ؛ صدق دِيَانَةً، وَتلْزَمُهُ عَشَرَةٌ؛ في الإقْرار بِعَشَرَةٍ؛ في عَشْرَةٍ، لِعَدَم إمْكان الظَّرْفيَّةِ، وإنْ نَوَى الْمَعِيّةَ؛ صُدِّقَ. وطالِقٌ واحدةً؛ في واحدةٍ؛ تَقَعُ واحدةٌ، فإنْ نَوى مَعَ[239]، قَبْلَ الدّخُول وَقَعَا، أوِ الْواوَ فواحِدَةٌ.

 

 

92- مسألة: مَعَ: لِلْقِرَانِ، فَيَقَعَ في طَالِقٌ؛ واحدةً مَعَ واحدةٍ؛ أوْ مَعَها واحدةٌ: ثِنْتَانِ قَبْلَ الْمَسِيْسِ، وَقْبلُ: للتَّقْديم، فتُطْلَقُ لِلحال في: طالِقٌ قَبْلَ دخُولِكِ الدارَ، وفي غَيْر الْمَلموسَة: واحدةٌ قبلَها واحدةٌ = ثِنتان. أوْ: قَبْلَ واحِدةٍ؛ واحدةٌ.

 

وبعدُ: للتَّأخيْر، وحُكْمُها: ضِدُّ قَبْلُ، والضَّابِطُ: أنّ الظَّرفَ إذا قٌيِّدَ بالضَّمير كان صِفَةً لْمَا بَعْدَه، وإلاّ فَلِمَا قَبْلَه، وعِنْدَ: لِلْحَضْرَةِ، فاستُعْمِلَتْ في الأمانَةِ لدلالَتِها على الْحَضْرَةِ دُوْنَ اللّزُومِ.

 

 

93- مسألة: إنْ، و إذا، و مَتَىْ، وَ مَتَيْمَاْ، و كُلَّ، و كُلَّما، و مَا، و مَنْ: لِلشَّرْط، وأصْلُها: إنْ :وتَخْتَصُّ بِمَعْدُومِ على خَطَرِ الْوُجُودِ؛ وأَثَرُهُ في مَنْعِ الْعِلَّةِ عَنِ الانْعِقادِ،وفي: إنْ لَمْ أُطَلِّقْكِ فَطَالِقٌ، لا تَطْلقُ حتى يموتَ، فَتَطلقَ في آخِرِ حياتِه، أوْ تموتَ هي فَتطلقَ في آخرِ حَياتِها في الأصَحِّ.

 

 

94- مسألة: الكُوفيون[240]: إذا: للظَّرْفِ والشَّرْطِ؛ وعليه أبو حنيفة -رضي الله عنه- والبَصريون[241]: للظرفِ وفيها شَمَّةٌ مِنَ الشَّرطِ، ولا يَسْقُطُ عنها معنى الْوَقت كَـ: متى؛ والْفَرْقُ: لُزومُ الْمُجازاةِ بِـ متى؛ في غَيْرِ الاسْتِفهامِ بِخِلاف: إذا؛ وعليه صاحباهُ[242]، فإذا، كـَ إنْ عنده[243]، وكَـ متى عندهما[244]، فأوقعاه: عَقِيْبَ اليمين لأنّها للوقتِ الْمُسْتَقْبَلِ، واستُعملتْ خاليةً عن معنى الشّرط في قولك: كيفَ الرُّطَبُ إذا اشْتَدَ الحرُّ، ولا تقولُ: إنْ وَ آتِيَكَ إذا ذَهَبَ الْبَرْدُ، لا، إنْ، لأنَّها شرطٌ، وهو ما كان على خَطَرِ الوجود،

 

وَ إذا: لأمْرٍ [9/ب] مُترقَّبٍ، أوْ كائِنٍ، فكانت مُفَسِّرَةً، والشَّرْطُ: مُبهَمٌ، لكنَّها تُستعارُ للشَّرْطِ، لا يَسْقُطُ عنهامعنى الوقت كـَ متى؛ في عَدَمِ التَّقْييد بالْمَجْلِسِ إجْماعاً، قال[245]: قد استُعملتْ للشَّرْطِ وحْدِهِ، واحْتَجَّ الفرَّاءُ[246]:

 

وإذا تُصِبْكَ خَصَاصَةٌ فَتَجَمَّلِ [247]

 

وإذا استُعملت فيهما، وقَعَ الشَّكُّ في الطَّلاق فَلَمْ تَطلق،

 

ووقَعَ الشَّك في ارتفاع الْمَشيئةِ بعدَ ثُبوتها فلا تبْطُل.

 

 

95- مسألة: متى: للوقتِ الْمُبهَمِ: كَـ إنْ، فَجُوْزِيَ بها، وجُزِمَ مع لزُوم الوقتِ فوقَعَ -بِـ طالِقٌ متى لَمْ أُطَلّقْكِ- عَقِيْبَ الْيَمين. ولم يتقيَّدْ -متى شئْتِ- بالْمَجْلسِ، وكذلكَ مَتَيْما، وَ كلُّ وَ كُلَّما يُذْكَران في الْعُمومِ.

 

 

96- مسألة: كَيْفَ: لِسُؤَالِ الْحَالِ[248]، فإنِ اسْتَقامَ،وإلاّ بَطَلَ: فأنْتَ حُرٌّ -كَيْفَ شِئْتَ- إعتاقٌ، وفي الطَّلاقِ: تَقَعُ واحِدَةٌ. والْوَصْفُ، والْقَدْرُ مِنْ بَعْدُ بالنِّيَّة، وقالا[249]: مَاْ لاْ يَقْبَلُ الإشارَةَ؛ فَحَالُهُ وَوَصْفُهُ أَعَنَى الْبَيْنُوْنَةَ والسُّنِّيَّةَ كَأصْلِهِ، فَيَتَعَلَّقَ بِتَعَلُّقِهِ.

 

 

97- النوعُ الثَّاني: الْمُرَكَّبُ: والأصوليون: إنَّ الكلمةَ الْمُرَكَّبَةَ مِنْ حَرْفَيْن فَصَاعِداً؛ كَلامٌ. فَهُو إذاً: مَاْ انْتَظَمَ مِنَ الْحُروف الْمَسْموعةِ الْمُتَواضَع عليها؛ الصَّادِرَةِ عن مُخْتارٍ واحدٍ، والْحُروف: فَصْلٌ عَنِ الْواحِدِ[250]، وَ المسموعةِ: عَنِ الْمَكتوبة[251]،  والثَّالثُ: الْمُهْمَلُ، والرابعُ: عن صُدورِها عنْ أكثر من واحدٍ، واخْتُلِفَ في إطْلاقِهِ على كلِماتٍ غَيْرِ مُنْتَظِمَةِ الْمَعاني.

 

وأهلُ اللغةِ: إنّهُ مُركبٌ من كَلِمَتيْنِ بالإسنادِ وهو: نِسْبَةُ أحَدِ الْجُزأيْنِ إلى الآخَرِ لِلإفادَة، ولا يَتَأدَّى ذلك إلا في اسْمَينِ، أو فِعْلٍ واسْمٍ لِوُجُوْدِ الْمُسْنَدِ، والْمُسنَدِ إلَيه، والْكَلمةُ التي منها التَّرْكيبُ هي : الْمُسْتَقِلَّةُ الْمَوْضوعةُ لِمَعنىً مُفْرَدٍ.

 

 

98- الأصْلُ الثَّاني: في مَبْدَأ اللُّغاتِ، وطريْقِ مَعْرِفَتِهَا: ليسَ بَين اللَّفْظِ والْمَعْنى مُناسبَةٌ طَبِيْعيَّةُ، خِلافاً لِبَعْضِ الْمُعتزلةِ، قالَ[252]: لَولا ذلك لَمْا اخْتَصَّ كُلَّ لَفْظٍ بِمَعْنىً.

 

قُلنا: لَوْ وُضِعَ لِضِدِّهِ ما امْتَنَعَ، وقَدْ وُجِدَ في الْمُشْتَرَكَة، والْمُخَصِّصُ الإرادةُ.

 

 

99- مسألة:الأشْعَريُّ[253] وجَمْعٌ منَ الْفُقهاء: إنّ الواضعَ هو الله تعالى؛ مُتلَقىً بِتَوْقِيْفٍ بِوَحْيٍ أوْ بِخَلْقِ الْحُروفِ الْمَسْموعةِ لِواحدٍ، أوْ جَمْعٍ، مَعَ عِلْمٍ ضَرُوْرِيٍّ بِدَلاْلاْتِها، قالوا: {وَعلّمَ آدمَ}[254] {لا عِلمَ لنا إلاّ مَا عَلّمْتَنا}[255] {ما فَرَّطْنا}[256] {عَلّمَ الإنْسانَ}[257] فدَخَلَتِ اللُّغات وَ {سَمّيْتُمُوها}[258] ذَمّهُمْ على التَّسميَة من غَيْر توقِيْفٍ، {واختِلافُ ألْسِنَتِكُمْ}[259] والْحَمْلُ على اللُّغةِ أبْلَغُ من الْجَارحةِ. والبَهْشَمِيَّةُ[260]، وجمعٌ من المتكلمين: إنَّها اصْطِلاحيّة: أَ اِنْبَعَثَتْ داعِيةُ واحِدٍ؛ أوْ جَمْع على الْوَضْع. وَعرَفَ الْبَاقونَ بالتَّكْرارِ والإشارةِ كَتَعليم الطّفْلِ. {وَمَا أرْسَلْنَا مِنْ رسُولٍ إلاّ بِلِسانِ قَوْمهِ}[261] فالْوَضْعُ مُتقَدِّمٌ. وأبو إسحاقَ[262]: ما يُحتاجُ إليه في التَّواضُعِ تَوْقِيفيّ، فَراراً من التَّسَلْسُلِ[263]، وغَيْرُهُ مُمْكِنٌ بالطَّريْقَين. والقاضي[264]: كُلٌّ مِنْ هذهِ مُمْكنٌ، والوقوعُ ظَنِّيٌّ وهو الْمُختارُ؛ على أنّ الأوَّلَ ظاهِرُ لِظُهور الآياتِ، فإنْ قيل: {وَعلّمَ}[265]: ألْهَمَ؛ {عَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوْسٍ}[266]، وإنْ سُلِّمَ: فإنْ أُريدَ جَمِيْعُها مُنِعَ، وإنْ سُلِّم: لم يَدُلَّ على التَّوقيفِ لِجَوازِ تَعلُّمِ مُصْطَلَحٍ مَاضٍ، وإنْ سُلّمَ: مُنِعَ الاستمرارُ لجوازِ نِسيانٍ، واصطلاحٍ مُتَعَقِّبٍ. وَ {ما فَرَّطْنَاْ}[267] لا يَدُلُّ على التَّوقيفِ؛ لْجَواز تَبيين الْمُصطَلَح. والذَّمُ: لاعْتِقَادِ إلاّوْهِيَّة. واختِلافُ إلاّسِنَةِ: مَحْمُوْلٌ على الإقْدَاْرِ على اللُّغات، وهو أوْلى لِتَوقُّفِ التَّوْقِيْفِ على أنَّ ذلك اللَّفْظَ لذلك الْمَعْنى. وهذا: وإنْ كان بِتَوْقِيْفٍ؛ تَسَلْسَلَ؛ فَتَعَيَّنَ الإصْطِلاحُ.

 

قُلنا: خِلافُ الظَّاهِرِ [10/آ] والأصلُ الحقيقةُ. ولا يلزَمُ الْمجازُ في داودَ المجازَ في آدَمَ إلاّ بِدليْلِ الإشْتِراك، والأصْلُ عَدَمُهُ، وَلا وَجْهَ لِمَنْعِ تَعَلُّمِ كُلِّهَا؛ فَإنّهُ عُلِمَ جميعُ ما يُمْكنُ التَّخاطبُ به، والْعُمومُ يَدُلُّ عليه، وتَعلِيْمُهُ مُصْطَلَحاً -قَبْلَهُ- خِلافُ الظَّاهِرِ؛ فَلاْبُدَّ من دلِيْلٍ، والأصْلُ: عَدَمُ النِّسْيانِ؛ وكذلِكَ في {ما فَرَّطْنا}[268].

 

وفي الذَّمِّ: على الاعْتِقادِ حيثُ أُضيفَ إلى التَّسْمية، والْحَمْلُ على اختلافِ اللُّغاتِ أوْلى، لِقِلَّةِ الإضْمارِ، والتَّسلسُلُ: يَنْقَطِعُ بخَلْقِ الْعِلْم الضَّروريِّ، وهو لازِمٌ في الإصْطِلاح، إذْ مَا يُتَخاطَبُ بِه، إنْ كانَ بِاصْطِلاح تَسَلْسُلٍ، فَتَعيّنَ التَّوقُّيفُ. وجوابُ الْبَهْشَمِيَّةِ[269]: أنّ التوقيفَ ليس مُنحصِراً في الرِّسَالةِ.

 

 

100- مسألة: ما لَمْ يُتَشَكَّكْ فِيه؛ مَعَ التَّشْكِيْكِ، كالْجَوْهَرِ[270] والْعَرضِ[271] فَمَعلومٌ أنَّ التَّواتُرَ طريقُ تَسْمِيَتِه، وما ليس كَذلِك؛ فَطريْقُهُ الَّظنُّ بأخبارِ الآحادِ؛ والأكْثَرُ الأوَّلُ.

 



[1] - الدأب : الشأن والعادة والملازمة المستمرة . تاج العروس 1:ط7د.

 

[2] - واجب الوجود هو الذي يكون وجوده من ذاته ولايحتاج إلى شيئٍ أصلاً. تعتع ص: 249.

 

[3] - الشعار: العلامة المميزة من أعلام وإشارات ورموز . وعلامة القوم في الحرب. وهو: مايتنادون به ليتعرف بعضهم بعضاً. مصمص ص: 1/315 .

 

[4]

 

[5]

 

[6]

 

[7] - سَحُّ الماءِ: سيله، والصبُّ الكثير. مصمص 1/267.

 

[8] - السابغة: الواسعة الفائضة التامة . مصمص 2/437.

 

[9]

 

[10] - العياذ:الاحتماءُ والاعتصام. مصمص ص: 2/437.

 

[11]

 

[12]

 

[13]

 

[14]

 

[15]

 

[16]

 

[17]- ززز

 

[18]- الإحكام في أصول الأحكام، تأليف سيف الدين علي بن أبي علي الآمدي، طبعة مصر 1387هـ/1968م

 

[19]- فخر الإسلام ،علي بن محمد البزدوي، الأصولي الحنفي، توفي سنة 482هـ/1089م. علعم 4/ 328. و مفمف 2/ 501.

 

[20]

 

[21] - اي: العلوم العقلية المحضة.ومنها القياس.

 

[22] - أي: العلوم النقلية المروية.وأساسها الكتاب والسنة ثم الإجماع.

 

[23]

 

[24]

 

[25]

 

[26]

 

[27]

 

[28]- أي: طريقتي الشافعية المتكلمين، والفقهاء الأحناف.

 

[29]

 

[30]

 

[31]

 

[32]

 

[33]

 

[34]- هذا الترتيب كترتيب الآمدي في الإحكام. ولكن المؤلف أضاف إليه أشياء كثيرة.

 

[35]

 

[36]

 

[37]

 

[38]- الحدُّ: قولٌ دلَّ على ماهيّة الشيئ. تعتع ص:83.

 

[39] - الرسم: نعتٌ يجري في الأبدِ، بِما جرى في الأزَلِ. أي: في سِياقِ عِلْمِهِ تعالى. تعتع ص:110.

 

[40]

 

[41]

 

[42]

 

[43]

 

[44]- إضافة ليست من الأصل.

 

[45] - القواعد الأصولية هي: الأسس والخطط والمناهج التي يضعها المجتهد نصب عينيه عند البدء والشروع بالاستنباط، يضعها لشيد عليها صرح مذهبه، ويكون مايتوصل إليه: ثمرة ونتيجة لها. أثر اللاختلاف في القواعد الأصولية د مصطفى الخن، ص: 117.

 

أمّا القواعد الفقهية فهي: مجموعة الأحكام المتشابهة التي ترجع إلى قياس واحد يجمعها، أو إلى ضابط فقهي يربطها (...) أصول الفقه :يبنى عليه استنباط الفروع الفقهيةن حتى إذا تكونت المجموعات الفقهية المختلفة أمكن الربط بين فروعها، وجمع أشتاتها في قواعد عامة جامعة لهذه الأشتات. أصول الفقه ، أبو زهرة ص: 9-10.

 

[46]

 

[47]

 

[48]

 

[49]

 

[50]- الكلام: علم يبحث فيه عن ذات الله تعالى وصفاته ،وأحوال الممكنات من المبدأ والمعاد، على قانون الإسلام. تعتع ص: 185.

 

[51]

 

[52]

 

[53]

 

[54]

 

[55]

 

[56] - المناسبة مضاف؛ والأمور : مضاف إليه.

 

[57]- التصور: حصول صورة الشيئ في العقل. وإدراك الماهية من غير أن يحكم عليها بنفي أو إثبات. تعتع ص: 59.

 

[58] - التصديق: هو أن تَنْسبَ باختبارِك الشيئَ إلى المُخبِرِ . تعتع ص: 59.

 

[59]

 

[60] أي: مُعترضٌ عليه .

 

[61]

 

[62] - سورة المجادلة، الآية: 3.

 

[63] - البر: القمح ، الحنطة. عفعف ص:45، 129.

 

[64] - سورة التكوير، الآية: 17. وكلمة عبد الله بن مسعود الهذلي، الصحابي الأصولي، توفي سنة 32هـ/653م. علعم4/ 137، صضصضص 1/ 69-71. الليل مشتركة بين أقْبَلَ ظلامُ الليل وأدْبَرَ . قواميس

 

[65] - سورة البقرة، الآية: 228. والقُرءُ اسمٌ للطُهرِ والحيضِ. قواميس

 

[66] - الصهلب: الرجل الطويل، والبيت الكبير، والشديد من الإبل. تجتج 2/152-153.

 

[67] - - الشّوذَبُ والمُشَذَّبُ من الرجال: الطويل الحسن الْخضلْق . والنجيب من كل شيئ. تجتج 2/101.

 

[68] - البُهْتُرَةُ: القصيرةُ كالبُهْتُرِز وخصَّ بعضُهم به القصير من الإبل. وجمعه: البهاتير، والبحاتِر. والبَهْتَرُ - بفتح الباء- الكذب ؛ كالبَهْتَرةِ. تجتج 6/119.

 

[69] - البُحْتُرُ: القصيرُ المجتَمِعُ الْخَلْقِ. كالحُبْتُرِ، وهو مقلوبٌ منه. تجتج 6/60.

 

[70] - بَسَنٌ: اتباعٌ لِحَسَنٍ. هكذا ذكره الجوهريُّ. وذهب أبو علي القالي إلى أن أصله: بس، مصدر: بَسَّ السّويقَ: لَتَّهُ بسنٍ أو زيتٍ ليكمُلَ طيبه، فهو بمعنى: بسوس، فحذفت أحدى السنين وزيدت النون بمعنى:حسن بسن :كامل. تجتج 18/58.

 

[71] - المقصود المفرد.

 

[72] - المقصود الحقيقة والمجاز.

 

[73] - سورة الإسراء، الآية: 24.

 

[74] - سورة المائدة، الآية: 64.

 

[75] - سورة آل عمران، الآية: 54.

 

[76] - سورة يوسف، الآية: 82.

 

[77] - المقصود بالمشتركين: الحقيقة والمجاز .

 

[78] - أي: بعض الأحناف.

 

[79] - عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني: نحوي لغوي توفي مابين سنة 471 هـ/1078م من مؤلفاته : إعجاز القرآن ، ودلائل الإعجاز. مفمف 2/201-202.

 

[80] - سورة الزلزلة، الآية: 2.

 

[81] - محمدبن الطيب الباقلاني الأصولي المحدث السني الأشعري ، توفي سنة 403 هـ/1013م .الأعلام ، قاموس تراجم تأليف خير الدين الزركلي، طباعة دار العلم للملايين: 1992م بيروت.  6/ 176.

 

[82] - القصود رأي ابن الساعاتي في هذه المسألة .

 

[83] - اباه: من الإباء وهو الرفض.

 

[84] - أي: الأحناف.

 

[85] - علي بن محمد البزدوي أصولي حنفي توفي سنة 482هـ/ 1089م . الأعلام ، قاموس تراجم تأليف خير الدين الزركلي، طباعة دار العلم للملايين: 1992م بيروت.  4/ 328.

 

[86] - ما: نافية.

 

[87] - ما: اسم موصول بمعنى الذي.

 

[88] - الأستاذ: أبو إسحاق الإسفراييني ، إبراهيم بن محمد. عالم أصولي ، توفي سنة 418 هـ/1027م . الأعلام ، قاموس تراجم تأليف خير الدين الزركلي، طباعة دار العلم للملايين: 1992م بيروت.  1/61.

 

[89] - المقصود المجاز.

 

[90] - سورة الشورى، الآية: 11.

 

[91] - سورة يوسف، الآية: 82.

 

[92] - سورة الكهف، الآية: 77.

 

[93] - أتباع المذهب الظاهري الذي انقرض .

 

[94] - سورة البقرة ، الآية: 137.

 

[95] - سورة آل عمران ، الآية: 15.

 

[96] - سورة مريم ، الآية: 4.

 

[97] - سورة الإسراء، الآية: 24.

 

[98] - سورة البقرة: الآية: 197.

 

[99] - سورة النور، الآية: 35.

 

[100] - سورة الشورى، الآية: 40.

 

[101] - سورة البقرة، الآية: 15.

 

[102] - سورة المائدة، الآية: 64.

 

[103] - أخرجه مسلم 1/694 . كما أخرجه أهل السنن.

 

[104] - مجمع الزوائد :4/113 ، ونصب الراية :4/36.

 

[105] - الأحناف.

 

[106] - الإمام محمد بن إدريس الشافعي المطلبي الهاشمي القرشي، إمام مذهبه، 150-204 هـ/767-819م. مفمف 3/ 116-117.

 

[107] - القاضي أبوبكر محمد بن الطيب الباقلاني، الأصولي، توفي سنة 403 هـ/1013م. مفمف 3/ 373.

 

[108] - المعتزلة: هي الطائفة السادسة  من مخالفي أهل القبلة، وهم عشرون فرقة. التنبيه والرد للملطي، ص:49-56. ومقالات الإسلاميين للأشعري، 155-278.

 

[109] - محمد بن علي الطيب البصري ؛ المعتزلي توفي في بغداد سنة 436هـ /1044 م . الأعلام ، قاموس تراجم تأليف خير الدين الزركلي، طباعة دار العلم للملايين: 1992م بيروت.  6/275.

 

[110] - محمد بن محمد ، أبو حامد الغزالي ، توفي سنة 505 هـ /1111 م . الأعلام ، قاموس تراجم تأليف خير الدين الزركلي، طباعة دار العلم للملايين: 1992م بيروت.  7/22.

 

[111] - الإمام محمد بن إدريس الشافعي المطلبي الهاشمي القرشي، إمام مذهبه، 150-204 هـ/767-819م. مفمف 3/ 116-117.

 

[112] - سورة الأحزاب ، الآية : 56 .

 

[113] - سورة الحج ، الآية : 18 .

 

[114] - الإمام الأعظم ؛ النٌّعمان بن ثابت، أبو حنيفة ، إمام المذهب الحنفي  ، توفي سنة 150هـ/767م . الأعلام ، قاموس تراجم تأليف خير الدين الزركلي، طباعة دار العلم للملايين: 1992م بيروت.  8/36. . 

 

[115] - محمد بن الحسن الشيباني ، مدون مذهب أبي حنيفة، توفي سنة 189هـ/804م. الأعلام ، قاموس تراجم تأليف خير الدين الزركلي، طباعة دار العلم للملايين: 1992م بيروت.  6/80.

 

[116]- المثبت في النصّ هو عبارة مخطوطة أخت المؤلف ، أما عبارة مخطوطة المؤلف فهي : الأمان بِحقنِ الدمِ المُحتاطِ فيه. وأنا أُرجِّحُ أن أختَ المؤلف قد نقلتْ من مُبَيَّضَةِ الكتابِ الأخيرةِ . وأظنُّ انّ المخطوطة الموجودة في مصر هي مُسَوَّدَةٌ الكتاب.

 

[117] - سورة الأنفال ، الآية :16.

 

[118] - الإمام محمد بن إدريس الشافعي المطلبي الهاشمي القرشي، إمام مذهبه، 150-204 هـ/767-819م. مفمف 3/ 116-117.

 

[119] - المقصود زواج النبي محمد صلى الله عليه وسلم .

 

[120] - المقصود : متعة الزواج المؤبّد ، وليس مايمارسه المبتدعون الشاذون ؛ لأنّ كل جِماعٍ مبني على غير التأبيد زِنىً . وهذا إجماع أهل السُّنَّةِ والجماعة ، وهم أهل الحق .

 

[121] - اسم موصول بمعنى الذي .

 

[122] - الأحناف.

 

[123] - أي: التكلم بلفظ المجاز.

 

[124] - هما صاحبا أبي حنيفة : محمد بن الحسن، توفي سنة 189 هـ/804م. الأعلام ، قاموس تراجم تأليف خير الدين الزركلي، طباعة دار العلم للملايين: 1992م بيروت.  6/80. والقاضي أبو يوسف؛ يعقوب بن إبراهيم الأنصاري ، توفي سنة 182 هـ/798م الأعلام ، قاموس تراجم تأليف خير الدين الزركلي، طباعة دار العلم للملايين: 1992م بيروت.  8/193.

 

[125] - أبو حنيفة ، الإمام الأعظم، النعمان بن ثابت، توفي سنة150 هـ/767م. علعم 6/ 36.

 

[126] - لا مانعَ.

 

[127] - القائلان: صصصص

 

[128] - أي: كقول صاحبي أبي حنيفة. صصصص

 

[129] - في نسخة المؤلف توجد كلمة : مسألة ؛ وقد شُطبت. وفي نسخة شقيقته: تقسيم، وهو ما أثبتناه ؛ وهذه قرينةٌ أخرى على أنها نقلت نسختها من نسخة أخرى للمؤلف؛ نرجِّحُ: أنّها المُبيَّضة.

 

[130] - المقصود : الحقيقة.

 

[131] - أي: هجرت الحقيقة ، وأُلِفَ العُرفُ.

 

[132] - أي: أصبحت الأمَةُ أُمَّ ولدِ السيد.

 

[133] - القائل هو : أبو حنيفة ، الإمام الأعظم، النعمان بن ثابت، توفي سنة150 هـ/767م. علعم 6/ 36.

 

[134] - الحكم هنا: أنّ المجهولَ لايُمكن إثباته.

 

[135] - هو : محمد بن الحسن الشيباني، مدون المذهب الحنفي، توفي سنة 189 هـ/805م. مفمف  3/ 229.

 

[136] - ما بين المعقوفتين من نسخة أخت المؤلف. (د).

 

[137] - ما بين المعقوفتين من نسخة أخت المؤلف. (د).

 

[138] - أبو حنيفة ، الإمام الأعظم، النعمان بن ثابت، توفي سنة150 هـ/767م. علعم 6/ 36.

 

[139] - أي: تعذر معنى الحقيقة والمجاز.

 

[140] - أي: إذا بطل معنى اللفظِ؛ بطل استعمالُهُ . ومثالٌ ذلك الألفاظ المُبتَذَلة، والألفاظ المييتة .

 

[141] - أي: لاتحرم على الرجل عند الأحناف ، ولكنها تحرم عند الشافعية ، وهذه مسألة خلافية. سببها التنازع في أحقية ملك اليمين ، وملك النكاح، وتنافي الولاء والمُلكين المذكورين. فالشافعي رجح الولاء على المُلك، والأحنافُ رجحوا المُلك على الولاء. وأنا أرجح رأي الأحناف ؛لأنَّ التملُّك سبب التصرف المطلق بالفروج؛ وهذا غير مٌتاحٍ بالولاء.

 

[142] - سببُ ذلك : أن النسبَ المعروف لايُلغى شرعاً . والتبني مرفوض نصّاً بقوله تعالى { اذعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله} سورة الأحزاب الآية: 5 .

 

[143] - الإعتبار للحقيقة عند أبي حنيفةَ ، وخالفهُ محمد بن الحسن ، وأبو يوسف، فاعتبرا المجاز، لاالحقيقة.

 

[144] - هذا ما رجّحه أبو حنيفة ، الإمام الأعظم، النعمان بن ثابت، توفي سنة150 هـ/767م. علعم 6/ 36.

 

[145] - هما: صصصص

 

[146] - هذا ما رجّحه أبو حنيفة ، الإمام الأعظم، النعمان بن ثابت، توفي سنة150 هـ/767م. علعم 6/ 36.

 

[147] - صصصص

 

[148] - أي: بالحنطة.

 

[149] - سببُ ذلك أنّ المُكاتَبَ كالحر يَداً لارقبةً.

 

[150] - إذا وُجدتْ قرينة في سياق النصِّ؛ يُمكنُ تركُ الحقيقة ، واعتبارُ المجاز. لأنّ الخاصّ أولى منَ العام عند الأُصوليين.

 

[151] - سورة الكهف، الآية: 29.

 

[152] - سورة الكهف، الآية: 29. وهذه هي القرينة التي رجحت المجاز على الحقيقة ؛ في الذي قَبْلها.

 

[153] - سورة فاطر، الآية: 19 ، وسورة غافر ، الآية: 58 .

 

[154] - نصب الراية 3/381. ومسند الشافعي ص: 105.

 

[155] - أي: اعتبار المجاز ؛ لاالحقيقة.

 

[156] - أخرجه البخاري ومسلم وأصحاب السنن. سنسن 4/385.

 

[157] - هكذا يرويه الفقهاء ؛ أمّا المحدثون ؛ فرواياتهم: ( إنّ الله تجاوز لأُمتي عن الخظأ والنسيان …) انظر : نصب الراية 3/64 .

 

[158] - أي: اللفظ.

 

[159] - نصب الراية 3/216 ، ومسند الشافعي 2/28 .

 

[160] - أُمُّ المؤمنين سودة بنت زمعة بن قيس بن عبد شمس القرشية ، توفيت سنة 54هـ/ 674م. طبقات ابن سعد8/ 35. والأعلام 3/145.

 

[161] - الأقراء والقُروءُ: جمع قُرْءٍ. بضم القاف أو فتحها. وقيل: القروءُ : جمع المفتوح بالفتح. والأقراء: جمع المضموم بالضمّ. والمضموم نفس الدم أو الطّهر، والمفتوح : نفس المصدر. والطّهر: حيض بطريق الحقيقة فيكون مُشتركا. وبطريق الحقيقة والمجاز أقوال كثيرة. عفعف ص: 447-448. 

 

[162] - سورة النساء، الآية :3 .

 

[163] - هو الذي يقطع النفقات، ويأخذُها على غفلة من أهلها . المصباح المنير  2/370 .

 

[164] - نبش الرجلُ القبر، استخرج مافيه ، والفاعلُ : نبّاشلٌ ، للمبالغة. المصباح المنير. 2/ 590 .

 

[165] - سورة النساء، الآية: 3 .

 

[166] -سورة البقرة، الآية: 275 .

 

[167] - فخر الإسلام ،علي بن محمد البزدوي، الأصولي الحنفي، توفي سنة 482هـ/1089م. علعم 4/ 328. و مفمف 2/ 501.ف 

 

[168] - سورة البقرة، الآية: 282 . وسورة آل عمران، الآية: 176 . سورة النور، الآية:35  والآية:64 ن وسورة الحجرات، الآية:16، وسورة التغابن، الآية:11.

 

[169] - راجع الإحكام في أصول الأحكام، تأليف سيف الدين علي بن أبي علي الآمدي، طبعة مصر 1387هـ/1968م : 1/51-53.

 

[170] - أي: الحروف الأصلية دون أحرُف الزيادة.

 

[171] - البناء لزوم حالة واحدة لاتتغير بتغيير الموقع من الكلام.

 

[172] - المعْرَبُ: ما تغييرتْ حركةُ آخره مع تغير موقعه من الإعراب.

 

[173] - ريح  تهُبُّ من المغرب ؛ تقابل الصّبا ، ويُقالُ تقبل من جهة الجنوب ذاهبةً نحو المشرق. المصباح المنير 1/189.

 

[174] - المعتزلة: هي الطائفة السادسة  من مخالفي أهل القبلة، وهم عشرون فرقة. التنبيه والرد للملطي، ص:49-56. ومقالات الإسلاميين للأشعري، 155-278.

 

[175] - الأحناف.

 

[176] - القاضي أبوبكر محمد بن الطيب الباقلاني، الأصولي، توفي سنة 403 هـ/1013م. مفمف 3/ 373.

 

[177] -أحمد بن عمر بن سريج البغدادي الشافعي الفقيه المحدث ، توفي سنة 306 هـ/918م. الأعلام ، قاموس تراجم تأليف خير الدين الزركلي، طباعة دار العلم للملايين: 1992م بيروت.  1/185.

 

[178] - هو لقب : عمرو بن عثمان بن قنبر، صاحب كتاب النحو المشهور. توفي سنة 180هـ/796م. الأعلام ، قاموس تراجم تأليف خير الدين الزركلي، طباعة دار العلم للملايين: 1992م بيروت.  5/81.

 

[179] - هو يحيى بن زياد الكوفي المفسر النحوي ، توفي سنة 207 هـ/822م. الأعلام ، قاموس تراجم تأليف خير الدين الزركلي، طباعة دار العلم للملايين: 1992م بيروت.  8/145.

 

[180] - سورة البقرة ، الآية: 58. والأعراف، الآية : 161.

 

[181] - سورة الحج، الآية: 77.

 

[182] -سورة البقرة ، الآية: 158.

 

[183] - سنسن 1/148.

 

[184] - سورة البقرة، الآية: 196.

 

[185] - سنسن 4/252.

 

[186] أبو حنيفة ، الإمام الأعظم، النعمان بن ثابت، توفي سنة150 هـ/767م. علعم 6/ 36.

 

[187] - صصصص

 

[188] صصصص

 

[189] أبو حنيفة ، الإمام الأعظم، النعمان بن ثابت، توفي سنة150 هـ/767م. علعم 6/ 36.

 

[190] - صصصص

 

[191] - أبو حنيفة ، الإمام الأعظم، النعمان بن ثابت، توفي سنة150 هـ/767م. علعم 6/ 36.

 

[192] - أبو حنيفة ، الإمام الأعظم، النعمان بن ثابت، توفي سنة150 هـ/767م. علعم 6/ 36.

 

[193] - بَطَلَ الشيئُ  بُطلاً وبُطولاً وبُطلاناً: ذهب ضياعاً وخُسراناً. بَطُلَ دَمُهُ ، إذا قُتِلَ ولم يحصل له ثأرٌ ولادِيةٌ. تجتج 14/56.

 

[194] - هذه مسألة خلافية بين الأصوليين.ضضضض ص: 438-445.

 

[195] - أي: عند أبو حنيفة ، الإمام الأعظم، النعمان بن ثابت، توفي سنة150 هـ/767م. علعم 6/ 36.

 

[196] - أي: عند صصصص

 

[197] - أي: أنّ اجتماع ذي الحال مع ذي الحال هو الذي جوّز استعارة الواو للحال.

 

[198] - أي: في تجارة الثياب. والعامال فيها : بزاز.

 

[199] - أبو حنيفة ، الإمام الأعظم، النعمان بن ثابت، توفي سنة150 هـ/767م. علعم 6/ 36.

 

[200] - أي: صصصص

 

[201] - الخٌلْعُ والخَلْعُ - لغةً-: الإزالة مُطلقاً ؛ و- شرعاً- الخُلعُ: الإزالة المخصوصة، يُقال : خالعت زوجَها، ولايقال: طلقته. انيس الفقهاء ص:161-162 .

 

[202] - أبو حنيفة ، الإمام الأعظم، النعمان بن ثابت، توفي سنة150 هـ/767م. علعم 6/ 36.

 

[203] - حديث شريف. سنسن 4/ 124.

 

[204] - أي: حرف الفاء.

 

[205] - سورة طه، الآية:82.

 

[206] - سورة البلد، الآية: 14.

 

[207] -أي: التراخي عند صصصص

 

[208] -أي: عند

 

[209] - أي: أنّ الحرف: ثُمَّ ؛ تُستعارُ لحرف : الواو.

 

[210] - سورة يونس، الآية: 46.

 

[211] - نصب الراية للزيلعي 3/296-299.

 

[212] - أي: جمعاً بين الروايتين.

 

[213] - زفر بن الهذيل التميمي العنبري. أصولي حنفي مجتهد ، توفي سنة 158ه/ 775م. علعم 3/ 45.

 

[214] - أي: إن وصل الكلام ولم يفصله عن سياقه.

 

[215] - أبو حنيفة ، الإمام الأعظم، النعمان بن ثابت، توفي سنة150 هـ/767م. علعم 6/ 36.

 

[216]- أي: صصصص 

 

[217] - أي : معجّلة حالاً.

 

[218] - أبو حنيفة ، الإمام الأعظم، النعمان بن ثابت، توفي سنة150 هـ/767م. علعم 6/ 36.

 

[219] - تستعمل أو لمعنى العموم فتعم في سياق النفي.

 

[220] - سورة الإنسان، الآية: 24.

 

[221] - سورة التوبة، الآية: 29.

 

[222] - سورة النساء، الآية: 43.

 

[223] - سورة البقرة، الآية: 193.

 

[224] - سورة البقرة، الآية: 214.

 

[225] - فخر الإسلام ،علي بن محمد البزدوي، الأصولي الحنفي، توفي سنة 482هـ/1089م. علعم 4/ 328. و مفمف 2/ 501.ف

 

[226] - الذي.

 

[227] - الكُرُّ : كيلٌ معروفٌ والجمع: أكرارٌ، وهو ستون قفيزاً ، والقفيز: ثمانية مكاكيك، والمكّوكُ: صاعٌ ونصفٌ ، قال الأزهريُّ: فالكُرُّ -على هذا الحساب- إثنا عشرَ وَسْقاً . المصباح المنير ، 2/530.

 

[228] - هو الإمام محمد بن إدريس الشافعي المطلبي الهاشمي القرشي، إمام مذهبه، 150-204 هـ/767-819م. مفمف 3/ 116-117.

 

[229] - سورة المائدة، الآية: 6.

 

[230] - مالك بن أنس الأصبحي المدني إمام دار الهجرة. توفي سنة 179 هـ/795م. مفمف 3/ 9.

 

[231] - أي: صصصص

 

[232] - أبو حنيفة ، الإمام الأعظم، النعمان بن ثابت، توفي سنة150 هـ/767م. علعم 6/ 36.

 

[233] - زفر بن الهذيل التميمي العنبري. أصولي حنفي مجتهد ، توفي سنة 158ه/ 775م. علعم 3/ 45.

 

[234] - سورة البقرة، الآية: 187.

 

[235] - أي: صصصص

 

[236] - أبو حنيفة ، الإمام الأعظم، النعمان بن ثابت، توفي سنة150 هـ/767م. علعم 6/ 36.

 

[237] - أي: صصصص

 

[238] - أبو حنيفة ، الإمام الأعظم، النعمان بن ثابت، توفي سنة150 هـ/767م. علعم 6/ 36.

 

[239] - أي: إنْ نوى المعية.

 

[240] - أصحاب منهاج نحوي منسوبون إلى الكوفة في العراق.

 

[241] - أصحاب منهاج نحوي منسوبون إلى البصرة في العراق.

 

[242] - أي: صصصص

 

[243] - عند أبو حنيفة ، الإمام الأعظم، النعمان بن ثابت، توفي سنة150 هـ/767م. علعم 6/ 36.

 

[244] - أي: صصصص

 

[245] - أبو حنيفة ، الإمام الأعظم، النعمان بن ثابت، توفي سنة150 هـ/767م. علعم 6/ 36.

 

[246] - فخر الإسلام ،علي بن محمد البزدوي، الأصولي الحنفي، توفي سنة 482هـ/1089م. علعم 4/ 328. و مفمف 2/ 501.ف

 

[247] - قائله: عبد قيس بن خفاف ، من البراجم . شرح الأشموني:4/13. وصدر البيت: استغن ماأغناكَ ربُك بالغنى  ….

 

[248] - يطلقُ النُّحاة على سؤآل الحال: الإستفهام.

 

[249] - أي: صصصص

 

[250] - أي: عن الحرف الواحد.

 

[251] - أي: فصلٌ عن المكتوبة.

 

[252] - المعتزلي.

 

[253] - أبو الحسن الأشعري، علي بن إسماعيل ، توفي في بغداد سنة 324هـ/936م .الأعلام ، قاموس تراجم تأليف خير الدين الزركلي، طباعة دار العلم للملايين: 1992م بيروت.  4/263.

 

[254] - سورة البقرة ، الآية: 31.

 

[255] - سورة البقرة، الآية: 32.

 

[256] - سورة الأنعام، الآية: 38.

 

[257] - سورة العلق، الآية: 5.

 

[258] - سورة النجم، الآية: 23.

 

[259] - سورة الروم، الآية: 22.

 

[260] - فرقة من فرق المعتزلة تنسب لأبي هاشم الجبائي. الفرق بين الفرق: 184.

 

[261] - سورة إبراهيم، الآية: 4.

 

[262]- الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني، إبراهيم بن محمد، عالم أصولي، توفي سنة 428 هـ/1027م. علعم 1/ 61.

 

[263] - أي: تسلسل الإصطلاحات. وذلك باحتياج الإصطلاح التالي إلى اصطلاح متقدم وهلُمّ جَرّا إلى مالانهاية.

 

[264]- فخر الإسلام ،علي بن محمد البزدوي، الأصولي الحنفي، توفي سنة 482هـ/1089م. علعم 4/ 328. و مفمف 2/ 501.ف

 

[265] - سورة البقرة ، الآية: 31.

 

[266] - سورة الأنبياء، الآية: 80.

 

[267] - سورة الأنعام، الآية: 38.

 

[268] - سورة الأنعام، الآية: 38.

 

[269] - عبد السلام بن محمد بن عبد الوهاب بن سلام ، من نسل أبان مولى عثمان، وشهرته: أبو هاشم الجبائي المعتزلي، رأس فرقة البهشمية. مات سنة 321هـ/933م. مفمف 2/ 150. علعم 4/ 7.

 

[270] - ماهية إذا وُجدت في الأعيان كانت لافي موضوعٍ ، وهو منحصر في خمسة: هيولي وصورة وجسم ونفس وعقل…التعريفات ص:79.

 

[271] - مايعرضُ في الجوهر مثل: إلاّوان والطعوم والذوق واللمس ، وغيره مما يستحيلُ بقاؤهُ بعد وجوده. والعرض الموجود يحتاج في وجوده إلى موضع ؛ أي: محلّ يقوم به…. التعريفات ص: 148-149.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 


thumb qr1 
 
thumb qr2
 

إحصاءات

عدد الزيارات
16426363
مواقع التواصل الاجتماعية
FacebookTwitterLinkedinRSS Feed

صور متنوعة