للقراءة والتحميل : كتاب دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامي لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي
الدكتور علي محمد محمد الصَّلاَّبي

suljuq.gif

رابط تحميل وقراءة الكتاب بصيغة وورد

اضغط هنا

***********

يعتبر الغدر من أهم أسلحة الباطنيين في الماضي والحاضر، وصورتهم الحقيقية يجسدها أبو لؤلؤة المجوس قاتل أمير المؤمنين الخليفة عمر الفارق رضي الله عنه 

***********

-        8- جهاد أمير الموصل آق سُنقُر البرسقي لانقاذ حلب : أ- حلب تتصدى للصليبيين : تعرضت حلب لضغط الصليبيين وهجماتهم مراراً عديدة بدأت مع فجر الغزو الصليبي لبلاد الجزيرة والشام وكان أبرزها وأخطرها ولاريب حصار عام 518ﻫ وقد أدرك هؤلاء الغزاة الأهمية البالغة لهذه المدينة وما كانت تتمع به من مركز استراتيجي حيوي من النواحي البشرية والعسكرية والسياسية والاقتصادية وخطوط المواصلات، فهي تقع في مركز وسط حصين بين امارتين صليبيتين، هما : الرها شرقاً في الجزيرة الفراتية، وإنطاكية غرباً على البحر المتوسط في نفس الوقت الذي يمكنها الاتصال بالقوى الإسلامية التركمانية المنتشرة في الجزيرة والفرات والأناضول وشمالي الشام مما يعد أساساً حيوياً لاستمرار حركة الجهاد وتحقيق أهداف حاسمة ضد الصليبيين وفي المقابل فإن إسقاط حلب وضمها إلى الكيان الصليبي سوف يؤمن المواصلات بين الرها وأنطاكية، ويعجل إقامة وحدة سياسية وعسكرية بينهما، كانت ستلعب ولا شك دوراً خطيراً لصالح الغزاة ([1]). وإذا أدرك الحلبيون عدم جدوى بقاء حلب على هذه الأوضاع القلقة، وضرورة تسليمها لأمير قوي، أرسلوا إلى ايلغازي الأرتقي حاكم ديار بكر يطلبون منه القدوم لتسليمها إياه، فتقدم هذا إلى حلب عام 511ﻫ، وتولَّى مقاليد الأمور فيها، وفرض سيطرته على المواقع التابعة لها، ولكن انشغال الرجل بأمور ولايته في ديار بكر كان يضطره في كثير من الأحيان إلى الغياب عن حلب وإدارة ظهره لمشاكلها وكان الصليبيون يستغلون ذلك ويشددون هجماتهم على حلب والمناطق المحيطة بها، حتى إذا توفي الرجل في رمضان عام 516ﻫ سعى الصليبيون لاستغلال الفرصة وانقسام إمارته بين أبنائه وانعزال حلب عن القوى المقاتلة في ديار بكرلتحقيق انتصارات سريعة في شمال الشام، ولكن ظهور ابن أخيه بلك بن بهرام وتوليَّة قيادة حركة الجهاد ضد الغزاة؛ قطع الطريق على هؤلاء، وأنقذ حلب من خطر محقق، غير أن مقتل بلك بعد سنتين من توليه الحكم وانتقاله إمارته إلى ابن عمه حسام الدين تمرتاش الذي تميز بالضعف والانهزامية، فتح الطريق ثانية أمام الصليبيين لكي يشددوا النكير على حلب ويحققوا حلمهم بالسيطرة عليها، ويصف المؤرخ ابن العديم كيف تدهورت الأوضاع في حلب إثر تولَّي تمرتاش الحكم، ويقول : فأما تمرتاش فإنه لما ملك حلب، ألهاه الصبا واللعب عن التشمير والجد والنظر في أمور الملك، ففسدت الأحوال وضعف أمر المسلمين بذلك ([2]). وقد بدأ تمرتاش ولايته بإطلاق سراح بلدوين الثاني ملك بيت المقدس الذي كان بلك قد أسره في إحدى معاركه ضد الغزاة، وذلك لقاء مبلغ تافه من المال، وقد أطلقه تمرتاش من معتقله وأحضره إلى مجلسه، فأكلا وتشاربا وخلع عليه تمرتاش قباءً ملكياً، وأعيد إليه الحصان الذي كان قد أخذه منه بلك يوم أسره ([3]). ولم يلبث تمرتاش – بعدها – أن انسحب إل ولايته في ديار بكر لكي يتبع سياسة انعزالية فلا يرمي بسهم ضد الغزاة وبهذا اتيحت لهؤلاء الفرصة – كرة أخرى – لتضييق الخناق على حلب والسعي لتحقيق هدفهم الذي عجزوا عنه في السنين السابقة، وهكذا شهدت حلب في عام 518ﻫ حصاراً من أخطر ما تعرضت له في تاريخ الحروب الصليبية الطويل([4]). ب- خيانة دبيس بن صدقة المزيدي أمير الحلة : بدأت المحاولة له بخيانة تقدم بها أحد الأمراء العرب : دبيس بن صدقة المزيدي أمير الحلة الواقعة جنوبي بغداد، والهارب من وجه الخلافة العباسية والسلطنة السلجوقية بسبب استفزاره المستمر لهما وتآمره عليهما، قال للصليبيين بأن له أنصاراً في حلب، وأنهم متى رأوه على رؤوس المهاجمين سلموا إليه البلد ومما قاله للصليبيين : إن أهلها شيعة وهم يميلون إليّ لأجل المذهب، فمتى رأوني سلموا البلد إليَّ، وبذل لهم على مساعدته بذولاً كثيرة ([5])ووعد بلدوين أمير إنطاكية وجوسلين أمير الرها بأنه سيقدم لهما الكثير لقاء مساعدتهما له، وقال لهما : إنني أكون في حلب نائباً عنكم مطيعاً لكم ([6]). وتمكن أخيراً – من التوصل مع الصليبيين إلى اتفاق تكون حلب بموجبه له، أما الأموال فتكون لهم، فضلاً عن بعض المواقع القريبة من حلب ([7])، وتقدم بلدوين على رأس قواته ونزل على نهر قويق قريباً من حلب، وأفسد المناطق الزراعية المحيطة به، ثم رحل إلى حلب فنزل عليها في أواخر شعبان 518ﻫ، وتقدم جوسلين أمير الرها بصحبة دبيس بن صدقة ([8])- وكان دبيس شيعياً كآبائه ([9])- صوب ناحية أخرى من أعمال حلب، وقاما بتدمير مزروعاتها، وقدرت الخسائر بما يقرب من مائة ألف دينار، ومن ثم رحلا ونزل مع بلدوين على حلب، واجتمع بهم هناك خونة، آخرون من أجل تطمين مصالحهم واقتسام الغنائم في حالة سقوط حلب : سلطان شاه بن رضوان السلجوقي، عيسى بن سالم بن مالك العقيلي، ياغي سيان بن عبد الجبار الأرتقي .. وفرضوا جميعاً الحصار على حلب من شتى جهاتها ([10]). ووطَّنوا أنفسهم على المقام الطويل، وأنهم لا يغادرونها حتى يملكوها، وبنوا البيوت لأجل البرد والحر([11])، فضلاً عن ثلاثمائة من الخيام، بينما لم يكن في حلب يومها سوى خمسمائة فارس ([12]).ج- أعمال استفزازية صليبية ضد أهالي حلب : بدأ الغزاة بشن هجماتهم الدورية على حلب، وقطعوا أشجارها، وأفسدوا بساتينها وزروعها في محاولة لتدمير اقتصادياتها التي تعتمد على الزراعة بالدرجة الأولى، كما قاموا بتخريب مشاهد المسلمين ونبشوا قبور موتاهم، وسلبوا أكفانهم، وجعلوا من توابيتهم أوعية يتناولون بها طعامهم وعمدوا إلى من لم تتقطع أوصاله منهم فربطوا في أرجلهم الحبال وسحبوهم أمام أنظار المسلمين المحاصرين في حلب، وجعلوا يصيحون : هذا نبيكم محمد !! وأخذت جماعة منهم مصحفاً من المشاهد المحيطة بحلب وصاحوا : يا مسلمين أبصروا كتابكم !! ثم ثقبه أحدهم بيده ثم شده بخيطين وربطه بأسفل برذون قريب فراح هذا يروث عليه .. وكلما أبصر صاحبه الروث يتساقط على المصحف الشريف صفق بيديه وضحك عجباً
وزهواً (
[13]) .د- المقاومة الحلبية الشعبية : لم يكتف الصليبيون بهذا بل راحوا يمثلون بكل من يقع بأيديهم من المسلمين، فاضطر هؤلاء إلى مجاراتهم بالمثل، وكان يقود المقاومة الإسلامية القاضي أبو الفضل بن الخشاب الذي كان قد تمرّس عن أعمال الدفاع منُذ بداية العقد، وكان يملك شعبية واسعة في حلب فأصدر أوامره بتوجيه ضربات مباشرة في قلب معسكرات الغزاة فكانت جماعة من مقاتلي حلب تخرج سراً لتغير على هذه المعسكرات، فتقتل وتأسر وتقفل عائدة من حيث أتت ... وفي الوقت نفسه كانت الرسل تتردد بين الطرفين للتوصل إلى اتفاق ولكن دون جدوى ([14]).و- استنجاد أهالي حلب بأمير ديار بكر : ضاق الأمر بالمسلمين في حلب واعتصرهم الإرهاق والجوع، فاتفق أميرهم بدر الدين الأرتقي وجماعة من كبار المسؤولين على إرسال وفد من زعماء حلب إلى ديار بكر للاستنجاد بأميرها حسام الدين تمرتاش وتسلَّل أعضاء الوفد الثلاثة ليلاً ومضوا إلى ماردين – قاعدة ديار بكر – ليستغيثوا بأميرها علَّه يولي اهتماماً لما تعانيه حلب من ويلات وعندما وصلوا إلى هناك كان حسام الدين منهمكاً في الاستيلاء على بلاد أخيه سليمان الذي كان توفي في تلك السنة، الأمر الذي دفعه إلى إهمال شؤون حلب وعدم الاستجابة لمطالب وفدها، وقد بقي أعضاء هذا الوفد فترة من الوقت في ماردين يحثون حسام الدين على التوجه إلى حلب لانقاذها من الحصار، وهو يعدهم ويمنيهم ويماطلهم دون أن يقدم على أي إجراء فأعلموه أنهم لا يريدون سوى أن يصل بنفسه، والحلبيون يكفونه أمر الغزاة ([15]) إلا أن مساعيهم فشلت وفي نهاية المطاف تمكن الوفد الخلاص من مراقبة حسام الدين التي فرضها عليهم حتى لا يغادروا ماردين للاستنجاد بأمير آخر، خوفاً من ازدياد ضعف مركزه وفقدانه مدينة حلب، واستطاع الوفد الاتصال بوالي الموصل السلجوقي آق سنقر البرسقي ([16]).ز- آق سنقر البرسقى واستجابته لاستغاثة أهل حلب : كان البرسقي حينذاك مريضاً، وكان الضعف قد بلغ منه مبلغاً عظيماً، فمنع الناس من الدخول عليه إلاَّ الأطباء ووصل إلى دبيس من أخبره بذلك، فأعلن البشائر في عسكره وارتفع عنده التكبير والتهليل، ونادى بعض أصحابه أهل حلب : قد مات من أملتم نصره؛ فكادت أنفس الحلبييين تزهق ([17])، وعندما استؤذن للوفد الحلبي بالدخول أذن البرسقي لهم، فدخلوا عليه واستغاثوا به. وشرحوا له الأخطار التي تحيق بحلب ومدى الصعوبات التي يعانيها أهل المدينة، فأجابهم الرجل : إنكم ترون ما أنا الآن فيه من المرض، ولكني قد جعلت لله عليَّ نذراً لئن عافاني من مرضي هذا لأبذلن جهدي في أمركم والذب عن بلدكم وقتال أعدائكم ولم تمض ثلاثة أيام على مقابلته تلك حتى فارقته الحمى، وتماثل للشفاء، وسرعان ما ضرب خيمته بظاهر الموصل، ونادى قواته لأن تتأهب لقتال الصليبيين وإنقاذ حلب، وفي غضون أيام معدودات غدا جيشه على أهبة الاستعداد فغادر الموصل متجهاً إلى الرحبة، وأرسل من هناك إلى طغتكين أمير دمشق وخير خان أمير حمص يطلب منهما مساعدته في إنجاز مهمته، فلبى هذان الأميران دعوته وبعثا عساكرهما للإنضمام إلى جيش البرسقي الذي كان قد تحرك آنذاك صوب بالس القريبة من حلب وأرسل من هناك إلى مسؤوليها وشرط عليهم – تسليم قلعة حلب لنوابه لكي يحتمّى بها في حالة انهزامه أمام الصليبين فأجابوه إلى طلبه، وما أن استتب الأمر لهؤلاء النواب وأطمأن الرجال إلى وجود حماية أمينة في حال تراجعه، حتى بدأ زحفه صوب مواقع القوات الصليبية التي تطوَّق حلب ([18]). وصلت قوات طلائع البرسقي حلب يوم الخميس الثاني والعشرين من ذي الحجة من سنة 518ﻫ وما أن أقترب البرسقي بقواته المنظمة حتى أسرع الصليبيون في التحول إلى منطقة أفضل من الناحية الدفاعية، فعسكروا في جبل جوسن على الطريق إلى أنطاكية، وهكذا غدوا في حالة الدفاع بعد أن كانوا مهاجمين، وخرج الحلبيون إلى خيامهم فنالوا منها ما أرادوا، بنيما اتجه قسم آخر منهم لاستقبال البرسقي والاحتفاء به لدى وصوله، وقد أدرك الرجل ما يرمي إليه الصليبيون بانسحابهم واتخاذهم موقفاً دفاعياً، فلم يتسرع بمهاجمتهم قبل أن يعيد تنظيم قواته من جديد، خوفاً من نزول هزيمة فادحة بعساكره قد تعرض حلب للسقوط، وأرسل طلائعه الكشفية لرد القوات المتقَّدمة إلى معسكراتها في حلب وقال موضحاً خطته هذه : ما يؤمننا أن يرجعوا علينا ويهلك المسلمون؟ ولكن قد كفى الله شرهم، فلندخل إلى البلد ونقويه وننظر إلى مصالحه، ونجمع لهم إن شاء الله، ثم نخرج بعد ذلك إليهم. ومن ثم دخل البرسقي حلب، وبدأ بحل مشاكلها ورفع مستواها الاقتصادي والاجتماعي، فنشر العدل وأصدر مرسوماً برفع المكوس والمظالم المالية وإلغاء الصادرات، وعمَّت عدالته الحلبيين جميعاً بعدما منوا به من الظلم والمصادرات وتحكم المتسلطين طيلة فترة الحصار الصليبي([19])، ولم يكتف البرسقي بذلك، بل قام بنشاط واسع بجلب المؤن والغلال إلى المدينة كي يخفف من حدة الغلاء، ويقضي على الضائقة التي يعانيها الحلبيون، وما لبث النشاط الزراعي في منطقة حلب أن عاد إلى حالته الطبيعية، حيث أستأنف المزارعون العمل في الأراضي التي شَّردوا عنها، كما عاد النشاط التجاري إلى سابق عهده اعتماداً على ما تمتعت به المنطقة من أمن واستقرار ([20])، وهكذا استطاع البرسقي أن يحطم الطوق الذي أحاط به الصليبيون حلب، وأن يخلصَّ هذا الموقع الهام من أخطر محنة جابهته طيلة الحروب الصليبية ويوحده مع الموصل لأول مرة منُذ بدء هذه الحروب، الأمر الذي أتاح لهذا القائد ولعماد الدين زنكي من بعده أن يفيد من هذه الوحدة لتحقيق انتصارات عديدة ضد الغزاة ([21])يقول المؤرخ الإنكليزي المعاصر ستيفن رنسيمان : ... سرعان ما غدت الإمارة التي شكلها البرسقي نواة لما قام بعدئذ بالشام من دولة إسلامية متحدة زمن الزنكيين والأيوبيين والمماليك، ولم يكن الصليبيون الذين وحد بينهم نظام الملكية في بيت المقدس، يواجهون قبل ذلك زادت من ضعفها، وما حدث – إذن – من توحيد حلب مع الموصل يعتبر بدء توحيد الجبهة الإسلامية التي قدر لها أن تقضي في يوم من الأيام على قوة الصليبيين في الشام ([22]).ح- مقتل البرسقي : في سنة 520ﻫ ثامن ذي القعدة، قتل قسيم الدولة آقسنقر البرسقي صاحب الموصل، بمدينة الموصل قتلته الباطنية يوم جمعة بالجامع وكان يصلي الجمعة مع العامة وكان قد رأى تلك الليلة في منامه أن عدة من الكلاب ثاروا به، فقتل بعضها، ونال منه الباقي ما أذاه فقص رؤياه على أصحابه، فأشاروا عليه بترك الخروج من داره عدة أيام فقال : لا أترك الجمعة لشيء أبداً، فغلبوا على رأيه، ومنعوه من قصد الجمعة، فعزم على ذلك، فأخذ المصحف يقرأ فيه، فأول ما قرأ " وكان أمر الله قدر مقدوراً " (الأحزاب، آية : 38)، فركب إلى الجامع على عادته، وكان يصلي في الصف الأول، فوثب عليه بضعة عشر نفساً عدة الكلاب التي رآها، فجرحوه بالسكاكين، فجرح هو بيده منهم ثلاثة وقتل رحمه الله، وكان مملوكاً تركياً خيراً، يحب أهل العلم والصالحين، ويرى العدل ويفعله وكان من خير الولاة يحافظ على الصلوات في أوقاتها، ويصلي من الليل متهجداً ([23]).ط- الباطنية من أخطر معوقات حركة الجهاد : أثبت الباطنية عداءهم الكامل لقادة الجهاد الإسلامي في ذلك العصر، وكأن خناجرهم المسمومة كانت تشق للصليبيين طريقاً نحو تثبيت أقدامهم في بلاد الشام والجزيرة على حساب المسلمين وهكذا أثبتت وقائع التاريخ كيف التقى قادة الجهاد الإسلامي في ذلك العصر في بعض الأحيان – في الشهادة – فمن قبل اغتيل شرف الدين مودود، والآن نجد آق سنقر البرسقي يلقى نفس المصير، وقد عكس ذلك كله : أن مسلك الإسماعيلية النزارية في ذلك الحين كان من أخطر معوقات حركة الجهاد ضد الغزاة نظراً لوجود عدوين في وقت واحد أمام القيادات المسلمة السنية على نحو عكس المشاق البالغة التي واجهت أولئك القادة ([24]) في الدفاع عن عقيدة الأمة ودينها وأعراضها.  هذا وإن كان أقسنقر البرسقي قد استشهد فإن قائمة المجاهدين عامرة ومتأهبة للقتال في سبيل الله، ففي ربيع الآخر من عام 521ﻫ/1127م عهد السلطان محمود إمارة الموصل إلى عماد الدين زنكي وبظهوره على مسرح الأحداث بدأت صفحة جديدة في ميزان القوى بين المسلمين والصليبيين ([25])، وقد بدأ عماد الدين بتكوين جبهة إسلامية متحدة ضد الصليبيين فسيطر على القلاع القريبة منه مثل جزيرة ابن عمر ونصيبين وسنجار وبلاد الخابور وحران، ثم أتجه تفكيره بعد ذلك للاستيلاء على حلب، أكبر المراكز الإسلامية بشمال الشام، وواتته الفرصة عندما علم باضطراب الأحوال بها وتهديد كل من جوسلين الثاني صاحب الرها بوهيمند الثاني صاحب أنطاكية لها، فسارع عماد الدين زنكي إليها فلقيه أهلها بالبشر ودخل البلد في يوم الاثنين 13 جمادي الآخرة سنة 522ﻫ/ يونيو 1128م ([26])واستولى عليه ورتب أموره وأقطع أعماله الجنود والأمراء، ويؤكد ابن الأثير على أهمية هذا الفتح بقوله : ولولا أن الله تعالى من على المسلمين بولاية الشهيد لكن الفرنج استولوا على الشام جميعه ([27]). وسوف يأتي الحديث عن عماد الدين والأسرة الزنكية في كتابنا القادم بإذن الله تعالى عن الحروب الصليبية في عهد الزنكيين وسيرة نور الدين محمود الشهيد الملك العادل . وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين جدول بأسماء القادة والعلماء الذين اغتيلوا بيد الباطنية : 
  اسم المغتال السنة كيفية وقوع حادث الاغتيال
  الخليفة المسترشد بالله العباسي 529ﻫ هجم عليه بضعة عشرة من الباطنية وطعنوه بالخناجر، ثم مثلوا به.
  الخليفة الراشد العباسي 532ﻫ اغتيل غدراً في أصبهان.
  الوزير نظام الملك السلجوقي 585ﻫ تقدم إليه باطني في صورة مستغيث ولما اقترب منه طعنه بسكين وقتله.
  الوزير نظام الملك (أبو نصر) 503ﻫ وثب عليه جماعة من الباطنية وهو يؤدي الصلاة في الجامع وجرحوه عدة جراحات.
  الوزير أبو المحاسن عبد الجليل الدهستاني 495ﻫ عدا عليه شاب باطني وجرحه عدة جراحات مات بعدها.
  الوزير الكمال أبو طالب السميرمي 516ﻫ وثب عليه الباطنية وهو سائر في طريق ضيق وقتلوه.
  الوزير معين الملك (أبو نصر) 521ﻫ وثب عليه باطني وهو غافل مطمئن فقتله، وكان هذا الباطني يعمل سائساً لخيل معين الملك ليصل إلى هدفه.
  الوزير عضد الدين أبو الفرج بن رئيس الرؤساء 573ﻫ تقدم إليه جماعة من الباطنية في صورة فقراء ومعهم رقاع وهو في طريقه إلى الحج فتقدم إليه أحدهم وضربه بسكين وتبعه ثان وثالث حتى قتلوه.
  الوزير نظام الملك مسعود بن علي 596ﻫ قتله الباطنية غدراً.
  الوزير فخر الملك أبو المظفر علي بن نظام الملك 500ﻫ تقدم إليه شاب من الباطنية وهو يتظلم وفي يده رقعة، وبينما كان يقرؤها الوزير وثب عليه ذلك الشاب بخنجر كان معه وقتله.
 (1) الكامل : جـ 8/ 200.(2) الكامل : جـ 8/319.(3) هذا الجدول نُقل من كتاب الجهاد والتجديد ص 146 ، 147.جدول بأسماء القادة والعلماء الذين اغتيلوا بيد الباطنية : 
  اسم المغتال السنة كيفية وقوع حادث الاغتيال
  الأمير بلكابك سرمز 493ﻫ طعنه الباطنية بسكاكينهم غدراً فقتلوه.
  الأمير مودود 507ﻫ وثب عليه الباطنية بعد فراغة من أداء صلاة الجمعة في جامع دمشق وقتلوه.
  الأمير أحمد بن إبراهيم الروادي 510ﻫ تقدم إليه رجل من الباطنية وهو يتظلم ويبكي ومد إليه رقعة سأله أن يوصلها له إلى السلطان، فلما أخذها منه وثب عليه ذلك الرجل على الفور بسكينه وقتله.
  الأمير قسيم الدولة آقسنقر البرسقي 520ﻫ هجم عليه بضعة عشر نفراً من الباطنية في الجامع وهو يؤدي صلاة الجمعة فقتلوه.
  الأمير تاج الملوك بوري بن طغتكين 525ﻫ هجم عليه اثنان من الباطنية وحاولا قتله، لكنه برئ من جراحه فيما بعد ولكنه توفي في السنة التي بعدها متأثراً بأحد تلك الجراح.
  الأمير آقسنقر الأحمديلي 527ﻫ قتله الباطنية غدراً.
  الأمير أغلمش 614ﻫ قتله الباطنية غدراً.
  الأمير شهاب الدين الغوري 602ﻫ قتله الباطنية غدراً وخوفاً منه ومن بطشه.
     جدول بأسماء القادة والعلماء الذين اغتيلوا بيد الباطنية : 
  اسم المغتال السنة كيفية وقوع حادث الاغتيال
  أمير من أمراء جلال الدين بن خوارزم شاه 264ﻫ قتله الباطنية غدراً.
  الأمير جناح الدولة حسين 495ﻫ وثب عليه ثلاثة من الباطنية في الجامع بعد فراغه من أداء صلاة الجمعة وقتلوه.
  الأمير خلف بن ملاعب 499ﻫ قتله الباطنية غدراً.
  الأمير شمس الملوك إسماعيل بن بوري 529ﻫ قتله الباطنية غدراً.
  الأمير برسق الكبير 490ﻫ قتله الباطنية غدراً.
  الأمير سيف الدين أخو علاء الدين الغوري 547ﻫ قتله الباطنية غدراً.
  السلطان داود بن السلطان محمود 538ﻫ قتله الباطنية غدراً.
  السلطان بكتمر 589ﻫ تقدم إليه من الباطنية في زي الصوفية، وقدم إليه أحدهم قصة فأخذها وضربه بسكين على الفور وقتله.
  السلطان صلاح الدين الأيوبي 570ﻫ حاولوا قتله داخل معكسر جيشه لكنهم فشلوا
  السلطان صلاح الدين الأيوبي 571ﻫ حاولوا قتله وهو محاصر لحلب لكنهم فشلوا.
  النائب نصر خان بن أرسلان خان محمد 524ﻫ قتله الباطنية غدراً.
  المقرب جوهر 547ﻫ تعرض إليه جماعة من الباطنية في زي نساء واستغثن به، فوقف يسمع كلامهم، فوثبوا عليه وقتلوه.
  أبو صالح بن العجمي 573ﻫ وثب عليه جماعة من الباطنية في الجامع وقتلوه.
  أخو الأمير قتادة أمير مكة 608ﻫ وثبوا عليه بمنى أيام الحج وقتلوه.
  أبو القاسم ابن إمام الحرمين 492ﻫ قتله الباطنية غدراً.
  الفقيه أحمد بن الحسين البلخي 494ﻫ قتله الباطنية غدراً.
 جدول بأسماء القادة والعلماء الذين اغتيلوا بيد الباطنية : 
  اسم المغتال السنة كيفية وقوع حادث الاغتيال
  الفقيه عبد اللطيف بن الخجندي 523ﻫ قتله الباطنية غدراً.
  الفقيه أبو المحاسن الروياني 502ﻫ قتله الباطنية غدراً.
  القاضي أبو العلاء مساعد النيسابوري 499ﻫ قتله الباطنية بجامع أصبهان.
  القاضي عبيد الله بن علي الخطيبي 502ﻫ قتله الباطنية بالجامع وهو يؤدي صلاة الجمعة.
  القاضي صاعد بن عبد الرحمن أبو العلاء 502ﻫ قتله الباطنية يوم عيد الفطر بنيسابور
  القاضي أبو سعد محمد بن نصر الهروي 518ﻫ هجم عليه قوم من الباطنية في جامع همذان وقتلوه.
  الواعظ أبو جعفر ابن المشاط 498ﻫ كان يدرس للناس في الجامع ولما نزل من على كرسيه وثب عليه باطني وقتله.
  الواعظ أبو المظفر الخجندي 496ﻫ وكان يدرس للناس في الجامع ولما نزل من على كرسيه وثب عليه باطني وقتله.
 وبعد الإطلاع على الجدول السابق، يتبين لنا ضخامة الدور البشع لتلك الحركات في القضاء على فاعلية الأمة وحيوتيها، في الصراع الدائر بين المسلمين والغُزاة الصليبيين.ويتضح لنا من سلسلة الاغتيالات وتوقيتها، ونوع شخصياتها ملاحظات في غاية الأهمية منها : أن الذين قتلوا على يد الباطنيين، كانوا يمثلون مراكز القيادة والتوجيه في ميادين السياسة والفكر والجهاد في سبيل الله.وأن تصفية هؤلاء، كان خدمة متعمدة لخدمة الصليبيين من جهة ولقيادة المذهب الإلحادي الخبيث من جهة أخرى.أن كثيرً من ضحايا الاغتيال قتل وهو صائم، أو في وقت تأدية صلاة الجمعة أو خلال مجلس للوعظ الديني والإفتاء في بيوت الله [28].


(([1] دراسات تاريخية ص 12 ، 13.

(([2] زبدة حلب (2/220).

(([3] الاعتبار ص 103، 120 – 121.

(([4] دراسات تاريخية د. عماد الدين خليل ص 14.

(([5] الكامل في التاريخ (8/642).

(([6] ذيل تاريخ دمشق ص 212.

(([7] الاعتبار ص 103 ، زبدة حلب (2/222 – 223).

(([8] دراسات تاريخية د. عماد الدين خليل ص 15.

(([9] سير أعلام النبلاء (19/613).

(([10] زبدة حلب (2/225 – 226).

(([11] الكامل في التاريخ (8/642).

(([12] زيدة حلب (2/224 – 225) دراسات تاريخية ص 15.

(([13] دراسات تاريخية ص 15.

(([14] المصدر نفسه ص 16، ذيل تاريخ دمشق ص 212.

(([15] دراسات تاريخية ص 16.

(([16]زبدة حلب (2/227) دراسات تاريخية ص 17.

(([17] دراسات تاريخية ص 17.

(([18] نهر الذهب للغزي (3/86 -87) دراسات تاريخية ص 18.

(([19] زبدة حلب (2/229 – 230) دراسات تاريخية ص 19.

(([20] دراسات تاريخية ص 19.

(([21] المصدر نفسه ص 20.

(([22] الشرق الأوسط والحروب الصليبية (1/345 ، 485 – 486).

(([23] الكامل في التاريخ (8/651).

(([24] الحروب الصليبية العلاقات بين الشرق والغرب ص 161.

(([25] دور الفقهاء والعلماء المسلمين في الشرق الأدنى في الجهاد ضد الصليبيين خلال الحركة الصليبية ص48.

(([26] الكامل في التاريخ (8/663).

(([27] الكامل في التاريخ (8/664).

[28] التحديد والجهاد في القرن السادس الهجري ص 150.


***************
المقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله " يأ أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون "
(آل عمران : 102).

يأيها الناس اتقَّوا رَبَكّم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً " (النساء : 1).

" يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديدا* يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً، (الأحزاب : 70،71).

يارب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك ولك الحمد حتى ترضى، ولك الحمد إذا رضيت، ولك الحمد بعد الرضى، فلله تعالى الحمد كما ينبغي لجلاله وله الثناء كما يليق بكماله، وله المجد كما تستدعيه عظمته وكبرياؤه أما بعد :

هذا الكتاب امتداد لما سبقه من كتب درست عهد النبوة وعهد الخلافة الراشدة، وقد صدر منها السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث، أبو بكر الصديق، وعمر ابن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، والحسن بن علي رضي الله عنهم جميعاً، والدولة الأموية وقد سميت هذا الكتاب دولة السلاجقة والمشروع الإسلامي لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبين ويعتبر حلقة مهمة من ضمن سلسلة حلقات تاريخ امتنا والمتعلقة بالحروب الصليبية والتي نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يوفقنا لاتمامها وأن تكون خالصة لوجه الكريم ويطرح في كل الكتب القبول والبركة من عنده، وهذا الكتاب يتحدث عن السلاجقة وأصولهم وسلاطينهم ومواطنهم وبداية ظهورهم، وعن اتصال الأتراك بالعالم الإسلامي، وعن المشرق الإسلامي قبيل ظهور السلاجقة وعن الدولة السامانية والغزنوية والصراع الغزنوي السلجوقي، ومعركة دندانقان وقيام السلطنة السلجوقية ويتحدث عن الدولة القراخانية، وعن البويهيين وتشيعهم وإهانتهم للخلفاء العباسيين، وعن صلتهم بالقرامطة، وموقفهم من حماية حدود الدولة الإسلامية، وعن جهودهم في مناصرة حركة التشيع وإثارة التفرقة والنعرات الضيقة وإنشاءهم مراكز شيعية متخصصة في التأليف والتعليم وإشاعة الآراء المنحرفة للفلاسفة مثل حركة إخوان الصفا، وعن نهاية الدولة البويهية، ويتحدث عن اجتماع السلاجقة على زعامة طغرل بك وتوسع دولتهم واعتراف الخليفة العباسي بهم، ويتكلم هذا الكتاب عن النفوذ الفاطمي العبيدي في العراق وفتنة البساسيري، وعقيدة الدولة الفاطمية العبيدية وصلتها بالقرامطة، وعن حكم العلماء في الفرق الباطنية، وعن جهود هبة الله الشيرازي في نشر الفكر الباطني في العراق وما حولها ودعمه للحركة الإنقلابية التي قام بها القائد العسكري البساسيري للقضاء على الخلافة العباسية وضم العراق للدولة الفاطمية العبيدية، وعن استيلاء البساسيري على بغداد وإقامة الخطبة فيها للفاطميين، وعن رسالة الخليفة القائم بأمر الله من أسره إلى طغرل بك، واستجابته لنداء الخليفة ومقتل البساسيري ومحاربة السلاجقة للدعوة الفاطمية العبيدية، وعن موقف الدولة السلجوقية من الدولة البيزنطية في عهد طغرل بك وعن جهود الوزير السلجوقي عميد الملك الكندري في خدمة الدولة، ويتضمن هذا الكتاب سيرة السلطان السلجوقي ألب أرسلان والذي تولى السلطنة بعد طغرل بك وعن جهاده في سبيل الله، وحملته على الشام وضم حلب وعن انتصاره الشهير الكبير في معركة ملاذكرد سنة 463ﻫ على الروم ووقوع ملكهم في الأسر وما ترتب على تلك المعركة من نتائج، ويتحدث عن وفاة ألب أرسلان وتولى ابنه ملكشاه، من بعده السلطنة وعن سيرة ملكشاه بنوع من التفصيل، وعن سيرة الحسن الصباح والدعوة النزارية الإسماعيلية الحشيشية وسيطرته على قلعة آلموت وعن مراتب ودرجات أعضاء الدعوة النزارية الباطنية، ومهام الدعاة عندهم، ومراحل الدعوة لديهم، ومنطلقات الحركات الباطنية، وأساليبهم في خداع جماهير الناس، وعن المراسلة التي تمت بين الحسن الصباح، والسلطان ملكشاه، ويعطي نبذه مختصرة عن دولة الإسماعيلية في إيران، ويتكلم عن الخليفة القائم بأمر الله العباسي وخلافة ابنه المقتدى بالله، وتدهور العلاقات بين ملكشاه والمقتدى بأمر الله، ويبرز الكتاب المشروع السني الذي قام به الوزير السلجوقي نظام الملك في عهد ألب أرسلان وملكشاه، ويفصل في سيرة هذا السياسي الكبير، فيتحدث عن ضبطه لأمور الدولة، والتصور النظري عنده لها واهتمامه بالتنظيمات الإدارية، والبعد الاقتصادي وعنايته بالمنشآت المدنية، ودوره في النهوض بالحركة العلمية والأدبية، وعن عبادته، وتواضعه ومدح الشعراء له وعن وفاته وتأثر أهل بغداد والمسلمين بوفاته ورثاه الشعراء بقصائد منهم مقاتل بن عطية حيث قال :


كان الوزير نظام الملك لؤلؤة
 
 يتيمة صاغها الرحمن من شرف

عزَّت فلم تعرف الأيام قيمتها
 
 فرّدها غيرة منه إلى الصدف


ويمضي الكتاب مع القارئ إلى عهد التفكك وضعف وإنهيار الدولة السلجوقية، ويشير إلى الصراع بين بركيارق بن ملكشاه، وتركان خاتون زوجة أبيه التي قاتلت من أجل تولى السلطنه ابنها محمود الطفل الصغير ويفصل الكتاب في الصراعات الداخلية والقتال الذي حدث داخل البيت السلجوقي، ووفاة بركيارق بن ملكشاه وتولي محمد بن ملكشاه السلطنة والذي قام بمحاربة الباطنية، وتناول الكتاب سيرة الخليفة المستظهر بالله، وسيرة السلطان السلجوقي سنجر بن ملكشاه، والصراع الداخلي في البيت السلجوقي على السلطنة، وسيرة السلطان مسعود بن محمد بن ملكشاه، وصراعه مع الخليفة العباسي المسترشد بالله الذي حاول انتزاع حقوق الخليفة من السلاطين السلاجقة وإعادة هيبة الخلافة إلا أنه وقع في الأسر ثم قُتل بواسطة الباطنية ثم تولى الخليفة الراشد بعد والده المسترشد إلا أنه عزل ثم قُتل في عهد السلطان مسعود السلجوقي، وتحدثت عن مظاهر السيطرة السلجوقية على الخلافة العباسية والتي منها؛ نقل مقر الحكومة خارج بغداد، وتفويض السلطة من الخليفة إلى السلطان السلجوقي، وتدخل السلاجقة في ولاية العهد، وحرمان الخلافة العباسية خلال فترة السيطرة السلجوقية من إعادة تشكيل الجيش، وتكلمت عن بداية انتعاش الخلافة العباسية في عهد المقتفي لأمر الله المتوفى 555ﻫ والذي سيأتي الحديث عنه بإذن الله عند حديثنا عن الزنكيين، وأشرت إلى نهاية الدولة السلجوقية وأسباب زوالها وفي الفصل الثاني تطرقت إلى نظام الوزارة العباسية في العهد السلجوقي وعن صفات وزير الخليفة العباسي من العلم، والرأي السديد، والعدل، والكفاية والسياسة والشؤون الدينية، وقوانين الوزارة والبلاغة وحسن الترسل والمحبة لدى العامة والخاصة والمعرفة بقواعد ديوان الخلافة وعن صفات الوزير السلجوقي، من محبة العلم والعلماء والعدل، والصلاح والفقه، وإجادة اللغة العربية والفارسية والكفاية، وتدبير البلاد والجيوش، والشهامة والصبر وعن مراسيم تقليد الوزير العباسي والسلجوقي وألقابهم وامتيازاتهم وصلاحياتهم الإدارية والسياسية والمالية والعسكرية، وعن أساليب العزل والمصادرة، وعن المساومة والمنافسة على منصب الوزارة العباسية والوزارة السلجوقية وترجمت لأشهر وزراء الخلفاء العباسيين في العهد السلجوقي كفخر الدولة بن جهير، وعميد الدولة ابن جهير والوزير أبو شجاع محمد بن الحسين الروذراوري وهو القائل عن الوزارة :
تولاها وليس له عدو
 
 وفارقها وليس له صديق


والوزير الحسن بن علي بن صدقة، وشرف الدين علي بن طراد الزينبي، والوزير الكبير عون الدين بن هبيرة والذي سيأتي بإذن الله ترجمته مفصله في سيرة نور الدين زنكي عند حديثنا عن الزنكيين ودورهم المجيد في دحر الصليبيين، كما أشرت إلى وزراء سلاطين السلاجقة وأهم أعمالهم وفي الفصل الثالث :اهتممت بالمؤسسة العسكرية السلجوقية والتي كانت القوى الضاربة للدولة، ففصلت في أسس الإدارة العسكرية السلجوقية، كتنشئة العسكرية للأبناء، والجهاد في سبيل الله، والحرص على كسب ولاء الجيش وقادته، والخبرة والتجربة، والإخلاص والتضحية، والحيطة والحذر والمتابعة، والعلاقة بين الجند وقادتهم والتدرج في الرتب العسكرية، والجمع بين الرأي والتدبير والقوة العسكرية، والاعتماد على أجناس مختلفة، وزيادة عدد أفراد الفرق العسكرية، والتقسيم العشري كأمراء المئين مقدموا الألوف، وأمراء العشرات، والخمسات، والإقطاع العسكري، وخصائصه، وعوامل التوسع فيه وموقف العلماء منه، ونظام الرهائن، والإعداد المعنوي للجيش، كما تحدثت عن نظم الإدارة العسكرية كالمناصب القيادية، كالأمير الحاجب الكبير، وصفات قائد الجيش ورواتب الجند، والقائد العام وأمير الحرس والمقدم والعميد والأتابك، وقاضي العسكر وديوان عرض الجيش، كتنظيم سجلات أسماء الجند، وعرض الجيش، وتحديد المهام الموكلة إلى الجند والإشراف على النواحي التموينية، والنواحي المالية، والإشراف على التسليح وعلى زي الجند، وثكناتهم، وعن أقسام الجيش السلجوقي من القوة النظامية، والقبائل التركمانية، وفرق الولايات وقوات المدن والمتطوعة والأوباش والطلائع وفرق إعداد المنازل التي سيمر بها الجيش، وعن عناصر الجيش من الأتراك والعرب، والأكراد والديلم والأرمن، وفرق الجيش، كالفرسان والنشابة والنفاطيون والمنجنيقيون، وعن التعليم والتدريب العسكري، وحجم الجيش السلجوقي ونظام العيون والجواسيس، والإسناد العسكري بالجند، والمهندسين، وحمل الأثقال والتموين والإسناد الطبي وعن الخيل ودورها في القتال، وشعار السلاجقة وأعلامهم والموارد المالية لجيوشهم، وتحدثت عن الأسلحة الهجومية وأسلحة الوقاية والدفاع عن النفس، وأسلحة العرض والزينة، ونظام حماية المدن ووسائل الحصار وصناعة الأسلحة وخزائها والخطط والفنون القتالية عند السلاجقة، كالقدرة على التحرك، مثل السرعة، واستخدام الكمائن، والتراجع الزائف، وخطة تطويق العدو، والمباغتة والمفاجأة والرمي بالسهام والألتحام مع العدو والاستنزاف وسياسة الأرض المحروقة والتأثير على جيش العدو، والسيطرة على الطرق وعلى موارد المياه، والتأمين العسكري والمهام الخاصة الطارئة والحربية والحراسة ونظام التعبئة وأفردت مبحثاً عن أثر نظم السلاجقة في الدولة الزنكية، والأيوبية والمماليك، وقد تأثرت كذلك الدولة العثمانية بتلك النظم العسكرية، وقد أشرت إلى دور المرأة في العهد السلجوقي وفي الفصل الرابع كان الحديث عن المدارس النظامية منُذ نشأتها وعن أهدافها التعليمية ووسائل نظام الملك في تحقيق أهداف المدارس، كأختيار الأماكن، والأساتذة والعلماء، وتحديد منهج الدراسة، وتوفير الإمكانات المادية، وتنظيم الهيئة التدريسية، من تعيين الأساتذة وفصلهم وأثر تلك المدارس في العالم الإسلامي فقد أدت رسالتها من تخريج العلماء على المذهب السني الشافعي وزودت الجهاز الحكومي للسلاجقة بالموظفين ردحاً من الزمن وبخاصة دوائر القضاء والحسبة والاستفتاء وهي من أهم وظائف الدولة في ذلك العصر وانتشر هؤلاء في العالم الإسلامي حتى اخترقوا حدود الباطنية في مصر وبلغوا الشمال الأفريقي ودعموا الوجود السني بها وقد ساهمت هذه المدارس في إعادة دور منهج أهل السنة في حياة الأمة بقوة وتقليص نفوذ الفكر الشيعي وخاصة بعد أن خرجت المؤلفات المناهضة له من هذه المدارس وكان الإمام الغزالي صاحب القدح المعلى في الوقوف أمام المد الشيعي الباطني الإسماعيلي وقد مهدت المدارس النظامية بتراثها ورجالها وعلمائها السبيل ويسرته أمام نور الدين زنكي والأيوبيين كي يكملوا المسيرة التي من أجلها أنشئت النظاميات، وتتمثل في سيادة الإسلام الصحيح وخاصة في المناطق التي كانت موطناً للنفوذ الباطني الرافضي في تلك المرحلة، كالشام ومصر وغيرها، كما إنها أمدت الأمة بالعقيدة الصحيحة والفكر الثاقب، والثقافة العميقة، والمناهج التربوية الرائدة التي ساهمت في تخريج قادة الجهاد في العهد الزنكي وامتد تأثيرها الفكري والعقائدي إلى الدولة الأيوبية والمماليك بل تعدى مداها الزمني إلى يومنا هذا.

وقد قامت المدارس النظامية على فقه الإمام الشافعي وتراثه في الأصول والفقه، كما كان لتراثه تأثير كبير في المدارس النظامية ولذلك رأيت من المناسب أن نعَّرف بهذا الإمام الكبير، فذكرت شيئاً من سيرته، وأصوله في إثبات العقيدة، ومنهجه في إثباتها، كحقيقة الإيمان ودخول الأعمال في مسماه وزيادة الإيمان ونقصانه، وحكم مرتكب الكبيرة، وتوحيد الألوهية، وطريقته في الاستدلال على وجود الله، وتوحيد الأسماء والصفات، وعقيدته في الصحابة وعناصر المنهج في فقه الإمام الشافعي وعن توفر شروط المجدد في مجال الفقه وأصوله، كما ترجمت للإمام أبي الحسن الأشعري، فقد ساهم هذا الإمام بتراثه وأفكاره التي وضعها في كتبه في نشاط المدارس النظامية التي اعتمدت ما وصل إليه من بحوث في عقائد أهل السنة والردود على المعتزلة والمخالفين لأصول أهل السنة والجماعة وقد بينت المراحل التي مّر بها وكيف استّقر في المرحلة الثالثة على أصول  منهج أهل السنة والجماعة، وتحدثت عن سّر عظمة الأشعري في التاريخ ووضحت عقيدته التي يدين بها وآخر ما مات عليه من معتقد، وأثر تراثه في المدارس النظامية وكيف امتد ذلك التأثير في عهد والأيوبيين والمماليك والعثمانيين، وتحدثت عن إنصاف ابن تيمية لإعلام الأشاعرة وثناؤه على أبي الحسن الأشعري، وموقفه من الباقلاني والجويني والغزالي وأفردت مبحثاً عن أشهر علماء المدارس النظّامية، كأبي إسحاق الشيرازي، وتكلمت عن مكانته وثناء الناس عليه ومؤلفاته وشيء من شعره، وترجمت لإمام الحرمين عبد الملك الجويني وأشرت إلى ثناء الناس عليه وأهم أخلاقه وصفاته، وذكرت القيمة العلمية لكتاب الإمام الجويني غياث الأمم، وعودته إلى مذهب السلف ورجوعه عن علم الكلام ونهيه أصحابه عنه ومؤلفاته في العقيدة والفقه وأصوله والخلاف والجدل والسياسة، وترجمت للإمام الغزالي الذي كان من كبار الأساتذة في المدارس النظامية، وتحدثت عن اجتهاده في طلب العلم، وملازمته إمام الحرمين، وتعيينه مدرساً على نظامية بغداد، وعن أسباب نبوغ الغزالي وشهرته والتحول الكبير الذي غير مجرى حياته وعودته للتصدي للتعليم، والترتيب الزمني لمؤلفاته، وموقفه من الشيعة الباطنية وموقفه من الفلاسفة والفلسفة وعلم الكلام والتصوف، ومنهجه الإصلاحي وصفات هذا المنهج، وتشخيصه لأمراض المجتمع، وتكلمت عن ميادين الإصلاح عنده، ووضع منهاج جديد للتربية والتعليم وبناء العقيدة الإسلامية وإحياء رسالة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونقد سلاطين الظلمة والدعوة للعدالة الاجتماعية، ومحاربة التيارات الفكرية المنحرفة، وأشرت إلى دوره في إصلاح الفكر، كدور العقل، ورفض التقليد، والدعوة إلى الكتاب والسنة والالتزام بمنهج السلف وعن موقفه من الاحتلال الصليبي، وترجمت للإمام البغوي وبينت جهوده في خدمة الكتاب والسنة في العهد السلجوقي وأثر كتبه في العلماء وطلاب العلم ونشر السنة، وتكلمت عن سيرة أبي إسماعيل الأنصاري الهروي، وكتابه منازل السائرين، ومكائد خصومه له، ولقد اتضحت من خلال دراست المدارس النظامية أن البعد العقدي والفكري لا بد منه لأي مشروع سياسي أو عسكري أو حضاري يراد له النجاح في أوساط المسلمين وأن من عوامل نهوض الأمةأن تكون القيادة السياسية مبدعة في التفكير، وفي تحديد الأهداف صادقة في الانتماء لعقيدة الأمة ودينها وتاريخها وقادرة على توظيف الطاقات العلمية والفكرية وكافة الأمكانات وتحويلها من أعمال فردية إلى أعمال جماعية، عاملة على وحدة الصف ومحاربة الانشقاق، كما أن قدرة العلماء على النزول بأفكارهم وعلمهم في الجمهور الإسلامي العريض من عوامل نهوض الأمة وفي الفصل الخامس تحدثت عن الحروب الصليبية في العهد السلجوقي فتحدثت عن الجذور التاريخية للحروب الصليبية، وأهم أسباب ودوافع هذا الغزو، كالدافع الديني والسياسي، والاجتماعي والاقتصادي، وتبدل ميزان القوى في حوض البحر المتوسط، واستنجاد أمبراطور بيزنطه بالبابا أوربان الثاني وشخصية البابا أوربان الثاني ومشروعه الشامل للغزو الصليبي، والخطبة التي ألقاها أوربان الثاني، ونتائج مهمة من خطاب البابا، وكتدعيمه خطابه بعدد من النصوص الواردة في الكتاب المقدس، وترتيب الأولويات عنده، وقدرته على تقديم مشروع عام استوعب طاقات غرب أوربا وتحريك لاحتلال بلاد الشام والهيمنة على المشرق، ووصفت بدء الحرب الصليبية الأولى، ابتداءً من حملة العامة الغوغاء ومروراً بحملة الأمراء، وموقف الإمبراطور البيزنطي من ذلك، وسقوط نيقية، ومعركة دوريليوم، وسقوط قونية وهرقلة، وإمارة الرها، وإمارة أنطاكية، وبيت المقدس، وطرابلس، وصيدا وحللت أسباب نجاح الحملة الصليبية الأولى وبينت أهم أسبابها، كإنعدام الوحدة السياسية في العالم الإسلامي، والصراع على السلطنة في داخل البيت السلجوقي، ووجود الدولة الفاطمية، وسقوط الخلافة الأموية بالأندلس ودور النصارى الذين كانوا يعيشون في بلاد الشام، وموقف بعض الإمارات العربية من الغزو الصليبي، ودور الباطنية الإسماعيلية في عرقلة الجهاد ضد الصليبيين، كتعاونهم مع الصليبيين، واغتيال القادة المسلمين، وإشاعة الرعب والخوف في المجتمع الإسلامي، ونقلت فتوى ابن تيمية في الحركات الباطنية، ومن الأسباب التي ذكرتها، انتشار الفكر الشيعي الرافضي الباطني، وتدهور الحياة الاقتصادية قبيل الغزو الصليبي، وضعف الدولة البيزنطية، وتمرس فرسان الإفرنج على الحرب والإمدادات الأوروبية المستمرة لهم، وأثر الاستبداد على الدين والحياة، والمعارك في فقه الفروع، وذكرت استراتيجية الحملة الصليبية بعد الاحتلال وأفردت مبحثاً عن حركة المقاومة الإسلامية في العهد السلجوقي في ما بين الغزو الصليبي وظهور عماد الدين زنكي، وعن دور الفقهاء والقضاة واستجابتهم لمقاومة الغزو، وتحريضهم على الجهاد بالكتابة والتأليف والمشاركة الفعلية في ساحات الجهاد، وتطرقت لجهود الشعراء ودورهم في حركة المقاومة، وأنصفت قادة الجهاد من السلاجقة قبل عماد الدين، كجهاد قوام الدولة كربوقا صاحب الموصل، وجكرمش صاحب الموصل وسقمان بن ارتق صاحب ماردين وديار بكر، ومعركة البليخ وانتصار المسلمين على الصليبيين، ونتائج تلك المعركة، وتحدثت عن الأعمال الجهادية التي قام بها قلج أرسلان في آسيا الصغرى ومعركة مرسيفان وهرقلة الأولى والثانية ووصفت حملات شرف الدولة مودود بن التونتكين ضد الصليبيين وما ترتب على حملاته من نتائج، وترجمت للمجاهد الكبير نجم الدين ايلغازي صاحب ماردين، وأشرت إلى انتصاره في معركة ساحة الدم، وأثر وفاته على المسلمين وكيف تولى الأمير بلك بن بهرام ابن أخ ايلغازي راية الجهاد وكان خصماً عنيداً للصليبيين وكان يتطلع للقضاء عليهم لا في منطقة الجزيرة فقط، بل وفي بلاد الشام واستطاع أن يأسر بعض ملوك الصليبيين في حروبه، وبعد استشهاده رفع راية الجهاد أمير الموصل آق سُنقُر البرسقي، وتحدثت عن مقتل البرسقي بيد الباطنية وهو في الصف الأول عند صلاة الجمعة وكان تركياً خيراً يحب أهل العلم والصالحين، ويرى العدل يفعله وكان من خيرة الولاة يحافظ على الصلوات في أوقاتها، ويصلي من الليل متهجداً، وحذرت من خطر الباطنية، فقد كانوا من أخطر معوقات حركة الجهاد، فقد أتضح عداءهم الكامل لقادة الجهاد الإسلامي في ذلك العصر وكأن خناجرهم المسمومة كانت تشق للصليبيين طريقاً نحو تثبيت أقدامهم في بلاد الشام والجزيرة على حساب المسلمين ومن فضل الله على هذه الأمة أن قائمة المجاهدين عامرة ومتأهبة للقتال في سبيل الله، ففي عام 521ﻫ/1127م عهد السلطان محمود إمارة الموصل إلى عماد الدين زنكي وبظهوره على مسرح الأحداث بدأت صفحة جديدة في ميزان القوى بين المسلمين والصليبيين، وقد بدأ عماد الدين بتكوين جبهة إسلامية متحدة ضد الصليبيين ويؤكد ابن الأثير على أهمية ظهور عماد الدين بقوله : ولولا أن الله تعالى منَّ على المسلمين بولاية الشهيد لكن الفرنج استولوا على الشام جميعه وسوف يأتي الحديث بإذن الله تعالى عن عماد الدين والأسرة الزنكية في كتابنا القادم بإذن الله تعالى عن الحروب الصليبية في عهد الزنكيين وسيرة نور الدين محمود الشهيد الملك العادل.

إن أية أمة تريد أن تنهض من كبوتها لا بد أن تحرك ذاكرتها التاريخية لتستخلص منها الدروس والعبر والسنن في حاضرها وتستشرف مستقبلها، وإيجاد الكتب النافعة في هذا المجال من الضرورات في عالم الصراع والحوار، والجدال والدعوة مع الآخر، وهذا يدخل ضمن سنة التدافع في الأفكار والعقائد، والثقافات والمناهج وهي تسبق التدافع السياسي والعسكري، فأي برنامج سياسي توسعي طموح يحتاج لعقائد وأفكار وثقافة تدفعه، فالحرف هو الذي يلد السيف، واللسان هو الذي يلد السنان والكتب هي تلد الكتائب.

إن الأمة الإسلامية تمر بأمور عصيبة، فالعلل القديمة تتجمع ونذر العاصفة المدَّمرة من أعداء الإسلام ظهر في الأفق القريب يحاولون السيطرة الفكرية والثقافية والعقائدية والسياسية والاقتصادية على قلب العالم الإسلامي، فالخطط تنفذ حالياً لضرب القلب بعد قص الأجنحة، فقد نجح الصليبيون في تنصير أربعة أخماس الفلبين ثم اتَّجهوا إلى جزر أندونيسيا يحملون الخطة ذاتها، وقد محو المعالم الإسلامية من " سنغافورة " وهم الآن يبعثرون طلائعهم في شرق وجنوب آسيا، والمشروع اليهودي في فلسطين لا يكل ولا يمل، والأمريكي ماضى بقوة السلاح والنفوذ السياسي والإعلامي وقدراته الاقتصادية لغزو الأمة، وموازياً لهما، التغلغل الباطني، ومشروعه السياسي الهادف إلى إضلال الأمة وإبدال دينها الصحيح بالبدع والخرافات والمعتقدات الفاسدة، فالمشاريع الباطنية واليهودية والصليبية تنخر في هذه الأمة العظيمة !! كيف لا يقشعر جلد المؤمن وهو يتابع ويطالع هذه المخططات والأنباء ؟ كيف يطيب له منام أو طعام ؟

إن المسلمين في العالم أجمع ينتظرون من علمائهم ومفكريهم بلورة مشروع إسلامي عقائدي، سياسي، فكري، اجتماعي، اقتصادي، أعلامي .. على أصول أهل السنة للوقوف أمام هذه المشاريع المدمرة، وهاهي الأمة الإسلامية قد أحسَّت الخطر المحدق وهبت لتحيا، وعلائم الصحو تنتشر بسرعة مع اقتراب الفزع واكفهرار الجو وإني لمؤمل الخير من وراء هذه اليقظة الشاملة، بيد أني أحذر من الأمراض القديمة، من فساد السياسة بالفرقة، وفساد الثقافة بالجهل والهوى، فيجب علينا أن نتعاون في المتفق عليه، ونتسامج في المختلف فيه في الحدود التي يسمح به الشرع وفق قواعد السياسة الشرعية وفقه المقاصد، والمصالح والمفاسد، وفقه الخلاف، وعلينا أن نتساند صفاً واحداً في مواجهة الهجمة الجديدة على ديننا وأرضنا حتى نردها على أعقابها وعلى أهل المسؤلية الإسراع في جمع القوى، وسد الثغرات، وحشد كل شيء لاستنقاذ وجودنا المهدَّد، إنّ أي أحد يشغل المسلمين بغير ذلك إمّا منافق يمالئ العدو ويعينه على هزيمتنا، وإمَّا أحمق يمثل دور الصديق الجاهل، ويخذل أمته من حيث لا يدري وكلا الشخصين ينبغي الحذر منه وتنبيه الأمّة إلى شَّره، ولا بد من الالتزام بهدي القرآن الكريم وسيرة سيد المرسلين والأخذ بعوامل النهوض، وأسباب النصر، والتي منها، صفاء العقيدة ووضوح المنهج، وتحكيم شرع الله في الأفراد والأسر والجماعات والمجتماعات والشعوب والدول، ووجود القيادة الربانية التي تنظر بنور الله، ولها القدرة على التعامل مع سنن الله في تربية الأمم، وبناء الدول وسقوطها، ومعرفة علل المجتمعات، وأطوار الأمم، وأسرار التاريخ، ومخططات الأعداء من الصليبيين والملاحدة والفرق الباطنية والمبتدعة، وإعطاء كل عامل حقه الطبيعي في التعامل معه دون إفراط أو تفريط، فقضايا فقه النهوض والمشاريع النهضوية البعيدة المدى متداخلة متشابكة لا يستطيع استعابها إلا من فهم كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وارتبط بالفقه الراشدي المحفوظ عن علمائنا الربانيين، فعلم معالمه وخصائصه وأسباب وجوده وعوامل زواله واستفاد من التاريخ الإسلامي وتجارب النهوض، فأيقن بأن هذه الأمة ما فقدت الصدارة قط وهي وفية لربها ونبيها صلى الله عليه وسلم وعلم بأن الهزائم العسكرية عرض يزول، أما الهزائم الثقافية، فجرح مميت والثقافة الصحيحة تبني الإنسان المسلم، والأسرة المسلمة، والمجتمع المسلم والدولة المسلمة، على قواعدها المتينة من كتاب الله وسنة رسوله وهدي الخلفاء الراشدين ومن سار على نهجهم، وعبقرية البناء الحضاري الصحيح هي التي أبقت صرح الإسلام إلى يومنا هذا بعد توفيق الله.

أيها الأخوة الكرام يا من تهمهم قضايا الإسلام والمسلمين علينا الابتعاد عن القضايا التي لا تمس الحاضر ولا المستقبل والتي تشغل الفراغ وتقتل الوقت وحسب وإنما نعطي الأولوية للقضايا التي تنهض بالأمة وتعطيها دورها الحضاري من جديد في هداية الناس لدين الله وعلينا أن نقدم نماذج إصلاحية نهضوية ملكت الرؤية النظرية، ونجحت في التطبيق العملي، ونعطي لفقه المصلحين أولوية ونستخرج هذه الفقة العزيزمن سيرهم العطرة، سواء كان في مجال العلم، أو السياسية أو الإدارة أو التنظيم، أو التربية، أو الاقتصاد، أو المقاومة والجهاد ... إلخ.

إن الإسلام يتعرض لمحنة كبرى وأعداؤنا لم يكتموا من نيَّاتهم شيئاً لأنهم لم يروا أمامهم ما يبعث الكتمان أو الحذر فاليهود يقولون : لا قيمة لإسرائيل بدون القدس، ولا قيمة للقدس بدون الهيكل : والمعنى واضح فإن الهيكل المطلوب فوق تراب المسجد الأقصى، والصليبيون الجدد يقولون : خلقت إسرائيل لتبقى .. والباطنيون، يستبيحون الدماء ويهتكون الأعراض، ويصادرون الأموال ويعملون ليل نهار لتصفية رموز أهل السنة، وممارسة التطهير المذهبي ونشر الثقافات المغلوطة والبدع وانحرافات والتي تمس عقيدتنا وتاريخنا ورجالنا وأخلاقنا.

أيها الأخوة الكرام إن المعركة في حقيقتها حول وجود الإسلام كله ويتساءل الأعداء لماذا يبقى الإسلام أكثر مما بقى ؟ أنستسلم للفناء، وندع ديننا ورسالتنا للجزارين الجدد أم ماذا؟

إن العالم الإسلامي لا يبيع دينه، ويؤثر أن يهلك دونه ولا يغض من موقفه نفر شذاذ من الخونة والجبناء، فقدوا الدين والشرف، ونشدوا العيش على أي حاجة، وبأي ثمن !! ولكن نحسن الوقوف أمام عدو الله وعدوَّنا يجب أن تتوفر لجبهتنا عناصر مهمة منها :

‌أ- يعود الولاء للإسلام ويستعلن الانتماء إليه وفي حرب تعلن علينا باسم الدين لا مجال لإطفائها بالتنكر لديننا   ولا بد من أن يكون المنهج الذي كان عليه رسول الله وخلفاؤه الراشدون وأصحابه الكرام واضحاً لا لبس فيه حتى نخرج من أوحال البدع ومستنقعات الخرافة والأوهام التي تنبث في الأمة باسم الإسلام الحبيب العزيز. إننا نرى الآن في صراع المسلمين مع خصوم الإسلام في بعض دياره يغيّب الإسلام، ويضخم البعد الوطني القطري على حساب الدين والعقيدة وقد تبنى هذا الطرح بعض المحسوبين على العلماء وطلاب العلم وهذا هو الانتحار وطريق الدمار بل هو قّرة عين الأعداء سواء من الداخل أو الخارج مع عدم اهمالنا لحب الإنسان لوطنه وإخلاصه له ولكن بالتوازن.
‌ب- الولاء الشكلي للإسلام مخادعة محضورة ويجب أن تعود الروح لعقائدنا وشعائرنا وشرائعنا، والمسلم الذي يستحي من عرض عقيدته ومنهجه وتاريخه عليه أن يعتبر بالباطنيين الجدد الذين يعتزون ببدعهم وخرافاتهم، وكذلك اليهود الذينلا يستحيون من عقيدتهم وشعائرهم في أرقى العواصم.
‌ج- يُقص من ميدان التدين الذين يحرقون البخور بين أيدي الساسة المنحرفين، ويزينون لهم مجونهم ونكوصهم وبعض الذين يّدعون العلم فيشغلون الناس بقضايا نظرية عفى عليها الزمن، أو خلافات فرعية لا يجوز أن تصدع الشمل أو تمزق الأهل والعلماء الذين يظلمون الإسلام بسوء الفهم ويرونه في سياسة الحكم والمال ظهيراً للاستبداد والاستغلال وإضاعة الشعوب إن المسلمين في المشارق والمغارب مهيؤون ليقظة عامة تحمي كيانهم والأحوال المعاصرة صورة طبق الأصل لما كان المسلمون عند الهجوم الصليبي في العصور الوسطى إن سنن الله تعالى تقتص من المستضعفين المفَّرطين، كما تقتص من المجرمين المعتدين، إن عوامل الهدم وإبر التنويم الغربية والباطنية تعمل في هذه الأمة المثخنة من الداخل والخارج حتى يتم الإجهاز الكامل عليها، وقد استطاع الاستعمار الثقافي والفكر الباطني خلق جيل مهزوز الإيمان والفقه، ضعيف الثقة بربه ومنهجه ودينه وأمته ونفسه، فهو يعطي الدنية في دينه غير مُبالي بعواقب الأمور، إننا بحاجة إلى يقظة عامة تتناول أوضاعنا كلها حتى نحسن الدفاع عن وجودنا ورسالتنا في عالم لا تسمع فيه إلا أصوات الجبارين من أصحاب المشاريع الشيطانية، ومن ثم نتمكن من تبليغ رسالة الإسلام الخالدة للعالمين ويتحقق فينا قول الله تعالى " كنتم خير أمة أخُرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله "
(آل عمران ، آية : 110). وقول الله تعالى " الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحداً إلا الله وكفى بالله حسيبا " (الأحزاب، آية : 39).


إن في هذا الكتاب دروس وعبر في ميدان الصراع بين دعوة الله الخالدة وبين التغلغل الباطني والغزو الصليبي، فقد لاحظت بأن العقائد الصحيحة والفكر السليم والتصور الراشد الذي قامت عليه المدارس النظامية في عهد السلاجقة استطاعت أن تكبّد الفكر الباطني خسائر كبيرة في ميدان الفكر، والعقائد والثقافة والدعوة وجعلها تنزوي وتنكمش، كما أن مناهج المدارس النظامية أخرجت علماء وقادة وساسة وقضاة، كان لهم تأثير كبير في الدولة الزنكية واستمر التأثير الفكري والعقائد لعهد الأيوبيين والمماليك والعثمانيين على المستوى العقائدي للدول إن الثمرة الحقيقية من دراسة التاريخ استخراج العبر واستلهام الدروس واستيعاب السنن ومن هذه الدروس والعبر :

 أهمية المبادرة في حركة النهوض : ففي كثير من مراحل التاريخ وفي شتى المذاهب والأديان هناك مبادرات من رجال أخلصوا لمعتقداتهم وأفكارهم فكانت لها آثار كبيرة غيرت مجرى التاريخ، ففي عهد السلاجقة ظهرت مبادرة نظام الملك في تأسيس المدارس النظامية، فكان لهذه المبادرة أثر كبير في الانتصار السني على المد الباطني والمساهمة في تحجيمه وتقليصه، كما ساهمت في امداد الأمه بكوادر علمية وتربوية وسياسية، وقيادية ساهمت في حركة الجهاد ومقاومة الصليبيين في العهد الزنكي والأيوبي وفي المقابل كانت مبادرة أوربان الثاني في تقديمه مشروع صليبي جمع طاقات غرب أوروبا وقذف بها نحو المشرق فنظام الملك كانت له مبادرة مع رؤية نهوض ومشروع حضاري، كما أن البابا كانت له مبادرة ومشروع استعماري استيطاني وتصارع المشروعان حوالي مئتين عام وانتصر المشروع الإسلامي على المشروع الغربي والمغولي والفضل لله تعالى ثم لمبادرة نظام الملك والإمام الغزالي، وقادة حركة الجهاد كالأمير مودود وعماد الدين ونور الدين وصلاح الدين والظاهر بيبرس، وقطز والناصر بن قلاوون والعز بن عبد السلام وابن تيمية وغيرهم كثير والمسلمون الآن لا تنقصهم إمكانات مادية ولا معنوية ولا خيارات وإنما إلى قيادات حكيمة تستوعب فقه المبادرة كي تستطيع أن تفجر طاقات المجتمع وتوجههه نحو التكامل لتحقيق الخير والغايات المنشودة، فمجتمعاتنا غنية بالطاقات المتعددة في المجالات المتنوعة في ساحات الفكر والمال والتخطيط والتنظيم والقوى المادية، ويأتي دور القيادة الربانية التي تحسن فقه المبادرة لتربط بين كل الخيوط والخطوط، والتنسيق بين المواهب والطاقات، وتتجه بها نحو خير الأمة ورفعتها، وفق رؤية نهوض شاملة تتحدى كل العوائق وتسد كل الثغرات التي تحتاجها الأمة في النهوض وتبث روح الأمل والتفاؤل في أوساط الناس، وتحضهم على التمسك بعقيدتهم وقيمهم ومبادئهم والترفع على حطام الدنيا وإحياء معاني التضحية، وشحن الهمم، وتقوية العزائم في نفوس النخب والجمهور العريض في الأمة، وتأخذ بها رويداً نحو الأهداف المرسومة لمشروع النهوض وعلينا أن نتذكر قول الله تعالى : " إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون وكان الله عليماً حكيماً" (النساء، آية : 104).

 أهمية العامل الديني في شحن الاتباع : إن أكثر ما يشير حماس الإنسان ويؤثر على أحاسيسه وعواصفه عامل الدين وقد استطاع أوربان الثاني توظيف هذا العامل إلى حد كبير في مشروعه الصليبي، كما أن الباطنيين وعلى رأسهم حسن الصباح استطاعوا تحميس اتباعهم ضد أهل الإسلام الصحيح، وعندما أخذت العقيدة الإسلامية مجراها في نفوس القادة والشعوب وعظمة مكانتها في نفوس المؤمنين، قاموا بجهاد عظيم وتضحيات كبرى، وأخذوا بفقه التمكين، وحققوا شروطه وما رسوا أسبابه واستوعبوا سننه، وقطعوا مراحله وطبقوا أهدافه، فانتصروا على التغلغل الباطني والغزو الصليبي وسوف ترى في هذا الكتاب دور العلماء والفقهاء والقضاة والخطباء في تحميس المسلمين وألهاب عواطفهم، وإحياء عقيدتهم فمطلوب من علماء الأمة وفقهائها وخطبائها أن يقوموا بهذا الدور الكبير وأن يترفعوا عن حظوظ النفس وحطام العاجلة، وأن ينشغلوا بتربية الأمة على معاني الإيمان والتضحية والفداء والإخلاص لهذا الدين، ولا نريد من علماء الأمة أن يكونوا أكادميين علاقتهم بالأمة من خلال الطلاب تنتهي مع درس الجامعة وإنما نريدهم أن يتحقق فيهم قول الله تعالى " أو من كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمش به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون " (الأنعام ، آية : 122) وقول الله تعالى : " وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضَعُفُوا وما استكانوا والله يحب الصابرين* وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين * فئاتهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة والله يحب المحسنين " (آل عمران، آية : 148).

 أهمية الاتحاد والوحدة في التصدي للأخطار الداخلية والخارجية : في بداية الزحف الصليبي على بلاد الشام، تمزقت الكيانات السياسية الصغيرة، وحاولت أن تستنجد بالخليفة العباسي والسلطان السلجوقي ولذلك كثرت الوفادات على بغداد بدون فائدة، والمهم في هذا الدرس أن نعطي أولوية للجهات الفاعلة ومحاولة التحالف ثم الاتحاد معها وكان يفترض على الخليفة العباسي أن يقوم بدوره المعنوي والمادي إلا أنه كان منزوع السلطات، ونلاحظ في حصار حلب، كما سوف يمر بنا في هذا الكتاب بإذن الله استطاع المسلمون دحره عندما اتحدوا مع أهل الموصل، كما كان للتحالفات على مستوى الموصل وحلب ودمشق وغيرها من مدن الشام أثر كبير في صد الكثير من الهجمات الصليبية وتكبيدها الخسائر، فقد استطاع أهالي الشام مع أهل الموصل وديار بكر ومناطق الأكراد إيجاد حالة من التنسيق والتعاون والتحالف للحد من حالة التدهور المريع الذي مرت بها بلاد الشام.

هذه بعض الدروس والعبر والقارئ الكريم بإذن الله تعالى سوف يجد الكثير الكثير من هذه العبر، ويلاحظ سنن الله في حركة المجتمعات وطبيعة الصراع بين الإيمان والكفر، والحق والباطل والهدى الضلال، والخير والشر في هذا الكتاب.

هذا وقد انتهيت من هذا الكتاب يوم السبت الساعة الثانية عشر إلا أربع دقائق ليلاً 18/صفر/1427ﻫ الموافق 18/مارس/2006م والفضل لله من قبل ومن بعد، وأسأله سبحانه أن يتقبل هذا العمل، ويشرح صدور العباد للانتفاع به ويبارك فيه بمنه وكرمه وجوده قال تعالى :
" ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم " (فاطر ، آية : 2).

ولايسعني في نهاية هذه المقدمة إلا أن أقف بقلب خاشع منيب بين يدي الله – عز وجل – معترفاً بفضله وكرمه وجوده، فهو المتفضل وهو المكرم وهو المعين وهو الموفَّق فله الحمد على ما منَّ به عليَّ أولاً وآخراً، وأسأله – سبحانه – بأسمائه الحسنى وصفاته العُلا : أن يجعل عملي لوجهه خالصاً، ولعباده نافعاً، وأن يثيبني على كل حرف كتبته ويجعله في ميزان حسناتي، وأن يثيب إخواني الذين أعانوني بما يملكون من أجل إتمام هذا الجهد المتواضع، وأرجو من كل مسلم يطلع على هذا الكتاب ألا ينسى العبد الفقير إلى عفو ربه ومغفرته ورحمته ورضوانه من دعائه، قال تعالى : " رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت عَلَيَّ وعلى والديَّ وأن أعمل صالحاً ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين " (النمل : 19).


سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك، وآخر دعونا أن الحمد لله رب العالمين.
الفقير إلى عفو ربه ومغفرته ورحمته ورضوانه
علي محمد محمد الصَّلاَّبيَّ
18/صفر/ 1427ﻫ

الإخوة الكرام يسرني أن تصل ملاحظاتكم وانطباعتكم حول هذا الكتاب وغيره من كتبي من خلال دور النشر وأطلب من إخواني الدعاء في ظهر الغيب بالإخلاص لله رب العالمين، والصواب للوصول للحقائق ومواصلة المسيرة في خدمة تاريخ أمتنا

عنوان المؤلف
Mail:
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

*******************
فهرس الكتاب

الفصل الأول  : السلاجقة، أصولهم وسلاطينهم 18
المبحث الأول : أصولهم ومواطنهم وبداية ظهورهم 18
أولاً : اتصال الأتراك بالعالم الإسلامي 19
ثانياً : بداية ظهور السلاجقة. 20
ثالثاً : المشرق الإسلامي قبيل ظهور السلاجقة. 21
السامانيون 21
الغزنويون 24
محمود الغزنوي. 25
الصراع الغزنوي السلجوقي. 27
معركة دندانقان وقيام السلطنة السلجوقية. 28
نتائج معركة دانقان 28
القراخانيون. 30
البويهيون. 31
لمحة تاريخية عن البويهيين. 31
تشيع البويهيين 32
إهانتهم للخلفاء 32
وزراءهم 33
   ﻫ - الصلة بين البويهيين والقرامطة 33
موقفهم في حماية حدود الدولة الإسلامية. 34
البويهيون والإقطاع العسكري 34
مناصرة الأمراء البويهيين لحركة التشيع وإثارة التفرقة والنعرات الضيقة. 35
إنشاء مراكز شيعية متخصصة في التأليف والتعليم في بغداد والنجف والكاظمية. 38
إشاعة الآراء المنحرفة للفلاسفة مثل حركة إخوان الصفا 40
نهاية الدولة البويهية. 41
اجتماع السلاجقة على زعامة طغرل بك وتوسع دولتهم  41
تنظيم إدارة الدولة في عهدها الأول : 42
اعتراف الخليفة العباسي بالسلاجقة 43
اتساع رقعة الدولة  44
التوسع نحو الأناضول 47 
المبحث الثاني  : علاقة السلاجقة بالخلافة ودخول العراق والقضاء على الدعوة الشيعية الرافضية والباطنية. 47
أولاً : النفوذ الفاطمي العبيدي في العراق وفتنة البساسيري 49
النفوذ الفاطمي العبيدي في العراق وفتنة البساسيري  49
عقيدتهم وصلتهم بالقرامطة 50
حكم العلماء في الفرق الباطنية 51
المؤيد في الدين هبة الله الشيرازي داعية الفاطمية العبيدية 54
فتنة البساسيري في العراق 57
التواصل بين البساسيري والمؤيد هبة الله الشيرازي 57
الجهود التي بذلها المؤيد هبة الله الشيرازي لدعم فتنة البساسيري 58
استيلاء البساسيري على بغداد وإقامة الخطبة فيها للفاطميين 60
مقتل رئيس الرؤساء أبو القاسم بن المسُلمة والانتقام من أهالي 61
القائم بأمر الله وعبادته ودعاؤه الذي علق على الكعبة 63
دعاء القائم بأمر الله الذي علق على الكعبة المشرفة 64
رسالة الخليفة القائم بأمر الله من أسره إلى طغرل بك  64
دخول طغرل بك بغداد ولقاؤه بالخليفة القائم بأمر الله  66
مقتل البساسيري 67
ﻫ - محاربة السلاجقة للدعوة الفاطمية العبيدية 67
دخول الدولة السلجوقية في صراع مع الروم 69
خطبة طغرل بك بغداد ولقاؤه بالخليفة وزواجه منها ووفاته 69
دخول الملك طغرل بك على بنت  الخليفة ووفاته 70
الوزير السلجوقي الأول عميد الملك الكندري
 71
المبحث الثالث  : ألب أرسلان (محمد) الأسد الشجاع 73
أولاً : اجتماع الكلمة عليه 73
ثانياً : سماحه للسيدة زوجة طغرل بك وابنة الخليفة بالرجوع إلى بغداد 73
ثالثاً : جهاده في سبيل الله 74
رابعاً : حملة السلطان ألب أرسلان على الشام وضم حلب. 75
حصار حلب وإخضاعها صلحاً للدولة السلجوقية 77
تحرك محمود بن نصر أمير حلب للمصالحة 78
التوغل السلجوقي في جنوب بلاد الشام 79
خامساً : موقعة ملاذكرد 80
تآمر ملك الروم على الإسلام 81
ثم أرسل السلطان ألب أرسلان المصالحة على ملك الروم 81
اندلاع المعركة وانتصار المسلمين 82
نتائج ملاذكرد 463ﻫ 83
وفاة السلطان ألب أرسلان : الأسد الشجاع 86
المبحث الرابع : السلطان ملكشاه 87
أولاً : تربية ملكشاه على إدارة السلطنة وتوطيد الملك له 87
تربيته على إدارة السلطنة 87
تولي السلطنة 87
خروج عمّه والقضاء عليه 88
ثانياً : اهتمامه بالرعية وشيء من عدله ومواقفه 89
تفقده للرعية  89
تشييعه لركب الحجاج العراقي 90
مناصرة المظلومين  90
دعاؤه لله أن ينصر الأصلح للمسلمين 90
الستر على أعراض المسلمين 91
واعظ مع ملكشاه  91
إقامة العدل مع الأمراء 91
المال مال الله والعباد عبيده 92
إني أغار على هذا الوجه الجميل من النار 92
أقمت لك جيشاً يسمى جيش الليل 92
زواج الخليفة المقتدي بابنة ملكشاه 92
وصف جهاز ابنة السلطان ملكشاه وزفتها 93
ثالثاً : الاستقرار السلجوقي في بلاد الشام 93
الاستيلاء على دمشق  94
زوال الإمارة المرداسية وقيام الإمارة العقيلية في حلب  95
علاقة مسلم بن عقيل مع تتش ألب أرسلان في الشام  97
حملة مسلم بن عقيل على دمشق 475ﻫ 97
مقتل شرف الدولة مسلم بن قريش العقيلي سنة 478ﻫ 97
النزاع بين تتش وسليمان بن قتلمش 98
السلطان ملكشاه يتسلم حلب 99
رابعاً : تأسيس سلطنة سلاجقة الروم 470ﻫ - 479ﻫ 100
خامساً : الحسن بن الصباح والدعوة النزارية الإسماعيلية الحشيشية 101
السيطرة على قلعة الموت 483ﻫ 102
مراتب ودرجات أعضاء الدعوة النزارية الباطنية  102
مهام الدعاة  103
مراحل الدعوة 105
منطلقات الحركات الباطنية 106
من أساليب الباطنية 110
رسالة السلطان جلال الدين ملكشاه إلى حسن الصباح 112
جواب حسن الصَّباح إلى السلطان ملكشاه السلجوقي 114
دولة الإسماعيلية في إيران 119
نظام الملك ومشروعه في محاربته للمد الباطني 120
المبحث الخامس : وفاة الخليفة القائم بأمر الله وتولي أمر الخلافة المقتدي بالله 120
أولاً : وفاة الخليفة القائم بأمر الله 120
ثانياً : خلافة المقتدي بالله  121
ثالثاً : تدهور العلاقة بين ملكشاه والمقتدي 122
رابعاً : نظام الملك  123
ضبطه لأمور الدولة التعور النظري لها عند نظام الملك 124
التصور النظري للدولة عند نظام الملك  125
اهتمام نظام الملك بالتنظيمات الإدارية  126
نظام الملك والتفكير الاقتصادي 127
عناية نظام الملك بالمنشآت المدنية 129
أثره في النهوض بالحركة العلمية والأدبية 129
شيء من عبادته وتواضعه ومدح الشعراء له 130
وفاته 485ﻫ 132
المبحث السادس : عهد التفكك وضعف وانهيار الدولة السلجوقية  133
أولاً : اعتراف الخليفة العباسي بمحمود بن ملكشاه سلطاناً 134
القتال على عرش السلطنة بين بركيارق وتركان خاتون  135
وفاة محمود بن ملكشاه 137
ثانياً : انتصار بركيارق واعتراف الخليفة العباسي به سلطانا للسلاجقة سنة 487ﻫ 137
النزاع بين بركيارق وعمه تتش على عرض السلطنة 488ﻫ 137
منافسة أرسلان أرغوت بركيارق على السلطنة 138
ثالثاً : النزاع بين بركيارق وأخويه محمد وسنجر على عرش السلطنة 139
رابعاً : وفاة بركيارق وتولي محمد بن ملكشاه السلطنة 141
موعظة رهيبة بليغة يحضرها السلطان محمد بن ملكشاه  142
نصيحة الإمام الغزالي لمحمد بن ملكشاه 144
محاربته للباطنية 146
وفاة السلطان محمد بن سنجر 150
خامساً : الخليفة العباسي المستظهر بالله 151
قيام المستظهر للتراويح واهتمامه بالقرآن الكريم 152
من أقول المستظهر 153
موقف الإمام الغزالي من المستظهر 153
علاقة المستظهر بالمرابطين 154
موقف المستظهر من الحملات الصليبية 155
صراع سلاطين السلاجقة وموقف المستظهر منهم 156
وفاة المستظهر 156
سادساً : سنجر والسلطنة السلجوقية 157
بسط سنجر نفوذه على بقية الدولة السلجوقية 158
النزاع بين محمود ومسعود ابنا محمد بن ملكشاه  159
البداية الفعلية بين الخلافة العباسية والدولة السلجوقية 159
اضطراب الأحوال بين الخليفة العباسي المسترشد بالله والسلطان محمود 160
القتال بين عماد الدين زنكي وأحد خواص الخليفة  160
حكمة السلطان سنجر في التعامل مع محمود ابن أخيه 161
السلطان مسعود بن محمد بن ملكشاه السلجوقي  162
- وفاة السلطان مسعود عام 547ﻫ 163
سابعاً : الخليفة المسترشد بالله العباسي 164
بيعته 164
من صفاته وشعره 165
جهود الخليفة المسترشد بالله في إرجاع هيبة الخلافة  166
حصار الخليفة المسترشد بالله للموصل 166
القتال بين الخليفة والسلطان مسعود ووقوعه في الأسر ومقتله 167
ثامناً : الخليفة الراشد بالله 169
الخلاف بين السلطان مسعود والخليفة الراشد  169
عزل الخليفة الراشد 169
تتبع السلطان مسعود الراشد 170
مقتل الراشد 170
تاسعاً : مظاهر السيطرة على الخلافة  171
نقل مقر الحكومة خارج بغداد 171
الأصهار إلى البيت السلجوقي 172
تفويض السلطة  172
ولاية العهد 172
شارات الخلافة 173
الألقاب 173
إعادة تشكيل الجيش 174
بداية انتعاش الخلافة العباسية 177
عاشراً : نهاية الدولة السلجوقية وزوالها 179
الفصل الثاني : نظام الوزارة العباسية في العهد السلجوقي 182
المبحث الأول : صفات وزير الخليفة العباسي والسلطان السلجوقي   182
أولاً : صفات وزير الخليفة العباسي 182
العلم 183
الرأي السديد 183
العدل  183
الكفاية 183
السياسة 184
الشؤون الدينية 184
قوانين الوزارة  185
البلاغة وحسن الترسل 185
المحبة لدى العامة والخاصة 185
المعرفة بقواعد ديوان الخلافة 186
ثانياً : صفات الوزير السلجوقي 187
محبة العلم والعلماء 187
سداد الرأي 187
العدل 187
الصلاح والفقه 187
إجادة اللغتين العربية والفارسية 187
الكفاية  188
تدبير البلاد والجيوش 188
الشهامة والصبر 188
المبحث الثاني : ميزات وخصائص ومراسيم تقليد الوزير العباسي والسلجوقي وألقابهم 189
أولاً : مراسيم تقليد الوزير العباسي 189
ثانياً : مراسيم تقليد الوزير السلجوقي 190
ثالثاً : ألقاب الوزير العباسي 191
رابعاً : ألقاب الوزير السلجوقي 192
خامساً : امتيازات وشارات الوزير السلجوقي 193
سادساً : امتيازات وشارات الوزير السلجوقي 195
المبحث الثالث : صلاحيات الوزير العباسي والسلجوقي 196
أولأ : الإدارية  196
السياسية 198
المالية 199
العسكرية 200
ثانياً : صلاحيات الوزير السلجوقي 201
الإدارية 201
السياسية 202
المالية 203
العسكرية 203
المبحث الرابع : العزل والمصادرة لوزراء بني العباس والسلاجقة  204
أولاً : العزل والمصادرة لوزراء بني العباس  204
ثانياً : العزل والمصادرة لوزراء سلاطين السلاجقة 206
ثالثاً : المنافسة والمساومة على منصب الوزارة العباسية  207
رابعاً : المنافسة والمساومة على الوزارة السلجوقية  208
المبحث الخامس : أشهر وزراء الخلفاء العباسيين والسلاجقة  211
أولاً : أشهر الخلفاء العباسيين 211
فخر الدولة بن جهير 211
عميد الدولة ابن جهير 212
الوزير أبو شجاع بن الحسن الروذراوري 214
الوزير الحسن بن علي بن صدقة 216
الوزير شرف الدين علي بن طراد الزينبي 218
الوزير عون الدين بن هبيرة 219
ثانياً : من وزراء سلاطين دولة السلاجقة 221
الوزير نصير الدين أبو المحاسن سعد الآبي 221
الوزير كمال الملك السميرمي 221
الوزير كمال الدين محمد بن الحسين الخازن 222
الفصل الثالث : النظم الحربية عند السلاجقة 224
المبحث الأول : أسس الإدارة العسكرية السلجوقية  224
أولاً : مقومات الفكر العسكري السلجوقي 224
التنشئة العسكرية لأبناء 225
الجهاد في سبيل الله 226
الحرص على كسب ولاء الجيش وقادته 227
الخبرة والتجربة 228
الإخلاص والتضحية 229
الحيطة والحذر والمتابعة 229
العلاقة بين الجند وقادتهم والتدرج في الرتب العسكرية 230
الجمع بين الرأي والتدبير والقوة العسكرية 231
ثانياً : الاعتماد على أجناس مختلفة 232
ثالثاً : زيادة عدد أفراد الفرق العسكرية 233
رابعاً : التقسيم العشري 234
أمراء المئين مقدموا الألوف 234
أمراء الطبلخاناه 234
أمراء العشرات 235
أمراء الخمسات 235
خامساً : الإقطاع العسكري 235
خصائص الإقطاع عند السلاجقة 236
عوامل التوسع في الإقطاع العسكري 237
موقف العلماء من الإقطاع  238
سادساً : الرهائن 239
سابعاً : الإعداد المعنوي للجيش 240
المبحث الثاني : نظم الإدارة العسكرية عند السلاجقة 241
أولاً : المناصب القيادية 241
الأمير الحاجب الكبير 241
الاسفهسلار، قائد القواد أو القائد العام 243
أمير الحرس 244
المقدم 244
العميد 245
الشحنة 245
الأتابك 246
قاضي العسكري 246
الذردار 247
سلاح دار 247
ثانياً : ديوان عرض الجيش 247
تنظيم سجلات أسماء الجند  248
عرض الجيش  248
تحديد المهام الموكله إلى الجند 249
الإشراف على النواحي التموينية 249
الإشراف على النواحي المالية 249
الإشراف على التسليح 250
الإشراف على زي الجند 250
ثكنات الجند 251
ثالثاً : أقسام الجيش السلجوقي 251
القوة النظامية 251
القبائل التركمانية 251
فرق الولايات 252
قوات الأمراء 253
قوات المدن والمتطوعة والأوباش 253
الطلائع  254
الجاويشة 254
فرق المنزل 254
رابعاً : عناصر الجيش 255
الأتراك 255
العرب 255
الأكراد 256
الفرس 256
الديلم 256
الأرمن 256
خامساً : فرق الجيش 256
الرجالة 256
الفرسان 256
النشابة والنفاطيون والمنجنيقيون والدبابون 257
سادساً : التعليم والتدريب العسكري 258
سابعاً : حجم الجيش السلجوقي 259
ثامناً : العيون والجواسيس 260
تاسعاً : الإسناد العسكري 260
الإمدادات العسكرية بالجند 260
المهندسون  261
حمل الأثقال 261
التموين 262
عاشراً : الإسناد الطبي 262
الحادي عشر : الخيل ودورها في الجيش السلجوقي 263
الثاني عشر : الموارد المالية للجيش السلجوقي  263
الثالث عشر : شعار السلاجقة وأعلامهم 264
المبحث الثالث : الأسلحة والتحصينات الحربية 265
أولاً : الأسلحة الفردية الخفيفة 265
الأسلحة الهجومية 265
الأسلحة الوقاية والدفاع عن النفس 265
الترس  265
الدرع 266
البيضة 266
ثانياً : الأسلحة الجماعية الثقيلة 266
المنجنيق والعرادة 266
الدبابة والبرج ورأس الكبش 266
ثالثاً : أسلحة العرض والزينة 266
رابعاً : نظام حماية المدن  267
خامساً : وسائل الحصار  267
سادساً : صناعة الأسلحة وخزائنها 267
المبحث الرابع : الخطط والفنون القتالية 267
أولاً : القدرة على التحرك  267
السرعة  268
استخدام الكمائن  268
التراجع الزائف 269
خطة تطويق العدو 269
المباغتة والمفاجأة 270
ثانياً : الرمي بالسهام 270
ثالثاً : الالتحام مع العدو 271
مرحلة الالتحام الأوّلي 271
مرحلة الالتحام الكامل 271
رابعاً : الاستنزاف 272
خامساً : سياسة الأرض المحروقة 272
سادساً : التأثير على جيش العدو 273
سابعاً : السيطرة على الطرق  274
ثامناً : السيطرة على موارد المياه 274
تاسعاً : التأمين العسكري 275
عاشراً : المهام الخاصة الطارئة 275
المهام الحربية 276
مهام الحراسة 276
الحادي عشر : نظام التعبئة 277
المبحث الخامس : أثر نظم السلاجقة في الدولة الزنكية والأيوبية والمماليك 277
أولاً : الدولة الزنكية 277
ثانياً : الأيوبيون والمماليك 278
أجناس وعناصر الجند 279
تكوين الجيش 279
فرق الجيش 279
الخطط والفنون القتالية 280
وسائل نقل الأخبار ووسائل الاتصال 280
الإقطاع العسكري 281
التقسيم العشري 281
الألقاب العسكرية 282
المبحث السادس : المرأة في العهد السلجوقي 283
أولاً : زوجة طغرل بك 283
ثانياً : تركان خاتون زوجة السلطان ملكشاه 284
ثالثاً : خاتون بنت ملكشاه زوجة المستظهر 284
رابعاً : قهرمانة المقتدي 285
خامساً : خاتون السفرية 286
سادساً : عالمات وزاهدات وواعظات في العهد السلجوقي 286
سابعاً : اختلاط النساء بالرجال 287
الفصل الرابع : المدارس النظامية في عهد السلاجقة 288
المبحث الأول : نشأة المدارس وأهدافها 288
أولاً : نشأتها  288
ثانياً : الأهداف التعليمية للمدارس الإسلامية وخصوصاً النظامية  293
ثالثاً : وسائل النظام في تحقيق الأهداف وحله للمشاكل  294
الأماكن  294
اختيار الأساتذة والعلماء 295
تحديد منهج الدراسة 296
توفير الإمكانات المادية 297
تطلع الأساتذة إلى التدريس بالنظامية 298
حله للمشاكل  298
رابعاً : تنظيم الهيئة التدريسية 300
تعيين الأساتذة وفصلهم 300
مراتب التدريس  300
مرتبة الصدر 301
مراتب المتعلمين 301
الكتاب المدرسي 301
القبول والتخرج 302
الإجازة 302
خامساً : أثر المدارس النظامية في العالم الإسلامي 303
المبحث الثاني : الإمام الشافعي وأثره في المدارس النظامية 304
أولاً : اسمه ونسبه وشيء من سيرته 304
اسمه ونسبه  304
لقبه  305
مولده ونشأته 305
مكان ولادته 305
نشأته وطلبه للعلم 305
رحلته إلى المدينة ولقاؤه بالإمام مالك  306
رحلته إلى اليمن 307
محنته 308
رجوعه إلى مكة وحضور الإمام أحمد إلى مجالسه 309
رحلته الثانية إلى العراق 310
رحلته إلى مصر 311
وفاته 312
ثانياً : أصول الشافعي في إثبات العقيدة 313
الأصل الأول : الالتزام بالكتاب والسنة 313
الأصل الثاني : خبر الآحاد ومكانته عند الإمام الشافعي 314
الأصل الثالث : تعظيمه لفهم الصحابة واتباعه لهم رضي الله عنهم 316
الأصل الرابع : مجانية أهل الأهواء والبدع والكلام وذمهم 317
ثالثاً : عقيدته في الإيمان ومنهجه في إثباتها 317
حقيقة الإيمان ودخول الأعمال في مسماه 317
زيادة الإيمان ونقصانه 318
حكم مرتكب الكبيرة 319
رابعاً : توحيد الألوهية 319
الحكمة من خلق الجن والإنس 319
تسوية القبر  320
البناء على القبور وتجصيصها 320
بناء المساجد على القبور 320
زيارة القبور 321
رأي الإمام الشافعي في الحلف بغير الله  321
خامساً : طريقة الشافعي في الاستدلا على وجود الله  321
سادساً : توحيد الأسماء والصفات 323
سابعاً : عقيدته في الصحابة 324
فضل الخلفاء الراشدين ودرجتهم بين الصحابة  325
سكوته عما شجر بين الصحابة 326
موقفه من أصحاب الفرق البدعية والشيعة الرافضة 326
الشافعي واتهامه بمذهب الشيعة الرافضة 327
ثامناً : عناصر المنهج في فقه الإمام الشافعي  329
تاسعاً : هل الإمام الشافعي من المجددين ؟  330
دفاعه عن عقيدة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه 330
تدوينه علم أصول الفقه 330
نصرته للنسة 330
المبحث الثالث : الإمام أبو الحسن الأشعري 332
أولاً : اسمه ونسبه وموطنه ومولده ومكانته العلمية 332
ثانياً : المراحل التي مرّ بها 334
ثالثاً : سر عظمة الأشعري في التاريخ 338
أبو الحسن الأشعري يشرح عقيدته التي يدين بها 339
مصدر العقيدة عن أبي الحسن الأشعري 339
العلاقات بين العقليات والحسيَّات والعقيدة والديانات 340
اجتماع أهل السنة على المعتزلة وأهل البدع 341
اتجاهات أهل السنة في بداية القرن الرابع 343
ميادين الصراع الفكري في العصر الحديث  344
بعض مؤلفات أبي الحسن الأشعري 345
اجتهاده في العبادة 346
رابعاً : عقيدة أبي الحسن الأشعري التي مات عليها 347
خامساً : جهود الأشاعرة في الدفاع عن الكتاب والسنة 350
وصفهم بأنهم من أهل السنة في مقابل المعتزلة 351
ردودهم على الباطنية والملاحدة وغيرهم 351
دفاعهم عن السنة وردودهم على أهل البدع 352
جهودهم في كسر سورة المعتزلة والجهمية 353
إنصاف ابن تيمية لأعلام الأشاعرة يرحمهم الله جميعاً  353
موقف ابن تيمية من أبي الحسن الأشعري 354
موقف ابن تيمية من الباقلاني 356
موقف ابن تيمية من الجويني 356
ثناء ابن تيمية على الغزالي 356
المبحث الرابع : أشهر علماء المدارس النَّظامية في العهد السلجوقي  358
أولاً : أبو إسحاق الشيرازي 358
شيوخه وتلاميذه 358
مكانته وثناء الناس عليه 358
مؤلفاته وشيء من شعره 360
وفاته 361
ثانياً : إمام الحرمين عبد الملك الجويني 362
شيوخه 362
تلامذته 364
ثناء العلماء عليه 364
من أخلاقه وصفاته 365
القيمة العلمية لكتاب الإمام الجويني غياث الأمم 367
عودته إلى مذهب السلف ورجوعه عن علم الكلام 368
مؤلفاته 371
وفاته 372
المبحث الخامس : الإمام الغزالي، من كبار علماء المدارس النظامية 373
أولاً : اسمه ونسبه ونشأته 373
اسمه ونسبه 373
نشأته ومولده 373
اجتهاده في طلب العلم 374
ملازمته إمام الحرمين 374
تعيينه مدرساً على نظامية بغداد 375
من أسباب نبوغ الغزالي وشهرته 375
التحول الكبير الذي غير مجرى حياته 376
عودته للتصدي للتعليم 377
الترتيب الزمني لمؤلفات الغزالي 378
ثانياً : موقف الغزالي من الشيعة الباطنية 380
بنية كتاب فضائح الباطنية 381
مضمون الكتاب 381
البعد السياسي في كتابات الغزالي 384
ثالثاً : موقف الغزالي من الفلاسفة والفلسفة 385
دراسته للفلسفة 386
ضربة قاصمة 387
تأثير كتاب تهافت الفلاسفة 390
خلاصة عمل الغزالي في ميدان الفلسفة 390
موقف الغزالي بين العقل والنقل 391
انتصار الفكر السني في العهد السلجوقي 392
رابعاً : الغزالي وعلم الكلام 393
خامساً : الغزالي والتصوف 395
بدء طريق التصوف عند الغزالي 397
نتائج الدراسة 398
تصوف بغير شيخ 400
نقد الغزالي للصوفية 400
قلة المتصوفة  400
فساد المتصوفة 401
الغرور والجهل 401
سقوط التكاليف 402
أثر الغزالي في التصوف 403
ضرورة العلم الشرعي 403
رفض الغزالي للتأويلات الباطنية 403
جعل من التصوف علم أخلاقي عملي 403
تصحيح مفهوم الزهد 404
سادساً : دور أبي حامد الغزالي في الإصلاح 405
منهج الغزالي في الإصلاح 405
صفات منهج الغزالي في الإصلاح 406
تشخيص الغزالي لأمراض المجتمع الإسلامي  407
فساد رسالة العلماء 407
انحراف الألفاظ عن مدلولاتها 409
نقد السلاطين الظلمة 410
نقده للبدع والمنكرات التي حدثت في المجتمع  413
ميادين الإصلاح عند الغزالي 414
العمل على إيجاد جيل من العلماء والمربين 414
وضع منهاج جديد للتربية والتعليم 415
بناء العقيدة الإسلامية 416
ميدان تهذيب النفس والإرادة 416
ميدان دراسة العلوم الفقهية 417
ميدان الحكمة والإعداد الوظيفي 417
إحياء رسالة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 418
نقد السلاطين الظلمة 419
محاربة المادية الجارفة والسلبية الدينية وتصحيح التصور السائد عن الدنيا والآخرة 419
الدعوة للعدالة الاجتماعية 419
محاربة التيارات الفكرية المنحرفة 420
الإصلاح في ميدان الفكر 421
دور العقل  421
رفض التقليد 421
الدعوة إلى الكتاب والسنة 422
الالتزام بمنهج السلف 423
سابعاً : الغزالي وعلم الحديث 424
ثامناً : كتاب إحياء علوم الدين 425
تاسعاً : موقف الغزالي من الاحتلال الصليبي 429
آراء بعض المعاصرين في سكوت الغزالي عن الحروب الصليبية 430
الدكتور زكي مبارك  430
الدكتور عمر فروخ 431
الدكور يوسف القرضاوي 431
الدكتور ماجد عرسان الكيلاني 432
كتاب إلجام العوام في آخر عمره 433
اقبال الغزالي على القرآن الكريم وصحاح الأحاديث 435
وفاته 435
عاشراً : الإمام البغوي وجهوده في خدمة الكتاب والسنة في العهد السلجوقي 437
معالم التنزيل في التفسير 437
شرح السنة للحافظ البغوي 440
مصابيح السنة 441
الحادي عشر : شيخ الإسلام أبو إسماعيل الأنصاري الهروي 442
اعتزازه بالمذهب الحنبلي 442
كتابه منازل السائرين 443
من مكائد خصومه 444
دعاء الإمام الجويني له  444
تقديمه لكتاب أبي عيسى الترمذي على البخاري ومسلم  444
في مجلس نظام الملك 445
مصدر رزقه 445
سنة وفاته 445
الفصل الخامس : الحروب الصليبية في العهد السلجوقي 447
المبحث الأول : الجذور التاريخية للحروب الصليبية واستمرارها إلى يومنا هذا 447
أولاً : البيزنطيون 447
ثانياً : الأسبان 448
ثالثاً : الحركة الصليبية 449
رابعاً : حركة التفاف الصليبيين 453
خامساً : الاستعمار 455
المبحث الثاني : أهم أسباب ودوافع الصليبيين 456
أولاً : الدافع الديني 458
ثانياً : الدافع السياسي 460
ثالثاً : الدافع الاجتماعي 462
رابعاً : الدافع الاقتصادي 463
خامساً : تبدل ميزان القوى في حوض البحر المتوسط 464
سادساً : استنجاد أمبراطور بيزنطة بالبابا أوربان الثاني 468
سابعاً : شخصية البابا أوربان الثاني ومشروعه الشامل للغزو الصليبي 469
أوربان الثاني يعقد مجمعاً كنسياً في جنوب فرنسا 470
الخطبة التي ألقاها أوربان الثاني 471
ما يستنتج من خطاب البابا أوربان الثاني 472
الاجتماع الاستشاري للبابا بعد خطابه 476
حملة الدعاية الصليبية 477
العقلية التنظيمية لأوربان الثاني  477
بطرس الناسك 478
غفلة المسلمين عما يدبر لهم  479
المبحث الثالث : بدء الحرب الصليبية الأولى  480
أولاً : حملة العامة الغوغاء 480
ثانياً : حملة الأمراء 482
موقف اليهود من الحروب الصليبية 483
موقف الإمبراطور البيزنطي من حملة الأمراء 484
سقوط نيقية 485
معركة دوريليوم 486
نتائج معركة دوريليوم 487
سقوط قونية وهرقلة  488
إمارة الرها 488
إمارة انطاكية 490
مذبحة معرة النعمان 494
ثالثاً : تأسيس مملكة بيت المقدس 495
مقدمات الاحتلال 498
القوى المتواجهة 499
الحصار 501
الهجوم الأول للقوات الصليبية 502
العودة إلى الاستعداد للقتال 502
الهجوم الحاسم 504
وحشية الحضارة الغربية الصليبية 507
دور رجال الدين المسيحي في سقوط القدس 509
فشل الفاطميين في استعادة البيت المقدس 511
رابعاً : سقوط المدن الساحلية لبلاد الشام 514
سقوط طرابلس 514
سقوط بيروت 517
سقوط صيدا 518
المبحث الرابع : أسباب نجاح الحملة الصليبية الأولى  521
أولاً : انعدام الوحدة السياسية في العالم الإسلامي 522
ثانياً : الصراع على السلطنة في داخل البيت السلجوقي 523
ثالثاً : الدولة الفاطمية 524
رابعاً : سقوط الخلافة الأموية بالأندلس  526
خامساً : دور النصارى الذين كانوا يعيشون في بلاد الشام 527
سادساً : موقف بعض الإمارات العربية من الغزو الصليبي 528
سابعاً : دور الباطنية الإسماعيلية الرافضة في عرقلة الجهاد ضد الصليبيين 529
تعاونهم ضد الصليبيين 529
اغتيال قادة المسلمين 530
إشاعة الرعب والخوف في المجتمع الإسلامي 533
فتوى ابن تيمية في الحركات الباطنية 534
ثامناً : انتشار الفكر الشيعي الرافضي والباطني 535
تاسعاً : تدهور الحياة الاقتصادية قبل الغزو الصليبي 536
عاشراً : ضعف الدولة البيزنطية 538
الحادي عشر : تمرس فرسان الإفرنج على الحرب والإمدادات الأوروبية المستمرة لهم 539
أثر الاستبداد على الدين والحياة 541
معارك في فقه الفروع 542
دروس بالغة وعبر مفيدة 544
معالم المنهج للصحوة الإسلامية 546
الثاني عشر : استراتيجية الحملة الصليبية بعد الاحتلال  547
المبحث الخامس : حركة المقاومة في العهد السلجوقي ما بين الغزو الصليبي وظهور عماد الدين زنكي  551
أولاً : الفقهاء والقضاة واستجابتهم لمقاومة الغزو الصليبي 551
استنجاد فقهاء وقضاة دمشق بخلافة بغداد  551
القاضي الأمير فخر الملك بن عمار والاستنجاد بالإمارات المحلية وخلافة بغداد 553
استنجاد فقهاء وقضاة حلب بخلافة بغداد 553
دور الفقهاء والقضاة في التحريض على الجهاد بالكتابة والتأليف 555
المشاركة الفعلية للفقهاء في ساحات الجهاد 558
تحريض الفقهاء والقضاة على القتال في ساحات المعارك 560
ثانياً : الشعراء ودورهم في حركة المقاومة 561
ثالثاً : قادة الجهاد من السلاجقة قبل عماد الدين زنكي 571
جهاد قوام الدولة كربوقا صاحب الموصل 573
جهاد جكرمش صاحب الموصل وسقمان بن أرتق صاحب ماردين وديار بكر 575
معركة البليخ وانتصار المسلمين على الصليبيين وتسمى معركة حران 576
الخلاف بين جكرمش وسقمان 577
هزيمة جكرمش  577
نتائج معركة البليخ أو حّران 578
مواصلة جكرمش للجهاد 580
قلج أرسلان وجهاده الكبير في آسيا الصغرى 581
معركة مرسيفات. 582
معركة هرقلة الأولى 584
معركة هرقلة الثانية 585
نتائج معارك قلج أرسلان السابقة 585
أثر وفاة قلج أرسلان 586
جاولي سقاوة 588
شرف الدولة مودود بن التونتكين 589
حملة مودود الأولى ضد الرها 590
حملة مودود الثانية ضد الرها 591
حملة مودود الثالثة ضد الرها 594
حملة مودود ضد إمارة بيت المقدس 594
مقتل مودود 595
هل يصح اتهام طغتكين حاكم دمشق بقتل مودود ؟ 596
ما ترتب على حملات بطل الإسلام مودود من نتائج 599
نجم الدين إيلغازي صاحب ماردين 601
بلك بن بهرام بن أرتق : يأسر ملوك الصليبيين 607
جهاد أمير الموصل آق سُنقر البرسقي لانقاذ حلب 611
حلب تتصدى للصليبيين 611
خيانة دبيس بن صدقة المزيدي أمير الحلة  612
أعمال استفزازية صليبية ضد أهالي حلب 613
المقاومة الحلبية الشعبية 614
استنجاد أهالي حلب بأمير ديار بكر 614
آق سنقر البرسقي واستجابته لاستغاثة أهل حلب  614
مقتل البرسقي  616
الباطنية من أخطر معوقات حركة الجهاد 617
الخاتمة 622
فهرس المراجع والمصادر 623
فهرس الكتاب 643
 ***********************