للتحميل والقراءة: كتاب لباب الأنساب والألقاب والأعقاب : تأليف : ظهير الدين أبو الحسن عليّ بن زيد بن محمّد البيهقي، الشهير بـ«ابن فندق» (ت 565هـ/ 1170م). (تحقيق الباطني مهدي الرجائي، مكتبة الرافضي المرعشيّ النجفيّ، قم 1410 هـ

****

رابط تحميل الكتاب ، ملف مضغوط

zip LubabAnsab 03/08/2009,13:03 564.01 Kb 

ملف وورد

doc LubabAnsab 03/08/2009,13:04 1.98 Mb 

******

 

ترجمة المؤلف حسبما وردت في مجلة تراثنا التي تصدر عن الرافضة الباطنيين

****

( 3 )

شرح نهج البلاغة

المسمى

( معارج نهج البلاغة )

لظهير الدين البيهقي ، فريد خراسان ، ابن فندق ، أبي الحسن علي بن زيد ، الأنصاري الأوسي ( 493 ـ 565 ه‍ ) (2) كان علامة مشاركا في جملة من العلوم ، متضلعا بها ، متمكنا منها ، مصنفا فيها ، كاللغة العربية وآدابها وعلوم القرآن والفقه والفلسفة والكلام والتاريخ والرياضيات والفلك والتنجيم وعلم الأنساب ونحوها ، وله في كل منها عدة مؤلفات .

مولده ووفاته :

قال المؤلف في مشارب التجارب : مولدي في يوم السبت سابع عشرين شعبان سنة 499 (3).

وهذا ينافي قوله الآخر في تاريخ بيهق ، ص 132 ، ما معربه : ( وقتل فخر الملك ( ابن نظام الملك الوزير ) في يوم عاشوراء من سنة 500 ، أنا أتذكر ذلك ، وكنت آنذاك في نيسابور صبيا أختلف إلى الكتاب . . . ) (4).

____________

(2) هو أبو الحسن علي بن الإمام شمس الإسلام أبي القاسم زيد ابن شيخ الإسلام جمال القضاة والخطباء أبي سليمان أميرك محمد ابن الإمام المفتي فخر القضاة أبي علي الحسين ابن القاضي الإمام ، إمام الآفاق أبي سليمان فندق ابن الإمام أيوب ابن الإمام الحسن بن عبد الرحمن القاضي أحمد بن عبيد الله بن عمر بن الحسن بن عثمان بن أيوب بن خزيمة ابن محمد بن عمارة بن خزيمة بن ثابت بن ذي الشهادتين ، الصحابي الجليل رضي الله عنه .

هكذا سرد المؤلف نسبه في مقدمة كتبه : معارج نهج البلاغة وجوامع أحكام النجوم وتاريخ بيهق ، وزاد في هذا الأخير في سرده إلى نوح عليه السلام .

(3) حكاه عنه ياقوت في معجم الأدباء 5 / 208 .

( 4 ) وفخر الملك قتل سنة 500 ه‍ بالاتفاق .

----------------------

(155)

فلا أقل من أن يكون في ذلك الوقت ابن سبع سنين فتكون ولادته سنة 493 ه‍ ، فصحفت إلى سنة 499 ه‍ .

وهذا هو الصواب كما حققه الأستاذ السيد محمد المشكاة في رسالة أفردها عن حياة البيهقي ، وتوصل بمراجعة تقويم وستنفلد إلى أن السنة التي يصادف 27 شعبانها يوم السبت هما سنتي 488 و 493 فلا تخرج ولادته من أن تكون في إحدى هاتين السنتين ، ورجح الثانية لأنها أقرب شبها ب‍ 499 فتكون مصحفة عنها .

وأما مكان ولادته ففي ما حكاه ياقوت في معجم الأدباء 5 / 208 عنه أنه قال : ( ومولدي يوم السبت . . . في قصبة السابزوار من ناحية بيهق . . . ) .

وقال في ص 209 :( ثم عدت إلى مسقط الرأس وزيارة الوالدة ببيهق . . . ) .

وقال في تاريخ بيهق ، ص 74 ، في كلامه على قرية ششتمذ : ( وبها كان مولدي ! ) .

وربما يوجه بأنه ولد في ششتمذ من قرى سبزوار من نواحي بيهق .

وأما وفاته فكانت في سنة 565 ه‍ بالاتفاق ، ذكرها ياقوت والذهبي الصفدي ومن بعدهم ، ولم يذكر أحد منهم يوم الوفاة والشهر !

نعم ، ذكر بروكلمن وآهلورث أنه توفي سنة 570 ه‍ ، ولا أدري من أين لهم ذلك ؟ !

ألقابه :

1 ـ حجة الدين :

جاء في مقدمة كتابيه ( جوامع أحكام النجوم ) و ( معارج نهج البلاغة ) ففيه في ص 2 :( قال الشيخ الإمام السيد ، حجة الدين ، فريد خراسان ،

--------------------------------------------------------------------------------

(156)

أبو الحسن . . . ) .

وذكره الذهبي بهذا اللقب في سير أعلام النبلاء 20 / 585 .

2 ـ ظهير الدين :

وجاء هذا اللقب في مقدمة كتابه ( تتمة صوان الحكمة ) المطبوع باسم : تاريخ حكماء الإسلام ، وفيه : ( قال الشيخ الإمام ظهير الدين أبو الحسن . . . ) .

وذكره الشهرزوري من مؤلفي القرن السابع بهذا اللقب في كتابه ( تاريخ الحكماء ) المسمى : نزهة الأرواح 2 / 81 في ترجمة محمد بن الحارثان السرخسي ، قال : ( قال الظهير : وقد جرى بيني وبينه كلام . . . ) فنقل كلامه الموجود في ترجمته في تاريخ حكماء الإسلام ، ص 160 ، واشتهر البيهقي بهذا اللقب وثبت له على ظهر كتبه المطبوعة كتاريخ حكماء الإسلام وتاريخ بيهق .

وهل كان يلقب شرف الدين ؟

كما لقبت به في خريدة القصر ومعجم الأدباء ووفيات الأعيان وسير أعلام النبلاء !

والتحقيق : أن البيهقي الملقب بشرف الدين هو رجل آخر يشترك معه في عصره وبلده ونسبته ، وفي اسمه وكنيته ، وهو : ظهير الملك أبو الحسن علي ابن الحسن شرف الدين البيهقي ، المتوفى سنة 536 ه‍ .

ترجم له البيهقي فريد خراسان في تاريخ بيهق ، ص 389 ، وترجم لأبيه وأسرته ، وذكره في تاريخ الحكماء ، ص 105 ، قال : ( وكان شرف الدين ظهير الملك علي بن الحسن البيهقي عامل هراة مدة . . . ) .

أقول : وهو الذي تقلب في مناصب الإمارة والوزارة ، وكان جواد بذولا ،

----------

(157)

مدحه شعراء العرب والفرس ، ومنهم الشاعر البغدادي حيص بيص ، مدحه بعدة قصائد مثبتة في ديوانه في ص 201 و 226 و 242 و 327 ، ففي ص 201 :( وقال يمدح شرف الدين علي بن الحسن البيهقي وهو يومئذ أمير الأمراء بخراسان ) أولها :

أقول لقلب هاجه لاعج الهوى   بصحراء مرو واستشاطت بلابله

ووهم فيه محققا الديوان ، وحسباه علي بن زيد البيهقي فريد خراسان شارح النهج .

وأول من خلط بينهما هو العماد الكاتب ، فقد ترجم له في الخريدة وقال : ( شرف الدين أبو الحسن علي بن الحسن البيهقي ، من أفاضل خراسان ، وأماثل الزمان ، وأعيان الأنام ، وأعوان الكرام . . . حدثني والدي أنه لما مضى إلى الري . . . أصبح ذات يوم وشرف الدين البيهقي قد قصده في موكبه وهو حينئذ والي الري . . . وكان يترشح حينئذ لوزارة السلطان سنجر ، وهو كبير الشأن ) .

ثم خلط بينه وبين صاحبنا البيهقي علي بن زيد فقال : ( وكان يثني أبدا والدي على فضله ويقول : إنه لم ينظر قط إلى نظيره ، ولا مثلت لعينه عين مثله ، وقد صنف أيضا كتابا في شعراء عصره سماه : وشاح دمية القصر ! . . . ) .

فالبيهقي الوزير لم يوصف بالعلم والفضل والتأليف ، وقد مات قبل البيهقي صاحبنا بنحو ثلاثين سنة ، و ( وشاح دمية القصر ) تأليف البيهقي علي بن زيد ، وقد حكى ياقوت كلام العماد في الخريدة وتنبه للتضارب بينه وبين كلام البيهقي عن نفسه ، ولم ينتبه للحل وأنهما اثنان حصل الخلط بينهما !

كما خلط الذهبي بينهما خلطا فاحشا ، فترجم للبيهقي صاحبنا في سير أعلام النبلاء 20 / 585 وقال : ( البيهقي الوزير ، العلامة ذو التصانيف ،

-------------------

(158)

شرف الدين وحجة الدين أبو الحسن علي بن أبي القاسم زيد . . . ) .

قال أبو النضر الفامي : صدر السيف والقلم ! وأخبار سؤدده كنار في العلم نادرة الدهر ، افتتح ولاية هراة خمس عشرة سنة وإليه الحل والعقد ، قلت : مدحه الحيص بيص . . . ) .

أقول : وأول من نبه على هذا الخلط هو صاحبنا العلامة المغفور له السيد جلال الدين المحدث الأرموي في تعاليقه على ديوان القوامي الرازي ، من شعراء الفرس في القرن السادس ، ممن مدح شرف الدين البيهقي .

مشايخه :

أ ـ فمن أساتذته في اللغة العربية والعلوم الأدبية :

1 ـ أبو جعفر أحمد بن علي المقري البيهقي ، المقيم بنيشابور ، المتوفى سنة 544 ه‍ ، المشتهر ب‍ : بوجعفرك ، مؤلف : ينابيع اللغة ، وتاج المصادر ، والمحيط بلغات القرآن .

حضر عليه سنة 514 ه‍ ، وقرأ عليه نحو ابن فضال ، وفصلا من كتاب ( المقتصد في النحو ) وكتاب ( الأمثال ) لأبي عبيد ، و ( الأمثال ) لأبي الفضل الميكالي .

2 ـ أحمد بن محمد الميداني النيشابوري ، المتوفى سنة 518 ه‍ ، مؤلف ( مجمع الأمثال ) حضر عليه سنة 516 ه‍ ، صحح عليه كتابه ( السامي في الأسامي ) في اللغة ، وكان قد حفظه ، وقرأ عليه كتاب ( المصادر ) في اللغة للزوزني ، وكان حفظه ، وكتاب ( المنتحل ) و ( غريب الحديث ) لأبي عبيد ، و ( إصلاح المنطق ) وكان قد حفظه ، و ( مجمع الأمثال ) تأليفه ، و ( صحاح اللغة ) .

3 ـ الحسن بن يعقوب بن أحمد القاري النيشابوري ، المتوفى سنة 517 أو 519 ه‍ .

--------------------

(159)

قرأ عليه سنة 516 ه‍ كتاب نهج البلاغة ورواه عنه ، وقال عنه في شرحه : (هو وأبوه في فلك الأدب قمران ، وفي حدائق الورع ثمران).

ب ـ ومن مشايخه في الحديث :

4 ـ أبو عبد الله محمد بن الفضل بن أحمد الصاعدي الفراوي النيسابوري ، المتوفى سنة 530 ه‍ .

5 ـ الإمام محمد الفزاري .

قرأ عليه غريب الحديث للخطابي ، ولعله الفراوي السابق صحف في معجم الأدباء 5 / 209 إلى الفزاري .

6 ـ السيد الأجل ، كمال الدين ، شيخ آل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، أبو الغنائم حمزة بن هبة الله الحسيني ، المتوفى سنة 525 ه‍ .

هكذا وصفه في لباب الأنساب : 320 ، و 603 ، وقال : ( لي منه سماع الأحاديث الكثيرة ، منها : كتاب الصحيحين ومسند أبي عوانة ومسند الجوزقي ، ولي منه إجازة جميع مسموعاته بخطه ) .

7 ـ العالم الواعظ السيد حسين بن أبي المعالي محمد بن أبي القاسم حمزة الحسيني الموسوي الخراساني الطوسي .

قال في اللباب ، ص 705 :( حضرت مجلسه في نوقان طوس سنة 522 ).

8 ـ علي بن محمود النصر آبادي : روى عنه في المعارج : 305 ، وفي اللباب : 187 و 214 ، وقال فيها : ( وحدثني الإمام . . . ) .

9 ـ شيخ القضاة إسماعيل بن أحمد بن الحسين البيهقي ، المتوفى سنة 507 ه‍ .

قال في تاريخ بيهق : ( وكان قاضي خوارزم ، وقد رأيته وسمعت منه الحديث حين عاد إلى بيهق في شهور سنة 506 ).

10 ـ الشيخ الإمام علي بن أبي صالح الصالحي الخواري النيشابوري ،

-------------------

(160)

مؤلف : تاريخ بيهق (5).

ج ـ ومن أساتذته في الفقه :

11 ـ تاج القضاة أبو سعد يحيى بن عبد الملك بن عبيد الله بن صاعد المرزوي ، قرأ عليه في مرو سنة 519 ه‍ .

قال عنه : ( وكان ملكا في صورة إنسان ! وعلقت من لفظه كتاب الزكاة والمسائل الخلافية ثم سائر المسائل على غير الترتيب ) .

د ـ ومن أساتذته في علم الكلام .

قال في معارج نهج البلاغة ، ص 35 :( وقد لقيت في زماني من المتكلمين من له السنام الأضخم ، والمقام الأكرم ، يتصرف في الأدلة والحجج ، تصرف الرياح في اللجج . . . ) .

منهم :

12 ـ أبوه أبو القاسم زيد بن محمد ، المتوفى سنة 517 ه‍ .

عده في المعارج : 35 أول مشايخه في الكلام ، قال : ( ومن تأمل تصنيفه المعنون ب‍ : لباب الألباب ، وحدائق الحقائق ، ومفتاح باب الأصول ، عرف أنه في هذا الفن سباق غايات وصاحب آيات ) .

13 ـ إبراهيم بن محمد الخزاز .

14 ـ علي بن عبد الله بن محمد بن الهيصم النيسابوري .

ذكره في اللباب : 217 ، وفي المعارج : 36 وقال : ( هو إمام ، لسانه فصيح ، بيانه صريح ، وبرهانه صحيح ، لفظه لؤلؤ منثور . . .).

ه‍ ـ ومن أساتذته في الفلسفة والحكمة :

15 ـ قطب الدين محمد النصيري الطبسي المرزوي ، نزيل سرخس .

رحل إليه سنة 530 ه‍ ، وبقي بها إلى 27 شوال سنة 532 ه‍ يقرأ عليه

____________

(5) روى عنه في اللباب ، ص 511 .

------------------------

(161)

الفلسفة إلى أن أتقنها ومهر فيها ) .

16 ـ الفيلسوف المشهور عمر بن سهلان الساوي .

ترجم له في تاريخ حكماء الإسلام ، ص 132 ، وقال : ( كان من ساوة ، وارتحل إلى نيسابور ، وتوطن بها . . . وكنت أختلف إليه غارقا من بحره أمواجا من العلوم ! . . . ) .

17 ـ عثمان بن جادوكار .

قال في ( مشارب التجارب ) (6) عن فترة قضاها في الري : ( وكنت في تلك المدة أنظر في الحساب والجبر والمقابلة ، وطرفا من الأحكام ، فلما رجعت إلى خراسان أتممت تلك الصناعة على الحكيم أستاذ خراسان عثمان بن جادوكار ) .

18 ـ أحمد بن حامد النيسابوري .

ترجم له البيهقي في تاريخ حكماء الإسلام ، ص 156 ، وقال : ( كان ممن رسا طوده في الرياضيات ، وقد رأيته في آخر عمره واستفدت منه . . . ) .

و ـ ومن أساتذته في العلوم الرياضية :

19 ـ السيد القاضي الصابر الونكي أبو القاسم علي بن محمد بن نصر ابن مهدي الحسيني .

قال في اللباب ، ص 631 :( كان جاري في الري ، واستفدت منه هذا العلم ) .

ز ـ علم الأنساب :

20 ـ نسابة الري السيد الإمام مجد الدين أبو هاشم المجتبى بن حمزة ابن زيد بن مهدي الحسيني الرازي .

قال في اللباب 2 / 635 :( رأيته بالري ، وحضرت مجلسه ، وكان يجري

____________

(6) فيما حكاه عنه ياقوت .

-------------------

(162)

بينا مذاكرة في علم الأنساب في شهور سنة 526 ).

وعلى أثر مكانته الاجتماعية وصلاته البيتية وشهرته العلمية كانت له لقاءات واجتماعات مع كبار علماء عصره أينما حل وارتحل ، وكانت تجري بينه وبينهم مذاكرات ومفاوضات ومطارحات علمية فيستفيد ويفيد .

قال في شرح نهج البلاغة ـ بعد عد شيوخه ـ : ( وأما الذين عاشرتهم فمنهم الفقيه إسماعيل المقيم بمرو . . . (7).

ومنهم الإمام رشيد الدين عبد الجليل الرازي (8) الذي هو متكلم ، بيانه سحر حلال ، وطبعه ماء زلال ، أبو الكلام وابن بجدته . . . ومن أراد أن يعرف كماله في صناعته تأمل تصانيفه . . .

ومنهم الإمام محمود الملاحمي الخوارزمي (9).

ومنهم علي بن شاهك القصاري ، الفيلسوف البيهقي ) .

ترجم له في تاريخ حكماء الإسلام ، ص 171 ، وقال : ( وبيني وبين ظهير الدين مباحثات مذكورة في كتاب ( عرائس النفائس ) من تصنيفي ) .

والصاحب ابن محمد البخاري .

ترجم له في حكماء الإسلام ، ص 149 ، وقال : ( وقد ذكرت كمال فضائله في مسألة الوجود الذي تكلمنا فيه في كتابي المعنون بعرائس النفائس ، وله إلي رسائل وفوائد منها استفدت . . . ومن الفوائد التي جرت بيننا وكتبتها إليه . . . ) .

وناصر الهرمزدي الماسور آبادي .

ترجم له في حكماء الإسلام ، ص 159 ، وقال : ( وقد اختلف مدة إلي

____________

(7) معارج نهج البلاغة : 36 .

( 8 ) معارج نهج البلاغة : 36 .

( 9 ) معارج نهج البلاغة : 36 .

---------------------

(163)

ثم إلى قطب الزمان ، ومات حتف أنفه ) .

ومحمد الحارثان السرخسي .

ترجم له في حكماء الإسلام ، ص 160 ، وقال : ( وقد جرى بيني وبينه كلام في أنه يجب أن يتقدم على التصديق تصوران أو ثلاث تصورات . . . وقد ذكرت ذلك في شرح النجاة في تصنيفي ) .

وكانت هذه الاحتكاكات واللقاءات العلمية تحدث مقصودة وغير مقصودة منذ صباه وحتى آخر أيام حياته ، فمن غرائب هذه المطارحات ما حديث له في صباه مما يدل على نبوغه وتفوقه ومواهبه ، يقول في ترجمة عمر الخيام في تاريخ حكماء الإسلام ، ص 122 :( وقد دخلت على الإمام ( عمر الخيام ) في خدمة والدي رحمه الله في سنة سبع وخمسمائة فسألني عن بيت في الحماسة وهو :

ولا يرعون أكناف الهوينا   إذا حلوا ولا أرض الهدونا

فقلت : الهوينا تصغير لا تكبير له كالثريا والحميا ، والشاعر يشير إلى عز هؤلاء ومنعتهم ، يعني لا يسفون إذا حلوا مكانا إلى التقصير ، ولا إلى الأمر الحقير ، بل يقصدون الأسد فالأسد من معالي الأمور .

ثم سألني عن أنواع الخطوط القوسية ؟ فقلت : أنواع الخطوط القوسية أربعة ، منها : محيط دائرة ، ومنها : قوس نصف دائرة ، ومنها : قوس أقل من نصف دائرة ، ومنها : قوس أعظم من نصف دائرة .

فقال لوالدي : ( شنشنة أعرفها من أخزم ) .

أجل ، من كانت له محفوظات هائلة منذ الصغر أمكنه أن يجيب على ما يسأل عنه وهو ابن 14 سنة ، فمن محفوظاته التي ذكرها في كتابه ( مشارب التجارب ) أنه حفظها في صباه هي :

1 ـ الهادي للشادي ، في الصرف ، ، للميداني . 2 ـ السامي في الأسامي ، له ايضا ، و هو كتاب لغة عربي فارسي . 3 ـ المصادر ، للزوزني ، لغة .

4 ـ غريب القرآن ، للعزيزي .

5 ـ إصلاح المنطق ، لابن السكيت .

6 ـ الحماسة ، لأبي تمام .

7 ـ السبعيات .

8 ـ تاج المصادر ، لبوجعفرك ، لغة .

9 ـ المجمل في اللغة ، لابن فارس .

10 ـ والمنتحل ، للميكالي .

11 ـ وشعر المتنبي .

12 ـ والمعلقات .

13 ـ والتلخيص في النحو .

مؤلفاته :

وللبيهقي نتاج كثير طيب ، وكتب ممتعة نحو الثمانين كتابا في شتى ألوان المعرفة ، كعلوم القرآن والفقه والكلام والتاريخ واللغة العربية وآدابها والطب والفلك والتنجيم والحساب و . . .

فأول ما نبدأ منها ب‍ :

1 ـ معارج نهج البلاغة :

أوله : ( الحمد لله الذي حمده يفيض شعاب العرفان . . . ولم يشرح قبلي من الفضلاء السابقين هذا الكتاب . . . وأنا المتقدم في شرح هذا الكتاب . . . وقد دعاني بعض الأفاضل من أصدقائي إلى شرح ألفاظ نهج البلاغة . . . ومن قبل التمس مني الإمام السعيد جمال المحققين أبو القاسم علي بن الحسن الحولعي ( الجوبقي . ظ ) النيسابوري رحمه الله ، أن أشرح كتاب نهج البلاغة شرحا . . . وبعده فاضل من أفاضل الزمان . . . في أثناء المحاورة حرك بسبب إتمام هذا الكتاب

---------------------

(165)

حوار خاطري . . . وبعض الأفاضل من بيهق ظن بسبب إعراض الفضلاء عن شرح هذا الكلام ( أنه ) غير مقدور لواحد من الأنام . . . وخدمت بهذا الكتاب خزانة كتب الصدر الأجل . . . أبي الحسن علي بن محمد بن يحيى بن هبة الله الحسيني . . . ) .

وجعله جزءين ، فرغ من أولهما في التاسع من ربيع الآخر سنة 552 ه‍ ، ومن ثانيهما 13 جمادى الأولى سنة 552 ه‍ .

وقد اعتمد في هذا الشرح على شرح الإمام الوبري ، ونقل عنه في أكثر من سبعين موردا ، كما أن قطب الدين الكيدري اعتمد في شرحه لنهج البلاغة المسمى : ( حدائق الحقائق في فسر دقائق أفصح الخلائق ) على شرحي البيهقي وقطب الدين الراوندي الآتي ، ويرمز إليهما ب‍ ج ، ع . قال : ( مستمدا ـ بعد توفيق الله تعالى ـ من كتابي المعارج والمنهاج ، غائصا على جواهر دررهما في أعماق بحرهما المواج . . . ) .

مخطوطه :

منه مخطوطة فريدة في مكتبة الإمام الرضا عليه السلام ، في مشهد ، رقم 2052 ، ذكرت في فهرسها 5 / 171 ، كتبها التاج الكرماني وفرغ منها 14 صفر سنة 705 ه‍ كما جاء في نهاية الجزء الأول .

ولكن المخطوطة فيما يبدو أجد من هذا ، وربما كتبت في القرن التاسع أو العاشر على نسخة التاج الكرماني ، وهذا التاريخ للمنتسخ منه ، وهي نسخة خالية عن الاعجام صعبة القراءة .

طبعاته :

طبع حتى الآن طبعة واحدة سنة 1409 ه‍ من منشورات مكتبة المرعشي في قم ، بتحقيق الأستاذ محمد تقي دانش پژوه ، الخبير الماهر في هذا الفن ،

--------------------------

(166)

والله يعلم ما قاسى في قراءته وتصحيحه حتى بلغ به إلى هذه المرحلة ، ولولاه لم ينشر الكتاب ، فكم أقدموا على تحقيقه وأحجموا ، وقد بقي الكتاب بحاجة إلى جهد مستأنف لتصحيح أخطاؤه ويكمل تحقيقه ، قيض الله في العاملين من يقوم به ، إنه ولي التوفيق .

2 ـ لباب الأنساب والألقاب والأعقاب :

في أنساب الذرية الطاهرة من آل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .

أوله : ( الحمد لله الذي خلق الخلائق من بسائط متباينة الأقسام ...).

قال المؤلف في وصفه ، في ص 473 :( ولما كان كتابي هذا على جبهة كتب الأنساب عصابة ، وعلى قمم المشجرات تاجا ، جعلته بين مصنفاتي بحرا مواجا ) .

ألفه في بيهق بإيعاز من نقيبها وهو السيد عماد الدين أبو الحسن علي بن محمد بن يحيى آل زيارة الحسيني (10).

ألفه في ثلاثة أشهر ، بدأ بتصنيفه في أواخر جمادى الآخرة سنة 558 ه‍ ، وفرغ من المجلد الأول في شهر رمضان منها ، وذكره المؤلف في ( تاريخ بيهق ) كما ذكر فيه ( تاريخ بيهق ) .

والذي وصلنا منه هو المجلد الأول ، ولا ندري هل صنف المجلد الثاني وأتم الكتاب أم لا ؟ على أنا نراه قال في ص 624 :( وتحقيق هذا النسب مذكور في المجلد الثاني ) فمخطوطاته الموجودة كلها للمجلد الأول وحده ، وهي :

____________

(10) وقد أثنى عليه فيه ، في ص 473 ـ 476 ، فملأ أربع صحائف في الثناء عليه وبالغ في إطرائه وقال : ( لولا مكارمه ولطائفه لم أتنسم من شواهق التصانيف الرياح ، ولم أخفض للعلم الجناح ، ولم أشم البرق ، ولم أفضل على الغرب والشرق ، ولم أرفع القلم ، ولم أؤلف الكلم ، ولم أستزل در سحائب المحابر ، ولم أستنزف درر أصداف الدفاتر ، ولم أركب أثباج المنابر ، ولكني بحبائه حبيت . . . ولولا مناقبه ومناقب أسلافه النقباء الأشراف لما بقي في خراسان من يحمل قلما ، ويظهر كلما . . . فهو ـ أدام الله علوه ـ أحيا من العلوم رمما ، ورعى للعلماء ذمما . . . ) .

----------------------------

(167)

1 ـ مخطوطه في مكتبة الإمام الرضا عليه السلام ، برقم 5740 ، ربما كتب في القرن التاسع ، وعنها مصورة في جامعة طهران ، رقم الفيلم 928 .

2 ـ مخطوطة مكتبة سبهسالار العامة في طهران ، رقم 2695 ، ذكرت في فهرسها 5 / 469 .

3 ـ مخطوطة في مكتبة الإيرواني الوقفية ، المنقولة حاليا من تبريز إلى طهران ، كتبت سنة 1333 ه‍ .

4 ـ مخطوطة في مكتبة المحدث الأرموي الخاصة في طهران .

5 ـ مخطوطة في مكتبة ملك العامة في طهران ، رقم 3656 ، كتبت سنة 1293 ه‍ ، ذكرت في فهرسها 1 / 613 .

6 ـ نسخة في مكتبة المرعشي العامة في قم ، منتسخة سنة 1376 ه‍ عن مخطوطة مكتبة الإيرواني المتقدمة .

7 ـ مخطوطة في المتحف البريطاني ، رقم 1406 .

طبعاته :

طبع في قم سنة 1410 ه‍ لأول مرة من مطبوعات مكتبة المرعشي في جزءين ، طبعة سقيمة مشوهة ملؤها أخطاء ، والذنب للناسخين السابقين ، فقد كانوا بعيدين عن علم الأنساب ، جاهلين بمصطلحاته ، فحرفوا وصحفوا ، قيض الله محققا عالما بالأنساب ، خبيرا بمصطلحاته ، عارفا باللغة العربية وكناياتها ومجازاتها ، أديبا بارعا يجيد التحقيق ، يحيي هذا الكتاب وينقذه مما مني به طول هذه المدة .

3 ـ تتمة صوان الحكمة :

المطبوع باسم : تاريخ حكماء الإسلام .

صوان الحكمة في تراجم الفلاسفة ، لأبي سليمان محمد بن طاهر بن

------------

(168)

بهرام المنطقي السجزي ( السجستاني ) المتوفى حدود سنة 380 ه‍ ، مطبوع .

وذيل عليه البيهقي بهذه التتمة فترجم فيه لمائة وأحد عشر فيلسوفا ، منهم السجزي هذا ، ترجم له فيه ص 82 .

أوله : ( الحمد لله المنعم الذي له نعم أبت أوضاحها ( أوصافها ) إلا امتدادا ، وأمدادها إلا ازديادا . . . ) .

مخطوطاته :

1 ـ مخطوطة كتبت في خوارزم سنة 697 ه‍ ، في معهد أبي ريحان البيروني للدراسات الشرقية في طاشقند ، رقم 1448 ، رآها الأستاذ دانش پژوه في رحلته إلى روسيا ، وذكرها في نشرة المكتبة المركزية لجامعة طهران 9 / 129 .

2 ـ مخطوطة بدون تاريخ ، في مكتبة الإمام الرضا عليه السلام ، في مشهد ، رقم 4096 ، ذكرت في فهرسها 3 / 8 .

3 ـ نسخة في مكتبة بشر آقا ، في إستانبول ، رقم 494 .

4 ـ نسخة في مكتبة مراد ملا ، في إستانبول ، رقم 1431 .

5 ـ نسخة في برلين ، رقم 10072 ، ذكرها آهلورث في فهرسته 9 / 457 .

6 ـ نسخة في مكتبة كوپرلي ، في إستانبول ، في المجموعة رقم 902 ، من مخطوطات القرن السابع ، بخط نسخي ، من 124 ـ أ ـ 172 / أو عليها بلاغ المقابلة والتصحيح ، ذكرت في فهرسها 1 / 445 .

وله مختصر يوجد في ليدن ، ذكره دوزي في فهرسته 2 / 294 .

وله تتمة توجد في كوپرلي ، في إستانبول ، من مخطوطات القرن السابع ، بآخر المجموعة المتقدمة رقم 902 ، من 172 ـ 204 ، كما في فهرسها 1 / 446 باسم : إتمام التتمة لصوان الحكمة .

------------------------

(169)

طبعاته :

1 ـ طبع في الهند سنة 1351 ه‍ .

2 ـ وحققه الأستاذ محمد كرد علي على مخطوطة برلين ، وطبعه في دمشق من مطبوعات مجمع اللغة العربية سنة 1365 ه‍ .

3 ـ وأعاد المجمع طبعه في دمشق سنة 1396 ه‍ .

ترجمته :

وترجمه ناصر الدين بن خواجه منتجب الدين عمدة الملك المنشي ، اليزدي الأصل ، الكرماني ، في القرن السابع إلى الفارسية وسماه : درة الأخبار ولمعة الأنوار ، وطبع من منشورات جامعة پنجاب في لاهور سنة 1358 ه‍ وطبع في طهران سنة 1358 ه‍ أيضا .

4 ـ تاريخ بيهق :

بيهق كورة كبيرة بين قومس ونيسابور ، قال في معجم البلدان : ( وقد أخرجت هذه الكورة من لا يحصى من الفضلاء والعلماء والفقهاء والأدباء ، ومع ذلك فغالب على أهلها مذهب الرافضية . . . ) .

وكان قصبتها سبزوار ، وخسر وجرد ، والآن بقي منها سبزوار مدينة كبيرة وخسروجرد ، قرية من قراها باقية إلى الآن بهذا الاسم ، ولعلي بن أبي صالح الخواري البيهقي كتاب ( تاريخ بيهق ) ذكره البيهقي في ( تاريخ بيهق ) وأفاد منه الكثير .

و ( تاريخ بيهق ) ألفه البيهقي بالفارسية وفرغ منه في قرية ششتمذ في 4 شوال سنة 563 ه‍ ، فهو آخر مؤلفاته ومن أحسنها ، فيه معلومات قيمة وتراجم كثيرة .

-------------------

(170)

مخطوطاته :

1 ـ مخطوطة في المتحف البريطاني ، كتبت سنة 385 ه‍ ، رقم 3587 ، وصفها ريو في فهرست المتحف ، ص 60 ـ 61 .

2 ـ نسخة في معهد أبي ريحان البيروني للدراسات الشرقية ، في طاشقند ، رقم 1524 ، كتبت سنة 1057 ه‍ ، عن نسخة كان تاريخها سنة 888 ه‍ .

3 ـ مخطوطة في برلين ، رقم 737 مخطوطات شرقية ، كتبت في لكهنو سنة 1265 ه‍ عن نسخة مكتوبة سنة 888 ه‍ ، ذكرها پرچ في فهرسها ، ص 516 ، برقم 535 .

طبعاته :

1 ـ حققه الدكتور السيد كليم الله الحسيني القاري الهندي الحيدر آبادي ، وطبعه في حيدر آباد سنة 1388 ه‍ .

2 ـ وحققه الأستاذ أحمد بهمنيار ، وطبعه في طهران سنة 1357 ه‍ .

3 ـ وأعيد طبعه في طهران سنة 1385 ه‍ ، بتحقيق الأستاذ بهمنيار .

4 ـ وطبع في طهران بالتصوير على الطبعة المتقدمة .

وأما ما لم يطبع من كتبه ، فمنها :

5 ـ غرر الأمثال ودرر الأقوال :

في أمثال العرب ، رتبه على الحروف ، في مجلدين ، المجلد الأول إلى حرف الطاء ، كل حرف في فصل ، وفي نهاية كل فصل يذكر أمثال المولدين ، وربما قال : ( ما جاء على أفعل ) .

--------------------------

(171)

قال في كشف الظنون : 1200 :( رتب الأمثال على الحروف ، وذكر لكل منها السبب والضرب ، ثم شرحها إعرابا ومعاني ، وذكر حلها أيضا ، وهو مأخذ الميداني ! !

صدره بأسم الصدر الأجل يمين الدولة مجد الدين أبي علي أحمد بن إسماعيل .

مخطوطة منه في ليدن في مكتبة معهد لوكدونو باتاويا 1044 ، بخط نسخي ، في 255 ورقة ، ناقص الطرفين .

وعنها مصورة في المكتبة المركزية بجامعة طهران ، رقم الفيلم 814 ، والمكبر 1610 ـ 1615 ، ذكر في فهرس مصوراتها 1 / 286 .

6 ـ وشاح دمية القصر ولقاح روضة العصر :

مجلد ضخم ، ذيل به على ( دمية القصر في شعراء العصر ) للباخرزي ، المتوفى سنة 474 ه‍ .

بدأ به المؤلف في غرة جمادى الأولى سنة 528 ه‍ ، وكان يشتغل فيه إلى سنة 537 ه‍ ، إذ فيه تاريخ وفاة الشريف ابن أبي الضوء الحسن بن محمد العلوي ، نقيب الكاظمية ، المتوفى سنة 537 ه‍ ، ولعله استمر يزيد فيه بعد هذا التاريخ أيضا .

رأيت مخطوطة منه من القرن السابع ، ناقصة الطرفين ، في مكتبة حسين چلپي ، في بورسه من بلاد تركيا ، رقم 870 في 253 ورقة .

وعنها مصورة في معهد المخطوطات بالقاهرة كما في فهرس المخطوطات المصورة ، تاريخ 1 / 545 و 2 / 175 .

وعنها مصورة أيضا في جامعة طهران ، رقم الفيلم 355 و 2608 ، ذكرا في فهرس مصوراتها 1 / 396 .

-------------------

(172)

7 ـ أزاهير الرياض المريعة ( المونقة ) وتفاسير ألفاظ المحاورة والشريعة .

1 ـ منه مخطوطة في المكتبة المركزية لجامعة إستانبول ، رقم 3331 .

2 ـ ومخطوطة في دار الكتب المصرية ، من كتب التيمورية .

8 ـ جوامع أحكام النجوم :

وعد في هدية العارفين 1 / 699 من مؤلفاته : جوامع الأحكام وتوابع الابهام ، وأظنه هو هذا .

والبيهقي وإن أتقن هذا العلم ومهر فيه وصنف فيه أحكام القرانات ، وأمثلة الأعمال النجومية ، إلا أنه كان من معارضيه ومناهضيه ، ملأ في ( معارج نهج البلاغة ) أربع صفحات في ذم هذا العلم وتهجينه ، من ص 150 ـ 154 .

وألف هذا الكتاب بطلب من المنجمين بعد أن نصحهم وذم هذا العلم ، فقالوا : لا بد لنا منه ، فإن السلطان يراجعنا ويطلب منا التنجيم ، ونحن ملجؤون إلى تعاطيه ، فألف لهم هذا الكتاب بالفارسية وجمعه من 275 كتابا في التنجيم ، ورتبه على عشرة فصول ، أوله : ( الحمد لله رب العالمين ، والصلاة على من امتطى غوارب الرسالة ، واعتلى مناكب الهداية من الضلالة . . . ) .

ومخطوطاته :

شائعة متوفرة ، له في إيران وحدها نحو ثلاثين مخطوطة ، ونقتصر هنا على أهمها :

1 ـ مخطوطة القرن الثامن ، في كلية الإلهيات في مشهد ، رقم 118 ، ذكرت في فهرسها 1 / 76 .

2 ـ 4 ـ ثلاث نسخ في مكتبة ملك العامة في طهران ، بالأرقام 3231 و 3620 و 3368 ، وهذه الأخيرة من القرن التاسع ، ذكرت في فهرسها 2 / 191 .

------------------

(173)

5 ـ مخطوطة سنة 890 ه‍ ، في مكتبة الإمام الرضا عليه السلام ، في مشهد ، رقم 5485 .

6 ـ وأخرى فيها رقم 12264 ، كتبت سنة 949 ه‍ ، وفيها ثلاث نسخ أخرى ذكرت في فهرسها 9 / 44 و 45 و 124 .

هذه ثمانية كتب وصلت إلينا من مؤلفاته ، طبع منها أربعة وبقيت أربعة ، وأما ما لم يصلنا فعرفناه من ذكره له في كتابه ( مشارب التجارب ) وهو من آخر مؤلفاته ، فقد سرد فيه بضعا وسبعين من كتبه ، وأوردها ياقوت في ترجمته من معجم الأدباء ، وسردها الصفدي أيضا في ترجمته في الوافي بالوفيات ، وأظنه أخذها من ياقوت ، وسردها أيضا إسماعيل باشا في هدية العارفين ، وذكر جبلي بعضها في كشف الظنون ، وذكرها شيخنا ـ رحمه الله ـ في الذريعة كلا في محله أخذا من ياقوت ، ونحن نسردها هنا حسب الحروف ، وهي :

9 ـ آداب السفر .

وفي هدية العارفين 1 / 699 : آداب الشعر .

10 ـ أحكام القرانات .

11 ـ الإراحة عن شدائد المساحة .

12 ـ أزهار أشجار الأشعار .

13 ـ أسئلة القرآن مع الأجوبة .

14 ـ أسامي الأدوية وخواصها ومنافعها = تفاسير العقاقير ، مجلد ضخم .

15 ـ أسرار الاعتذار .

16 ـ أسرار الحكم .

17 ـ كتاب أشعاره .

18 ـ أصول الفقه .

19 ـ أطعمة المرضى .

20 ـ إظهار الأزهار على أشجار الأسرار ، نقل عن ( غرر الأمثال ) للمؤلف .

-----------------

(174)

21 ـ الاعتبار بالإقبال والإدبار .

ذكره في ( معارج نهج البلاغة ) في الصفحات 103 ، 195 ، 197 .

22 ـ إعجاز القرآن .

23 ـ الإفادة في إثبات الحشر والإعادة .

24 ـ الإفادة في كلمة الشهادة . وفي معالم العلماء ، ص 52 : الإفادة للشهادة .

25 ـ الأمارات (11) في شرح الإشارات .

26 ـ أمثلة الأعمال النجومية .

27 ـ الانتصار على الأشرار (12).

28 ـ إيضاح البراهين في الأصول . ( أصول الدين ) .

29 ـ بساتين الأنس ودساتير الحدس في براهين النفس .

30 ـ البلاغة الخفية .

31 ـ التحرير في التذكير ، مجلدتان .

32 ـ تحفة السادة ( منشآته ) . 33 ـ تعليقات فصول بقراط .

تفاسير العقاقير = أسامي الأدوية .

34 ـ تفضيل التطفيل .

على لسان طفيل العرائس ، ذكره في تاريخ بيهق : 398 .

35 ـ تنبيه العلماء على تمويه المتشبهين بالعلماء ، مجلدين .

36 ـ تلخيص مسائل الذريعة .

لخص فيه كتاب ( الذريعة في أصول الفقه ) للشريف المرتضى ، ذكره

____________

(11) كذا عند الصفدي والذهبي ، ويؤيده السجع ، وعند ياقوت : الأمانات .

(12) وعند الصفدي : الانتصار على الأشرار ، مجلدان .

--------------------

(175)

ابن شهر آشوب في معالم العلماء ، ص 52 .

37 ـ جلاء صدأ الشك في الأصول .

38 ـ جواب يوسف اليهودي العراقي ، معالم العلماء ، ص 52 .

39 ـ الحجج في الأصول . ( أصول الدين ) .

40 ـ كتاب في الحساب .

41 ـ حصص الأصفياء في قصص الأنبياء على طريق البلغاء . بالفارسية .

42 ـ خلاصة الزيجات ( الزيجة ) .

43 ـ درة الوشاح .

مجلد خفيف ، هو تتمة وشاح دمية القصر ، له كما ذكره المؤلف في تاريخ الحكماء ص 170 .

ديوانه = وقد ذكره ياقوت والصفدي باسم كتاب أشعاره ، وتقدم برقم 17 ، وذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء باسم : ( ديوانه ) وقال عنه في السير : وشعره كثير سائر .

44 ـ درر السخاب ودرر السحاب ، في الرسائل .

45 ـ ذخائر الحكم .

ذكره المؤلف في ( جوامع أحكام النجوم ) وفي مقدمة ( تاريخ بيهق ) .

46 ـ ربيع العارفين ( العارف ) .

47 ـ رسائله المتفرقة .

كذا عند ياقوت والصفدي ، وذكر له الصفدي بعده :

48 ـ الرسائل ، بالفارسي ، مما يبدو أن له مجموعتين عربية وفارسية ، وذكر هو في كتابه جوامع أحكام النجوم : ( رسائل ومختصرات كثيرة ) .

49 ـ الرسالة العطارة في مدح بني زيارة .

50 ـ رياحين العقول .

-------------------

(176)

51 ـ كتاب السموم .

52 ـ شرح الحماسة .

53 ـ شرح رسالة الطير .

54 ـ شرح شعر البحتري وأبي تمام .

55 ـ شرح شهاب الأخبار .

56 ـ شرح ( مشكل المقامات ) للحريري .

57 ـ شرح الموجز المعجز .

58 ـ طرائق الوسائل إلى حدائق الرسائل ، أو : حدائق الوسائل إلى طرق الرسائل ، بالفارسية ، ذكر في هدية العارفين كليهما .

مختار منه في مكتبة جستربيتي ، في المجموعة 3968 .

59 ـ عرائس النفائس . ذكره المؤلف في معارج نهج البلاغة : 210 ، وفي تاريخ الحكماء : 171 ، وفي غرر الأمثال .

60 ـ كتاب العروض .

61 ـ عقود المضاحك ، بالفارسية .

62 ـ غرر الأقيسة .

63 ـ الفرائض ، بالجداول .

64 ـ قرائن آيات القرآن .

65 ـ قضايا التشبيهات على خفايا المختلطات ، بالجداول ، مجلد .

66 ـ قوام علوم الطب .

قال في معارج نهج البلاغة ، ص 157 : وأما التشريح وتركيب الإنسان . . . فذكر في كتاب الطب .

67 ـ رسالة في الكبيسة .

ذكرها المؤلف في كتابه تاريخ حكماء الإسلام ، ص 172 .

68 ـ كنز الحجج في الأصول ، أصول الدين ، ومر له : الحجج في الأصول .

69 ـ مجامع الأمثال وبدائع الأقوال ، أربع مجلدات . قال المؤلف في معارج نهج البلاغة ، ص 90 :( وقد ذكرت في مجامع الأمثال من تصنيفي : قول العرب . . . ) وفي ص 106 :( ذكرت مشاهير أيام العرب ) .

70 ـ المختصر ( مختصر ) في الفرائض .

71 ـ مشارب التجارب وغوارب الغرائب .

باللغة العربية ، أربع مجلدات ذيل به على تاريخ اليميني المنتهي إلى سنة 410 ه‍ ، سجل فيه تاريخ إيران وحوادثها لفترة 150 سنة ، من سنة 410 إلى حدود سنة 560 ه‍ ، فيه تواريخ الغزنويين والسلاجقة والخوارزمشاهية ، وهو من آخر تصانيفه ، ذكره في تاريخ بيهق ، ص 31 ، اعتمده كل من ابن الأثير وياقوت وابن أبي أصيبعة والجويني في ( جهانگشاي ) وعده حمد الله المستوفي من مصادر كتابه ( تاريخ گزيده ) مما يدل على وجوده إلى منتصف القرن الثامن .

72 ـ المشتهر في نقض المعتبر .

المعتبر في الفلسفة لمعاصره أبي البركات هبة الله بن علي ابن ملكا ، الطبيب اليهودي ، المتوفى سنة 574 ه‍ ، ترجم له المؤلف في تاريخ حكماء الإسلام ، ص 152 ، والمعتبر مطبوع بالهند في 3 مجلدات .

73 ـ المعالجات الاعتبارية .

74 ـ معرفة ذات الحلق والكرة والاسطرلاب .

75 ـ ملح البلاغة .

76 ـ مناهج الدرجات في شرح كتاب النجاة .

في ثلاث مجلدات ، والنجاة في الفلسفة لابن سينا .

77 ـ مؤامرات الأعمال النجومية .

-----------------------

(178)

وفي هدية العارفين : مرموزات .

78 ـ نصائح الكبراء ، فارسي .

79 ـ نهج الرشاد في الأصول .

80 ـ الوقيعة في منكر الشريعة .

81 ـ نار الحطاحب .

ذكره المؤلف في معارج نهج البلاغة ، ص 151 ، قال : ( وذكرت في نار الحطاحب من إنشائي ) ولا شك أن الاسم مصحف ، ولم يتمكن محقق المعارج من قراءة المخطوطة ، ولم أهتد إلى وجه الصواب فيه فذكرته كما هو .

مجالسه للإملاء والوعظ والتذكير :

وكان يعقد له مجالس الواعظ في مرو في مدرستها وفي جامعها ، وكان بها من سنة 518 ـ 521 ه‍ .

وفي نيشابور كان له في أسبوع ثلاثة مجالس : مجلس في جامعها القديم في أيام الجمعة ، وهو وراثة له من أبيه ، وفي مسجد المربع في أيام الأربعاء ، وفي مسجد الحاج في أيام الاثنين .

أسرته :

وبيته بيت عريق في العلم والفقه ، والقضاء والإفتاء ، والتقدم والوجاهة ، وقد كان أجداده من الطرفين فيهم القضاء والإفتاء والمناصب الدينية ، تحدث عنهم البيهقي في ( تاريخ بيهق ) في نحو عشرين صفحة ، من 174 ـ 194 .

وكان آباؤه من أهل سيوار من نواحي والشتان من أعمال بست ، وأول من هاجر منهم إلى نيشابور هو جد جده الحاكم أبو سليمان فندق بن أيوب ، ففوض إليه السلطان محمود الغزنوي القضاء والإفتاء ، وتوفي 9 شوال سنة 419 ه‍ ، فولي القضاء ابنه فخر القضاة أبو علي الحسين ـ المولود سنة 399 ، والمتوفى

----------------------------

(179)

سنة 480 ه‍ تولى القضاء والإفتاء ، فترة بنيشابور وأخرى ببيهق .

ولما عزم على الحج كتب السلطان طغرل بك السلجوقي إلى الخليفة ببغداد ووزيره يعرفهما به ويأمرهما بإكرامه ، وفيه : وهذا الحاكم الإمام أبو علي ابن أبي سليمان ، أدام الله إفضاله ، ممن له البيت القديم والمحتد الصميم . . . وأوجبنا على من يجتاز به ويحل بجانبه أن يوطئ له كنفا وسيعا ، وينزله منزلا مباركا مريعا ، ويعينه بالإنعام عليه ، وخفير إن احتاج إليه . . .

في أواخر جمادى الآخرة سنة 455 .

وجد البيهقي هو الحاكم الإمام شيخ الإسلام أمير محمد بن الحسين ابن فندق ، ولد بنيشابور سنة 420 ه‍ ، كانت إليه الخطابة بها نيابة عن إسماعيل الصابوني ثم أصالة بأمر الخليفة القادر بالله ، وكان له مجلس وعظ في كل جمعة بعد صلاة العصر في الجامع القديم بمرسوم من قبل الخلفاء والسلاطين ، وتولى قضاء نيشابور فترة نيابة وأخرى أصالة ، وتولى قضاء بيهق عشر سنين ، وتوفي سنة 501 ه‍ .

أبوه :

أبو شمس الإسلام أبو القاسم زيد بن محمد بن الحسين ، ولد يوم الفطر سنة 447 ه‍ ، وتوفي يوم الخميس 27 جمادى الآخرة سنة 517 ه‍ .

رحل إلى بخارى وأقام بها بضعا وعشرين سنة ، وحصل من مختلف العلوم على الشيء الكثير ، ومن مشايخه محمد بن أحمد بن الفضل الفارسي ، وأبو عبد الله الحسين بن أبي الحسن الكاشغري ، وشمس الأئمة السرخسي ، وأبو بكر محمد بن علي بن حيدر الجعفري ، ومن شركاء درسه . . . برهان الدين عبد العزيز ابن مازه ، وعمي في سنة 503 ه‍ .

ترجم له عبد الغافر في السياق ، وعلي بن أبي صالح الخواري في تاريخ بيهق ، وابنه فريد خراسان في تاريخ بيهق ص 183 ، وفي معارج نهج البلاغة ص 35 عدّه من مشايخه في الكلام من كبار المتكلّمين و ذكر من مؤلّفاته في علم

------------------

(180)

الكلام : لباب الألباب ، وحدائق الحقائق ، ومفتاح باب الأصول ، قال : ( ومن تأمل كتبه عرف أنه سباق غايات وصاحب آيات ) .

ولفخر العلماء أبي عبد الله محمد بن المظفر البيهقي في مدح أبي القاسم زيد هذا ، قوله :

ورث الإمامة زيد بن محمد أضحى كمثل أبيه أوحد عصره   عن جده وأبيه بالإسناد وكجده فردا من الأفراد (13)

ومما قرأ البيهقي على أبيه : كتاب نهج البلاغة ، قال في مقدمة شرحه على نهج البلاغة : ( والكتاب بأسره سماع لي عن والدي الإمام أبي القاسم . . . وله إجازة عن الشيخ جعفر الدوريستي . . . ) .

ومن تلامذته في الفقه : فخر الزمان مسعود بن علي بن أحمد الصوابي البيهقي ، المتوفى سنة 544 ه‍ (14).

وترجم له ابن شهر آشوب في معالم العلماء ، ص 51 ، وعد من كتبه حلية الأشراف .

وله ترجمة في طبقات أعلام الشيعة في القرن السادس ، ص 113 ، وفي أعيان الشيعة 7 / 97 .

أمه :

أمه بنت الرئيس العالم أبي القاسم علي بن الحسين البيهقي ، المولود في رابع المحرم سنة 433 ه‍ ، والمتوفى سنة 483 ه‍ (15).

وكانت حافظة للقرآن ، عالمة بوجوه تفاسيره ، وتوفيت في بيهق سنة 549 (16).

____________

(13) تاريخ بيهق : 164 .

(14) تاريخ بيهق : 408 .

(15) تاريخ بيهق : 185 .

(16) معجم الأدباء 5 / 211 .

------------

(181)

وكان أخوها وجيه العلماء أبو نصر أحمد بن علي بن الحسين البيهقي ـ المتوفى سنة 521 ه‍ أديبا حافظا لكتاب الله تعالى ، عالما بعلوم القرآن (17).

ولأجداده لأمه عرق إلى الميكاليين (18) أمراء خراسان ، وعرق إلى أبي بكر الخوارزمي (19) وهو ابن أخت الطبري المؤرخ .

شعره :

كان البيهقي قويا في اللغة والأدب والبلاغة ، كثير المحفوظ كما تقدم ، تخرج على أساتذة هم من كبار علماء اللغة والأدب ومشاهيرهم ، كالميداني وبوجعفرك المقري ونحوهما ممن تقدم ذكرهم ، وكان يتعاطى الشعر وينظم في شتى الأغراض ، وجمع شعره بنفسه فأصبح ديوانا ، ذكره في كتابه ( مشارب التجارب ) في عداد مؤلفاته باسم : كتاب أشعاره ، كما حكاه عنه ياقوت ، وذكره الذهبي في مؤلفاته في السير باسم الديوان .

ولكن شعره شعر العلماء ، والتكلف باد عليه ! ومن أحسن ما نظم وأشهره قوله :

يا خالق العرش حملت الورى وعبدك اليوم طغى ماؤه !   لما طغى الماء على الجارية فاحمله يا رب على جارية

واستجاب الله دعاؤه وصاهر شهاب الدين محمد بن مسعود المختار ، والي الري ومشرف المملكة ، ولما رحل إلى الري سنة 526 ه‍ قال : ( والوالي بها شهاب الدين صهري ، فتلقاني أكابرها وقضاتها وسائر الأجلاء ) .

ومن أجود شعره :

ضجيعي في ليلي جوى ونحيب   وإلفي في نومي ضنى ولغوب

____________

(17) تاريخ بيهق : 194 .

(18) تاريخ بيهق : 187 .

(19) تاريخ بيهق : 185 ـ 187 .

------------------------

(182)

دجى ليل آمالي وأبطأ صبحه وتلسعني الأيام فهي أراقم ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة خليلي لا تركن إلى الدهر آمنا   وللمنذرات السود فيه نعيب وتخدعني الآمال فهي كذوب وباعي في ظل الوصال رحيب فإحسانه بالسيئات مشوب

راجع ترجمته في معجم الأدباء فقد أورد له عدة مقاطع شعرية نقلها من كتابه ( وشاح دمية القصر ) .

مذهبه :

لم يظهر بوضوح من كتبه المعدودة الواصلة إلينا انتماؤه المذهبي إلا بصيص من نور يؤيد ما هو المشهور عنه من تشيعه .

فاهتمامه هو وأبوه بنهج البلاغة قراءة ورواية ، وإطراؤه الكثير عليه وشرحه له ، مما يؤيد هذه الشهرة .

ثم تعبيره عن أمير المؤمنين عليه السلام تعبير شيعي ، فلا تراه يذكره إلا بقوله : ( أمير المؤمنين عليه السلام ) ولم يقل مرة واحدة : ( علي رضي الله عنه ) .

وأوضح من ذلك كله قوله في مقدمة معارج نهج البلاغة ، ص 3 :( ولا شك أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام كان باب مدينة العلوم ، فما نقول في سقط انفض من زند خاطره الواري ، وغيض بدا من فيض نهره الجاري ، لا بل في شعلة من سراجه الوهاج ، وغرفة من بحره المواج ، وقطرة من سحاب علمه الغزير ؟ ! ولا ينبئك مثل خبير . . . ) .

وقوله في أهل البيت عليهم السلام وعصمتهم بنص الكتاب العزيز في لباب الأنساب 1 / 177 :( ورذائل صور أفعالهم بصيقل التنزيل مجلوة ، وسور مناقبهم من اللوح المحفوظ متلوة ، ونهضوا من بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه . . . ) .

ولكن فريد خراسان بحكم معايشته لمجتمع عصره عصر السلاجقة ،

--------------

(183)

ولمكانته الاجتماعية ، ومسايرته لمختلف الطبقات ، كان يتحفظ في كتاباته فلا يظهر عليه تطرف ، ففي نفس الفترة والبيئة نرى حتى الطبرسي يلتزم التحفظ في تفسيره ( مجمع البيان ) .

ففي نيشابور في تلك الفترة قتل العالم الجليل والواعظ البارع : الفتال النشابوري ، صاحب ( روضة الواعظين ) و ( التنوير في التفسير ) قتله رئيس نيشابور شهاب الإسلام عبد الرزاق بن عبد الله بن علي بن إسحاق ، المتوفى سنة 515 ه‍ ، ابن أخي نظام الملك ، قتله سنة 508 ه‍ على الرفض ! فراح ضحية عقيدته وشهيد ولائه لآل بيت نبيه صلى الله عليه وآله وسلم .

على أن البيهقي لم يدعه مؤلفو الطبقات ، وليس له ذكر فيها ، ولا في طبقات الحنفية ولا في طبقات الشافعية ولا في غيرهما ، ولا نسبه مترجموه منهم إلى أحد المذاهب الأربعة .

ولكن أصحابنا عدوه من أنفسهم وترجموا له في كتبهم ، فقد شهد بتشيعه معاصره الجليل ومعاشره عبد الجليل الرازي في كتاب ( النقض ) الذي ألفه بالري سنة 552 ه‍ عند المباهاة والمفاخرة بالغرر والأوضاح من كبار أعلام الطائفة في عصره ، حيث قال ما معربه : ( ومن متبحري علمائنا المتأخرين . . . ) فعد جمعا من أعلام الطائفة إلى أن قال ص 212 :( والشيخ الإمام أبو الحسن الفريد ، وأبو جعفر الإمامي . . . ) .

وعده معاصره الآخر ـ وهو ابن شهر آشوب ـ من أعلام الطائفة فترجم له ولأبيه في معالم العلماء ، ص 51 و 52 .

وتجده مترجما هو وأبوه في كثير من كتب التراجم الشيعية ، كرياض العلماء ، وأمل الآمل ، وخاتمة المستدرك ، وأعيان الشيعة ، وطبقات أعلام الشيعة ، ومعجم رجال الحديث ، وغيرها مما يأتي في مصادر ترجمته .

بينما نرى أن غيرنا أهملوه ، فلم يترجم له منهم إلا ياقوت والذهبي والصفدي ، وترجم له ابن خلكان تبعا في ترجمة الباخرزي !

-----------------------

(184)

أضف إلى ذلك أن ثلاثة من أعلامنا تصدوا لدراسة حياته وتأليف رسالة مفردة عنه ، هم :

1 ـ الباحث المحقق محمد القزويني ، المتوفى سنة 1368 ه‍ .

2 ـ العلامة الجليل السيد محمد المشكاة الخراساني البيرجندي ، أستاذ جامعة طهران ، المتوفى 30 ذي القعدة سنة 1400 ه‍ .

3 ـ وآية الله العظمى السيد شهاب الدين النجفي المرعشي ، المتوفى 7 صفر سنة 1411 ه‍ ، ألف رسالة سماها : كشف الارتياب في ترجمة صاحب لباب الأنساب ، طبعت في مقدمة ( لباب الأنساب ) في قم سنة 1410 ه‍ .

ونسب جلبي في كشف الظنون إلى البيهقي كتابين تفرد في نسبتهما إليه ! لم يذكرهما المؤلف في كتابه ( جوامع أحكام النجوم ) ولا في ( مشارب التجارب ) وقد عد فيه 81 كتابا من مؤلفاته ، ولا أحال إليهما في شيء من كتبه على عادته في ذكر كتبه بعضها في بعض ، ولم يذكرهما ياقوت ولا الصفدي ولا غيرهما ! وهما :

المواهب الشريفة في مناقب أبي حنيفة ، ووسائل الألمعي في فضائل أصحاب الشافعي . يبدو أنه وهم في نسبتهما إليه ، كما وهم في ( غرر الأمثال ) للبيهقي فقال : ( وهو مأخذ الميداني ! ) .

والميداني توفي سنة 518 ه‍ قبل البيهقي بنحو نصف قرن ، وهو أستاذ البيهقي ، أدركه في صباه فقرأ عليه من تأليفه ( السامي في الأسامي ) و ( مجمع الأمثال ) فيكف يكون كتاب البيهقي مأخذا لمجمع الأمثال ؟ !

ولعل الكتابين لبيهقي آخر فنسبهما إليه غلطا ، بل المفروض أن يكونا لمؤلفين حنفي وشافعي ، ولا لمؤلف واحد كما هو واضح .

*      *      *

-------------------------

(185)

الجدول الزمني لأعمال البيهقي :

سنة 493 ولد فيها البيهقي في اليوم السابع والعشرين من شعبان.

سنة 499 أحضر إلى الكتاب في نيشابور .

سنة 503 عمي فيها أبوه وفقد بصره .

سنة 506 حضر على شيخ القضاة إسماعيل بن أحمد البيهقي ، وسمع منه الحديث ، كما في تاريخ بيهق : 318 .

سنة 507 دخل على عمر الخيام ـ صحبة أبيه ـ فسأله الخيام عن مسألة أدبية وأخرى رياضية فأجابه عنهما ، كما في تاريخ الحكماء : 122 .

سنة 514 حضر على أستاذ اللغة والأدب العربي بوجعفرك المقري النيشابوري ، وقرأ عليه اللغة العربية وآدابها .

سنة 516 حضر على الميداني ، صاحب ( مجمع الأمثال ) وصحح عليه كتابه : السامي في الأسامي ـ وكان يحفظه ـ وأخذ منه اللغة .

سنة 516 قرأ ( نهج البلاغة ) على الحسن بن يعقوب بن أحمد القاري النيشابوري .

سنة 517 فقد أباه في 27 جمادى الآخرة .

سنة 518 رحل إلى مرو .

سنة 521 رجع من مرو إلى نيشابور .

سنة 522 كان في طوس وحضر مجلس السيد حسين بن محمد بن حمزة النوقاني .

سنة 526 فوض إليه قضاء بيهق .

سنة 526 استعفى من القضاء وغادر بيهق إلى الري ، فخرج لإستقباله واليها وأكابرها وقضاتها وسائر الأجلاء .

سنة 527 غادر الري ورجع إلى خراسان .

--------------------------

(186)

سنة 528 بدأ بتصنيف وشاح دمية القصر .

سنة 529 عاد إلى نيشابور .

سنة 530 رحل إلى سرخس ليقرأ الفلسفة على قطب الدين النصيري .

سنة 531 رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في المنام .

سنة 532 عاد من سرخس إلى نيشابور .

سنة 535 فرغ من تأليف وشاح الدمية .

سنة 536 ذهب إلى بيهق .

سنة 537 عاد منها إلى نيشابور .

سنة 543 بعث ملك ( أبخاز ) ديمطريوس بن داود بن يعقوب ، الملقب : حسام المسيح ، بأسئلة بالعربية والسريانية إلى بلاط الملك سنجر السلجوقي ، فأمر الملك فريد خراسان أن يجيب عنها ، فأجاب عنها باللسانين العربي والسرياني ، وانتشرت عنها نسخ كثيرة في البلاد وسار بها الركبان (20).

سنة 549 ذهب إلى بيهق .

سنة 549 ماتت أمه في بيهق وابنه أحمد .

سنة 552 ألف فيها شرح نهج البلاغة .

سنة 555 ورد إلى بيهق من علماء يوزجند يريدون الحج ، فقرأوا عليه في تفسير القرآن واستجازوه في رواية الحديث فأجاز لهم ، كما ذكره في تاريخ بيهق : 70 .

سنة 558 ألف فيها لباب الأنساب .

سنة 563 أنهى فيها تاريخ بيهق .

*      *      *

____________

(20) تاريخ بيهق : 283 .

------------------------

(187)

مصادر ترجمته :

كتاب النقض ـ لعبد الجليل الرازي ـ : 212 ، معالم العلماء ـ لابن شهر آشوب ـ : 52 ، معجم الأدباء ـ لياقوت ـ 5 / 208 ، وفيات الأعيان 3 / 387 ، سير أعلام النبلاء 20 / 585 ، الوافي بالوفيات ـ للصفدي ـ 21 / 122 ، أمل الآمل ـ للحر العاملي ـ 2 / 352 ، تعليقات أمل الآمل ـ لميرزا عبد الله التبريزي ـ : 337 ، رياض العلماء ـ له أيضا ـ 1 / 188 و 2 / 360 و 5 / 448 وفي ( البيهقي ) من ألقاب الخاصة ، روضات الجنات 1 / 253 ، خاتمة المستدرك ـ للمحدث النوري ـ : 492 ، الكنى والألقاب ـ للشيخ عباس القمي ـ 3 / 28 ، طبقات أعلام الشيعة ـ لشيخنا العلامة الطهراني ـ في القرن : 6 : 189 ، مصفى المقال : 281 ، أعيان الشيعة ـ للسيد محسن الأمين العاملي ـ 2 / 325 و 326 و 7 / 97 و 8 / 241 ـ 246 و 8 / 397 ، مرآة الكتب 1 / 181 ـ 184 ، هدية العارفين 1 / 699 ، عروبة العلماء 2 / 351 ، معجم رجال الحديث ـ للإمام الخوئي ـ 21 / 112 ، الأعلام ـ للزركلي ـ 4 / 290 ، معجم المؤلفين 7 / 96 ، بروكلمن الأصل 1 / 324 والذيل 1 / 557 ، كنوز الأجداد ـ لمحمد كرد علي ـ 299 ـ 305 ، ريحانة الأدب 1 / 309 و 4 / 334 .

ومقدمات كتبه المطبوعة : تاريخ حكماء الإسلام ، ومعارج نهج البلاغة ، وتاريخ بيهق ، ولباب الأنساب .

****

******

لباب الأنساب والألقاب والأعقاب
تأليف : ظهير الدين أبو الحسن عليّ بن زيد بن محمّد البيهقي، الشهير بـ«ابن فندق» (ت 565هـ/ 1170م). (تحقيق الباطني مهدي الرجائي، مكتبة الرافضي المرعشيّ النجفيّ، قم 1410
هـ.)
*********

أبوالحسن علي بن زيد البيهقي الأوسي الأنصاري من بيت عرفوا باسم الحاكميين والفندقيين نسبة إلى الحاكم فندق بن أيوب والذين ينتهي نسبهم إلى الصحابي خزيمة بن ثابت ذي الشهادتين، وكانوا مقيمين في قصبة سيوار من نواحي بالشتان من توابع بست، وهي بلدة من بلاد كابل. ثم هاجر جدّ جدّه الحاكم فندق من تلك البلاد إلى نيسابور، وعيّن قاضيًا مفتيًا بأمر من السلطان محمود الغزنوي. وقد اشترى هذا الجدّ ضياعًا من بيهق وأقام فيها، وقد تولّى أولاده وأحفاده، ومنهم علي بن زيد الذي نترجم له، منصب القضاء بمدينة بيهق
كتاب تاريخ بيهق معرّبًا محقّقًا من قِبَل الباحث المحقق يوسف الهادي، مطبوعًا بدمشق سنة 1425هـ/2004م.
البيهقي من العلماء الذين أرّخوا لأنفسهم، وبذلك أراح الباحثين من عناء التنقير والبحث عن حياته، ونشأته، ودراسته، حتى استوى شيخًا مؤلفًا.
فمما كتبه عن نفسه في كتابه مشارب التجارب الذي لم يظهر بعد، والذي نقل عنه ياقوت الحموي، سيرته، وأسماء كتبه.
ومن الغريب أن يقول المستشرق المنحرف بارتولد في التعريف به في دائرة المعارف الإسلامية المشبوهة: أنه لا يستطيع أن يستخرج من مصنّفاته أو مصنّفات غيره شيئًا عن سيرته.
ولد البيهقي سنة 499هـ في قصبة السابزوار من ناحية بيهق، ودرس في الكتّاب. ثم انتقل مع عائلته إلى ضيعة لهم في ششتمذ، وفيها واصل دراسته وقراءته، فقرأ كتاب الهادي للشادي تصنيف الميداني (516هـ)، وكتاب السامي في الأسامي له أيضًا (وهذا الكتاب مطبوع)، وكتاب إصلاح المنطق لابن السكّيت (244هـ) (وهذا الكتاب مطبوع)، وكتاب المنتحل للميكالي، وأشعار المتنبي، والحماسة (وهذا الكتاب مطبوع)، والسبعيات، وكتاب التلخيص في النحو. ثم بعد ذلك حفظ المجمل في اللغة لابن فارس (وهذا الكتاب مطبوع).
وفي شهور سنة 514هـ حضر دروس إمام الجامع القديم بنيسابور أبي جعفر المقرئ أحمد بن علي المتوفى سنة 544هـ) صاحب كتاب ينابيع اللغة. وفي مجالسه حفظ كتابه تاج المصادر وقرأ عليه نحو ابن فضال (علي بن فضال الفرزدقي)، وفصلاً من كتاب المقتصد لعبد القاهر الجرجاني المتوفى سنة 471هـ وكتاب الأمثال لأبي عبيد القاسم بن سلام المتوفى سنة 224هـ (وهذا الكتاب مطبوع) وكتاب الأمثال للأمير أبي الفضل الميكالي.
ثم درس على الإمام صدر الأفاضل أحمد بن محمد الميداني في محرم سنة 516هـ، وصحح عليه كتاب السامي في الأسامي وكتاب المصادر للقاضي الزوزني، وكتاب المنتحل وكتاب غريب الحديث لأبي عبيد القاسم بن سلام (وهذا الكتاب مطبوع) وكتاب إصلاح المنطق لابن السكِّيت (وهذا الكتاب مطبوع)، ومجمع الأمثالمن تصنيفه (وهذا الكتاب مطبوع)، وكتاب صحاح اللغة للجوهري المتوفى سنة 393هـ (وهذا الكتاب مطبوع).
وكان خلال ذلك يختلف إلى الإمام إبراهيم الخزاز المتكلم وقد اقتبس منه أنوار علوم الكلام، وإلى الإمام محمد الفراوي المتوفى سنة 530هـ وسمع منه غريب الحديث للخطابي المتوفى سنة 388هـ (وهذا الكتاب مطبوع) وغيرهم.
ومات والده سنة 517هـ، فانتقل إلى مدينة مرو وهناك قرأ على تاج القضاء أبي سعد يحيى بن عبدالملك بن عبيد الله بن صاعد، وقد وصف شيخه هذا أنه كان ملكًا في صورة إنسان. وقد كتب من لفظه كتاب الزكاة والمسائل الخلافية ثم سائر المسائل على غير ترتيب. وخاض البيهقي في المناظرات والمجادلات -كما قال- سنة كاملة حتى رضي عنه أستاذه، وكان يعقد مجلس وعظ في تلك المدرسة التي يجلس فيها أستاذه تاج القضاء. كما كان يعقد مجالسه في الجامع.
وخلال وجوده في مدينة مرو تزوّج إلا أنه شعر بعد ذلك بأنّ الزواج قد أخّره عن الاستزادة من طلب العلم. فغادر مرو عام 521هـ عائدًا إلى نيسابور، ثم إلى مسقط رأسه لزيارة والدته ببيهق حيث أقام ثلاثة أشهر، ثم رجع بعدها إلى نيسابور. ولم يذكر مدة بقائه بها أو ما أنجزه خلال إقامته إلا أنه ذكر عودته منها إلى بيهق مرة أخرى.
وحصل ارتباط مصاهرة بينه وبين والي الري شهاب الدين محمد بن مسعود بن المختار، فصار مشدود الوثائق بالأهل والأولاد سنين متوالية، حتى فوضت إليه ولاية قضاء بيهق سنة 526هـ، فقد شعر بأنّ هذه المهمة التي نيطت به وثاق آخر سيشدّه، ويحول دون حركته من أجل العلم، فضاق ذرعًا بها، فانتقل إلى الري سنة 526هـ، وكان واليها شهاب الدين صهره فخفّ إلى لقائه، ومعه أكابر أهلها وقضاتها، فأقام بالري ((وهي مدينة في مكان طهران)) إلى 27 جمادى الأولى سنة 527هـ، وكان خلال تلك المدة ينظر في الحساب والجبر والمقابلة، وطرف من الحكمة.
ثم عاد إلى خراسان -ولم يذكر اسم المدينة- ليتم دراسة الرياضيات والفلسفة على الحكيم الذي وصفه بأنه أستاذ خراسان في وقته عثمان بن جاذوكار. ويبدو أنه قرأ عليه كتبًا في الفلسفة أو انتسخها عنه، كما يفهم من قوله: وحصلت كتبًا في الحكمة وأنه -كما يقول عن نفسه- صار في تلك الصناعة مشارًا إليه بالبنان، أي في معرفة الفلسفة.
********


جاء الكتابُ أبوابًا، وفصولاً، وفوائدَ، استهله المؤلف بمقدمة: فَرَّقَ فيها بين الأسباط، والقبائل، والبطون، والأفخاذ. ثم عَرَضَ في الفصل الأول: لفضل ذكر مَنْ صنف في علم الأنساب في البلدان، وحمل الفصل الأخير عنوان: ذكر السادات، والأشراف الذين يأخذون الأرزاق. والكتاب من الكتب التي تعرضت للطائف أنساب النقباء، ومدنهم، ومسقط رؤوسهم


• المقدمة
•   فصل ذكر من صنف في علم الأنساب في البلدان
•   فصل تحديد النسب والحسب والفرق بينهما
•   فصل القرابة التي كانت بين قريش وتميم
•   فصل قول النبي أنا ابن العواتك
•   فصل معنى العلوي واشتقاقه العلي: الرفيع.
•   فصل معنى الحسن والحسين
•   فصل شرف علم الأنساب للروم من العلوم الطب
•   فصل في الزمن الماضي
•   فصل تفاصيل فرق الناس الأسباط: أولاد إسحاق عليه السلام.
•   فصل قوله تعالى وقطعناهم اثنتا عشرة أسباطاً
•   فصل الآيات الواردة في النسب وفضيلته
•   فضائل السبطين الحسن والحسين وفضل أولادهما رضي الله عنهم
•   فصل فيما روي (أحبوا العرب فإني عربي والقرآن عربي وكلام أهل الجنة عربي).
•   فصل الأنساب والألقاب وأسبابها من أولاد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على ترتيب الحروف ومن الألقاب
•   فصل تفضيل بني هاشم على سائر القريش
•   فصل وعلماء الأنساب
•   فصل ذكر السادات الذين خرجوا وتبعهم الناس وادعوا الإمامة وهم أئمة الزيدية.
•   فصل في سبب تأليف هذا الكتاب
•   فصل معاني الأسماء في نسب بني هاشم معد
•   فصل واختلف الناس في اسم أم زين العابدين رضي الله عنه
•   فائدة
•   فصل زيد بن الحسن رضي الله عنه
•   فصل وولد الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما
•   باب أنساب بني زبارة من آل رسول الله صلى الله عليه وآله وأولاده
o   أولاد زين العابدين علي بن الإمام الشهيد الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم
•   فصل أعقاب الحسن الأفطس
•   فصل خروجهما من المدينة
•   الفصل الثاني: ذاكى الشريف بالإطلاق والعصف بالإنفاق والكريم بالإجماع
•   الفصل الثالث: إن هذا الشريف الأجل حضر الموسم فطابق اليماني والشامي والعراقي والتهامي
•   فصل أنساب أمراء مكة حرسهم الله وحرسها
•   فصل الأمير السيد الأجل ملك الحجاز والحرمين أبي الفتوح الحسن بن جعفر.
o   سادات الطائف
o   نسب قضاة مكة حرسها الله تعالى
o   أنساب أمير المدينة حرسها الله
o   نقيب بغداد
o   النقيب بمقابر قريش والسواد
o   نسابة بغداد مدينة السلام
o   نقيب مشهد الكوفة وسادات الكوفة
o   نقيب الموصل
o   نقيب البصرة
o   نقيب أرجان
o   نقيب واسط
o   سادات قصر بن هبيرة
o   نقيب قيروان المغرب
o   نقيب البطائح
o   نقيب دربندر حيرران
o   نقيب آبة وميافارقين
o   نقيب تفليس
o   نقيب الأهواز
o   سادات همدان
o   نقيب طبرستان
o   نقيب صنعاء اليمن
o   نقيب شيراز
o   نقيب كرمان
o   نقيب كورة بلخ
o   نقيب ترمد
o   نقيب كورة مرو
o   نقيب يزد
o   نقيب فارس
o   نقيب حدود همدان
o   نقيب عدن
o   نقيب رامهرمز
o   نقيب طبرية
o   نقيب ولوالج
o   نقيب استراباد
o   نقيب آبة
o   نقيب زنجان
o   نقيب مراغة
o   نقيب قزوين
•   فصل ومن سادات قزوين
o   نقيب طوس ومشهد
o   نقيب هرات
o   نقيب نيسابور
o   نقيب الري وقم
o   نقيب غزنة
o   نقيب سمرقند
o   سادات ما وراء النهر
o   نقيب صغانيان
o   نقيب بلاساغون
o   نقيب اسبيجاب
o   نقيب خجند
o   نقيب اخسيكت
o   نقيب سرخس
•   فصل أنساب النسابين من آل رسول الله صلى الله عليه وآله
•   فصل أنساب السادة بناحية بيهق
•   فصل في مدائن
•   فصل حضر علوي متقي
o   أنساب أولاد السيد هادي رحمه الله
o   أنساب السيد الهمداني الرضي المحدث بنيسابور
o   سادات آل عباس بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم
•   فصل أنساب أخر كتبته إملاءاً وتقدم ذكر صيغة الإملاء.
•   فصل فيما تحقق في الكتب والجرائد من الأنساب
•   فصل حضر عندي علوي
•   فصل ومن بيت نقابة نيسابور
•   فصل ومن سادات هراة
•   فصل نسب ضياء السادة الفارسي
•   فصل نسب السيد حاندار
•   فصل قاراقمار
•   فصل العقب من أبي طالب العلوي الفارسي
•   فصل تفصيل أنساب بني ظفر زبارة انتقل في ناحية بيهق وغيرها.
•   فصل أعقاب السيد أبي الفضل علي بن أحمد بن داود البغدادي والعقب منه
•   فصل أعقاب أولاد السيد أبي زيد القاسم المعروف بكسكي بناحية بيهق
•   فصل تفصيل أولاد أبي عبد الله الحسين بن داعي الموسوي
•   فصل النيسابوري
•   فصل للسيد درك بنت نقيب سالار
o   أنساب سادات طخراستان وخلم
o   نسب سادات بيهق
•   فصل آداب النقابة وشرائطها وعلومها
•   فصل الرموز التي يجب أن يعرفها النقيب في الأنساب
•   فصل آداب النقباء
•   باب حلق النقباء رؤوسهم من نواحي غزنة وخوارزم ونيسابور
•   فصل ناصر بن زيد بن علي بن الحسين
•   فصل طالب بن حمزة بن طالب
•   فصل الحسن بن أحمد بن محمد بن الحسن
•   فصل الحسن بن إسماعيل بن إسحاق بن إبراهيم
•   فصل محمد بن الحسن بن إبراهيم بن إسحاق
•   فصل أبو عبد الله الحسين بن الحسن
•   فصل حمزة بن عقيل بن محمد بن عبد الله
•   فصل محمد بن علاء بن مهاجر بن القاسم
•   فصل علي بن محمد بن أحمد بن إبراهيم بن الحسن
•   فصل الحسين بن محمد الأندراني
•   فصل أبو الفتوح
•   فصل وفي سانزوار السيد سيدك وهو أبو القاسم
•   فصل والسيد عين الدين سلطان أبو علي الحسين بن أميرك
•   فصل في ذكر السادات والأشراف الذين يأخذون الأرزاق
•   فصل في متى الفراغ من إتمام المجلد الأول


المقدمة


بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي خلق الخلائق من بسائط متبائنة الأقسام ونظر من وسائط متغايرة الأقسام وصير عقولهم شواهد على استنهاج مسالك الأفكار حتى يوافقوا بها ويخالفوا قال الله تعالى ‏"‏ يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكرٍ وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ‏"‏‏.‏
وفرق بين الأسباط والقبائل والبطون والأفخاذ تفريق روضة بودائع البدائع ناضر وبحره بلطائف المواصلة والمصاهرة زاخر ووصل حبل التناسل بعد الثبات وجمع شمل التوالد بعد الشتات وقدر أسباب القدرة والقرابة تقديراً ‏"‏ وخلق من الماء بشراً فجعله نسباً وصهراً وكان ربك قديراً ‏"‏ فالقلوب متفكرة في هذه الصنائع والألسنة ناطقة بتلك البدائع‏.‏


هذا وإن لم يقدر العبد على شرح جلاله وكبريائه فالروضة مع عجمها ينعي الثناء على الحياء فيفوح والحمامة على لكنتها تبكي على ألف ناي فتنوح فسبحانه من إله صير خطوط المحررة كالمناطق وعقول الإنسان معبرة عنها وهي غير بواسط‏.‏
وخلق الثريا كلف بشر إلى الطريق إذا صلت الحداء والبدر المنير كملك له النجوم عفاء‏.‏
وجعل الفلك مثل أديم شد الفارس خرامه أو مثل در تناثر ودع نظامه وأبدع النجوم مثل النبوة والرسالة طلوع البدر في خلال الظلام وملكوا من الفضل أعجازه وصدوره واستضاؤا ببدر يأبى إلا أن يتم نوره‏.‏
ولم يزل نصرة دين الله محروسة في أسنتهم اللامعة وهلاك الأعداء مجنو في سيوفهم القاطعة وانتشرت في البرايا أشعة معروفهم وأدركوا ما لا كانت مفاتيحها بنص سيوفهم فهم شرح في الظلام تزهر وسحب في الجذوب تمطر فعلهم من العار عار ورند فضهلم وار وقصد تلقاء حضرتهم من قطر مطر ومن كل واد حاد ومن كل دار سار‏.‏
وقد دامت نضارة رياض مراتبهم وأغصان محاسن مناصبهم مكان الأمير السيد الأجل الكبير المؤيد الرضي عماد الدولة والدين جلال الإسلام والمسلمين أخص سلطان السلاطين مجتبى الخلافة ظهير الأنام صفي الأيام ذخر الأمة شرف الملة غوث الطالبية كمال المعالي فخر آل رسول الله صلى الله عليه وآله ذي المناقب ملك السادات نقيب النقباء في الشرق والغرب أبي الحسن علي بن محمد بن يحيى العلوي مرتضى أمير المؤمنين‏.‏
أطال الله ببقائه بقاء المعالي وأدام بجماله جمال الأيام والليالي له فضائل مجلت وكانت خافية مباديها ومناقب كلت وكانت قبلة أدام الله أيام علائه عاطلة تراقيها رعى لأسلافه الأشراف‏.‏


ومما واجباني زمان فتنة العمياء من علم الأنساب ومما حلمه يزاحم منكب الطود الأشم وجوده سارى عوارب البحر الخصيم لم يخلق الله تعالى إلا لليقل والتوفيق وقدمه إلا للمحل الرفيع ولسانه إلا للنهي والأمر وشخصه إلا لحفظ البيضة وسد الثغر‏.‏
فله من كل شيء صفوه ولبابه ومن كل شرف أسبابه وذلك من عناية الله لمن بقي من العلماء بخراسان قطوف الأماني‏.‏
فصارت بيهق بمكانه معاني الشعب طيباً في المعاني وإن سكت الشاكرون لأنعمه فقد أثبت عليه الحقائب ثناء أطيب من نسيم الأزاهر وأنفاس المجامر وأطرب من ترجيع المزامر‏.‏
وللعلماء في زمان كرمه آمال يترقبون الصحة أسفاراً ويشمون حضرته قبل العشي أطيب من عرار نجد عراراً فطلع المال لديه نضيد وطالع الإقبال في أفقه سعيد والله تعالى على ذلك شهيد‏.‏
ولا شك أن أولى الناس بالكرم والمروة والفضل والشرف والفتوة من كانت له النبوة ومن كان جده المصطفى عليه السلام فقد اشتمل على الفضل والإفضال اشتمال الأصداف على الدرر وجف بالمناقب الزهر والمراتب الغرحفون الاعكان بالسرر‏.‏
هذا في زمان بلفظ أنامل الأفكار فيه خرزات الوساوس ويحكم الدنيا ساكنها ولياليها حبالى وهي لا تنام في الحبادس وحشو أفئدة الليل والنهار من عجائب الآثار ونوادر الأدوار ما كمن كمون النار في المزج والعفار مما في الأوقات انفساح ولا للصدور إلا في حضرته انشراح بمكارمه ولطائفه رفعت القلم وألفت الكلم وضرب نسبياً لعلوي الرياح وضربت الكسور في الصحاح وأعرضت عن تشوية الماء القراح‏.‏
ووصلت اليسير بالسرى وجمعت بين الأعنة والبرى واسترقت درر أصداف الدفاتر واستزلت درر سحايب والمحابر وفرت بقلب على سكة ولاية مطبوع والمعاني غير مجذوع وكل فاضل فارق حضرته فإنه أمسى شحي في حلوق الليالي رائحاً وغدى في مقلة الصبح غادياً وكفى رعانه منادياً فالأفضل من نعمه في روضة يحبرون ومن شكره آناء الليل والنهار لا يفترون‏.‏
ولما أشار إلى جمع كتاب في أنساب أولاد رسول الله صلى الله عليه وآله من أبناء الحسن والحسين رضي الله عنهما رسمت منزلي بالاشمين وشكرت الله على هذه النعمة ولزمت الاعتكاف في المحاريب ومحوت وقوم نعوت الجادر في ذي الأعاريب والفحل وإن كانت ركبته معقولة لحمى الثول والمرء وإن شات وتغيرت أحواله وقلت أمواله يدحر شياطين الهموم عن قلبه بقوله لا قوة إلا بالله ولا حول هذه‏.‏
ولما أن عجبتني الفتنة العمياء الصماء بنيشابور عن مجانمي أقمت عشر سنين في ظلال لطائف المجلس العالي النبوي العمادي الجلالي المكي في بلاد بها نيطت علي تمائمي‏.‏
وهي أول أرض مس جلدي ترابها واطفأ غلي شرابها وفتحت علي من أسباب المعيشة أبوابها وما ذقت بسبب انعامه حر القلائل ذقت برد الطلال وما أثرت الفتن في تأثير النار في سليط الذبال‏.‏
وكنت في حضرته أنسها الله في دوام رفعته كحليس قعقاع بن شور وجادا في داود ممتطياً غوارب نيل كل مراد بعد ما زلنا وزال الدهر في براد وحمدت سراي عند الصباح وما قال لي صرف الزمان حيدي حياد وقبحي قباح‏.‏
ورسمت مطايا أمثال هذه الإشارة بعد ما صليت الاستخارة وأنصفت على قدر الإمكان في مرامات القادة وأنشدت ما قيل‏:‏ وهل يقبل التقصير أو يعذر الوني ومثلي مأمور أو سلك آمر واشتغلت بابتداء هذا الكتاب يوم السبت في أواخر جمادى الآخر سنة ثمان وخمسين وخمسمائة‏.‏
وأقول‏:‏ اللهم اجعل رضاك عنا غاية وأمد وهيىء لنا من أمرنا رشداً وارزقنا قناعة وحياة طيبة وحكمة وآتنا من لدنك رحمة وأصلح أمورنا واشرح بنور التوفيق صدورنا وكثر حسناتنا ووفر صالحاتنا واغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيآتنا وأنعم علينا بجمع شملنا ولا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا إنك أرحم الراحمين وخير الغافرين وولي المؤمنين‏.‏ 


   فصل ذكر من صنف في علم الأنساب في البلدان
السيد أبو إسحاق إبراهيم بن إسماعيل الملقب بطباطبا وليس هو بابن طباطبا الشاعر بل الشاعر واحد من أحفاده وهو أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل‏.‏
والسيد يحيى بن الحسن الحسيني وأبو طاهر أحمد بن عيسى العلوي العمري‏.‏
والزبير بن أبي بكر الزبيري‏.‏
وهشام بن محمد الكلبي‏.‏
وأبو عبيدة معمر بن المثنى ومحمد بن عبدة العبدي وشبل الباهلي‏.‏
ومحمد بن حسن العدوي‏.‏
وابن المنتاب‏.‏
وأبو نصر البخاري‏.‏
والفقيه أبو يحيى زكريا بن أحمد النساب‏.‏
وأحمد بن فارس بن زكريا مصنف مجمل اللغة‏.‏
وأبو الحسن الأصبهاني‏.‏
وابن نمر الأسدي النصبي‏.‏
وأبو الغنائم الدمشقي‏.‏
والسيد النقيب أبو الحسين علي بن أبي طالب الحسني الطبري‏.‏
والسيد الإمام أبو الحسين يحيى بن الموفق بالله الشجري‏.‏
والسيد النقيب الواعظ حمزة بن علي والسيد أبو الحسن علي بن زيد العلوي الهروي‏.‏
والسيد هبة الله العلوي الكشميري‏.‏
والسيد أبو هاشم بهرات‏.‏
والسيد أبو العز عبد العظيم البطحاني الأصبهاني الرودآوردي‏.‏
والشريف المحمدي ببغداد‏.‏
وبالري السيد النسابة أبو القاسم الونكي الحسيني وونك قرية من قرى الري‏.‏
والسيد مهدي بن خليفة بن مهدي الطبري‏.‏
والسيد قطب الدين حيدر بن محمد الولوالجي‏.‏
والسيد النقيب الحضرة أبو طالب الزنجاني مصنف كتاب ديوان الأنساب‏.‏
والسيد النقي أبو إسماعيل إبراهيم بن ناصر بن إبراهيم طباطبا‏.‏
وأبو منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبري‏.‏
والسيد الإمام نسابة المشرق أبو جعفر محمد بن هارون الموسوي النيشابوري‏.‏
والإمام الحسن بن علي بن محمد بن قطان المتطبب المروزي الملقب بعين الزمان مصنف كتاب الدوحة‏.‏
والسيد أبو عبد الله الحسين بن علي بن داعي العلوي المقيم بنيشابور‏.‏
والسيد أبو البركات الخوزي‏.‏ 


   فصل تحديد النسب والحسب والفرق بينهما
قيل‏:‏ الحسب ما يحسبه الرجل من مفاخر آبائه أي يعدده‏.‏
وقيل‏:‏ الحسب القدر‏.‏
وقال بعض المتقدمين‏:‏ الحسب الفعال الجميل للرجل وآبائه‏.‏
وقيل‏:‏ الحسب ذوي القرابة‏.‏
قال رسول الله صلى الله عليه وآله لوفد هوازن‏:‏ تختارون المال أم البنين فقالوا إذا خيرتنا بين المال والحسب فإنا نختار الحسب عنوا بذلك أبنائهم وأقاربهم‏.‏
لسنا وإن كرمت أوائلنا يوماً على الأحساب نتكل نبني كما كانت أوائلنا تبني ونفعل مثل ما فعلوا وقال بعض العلماء في قول النبي صلى الله عليه وآله ‏"‏ كل حسب ونسب ينقطع إلا حسبي ونسبي ‏"‏ فالحسب الشريعة والنسب الذرية والعترة‏.‏
والدليل على صحة هذا المعنى ما روى سلمة بن الأكوع عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال‏:‏ النجوم أمان لأهل السماء وأهل بيتي أمان لأهل الأرض فإذا ذهبت النجوم ذهب أهل السماء وإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض‏.‏
ولما اشتد الأمر على مسيلمة الكذاب قال له بنو حنيفة‏:‏ ما يقول جبرئيل وميكائيل قال يقول‏:‏ قاتلوا اليوم عن أحسابكم‏.‏
وفي كتاب الغريبين‏:‏ في قوله عليه السلام ‏"‏ الحسب المال ‏"‏ أن الرجل إذا صار ذا مال عظمه الناس‏.‏
وفي الأمثال‏:‏ رأيت ذا المال مهيباً‏.‏
قال الشاعر‏:‏ اني مكب على الزورا غمرها إن الحبيب إلى الإخوان ذو المال كل النداء إذا ناديت تخذلني إلا نداء إذا ناديت يا مالي وروى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال‏:‏ نعم العين على الدين الحسب ونعم العون على تقوى الله المال الصالح للرجل الصالح‏.‏
وحدثني الإمام علي بن محمود النصر آبادي بإسناده عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال‏:‏ النسب ما لا يحل نكاحه والصهر ما يحل نكاحه‏.‏
وذكر ذلك الحديث الثعلبي في تفسيره في معنى قوله تعالى ‏"‏ فجعله نسباً وصهراً ‏"‏‏.‏
وقال الضحاك والمقاتل والسدي‏:‏ النسب سبعة والصهر خمسة وقرأ هذه الآية ‏"‏ حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم ‏"‏ إلى آخر الآية‏.‏
حدثني الإمام علي بن محمود النصر آبادي وأستاذي الإمام أحمد بن محمد الميداني قالا‏:‏ حدثنا الإمام علي بن أحمد الواحدي قال‏:‏ حدثني المفسر أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي قال‏:‏ حدثني أبو عبد الله القائني قال‏:‏ حدثني أبو الحسن النصبي القاضي قال‏:‏ حدثنا أبو بكر الشيعي الحلبي قال‏:‏ حدثنا الصادق جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم عن آبائه أنه قال‏:‏ نزلت هذه الآية ‏"‏ الذي خلق من الماء بشراً فجعله نسباً وصهراً ‏"‏ في النبي صلى الله عليه وآله وفي أمير المؤمنين رضي الله عنه حين تزوج فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله فكان علي ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله من النسب وزوج ابنته فهو صهره فهذا هو النسب والصهر‏.‏
وذلك مذكور في التفسير‏.‏
قال الجوهري صاحب الصحاح‏:‏ النسب واحد الأنساب والنسبة مثله‏.‏
وانتسب إلى أبيه أي‏:‏ اعتزى وتنسب أي‏:‏ ادعى أنه نسيبك‏.‏
وفي الأمثال القريب من تقرب لا من تنسب ورجل نسابة أي‏:‏ عالم بالأنساب والهاء للمبالغة في المدح كأنهم يريدون به داهية أو غاية أو نهاية‏.‏
وفلان يناسب فلاناً إذا ذكر نسبه‏.‏
وقال بعض النحاة المتقدمين‏:‏ النسبة إلحاق الفروع دونها بالأصول بياء وينسب الرجل إلى إنسان آخر أشهر منه للتعريف فينسب إلى
هاشم فيقال‏:‏ هاشمي‏.‏
ومن حكم النسب أن يصير الاسم به صفة ومعنى هذا أن هاشماً اسم علم فإذا قلت هاشمياً صار صفة‏.‏
وضرب يحمله على غيره في التثنية والجمع والتأنيث والتذكير فتقول‏:‏ امرأة هاشمية ورجلان هاشميان‏.‏
وينسب الرجل أيضاً إلى بقعة من البقاع كما تقول في النسبة إلى البصرة‏:‏ بصري وإلى الكوفة كوفي‏.‏
وللنحاة في ذلك كلام لا نحتاج إليه هاهنا‏.‏
والمعدود محسوب وحسب أيضاً وهو فعل بمعنى مفعول مثل نقص بمعنى منقوص والحسب القدر يقال‏:‏ علمك بحسب ذاك أي على قدره‏.‏
قال الكسائي‏:‏ ما أدري ما حسب حديثك‏.‏
أي‏:‏ ما قدره‏.‏
قال الجوهري‏:‏ يقال حسب الرجل دينه ويقال ماله‏.‏
قال ابن السكيت‏:‏ الحسب والكرم يكونان في الرجل وإن لم يكن له آباء لهم شرف‏.‏
أما الشرف والمجد فلا يكون إلا بالآباء‏.‏
فلا يقال لمن لم يكن أباه شرفاً‏:‏ شريف‏.‏
ولا ماجد ولا يقال له شرف ومجد فالشرف والمجد متعلقان بالنسب والحسب والكرم يتعلقان بذات الرجل‏.‏
هذا هو الفرق الظاهر بين الحسب والنسب والسلام‏.‏
   فصل القرابة التي كانت بين قريش وتميم
إن أم النضر زينب بنت، زوجة كنانة أخوال قريش‏.‏ وإلى هذه القرابة أشار أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه في كتاب نهج البلاغة‏.‏
فقيل لأولاد النضر بن كنانة بن مدركة بن الياس‏:‏ قريش‏.‏
فبنو قصي من قريش وزهرة أخو قصي وهو زهرة بن كلاب وبنو زهرة من قريش أيضاً وبنو تميم بن مرة ابن عم قصي بن كلاب بن مرة من قريش وبنو عدي بن كعب وهو ابن عم والد قصي من قريش‏.‏
والنسب‏:‏ هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن النضر بن كنانة بن مدركة بن الياس‏.‏
فبنو كنانة هم من قريش‏.‏
وبنو مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب أيضاً من قريش‏.‏
فقريش‏:‏ بنو عبد مناف وبنو عبد الدار وبنو زهرة وبنو تميم وبنو عدي وبنو مخزوم‏.‏
وكل من ينتمي إلى النضر بن كنانة فهو من قريش‏.‏
وبالإسناد المتقدم المذكور في تفسير الثعلبي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال‏:‏ نحن بنو النضر بن كنانة لا نقفو أمنا ولا ننتمي إلا إلى أبينا عنى صلى الله عليه وآله‏:‏ لا ننتمي إلى بني تميم وننتمي إلى النضر بن كنانة‏.‏
وبهذا الإسناد عن واثلة بن الأسقع وهو آخر من مات من صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله ومات سنة ست ومائة من الهجرة وانقرض بموت واثلة بن الأسقع عصر الصحابة‏.‏
وروى واثلة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال‏:‏ إن الله اصطفى بني كنانة من بني إسماعيل واصطفى من بني كنانة قريشاً واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم‏.‏
وقيل‏:‏ سمي قريش من التقرش وهو التكسب والتقلب والجمع والطلب‏.‏
وسئل عبد الله بن عباس عن معنى قريش فقال‏:‏ قريش دابة في البحر تأكل ولا تؤكل وتعلو ولا يعل واستشهد بقول الشاعر‏:‏ وقريش هي التي تسكن البحر بها سميت قريش قريشاً وقيل‏:‏ اشتقاق من قول العرب تقرشوا أي‏:‏ اجتمعوا لأنهم اجتمعوا وكانوا كيدٍ واحدة على من سواهم‏.‏
وقيل‏:‏ مأخوذ من قولهم تقارشت الرماح الرماح أي‏:‏ تداخله في الحرب وهم قد تداخلوا في الحرب‏.‏
وربما قالوا‏:‏ قريشي‏.‏
وقال بكل قريش عليه مهابة فإن أردت بقريش وكفى قريش المعضلات وسادها قال رسول الله صلى الله عليه وآله‏:‏ الأئمة من قريش‏.‏
وقال عليه السلام‏:‏ حب العرب من الإيمان وحب قريش من الإيمان‏.‏
وقوم من العرب يقول في النسبة إلى ثقيف وقريش وربيع‏:‏ ثقفي وقرشي وربيعي‏.‏
وقوم يقولون‏:‏ ثقيفي وقريشي وربيعي‏.‏ 


   فصل قول النبي أنا ابن العواتك
معنى قوله صلى الله عليه وآله أنا ابن العواتك أنا ابن الفواطم كلهن طاهرات سيدات أم هاشم بن عبد مناف عاتكة بنت مرة بن هلال من بني سليم‏.‏
وأم رسول الله صلى الله عليه وآله آمنة بنت وهب وأم وهب عاتكة بنت الأوقص بن مرة بن هلال من بني سليم‏.‏ وأم عبد مناف عاتكة بنت فالج بن هلال من بني سليم‏.‏
أما الفواطم فأم عبد الله والد النبي صلى الله عليه وآله فاطمة بنت عمرو بن عامر من بني النجار وهي مدنية‏.‏
وأم قصي فاطمة بنت عوف بن سعد بن الأزد‏.‏
وأم آمنة وهي جدة النبي عليه السلام من قبل الأم فاطمة بنت عبد الله من بني مخزوم زوجة وهب بن عبد مناف من بني زهرة‏.‏
وأم خديجة زوجة النبي صلى الله عليه وآله فاطمة بنت الأصم‏.‏
ولحمزة سيد الشهداء ابنة يقال لها‏:‏ فاطمة ويقال لها‏:‏ أيضاً البيضاء‏.‏
وفاطمة بنت أسد بن هاشم أم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأم طالب وجعفر‏.‏
والعاتكة‏:‏ القوس إذا قدمت واحمرت‏.‏
وقيل‏:‏ العواتك إحداها عاتكة بنت هلال بن فالج بن ذكوان وهي أم هاشم وإخوته‏.‏
وعاتكة بنت عامر بن الطرب بن عباد بن بشر بن الحارث بن عمرو وهي من أمهات عبد الله بن عبد المطلب‏.‏
وعاتكة أم مرة بن هلال بن فالج بن ذكوان‏.‏
وعاتكة وقيل‏:‏ ليلى بنت سعد بن هذيل بن مدركة أم غالب بن فهر‏.‏
والفواطم‏:‏ فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم أم عبد الله بن عبد المطلب‏.‏
وفاطمة بنت عبد الله بن عمرو بن عائذة جدة جدة النبي صلى الله عليه وآله وفاطمة بنت عبد الله بن عمرو بن عدوان وهي أم سلمى أم عبد المطلب‏.‏
وفاطمة بنت عون بن عدي وهي أم مخزوم وهو الذي ينسب إليه بنو مخزوم جد عبد الله من قبل الأم‏.‏
وفاطمة بنت السعد ابن سهيل‏.‏
وقيل‏:‏ أم قصي فاطمة بنت عوف بن سعد بن شمل بن حجاز بن عثمان بن عامر‏.‏
   فصل معنى العلوي واشتقاقه العلي‏:‏ الرفيع‏.‏
قال ابن دريد‏:‏ العلي الصلب الشديد ومنه سمي الرجل علياً‏.‏
يقال‏:‏ فرس والنسبة إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه علوي وإلى علي بن كنانة بن بكر عليون‏.‏
قال بعض الأدباء‏:‏ يقال علوي‏.‏
والواو تنسب ها هنا ولم يكن في علي لأن لام الفعل من علي واو ومن على يعلو والأصل عليو ولكنهم قلبوا الواو ياءاً ولما زالت تلك العلة التي ها هنا في النسبة ردوا الواو وفتحوا اللام وكانت مكسورة والفعل إذا حذف منه الياء بقي فعل بكسر العين وفتحت عينه عند النسبة لئلا تجتمع مع ياء النسبة كسرتان كما يقال في النسبة إلى نمير‏:‏ نمري هذا إذا كان الاسم على ثلاثة أحرف‏.‏
وقيل‏:‏ إن كل اسم آخره ياء مشددة جعلت الياء الأولى في النسبة واواً فنقول في النسبة إلى علي‏:‏ علوي‏.‏
وفي النسبة إلى عدي‏:‏ عدوي‏.‏ 


   فصل معنى الحسن والحسين
الحسن والحسين جبلان في طي ينسب إليهما رهطان‏.‏
وقيل‏:‏ هما جبلان مباركان من أصبح ونظر في أول النهار إليهما كان ذلك اليوم عليه مباركاً والحسن رملة لبني سعد‏.‏ ومن الذراع النصف الذي يلي الكوع سمي بذلك مقابلة للنصف قال أبو الهاشم‏:‏ سمي حسناً لكثرة لحمه‏.‏
وهاشم من الهشم وهو كسر الشيء اليابس يقال‏:‏ هشم الثريد ومنه لقب هاشم لأنه أطعم قريشاً وهشم الخير لقحط أصابهم قال الشاعر‏:‏ عمرو العلى هشم الثريد لقومه ورجال مكة مسنتون عجاف قال ابن السكيت في إصلاح المنطق‏:‏ هاشم من قول العرب هشمته أي‏:‏ عظمته ومنه سمي هاشم والسلام‏.‏


فصل شرف علم الأنساب


للروم من العلوم الطب ولأهل اليونان الحكمة والمنطق وللهند التنجيم والحساب وللفرس الآداب أعني‏:‏ آداب النفس والأخلاق‏.‏ ولأهل الصين الصنائع‏.‏ وللعرب الأمثال وعلم النسب فعلوم العرب الأمثال والنسب واحتاج كل واحد من العرب إلى أن يعلم سمت كل لقب ومصالحه وأوقاته وأزمنته ومنافعه في رطبه ويابسه وما يصلح منه للبعير والشاة‏.‏
ثم علموا أن شربهم ماء السماء فوضعوا لذلك الأنوار‏.‏
وعرفوا تغير الزمان وجعلوا نجوم السماء أدلة على أطراف الأرض وأقطارها ليس لهم كلام إلا وهم خاضعون فيه على المكارم يفتحون للروائل مرغبون في اصطناع المعروف وحفظ الجار وبذل المال وأثبتوا المعاني نصب كل واحد منهم ذلك بعقله ويستخرجه بفكره ويعبر من طريق المثل بلفظ وجيز عن معاني كثير فيها علم مستأنف من التجارب‏.‏
وليس في الفرس والروم والترك والبربر والهند والزنج من يحفظ اسم جده أو يعرف نسبه لذلك تداخلت أنسابهم وسمي بعضهم إلى غير أبيه‏.‏
والعرب يحفظ الأنساب فكل واحد منهم يحفظ نسبه إلى عدنان أو إلى قحطان أو إلى إسماعيل أو إلى آدم عليه السلام فلذلك لا ينتمي واحد منهم إلى آبائه وأجداده ولا يدخل في أنساب العرب الدعي‏.‏
وخلصت أنسابهم من شوائب الشك والشبهة فكل واحد من العرب يتناسب أصله وفرعه ويتناصفه بحره وطبعه وزكى ندره وزرعه‏.‏ فللعرب من المنابت أزكاها ومن المغارس أتمها وأعلاها‏.‏ ولجمع العرب كرم الأدب إلى كرم الأنساب ولقنهم الله الحكمة وفصل الخطاب ولولا علم الأنساب لانقطع حكم المواريث وحكم العاقلة وهما ركنان من أركان الشرع ولما عرف الرجل فرسه من لعده ومن يرثه ومن لا يرثه ممن يرث منه‏.‏


وكانت العرب أنهم إذا فرغوا من المناسك حضروا سوق عكاظ وعرضوا أنسابهم على الحاضرين ورأوا ذلك من تمام الحج والعمرة لذلك قال الله تعالى ‏"‏ فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكراً ‏"‏‏.‏
فصل في الزمن الماضي
أبو بكر عبد الله بن عثمان ومخرمة وعامر بن الطرب وعقيل بن أبي طالب وعروة بن أذينة وجبير بن مطعم من بني نوفل وغيرهم‏.‏
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لحسان بن ثابت شاعره‏:‏ اهج المشركين وروح القدس معك واءت أبا بكر يعلمك مساوي القوم فإنه عالم بالأنساب‏.‏
وذكر الإمام أستاذنا أحمد بن محمد الميداني في كتاب مجمع الأمثال من تصنيفه في معنى هذا المثل إن البلاء موكل بالمنطق أنه قد حضر رسول الله صلى الله عليه وآله الموسم ومعه الصحابة من المهاجرين والأنصار فجاء رجل يقال له‏:‏ دغفل بن حنظلة من بني ربيعة وقال‏:‏ من نسابة الصحابة فأشاروا إلى أبي بكر‏.‏
فقال له أبو بكر‏:‏ ممن الرجل فقال دغفل‏:‏ من ربيعة فقال له أبو بكر‏:‏ من هامتها أم من لهازمها فقال دغفل‏:‏ من هامتها العظمى فقال له أبو بكر‏:‏ من أي هامتها فقال دغفل‏:‏ من ذهل الأكبر‏.‏
فقال له أبو بكر‏:‏ أفمنكم عوف الذي قيل فيه لا حر بوادي عوف فقال‏:‏ لا‏.‏
فقال له أبو بكر‏:‏ أفمنكم بسطام ذو اللواء ومنتهى الاحياء قال‏:‏ لا قال‏:‏ أفمنكم جساس بن مرة حامي الذمار والحوفزان قاتل الملوك والمزدلف صاحب العمامة أفمنكم أخوال الملوك من كندة فقال دغفل‏:‏ لا‏.‏
فقال له أبو بكر فأنت من ذهل الأصغر لا من ذهب الأكبر‏.‏
فحمل دغفل وسكت ساعة ثم قال لأبي بكر‏:‏ ممن الرجل فقال‏:‏ من قريش‏:‏ فقال له دغفل‏:‏ من أي قبيلة فقال له أبو بكر‏:‏ من بني تيم‏.‏
فقال له دغفل‏:‏ أمكنت الرامي من ثغرتك أفمنكم قصي بن كلاب المجمع وهاشم الذي هشم الثريد لقومه أفمنكم شيبة الحمد عبد المطلب مطعم الوحوش والطيور أفمنكم المفيضون بالناس وأهل الندوة والرفادة والحجابة والسقاية فقال أبو بكر‏:‏ لا‏.‏
فتبسم رسول الله صلى الله عليه وآله حتى بدت نواجذه فقال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه لأبي بكر‏:‏ لقد وقعت من هذا الأعرابي على باقعة‏.‏
فقال أبو بكر فوق كل طامة طامة وأن البلاء موكل بالمنطق‏.‏
فقال دغفل‏:‏ صادف درأ السيل درأ يصدغه‏.‏
فصار هذا الكلام مثلاً‏.‏
ومعنى هذا الكلام أنه صادف السر شراً يقوى عليه ويغلبه‏.‏
ويقال في الأمثال‏:‏ أنسب من دغفل وهو دغفل المذكور‏.‏
وكان أعلم قبائل العرب بالأنساب‏.‏
وقول العرب‏:‏ أنسب من كثير وقيل‏:‏ إن أعرابياً دخل على رسول الله صلى الله عليه وآله وأنشد بين يديه عليه السلام‏:‏ إني امرء حميري حين تنسبني فلا ربيعة آبائي ولا مضر فقال رسول الله صلى الله عليه وآله‏:‏ ذلك النسب بعدك عن الله والرسول‏.‏
وفي رواية أخرى‏:‏ ذلك أبعدك من الله ورسوله‏.‏
وهذا الحديث يدل على أن من هو قريب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله من طريق النسب كان قريباً إلى رحمة الله تعالى‏.‏
   فصل تفاصيل فرق الناس الأسباط‏:‏ أولاد إسحاق عليه السلام‏.‏


والقبائل في أولاد إسماعيل عليه السلام‏.‏


قال التفتازاني‏:‏ السبط الجماعة التي تجري في الأمور بسهولة لاتفاقهم في الكلمة مأخوذ من السبوطة‏.‏
وقيل‏:‏ مأخوذ من السبط وهو ضرب من الشجر فجعل الأب الذي تجمعهم كالشجر الذي يتفرع عنه الأغصان الكثيرة ولذلك ينقش شكل الشجر في الأنساب‏.‏
وجماعة الناس إذا كانوا أبناء أب واحد فهم قبيلة‏.‏
فإذا كانوا من أب واحد وأم واحدة فهم بنو الأعيان‏.‏
فإذا كانوا من أب واحد وأمهات شتى فهم بنو العلات‏.‏
فإذا كانوا من أم واحدة وآباء شتى فهم بنو الأحناف‏.‏
فالقبيلة تعم أبناء الأعيان وأبناء العلات ولا تعم أبناء الأحناف‏.‏
قال الكلبي‏:‏ الجماعة من الناس أولاً الشعب بفتح الشين ثم القبيلة ثم الفصيلة ثم العشيرة ثم الذرية ثم العترة ثم الأسرة‏.‏
الفصيلة‏:‏ الجماعة المنقطعة عن جملة القبيلة‏.‏


والعترة‏:‏ الولد ووالد الولد الذكور والإناث‏.‏


والعشيرة‏:‏ الأدنون قال الله تعالى ‏"‏ يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكرٍ وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ‏"‏‏.‏
قال المفسرون‏:‏ في قوله تعالى ‏"‏ وجعلناكم شعوباً وقبائل ‏"‏ شعوب‏:‏ رؤوس القبائل وجمهورها مثل ربيعة ومضر والأوس والخزرج واحدها شعب بفتح الشين سموا بذلك لتشعب اجتماعهم كتشعب أغصان الشجر والتشعب من الأضداد يقال‏:‏ شعبته إذا جمعته وشعبته إذا فرقته ومنه قيل للموت‏:‏ شعوب‏.‏
وقبائل وهي دون الشعوب واحدتها قبيلة وهي كبكر بن ربيعة وملم بن مضر‏.‏
ودون القبائل العمائر واحدتها عمارة بفتح العين وهم كشيان من بكر ودارم من تميم‏.‏
ودون العمائر البطون واحدها بطن وهم كبني غالب ولؤي من قريش‏.‏
ودون البطون الأفخاذ واحدها فخذ وهم كبني هاشم من لؤي‏.‏
ثم الفضائل والعشائرن واحدتهما فصيلة وعشيرة‏.‏
وقيل‏:‏ الشعوب من العجم والقبائل من العرب والأسباط من بني إسرائيل‏.‏
وقال بعض العلماء‏:‏ الشعوب هم الذين لا ينسبون إلى إنسان بل إلى مدينة أو قرية‏.‏


والقبائل العرب الذين ينسبون إلى آبائهم‏.‏
هذا الذي ذكره الثعلبي وغيره في التفاسير‏.‏

وقال بعض العلماء‏:‏ أول قسم من أقسام علوم النسب الجدم يعني جدم النسب‏.‏
قال الشاعر‏:‏ ثم الثاني جمهرة الأنساب أي‏:‏ مجموعها ثم الثالث الشعوب ثم الرابع القبيلة ثم الخامس العمارة ثم السادس البطن ثم السابع الفخذ وهو أصغر من البطن ثم الثامن العشيرة ثم التاسع الفصيلة ثم العاشر الرهط والأسرة‏.‏
وقال قوم‏:‏ هذه مراتب بعضها عالية وبعضها متوسطة وبعضها سافلة‏.‏
مثال ذلك عدنان جدم وقبائل معه جمهور ونزار شعب ومضر قبيلة وحدف عمارة وحدف أيضاً الياس بن مضر وكنانة بطن وقريش فخذ وقصي عشيرة وعبد مناف فصيلة وبنو هاشم رهط‏.‏
وذكر أبو حاتم الرازي في كتاب الزينة‏:‏ إن شعوب اليمن والقبائل ربيعة ومضر فبنو قحطان شعوب وبنو عدنان قبائل‏.‏
وروى هشام عن أبيه أنه قال‏:‏ وضعت الشعوب والقبائل والعمائر والبطن والأفخاذ والفصيلة والعشيرة على مقادير خلق الإنسان‏.‏
فالإنسان هو الشعب لأن الجسد ينشعب منه ثم القبيلة وهي رأسه من قبائل الرأس وهي الاطباق ثم العمائر الصدور وفيه القبائل ثم البطون من البطن ثم الأفخاذ والفخذ أسفل من البطن ثم الفصائل وهي الركبة لأنها انفصلت عن الفخذ ثم العشيرة كالساق والقدم لأن الساق والقدم حملتا ما فوقهما لحسن المعاشرة ولم يثقل عليهما حمل ما فوقهما‏.‏
وإنما قيل لهم شعوب حين تفرقوا من ولد إسماعيل فتشعبوا ثم القبائل حين تقابلوا ونظر بعضهم إلى بعض في محلة واحدة كقبائل الرأس وأنشد‏:‏ قبائل من شعوب ليس فيهم كريم قد يعد ولا نجيب وقال آخر‏:‏ قبيلة من قبائل ضل شعبهم لا خير فيهم سوى كثير من العدد ثم العمائر حين عمروا الأرض وسكنوها قال الشاعر‏:‏ عامر من دون القبيل أبوهم مكارم مضيافون من آل هاشم ثم البطون حين استبطنوا الأودية ونزلوا وبنوا البيوت قال الأوادي‏:‏ بطون صدق من درى العمائر وقال الطائي‏:‏ استبطنوا البطن إذا ساروا وقد علموا ألا رجوع لهم ما جنت الميب الأفخاذ الفخذ أصغر من البطن‏.‏
ثم الفصائل حين انفصلوا عن الأفخاذ قال الله تعالى ‏"‏ فصيلته التي تؤويه ‏"‏ وقال الشاعر‏:‏ فكنت لكم عشراً من أبيكم بلا صفد ولا قول جميل وليس بعد العشيرة شتى وقال‏:‏ والعشيرة مثل عبد مناف قال لبيد‏:‏ ومقسم يعطي العشيرة حقها ومعدم لحوقها مضامها قال ابن عباس‏:‏ لما نزلت هذه الآية ‏"‏ وأنذر عشيرتك الأقربين ‏"‏ خرج النبي صلى الله عليه وآله فمشى حتى قام على الصفا ثم قال‏:‏ يا آل فهر فجائته قريش بقضهم وقضيضهم فقال لهم أبو لهب‏:‏ هذا قريش عندك‏.‏
ثم قال‏:‏ يا آل غالب فرجع بنو محارب وبنو الحرب ابنا فهر‏.‏
ثم قال‏:‏ يى آل لؤي فرجع بنو الأدرم وهم بنو تميم بن غالب‏.‏
ثم قال‏:‏ يا آل كعب فرجع بنو عامر بن لؤي‏.‏
ثم قال‏:‏ يا آل مرة فرجع بنو جمع وبنو سهم ابنا نضر وبنو عدي بن كعب‏.‏
ثم قال‏:‏ يا آل كلاب فرجع بنو تميم وبنو مخزوم‏.‏
ثم قال‏:‏ يا آل نضر فرجع بنو زهرة‏.‏
ثم قال‏:‏ يا آل عبد مناف فرجع بنو عبد الدار وبنو أسد فقال له أبو لهب‏:‏ هؤلاء بنو عبد مناف‏.‏
فقال النبي صلى الله عليه وآله‏:‏ إن الله تعالى أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين وأنتم الأقربون من قريش وإني لا أملك لكم من الدنيا حظاًن ولا من الآخرة نصيباً إلا أن تقولوا‏:‏ لا إله إلا الله وأني رسول الله‏.‏
فأشهد لكم بهذه الكلمة عند ربكم ويدين لكم بها العرب ويذل لكم بها العجم‏.‏
فقال له أبو لهب‏:‏ سائلك ألهذا دعوتنا فأنزل الله تعالى قوله ‏"‏ تبت يدا أبي لهب وتب ‏"‏‏.‏
ويقال لجماعة من الناس فئام والنفر والرهط دون العشيرة‏.‏
ويقال‏:‏ السادة العلوية أبناء رسول الله صلى الله عليه وآله رهط المصطفى‏.‏
وقال أبو عمرو كلثوم بن عمرو العياني في المقصورة‏:‏ قبائل ما مثلها قبائل الا بنو هاشم رهط المصطفى لا يصطلى بنارهم عند الوغا ويصطلى بنارهم عند القرى هم الجبال امتنعت أن ترتقى هم البحار ليس يعلوها القذى والعصبة دون العشيرة إلى الأربعين‏.‏
وأسرة الرجل رهطه الأدنون من أهل بيته‏.‏
كذا ذكر هذه الجملة أبو حاتم الرازي في كتاب الزينة‏.‏


فصل قوله تعالى وقطعناهم اثنتا عشرة أسباطاً


قال أبو عبيدة‏:‏ الأسباط قبائل بني إسرائيل يقال‏:‏ من أي سبط أنت أي‏:‏ من أي قبيلة أنت وجنس قال‏:‏ والسبط دون القبيلة‏.‏
قال المفسرون‏:‏ الأسباط ولد يعقوب عليه السلام‏.‏
وقال النبي صلى الله عليه وآله‏:‏ الحسن والحسين سبطان من هذه الأمة‏.‏
وقيل‏:‏ سئل رسول الله صلى الله عليه وآله لكل نبي سبط فمن سبطك يا رسول الله فغضب رسول الله من ذلك فقال السائل‏:‏ أعوذ بالله من غضب الله ورسوله فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم‏:‏ أنا خير الأنبياء وسبطاي الحسن والحسين وهما خير الأسباط‏.‏
قال الله تعالى ‏"‏ وإسحاق ويعقوب والأسباط ‏"‏ قال بعض المفسرين‏:‏ الأسباط الأنبياء من بني إسرائيل دون غيرهم فلما زالت النبوة من بني إسرائيل زال هذا الاسم عنهم وقال الشاعر‏:‏ علي والثلاثة من بنيه هم الأسباط ليس بهم خفاء قيل‏:‏ لما انتقلت النبوة من أولاد إسحاق إلى أولاد إسماعيل عليهما السلام نقل اسم السبط عنهم إلى ولد إسماعيل عليه السلام‏.‏
وقال قوم‏:‏ هود وصالح وشعيب عليهم السلام كانوا من العرب ولكنهم من قدماء العرب الذين يقال لهم‏:‏ العرب العاربة وما كانوا من ولد إسماعيل ولا من الأسباط بل هم شعوب‏.‏
قيل‏:‏ لفظ العرب منسوب إلى يعرب بن قحطان والأصل يعربي فاستثقلوا الياء وطرحوها‏.‏
قال الجار ربحي صاحب التكملة‏:‏ المعربة ساحة العرب وبها سموا وإليها نسبوا قال الشاعر‏:‏ وعربة قوم ما يحل حزامها من الناس إلا اللوزعي الحلاحل وقيل‏:‏ سميت العرب عرباً لحسن بيانها في عباراتها وإصلاح معانيها من قولهم قد أعربت عن القوم إذا تكلمت عنهم‏.‏
والأعراب في اللغة‏:‏ الإيضاح والإبانة‏.‏
وفي الحديث‏:‏ البنت تعرب عن نفسها أي‏:‏ تفصح‏.‏
والعرب والعربة النفس قال الشاعر‏:‏ نفحتني نفحة طابت بها العرب وقيل‏:‏ العربة النهر فسمي ما وراء دجلة والفرات العرب بسبب المجاورة‏.‏


وأمثال ذلك كثيرة‏.‏


تبصرة معنى قول النبي أنا ابن الذبيحين اختلف سلف الإسلام في الذبيح فقالت اليهود والنصارى‏:‏ الذبيح إسحاق عليه السلام‏.‏
وقد روي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن الذبيح كان إسحاق‏.‏
وروي أيضاً عن جماعة من الصحابة أن الذبيح كان إسحاق بن إبراهيم عليهما السلام‏.‏
وروى عمر بن الخطاب ذلك وإليه ذهب كعب الأحبار وسعيد بن جبير ومسروق بن الأخدع وأبو الهذيل والزهري والسدي‏.‏
وقيل‏:‏ إن يعقوب كتب إلى يوسف عليهما السلام أما جدي إبراهيم فقد ابتلاه الله بالنار ثم صيرها عليه برداً وسلاماً‏.‏
وأما أبي فابتلاه الله بالذبح ثم فداه بذبح عظيم‏.‏
وقال يوسف في مصر حين عرضه النخاس على الناس وقال‏:‏ من الذي يشتري غلاماً صبيحاً عالماً‏:‏ لا تقل هذا وقل من يشتري يوسف الصديق ابن يعقوب إسرائيل الله ابن إسحاق ذبيح الله ابن إبراهيم خليل الله‏.‏
وقال عبد الله بن عمر وعامر بن واثلة وسعيد بن المسيب والشعبي ومجاهد‏:‏ إن الذبيح إسماعيل‏.‏
وكان الشعبي يقول‏:‏ رأيت قرن الكبش الذي كان فدا إسماعيل معلقاً من الكعبة ثم أحرق البيت وما فيه الحجاج بن يوسف في أيام خلافة عبد الله بن الزبير‏.‏
وروى عمر بن عبيد عن الحسن البصري أنه قال‏:‏ لا يشك في أن الذبيح هو إسماعيل‏.‏
وإليه ذهب عطاء بن أبي رباح‏.‏
وروى عبد الله بن عباس أن الذبيح إسماعيل وقال‏:‏ إن اليهود حرفوا ذلك حسداً ونقلوا الذبيح إلى إسحاق‏.‏
وعن رسول الله صلى الله عليه وآله قد روي حديث يدل على أن الذبيح إسماعيل‏.‏
أما الحديث الأول فالحديث الذي رواه العباس بن عبد المطلب عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال‏:‏ الذبيح إسحاق‏.‏
والحديث الآخر ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال‏:‏ أنا ابن الذبيحين عنى به إسماعيل عليه السلام وعبد الله‏.‏
وقال قوم‏:‏ إن جد المصطفى عليه السلام هو إسحاق لا إسماعيل لأن النبي صلى الله عليه وآله ذكر أنسابه إلى معد بن عدنان ووقف وقال عليه السلام‏:‏ كذب النسابون بعد ذلك‏.‏
واتفق أكثر العلماء على أن إسماعيل بن إبراهيم هو جد النبي صلى الله عليه وآله وهو الذي أعان إبراهيم عليه السلام على بناء الكعبة قال الله تعالى ‏"‏ وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل - إلى قوله - ومن ذريتنا أمةً مسلمةً لك ‏"‏ إلى آخر الآية‏.‏
وقيل‏:‏ إن عبد المطلب لما حفر زمزم قال‏:‏ إن سهل الله علي حفر زمز علي ذبح أحد أولادي فخرج السهم على عبد الله فمنعه أخواله وقالوا‏:‏ أفد ابنك بمائة من الإبل وفي ذلك روايات مختلفة والله أعلم‏.‏
وذكر زبير قاضي مكة أن يزيد بن معاوية حج بالناس سنة خمسين من الهجرة وحج بالناس عبد الصمد بن علي بن عبد الله بن عباس سنة خمسين ومائة وبين الوقتين مائة عام وهما في القعدد بعبد مناف سوى والقعدد القليل الآباء إلى الجد الأكبر‏.‏
يقال‏:‏ قعدد وقعدد بفتح الدال وضمها‏.‏
وبيان ذلك‏:‏ أن عبد الصمد هو عبد الصمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف وبين موت يزيد وموت عبد الصمد مائة سنة والأب السادس لعبد الصمد هو عبد مناف وكذلك الأب السادس ليزيد عبد مناف والنسابون يقولون بهذه الوراثة بالقعدد‏.‏
وهذا أصل في معرفة علم الأنساب والسلام‏.‏ 


   فصل الآيات الواردة في النسب وفضيلته


قال الله تعالى في سورة النساء ‏"‏ يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفسٍ واحدةٍ وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تسائلون به والأرحام ‏"‏‏.‏
قوله ‏"‏ خلقكم من نفس واحدة ‏"‏ أي‏:‏ من آدم عليه السلام وبث منهما أي‏:‏ أظهر البشر من آدم قال أكثر المفسرين‏:‏ أي واتقوا الأرحام أن تقطعوها‏.‏
وهذا عام ودليل على أنه لا يجوز قطع رحم النبي صلى الله عليه وآله‏.‏
قال الإمام علي بن أحمد الواحدي فيما حدثني به الإمام محمد بن الفضل الفزاري عنه‏:‏ اتقوا الله الذي تسائلون فيما بينكم حوائجكم وحقوقكم به فيقولون‏:‏ أسألك بالله وأنشدك الله‏.‏
وكذا كانت العرب تقول‏.‏
قال أكثر المفسرين‏:‏ والأرحام عطف على اسم الله في قوله تعالى واتقوا الله والمعنى‏:‏ اتقوا الأرحام فصلوها ولا تقطعوها‏.‏
فإن قال قائل‏:‏ كيف يقع الاتقاء على الأرحام والأرحام يوصل ولا تيقى‏.‏
وكيف يعطف الأرحام على الله تعالى وكيف عطفت هذه التقوى المتقدمة وليس ها هنا شيء يوجب العطف لأن قوله اتقوا ربكم الذي خلقكم قد أوجب التقوى لله لأن الذي خلقهم من نفس واحدة هو الله الذي تساءلون به‏.‏
وظاهر قوله ‏"‏ واتقوا الله الذي تسائلون به ‏"‏ يشير إلى تقوى ثانية قد فرضت عليهم مع التقوى الأولى‏.‏
قيل له‏:‏ أما اقتضاء الاتقاء للأرحام فالوجه فيه اتقاؤها أن تقطع وقد يقول القائل‏:‏ اتق الرحم أن تقطعها‏.‏
ولهذا الكلام نظائر كثيرة يعرفها من عرف طريقة اللغة‏.‏
وأما وجه عطف الأرحام على الله في هذه الآية فإن هذه الآية آية فيها الحث على صلة الرحم والمقصود من الآية صلة الرحم وبيان ذلك قوله تعالى ‏"‏ خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها ‏"‏ والمتقي للرحم أن يقطعها إنما يتقي ذلك باتقائه الله تعالى عز وجل‏.‏
وللعرب عادة في مثل هذا الكلام ممن شاء قال‏:‏ اتق الله في الرحم أن تقطعها ومن شاء قال‏:‏ اتق الله والرحم ومن يقطعها ومن شاء أوجز وقال‏:‏ الله والرحم‏.‏
وفي ذلك كلام طويل ذكره أبو المطهر القائني في سؤالات القرآن‏.‏
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وقال الله تعالى‏:‏ ‏"‏ أنا الرحمن خلقت الرحم وشققت لها اسماً من اسمي فمن وصلها وصلته ومن قطعها قطعته ‏"‏‏.‏
قال بعض العلماء‏:‏ التقوى اجتماع الطاعات وأوله ترك الشرك وآخره اتقاء كل ما نهى الله تعالى عنه‏.‏
وقوله تعالى ‏"‏ وخلق منها زوجها ‏"‏ حكم الله تعالى بسكون الخلق مع الخلق لبقاء النسل ورد المثل إلى المثل ثم نبه أصناف الناس على غوامض الحكمة حين خلق جميع هذه الخلائق من نسل شخص واحد على اختلاف هممهم وتفاوت صورهم وتباين أخلاقهم‏.‏
وتكرير الأمر بالتقوى في قوله تعالى ‏"‏ واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام ‏"‏ يدل على تأكيد حكمته‏.‏
قال النبي صلى الله عليه وآله‏:‏ ‏"‏ صلة الرحم تزيد في العمر ‏"‏‏.‏
وقال عليه السلام‏:‏ ‏"‏ اعرفوا أنسابكم لتصلوا به أرحامكم ‏"‏‏.‏
وقال عليه السلام‏:‏ ‏"‏ الوصول من وصل رحماً بعيداً والقطوع من قطع رحماً قريباً ‏"‏‏.‏
قوله تعالى ‏"‏ ذريةً بعضها من بعضٍ والله سميعٌ عليمٌ ‏"‏ قال بعض المفسرين‏:‏ ذرية بعضها من بعض أي‏:‏ بعضها من ولد بعض‏.‏
وقيل‏:‏ أي بعضهم على دين بعض‏.‏
وذكر الثعلبي في تفسيره عن الأعمش عن أبي وائل أنه قال‏:‏ قرأت في مصحف عبد الله بن مسعود وآل إبراهيم وآل عمران وآل محمد على العالمين وسيأتي بعد ذلك تفسيره‏.‏
قال الإمام علي بن أحمد الواحدي‏:‏ إنما خص هؤلاء بالذكر لأن الأنبياء بأسرهم من نسلهم‏.‏
والذرية‏:‏ الذكور والإناث من الولد وولد الولد لأن الذرية من ذر الله الخلق والذرية أولاد الابن وأولاد البنات وقد جعل الله تعالى عيسى عليه السلام من ذرية إبراهيم وهو من ولد البنات‏.‏
وأصل الذر إظهار الخلق بالإيجاد يقال‏:‏ ذر الخلق وأصله الظهور ومنه‏:‏ ملح ذراني لظهور بياضها‏.‏
والذرية لظهورها ممن هي منه‏.‏
قال بعض العلماء‏:‏ إن الله تعالى اصطفى آدم بالحسب واصطفى أولاده بالحسب والنسب حيث قال‏:‏ ذرية بعضها من بعض‏.‏
قوله في سورة النحل ‏"‏ والله جعل لكم من أنفسكم أزواجاً وجعل لكم من أزواجكم بنين قال بعض المفسرين‏:‏ الحفدة أولاد الأولاد‏.‏
وقال بعضهم‏:‏ الأعوان‏.‏
وقال عطاء بن أبي رباح‏:‏ هم أولاد الرجل الذي يعنونه ويحفدونه ويرقدونه‏.‏
وقال قتادة‏:‏ الحفدة الأولاد الذين يخدمون الآباء‏.‏
قال الكلبي‏:‏ الحفدة الأولادة الكبار‏.‏
وقال ابن عباس‏:‏ الحفدة أولاد الأب وأولاد البنت‏.‏
وقال غيره‏:‏ الحفدة بنو المرأة من الزوج الأول‏.‏
وأصل الحفد الإسراع في المشي‏.‏
وفي الدعاء وإليك نسعى ونحفد أي‏:‏ نسرع إلى العمل بطاعتك‏.‏
قوله تعالى ‏"‏ قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى ‏"‏ هذه الآية في سورة حمعسق‏.‏
قال ابن عباس‏:‏ لما قدم رسول الله صلى الله عليه وآله إلى المدينة كان يلزمه حقوق من جهة الصادر والوارد ولم يكن عنده صلى الله عليه وآله سعة من المال فقال الأنصار‏:‏ إن رسول الله صلى الله عليه وآله رجل هدانا الله به وله نسب منا ويلزمه حقوق وليس في يديه مال فتعالوا حتى نجمع له من أموالنا مالاً يصرفه وينفقه حتى نستعين به على أداء حقوق يلزمه ففعلوا ذلك ثم عرضوا هذا المال عليه فتوقف رسول الله صلى الله عليه وآله في قبول المال حتى نزل جبرئيل وأنزل الله تعالى هذه الآية‏.‏
وقال قتادة‏:‏ أجمع المشركون في دار الندوة وقالوا‏:‏ تعالوا حتى نعين لمحمد أجراً حتى لا يتعرض قال الحسن البصري‏:‏ المودة في القربى التودد إليه بالطاعة والتقرب إليه بمتابعة رسول الله صلى الله عليه وآله‏.‏
قال ابن عباس‏:‏ معنى الآية أن أكثر أقارب رسول الله صلى الله عليه وآله خالفوه وكذبوه فقال تعالى ‏"‏ لا أسألكم عليه أجراً ‏"‏ إلا حفظ قرابتي وصلة رحمي فإنكم قومي وأحق الناس بطاعتي‏.‏
وقال سعيد بن جبير وغيره من العلماء‏:‏ معنى الآية مودة أقارب رسول الله صلى الله عليه وآله وحفظ حقوقهم ومحبة أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله‏.‏
وفرق بعض المفسرين بين المودة والمحبة فقال‏:‏ المودة ما يتعلق بواحد بسبب غيره مثال ذلك من يود حافظ القرآن بسبب القران ونود العلماء بسبب العلم ويود أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله‏.‏ والمحبة أعم من المودة‏.‏
وحدثني الإمام علي بن محمود النصر آبادي قال‏:‏ حدثنا الإمام علي بن أحمد الواحدي قال‏:‏ حدثنا الإمام المفسر أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي قال‏:‏ أخبرنا الحسين بن محمد الثقفي العدل قال‏:‏ حدثنا برهان بن علي الصوفي قال‏:‏ حدثنا محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي قال‏:‏ حدثنا حرب بن الحسن الطحان قال‏:‏ حدثنا الحسين الأشقر قال‏:‏ حدثنا قيس عن الأعمش عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن العباس رضي الله عنه أنه قال‏:‏ لما نزلت هذه الآية قيل‏:‏ يا رسول الله من قرابتك الذين وجبت علينا مودتهم فقال عليه السلام‏:‏ علي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم‏.‏

*****

لقراءة المزيد : حمّل الكتاب

 اضغط هنا

******

رابط تحميل الكتاب ، ملف مضغوط

zip LubabAnsab 03/08/2009,13:03 564.01 Kb 

ملف وورد

doc LubabAnsab 03/08/2009,13:04 1.98 Mb 

******  

*****


 


thumb qr1 
 
thumb qr2
 

إحصاءات

عدد الزيارات
16432358
مواقع التواصل الاجتماعية
FacebookTwitterLinkedinRSS Feed

صور متنوعة